[[{“value”:”
الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام
لم يكن الطفل سلامة مخامرة (15 عاماً)، من قرية مغاير العبيد في مسافر يطا جنوب الخليل جنوبي الضفة الغربية، يعلم أن تعبئته للماء كادت تكلفه حياته، بعدما تعرض للخطف والضرب والترهيب على أيدي مجموعة مستوطنين إسرائيليين. ضمن سلسلة لا تنتهي من الاعتداءات على سكّان المناطق النائية والبدوية في جنوب الخليل، لكن ما يزيد مخاوف سكّان هذه المناطق أن تطاول اعتداءات المستوطنين الأطفال.
ويروي كايد مخامرة، والد الطفل، تفاصيل ما جرى مع طفله، إذ تأخرت عودته يوم الثلاثاء الماضي 22 أكتوبر/ تشرين الأول بعد أن توجّه إلى بئر مياه قريبة لتعبئة مياه الشرب (خاصّة أن المنطقة النائية التي يسكنون فيها معدومة الخدمات)، بدأت عائلته تتفقده، ولوحظ حينها وجود حركة لافتة من مستوطني مستوطنة “خفات ماعون” التي تبعد مئات الأمتار عن مغاير العبيد.
يقول والد الطفل لصحيفة “العربي الجديد”: “بعد فقدان الأمل في أن نعثر على ابننا، وجدناه قادماً في وقت متأخر من الليل، من ناحية تجمّع مركبات المستوطنين، وكانت عليه علامات ضرب وتنكيل وإهانة وتخويف، وتهديد، وحاولنا أن نفهم منه ما جرى، لكنه كان مصاباً بصدمة نفسية ولم يستطع التكلم أو التعبير عمّا جرى معه”.
وبعد دقائق من عودة الطفل، وقع على الأرض مغمياً عليه، ونُقل عبر الإسعاف إلى مستشفى يطا الحكومي لإجراء الفحوصات اللازمة. ويضيف والد سلامة: “أصيب طفلي برضوض في مختلف أنحاء جسمه، وعظام قدميه، عدا عن حالة نفسية أحاطت به كونه شعر بأنه قريب من الموت، ومن حجم الخوف الذي اعتراه لم يستطع الأطباء إجراء فحص دمٍ له”.
اختطاف وتنكيل وهجمات لا تتوقف
بعد مرور هول الصدمة، وبعد ساعات من الحادثة، استجمع الطفل ذاكرته، وروى ما حصل معه، إذ خطفه ثلاثة مستوطنين قرب بئر مياه القرية، ووضعوه في مركبة زجاجها معتّم بالكامل، حتى وصلوا إلى خيمة استيطانية محاذية للقرية، وبدأ الخاطفون تهديده بالقتل والضرب وتبادل المكالمات الهاتفية التي لم يفهم الطفل مغزاها، سوى شعوره بأنه سيُنقل إلى مكان بعيد، وخلال تحرك المستوطنين في محيط الخيمة، تمكّن الطفل من الهرب منهم، وفق والده.
لم يستطع سلامة النوم للحظة واحدة منذ الحدث، إذ واجه موقفاً أثّر عليه نفسياً بشكل يفوق أثر الضرب والاعتداء الجسدي. ويقول والده: “لولا أننا نعيش على أرضنا لغادرناها، لأن حياتنا لم تعد حياة طبيعية منذ نحو عام، إذ إن هجمات المستوطنين لا تتوقف في الليل، ويسرقون أغنامنا التي هي مصدر رزقنا، والآن لا نستطيع السماح لأفراد العائلة من النساء والأطفال بأن يتحركوا في محيط المنزل الذي يتحرك المستوطنون على بعد 200 متر”.
ويلفت مخامرة إلى أنهم توجّهوا لتقديم شكوى قانونية في مركز الشرطة الإسرائيلية، إلا أنهم لم يتجاوبوا مع الشكوى، بحجّة عدم وجود وثائق مصوّرة تثبت الحادثة.
هجمات المستوطنين بحق الطفل سلامة ليست جديدة، ولن تنتهي، وفق والده، الذي أكد أن الشاهد على ذلك أن ذات المستوطنين نصبوا أمس الأربعاء حاجزاً على الطريق المؤدي لمدارس الأطفال، وأوقفوا المركبة التي تنقل الأطفال (من بينهم ابنة مخامرة) وأرهبوهم بالسلاح وحذروهم من عودة المرور من ذات الطريق. ذلك كله يستلزم، بحسب مخامرة، أن توفر الجهات الرسمية لجان حماية ومقاومة شعبية لحماية الناس، وما دون ذلك فإن حياتهم باتت أمام خطر محدق قد يصل إلى حد القتل.
صمود رغم الترهيب
وتعدّ مغاير العبيد من أقدم القرى الموجودة في مسافر يطا، يعيش فيها نحو 50 فلسطينياً، في منازل مسقوفة بالحديد، وفي الخيام والكهوف الحجرية، ويرفضون ترك أرضهم رغم انعدام مقوّمات الحياة، ويعتمدون في عيشهم على تربية المواشي والزراعة.
ووفق رئيس مجلس قروي مسافر يطا، نضال أبو عرام، فإن القرية تشهد شهرياً ما لا يقلّ عن 20 اعتداءً بحق الأطفال في مناطق وقرى مسافر يطا، وتتنوع أشكال الاعتداءات بين المطاردة في محيط منازلهم، ومنعهم من رعي الأغنام، وتعبئة المياه، وإعاقة حركة وصولهم إلى المدارس، وتنفيذ عمليات خطف وضرب وتهديد بالقتل.
وتبعاً لأبو عرام، فإن ما يزيد خطورة واقع حياة أطفال المسافر أنه منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، أنشأ المستوطنون سبع بؤر استيطانية، بين بؤر رعوية وخيام عشوائية، يستوطن فيها أكثر من 150 مستوطناً، مهمّتهم اليومية ملاحقة الناس وأطفالهم تحديداً.
“}]]