[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
من جديد يعاود جيش الاحتلال الصهيوني، وعبر المتحدث باسمه “أفيخاي أدرعي”، التحريض على الصحفيين الفلسطينيين العاملين في تغطية حرب الإبادة المستمرة في قطاع غزة، في محاولة لترهيبهم ووقف تغطيتهم لجرائم الاحتلال المتصاعدة في القطاع.
وعلى الرغم من أن الحرب الصهيونية على قطاع غزة جعلت العامل في الحقل الصحفي في قطاع غزة واقعاً ما بين القتل والتهديد به ومخاطر جمة لا يمكن إحصاؤها، وخلقت من الصحفي إنساناً يحمل روحه على كفه أثناء تنقله في الميدان، لتغطية تطورات الحرب التي تزداد شراسة مع دخولها عامها الثاني تواليا، إلا أن الاحتلال لم يكتف بذلك.
ففي ظهور مقيت نشر “أدرعي” صورة لستة صحفيين فلسطينيين من قطاع غزة يعملون مع شبكة الجزيرة الإعلامية، ووصفهم بـ”الإرهابيين الذين يعملون لمصلحة حركتي حماس والجهاد الإسلامي”، وساق لإثبات ذلك مجموعة من الأكاذيب والأضاليل السخيفة التي لا تنطلي على أحد.
والصحفيون الستة، وجميعهم يعملون مع شبكة الجزيرة الإعلامية، هم أنس الشريف، وعلاء سلامة، والصحفي الجريح إسماعيل أبو عمر، وطلال العروقي، وحسن شبات، وأشرف السراج.
اغتيال معنوي وتمهيد للقتل
المكتب الإعلامي الحكومي استنكر تحريض جيش الاحتلال على الصحفيين الفلسطينيين “في محاولة لاغتيالهم معنويا بنشر معلومات مضللة عنهم”، مطالبا الاتحادات والمنظمات الصحفية بحمايتهم.
وقال في بيان له أمس الأربعاء، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يمارس التحريض المباشر على الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين تمهيدا لارتكاب المزيد من الجرائم بحقهم، ويحاول اغتيالهم معنويا من خلال نشر معلومات كاذبة وروايات مضللة للرأي العام، ومحاولة شيطنتهم في إطار استهداف القطاع الصحفي والإعلامي.
وشدد أن الروايات الزائفة التي ينشرها جيش الاحتلال ويحرض من خلالها على الزملاء الصحفيين الفلسطينيين تأتي في إطار محاولات الاحتلال لتكميم الأفواه ولإخراس صوت الحقيقة، ولتبرير جرائمه المتواصلة بحق المدنيين والأطفال والنساء وكبار السن، وفي محاولة لتغييب الرواية الفلسطينية التي اقتلعت سردية الاحتلال الإسرائيلي الكاذبة من جذورها وألقت بها في سلة المهملات، وفق تعبيره
وأكد “الإعلام الحكومي” أن رواية الاحتلال سقطت بشكل مدوٍ عندما عرض مجموعة من الصحفيين الفلسطينيين وهم بأعمار (15 عاما) على أنهم قادة في المقاومة الفلسطينية، “وهو ما يؤكد قطعا بكذب هذه الرواية غير المنطقية”.
وطالب نقابات الصحفيين والاتحادات والمنظمات الصحفية المحلية العربية والدولية بإدانة جرائم الاحتلال بحق الصحفيين والإعلان عن رفضهم لسلسلة التحريض ضد الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين، داعياً إلى توفير الحماية لهم.
وحمل الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية كامل المسؤولية عن حياة الزملاء الصحفيين والإعلاميين، داعياً كل دول العالم الحر إلى الضغط على الاحتلال بكل الوسائل المتاحة لوقف استهداف الصحفيين ووقف حرب الإبادة الجماعية التي يشنها ضد المدنيين والأطفال والنساء.
تحذيرات إعلامية
وحذرت عدد من المؤسسات الإعلامية الفلسطينية من هذا التحريض الإسرائيلي، مؤكدة أنه يأتي في إطار الاستهداف الممنهج للتغطية الإعلامية لحرب الإبادة الصهيونية المستمرة على قطاع غزة.
وقال منتدى الإعلاميين الفلسطينيين، إننا ننظر بعين الخطورة للتحريض الإسرائيلي على مراسلي قناتي الجزيرة والجزيرة مباشر بقطاع غزة، محذرا من مغبة استهدافهم بالآلة الإسرائيلية التي أوغلت بدماء الصحفيين.
وأعرب في بيان له اليوم الخميس، عن تضامنه مع الصحفيين الذين طالهم تحريض الاحتلال، مطالبا المؤسسات الدولية بأداء دورها المنشود لصد الترهيب الإسرائيلي بحق الإعلاميين الفلسطينيين.
وأشار إلى أن ادعاءات الاحتلال بحق صحفيي الجزيرة تأتي في ظل جهودهم الجبارة لفضح جرائم الاحتلال بقطاع غزة، وفي شماله الصامد، لافتا إلى أن هذه الاتهامات محاولة يائسة لترهيبهم عن أداء دورهم الوطني والمهني.
وحذر من مغبة استهداف الاحتلال لمراسلي الجزيرة، لاسيما في ضوء جرائمه السابقة بحق أقرانهم، داعيا الاتحاد الدولي للصحفيين ومنظمة مراسلون بلا حدود للعمل على وقف الاستهداف الإسرائيليي للصحفيين الفلسطينيين.
محاولة إسكات
من جهته، عدّ مركز حماية الصحفيين الفلسطينيين، التحريض الإسرائيلي على صحفيي الجزيرة بقطاع غزة، محاولة جديدة لإسكات صوت الصحفيين القلائل الباقين بشمال القطاع، ولإخفاء حقيقة ما يرتكب فيه من فظائع.
وقال، في بيان له، اليوم الخميس، إن الصحفيين الذين طالهم التحريض الإسرائيلي يشكلون آخر عنوان لنقل صورة ما يجري في شمال غزة، وتوثيق يوميات الأزمة الإنسانية الناجمة عن الحصار الإسرائيلي المستمر.
وحذر المركز من أن تكون هذه الإدعاءات ذريعة لاستهداف الصحفيين، بعد أن قتل الاحتلال 177 من الصحفيين والإعلاميين في القطاع منذ بدء الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.
ولفت إلى أن القانون الدولي الإنساني ينص على أن الصحفيين المدنيين الذين يؤدون مهماتهم في النزاعات المسلحة يجب احترامهم وحمايتهم من كل شكل من أشكال الهجوم المتعمد، ويُؤَمَّن للصحفيين المدنيين الحماية نفسها المكفولة للمدنيين طالما أنهم لا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية.
ليس جديداً.. معطيات وحقائق
ووفق معطيات ينشرها المكتب الإعلامي الحكومي، فقد ارتفع عدد الصحفيين الشهداء منذ السابع من أكتوبر إلى 177 شهيداً، لكن صحفيو الجزيرة التي ينتمي إليها الصحفيون الستة الذين تعرضوا للتحريض الصهيوني الجديد، دفعوا ثمناً باهضاً لإصرارهم على مواصلة التغطية وفضح جرائم الاحتلال، شأنهم شأن كافة الصحفيين الفلسطينيين.
ففي 15 ديسمبر/ كان الأول 2023، استشهد مراسل الجزيرة، سامر أبو دقة، وأُصيب مراسلها وائل الدحدوح؛ بشظايا جراء قصف جوي بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
وفي 7 يناير/ كانون الثاني 2024، استشهد الصحفيين بـالجزيرة حمزة وائل الدحدوح ومصطفى ثريا؛ إثر قصف جوي استهدف سيارة كانا يستقلانها أثناء تغطيتهم الصحفية في خان يونس.
وفي 13 فبراير/ شباط 2024، أُصيب مراسل الجزيرة إسماعيل أبو عمر؛ جراء قصف من مسيرة استهدفته بمدينة رفح جنوب القطاع.
وفي 31 يوليو/ تموز 2024، استشهد مراسل الجزيرة إسماعيل الغول ومصورها رامي الريفي بغارة إسرائيلية استهدفت سيارتهما بمدينة غزة.
وفي 9 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أُصيب مصور الجزيرة فادي الوحيدي برصاصة في الرقبة أطلقها عليه الجيش الصهيوني أثناء تغطية طاقمه لأحداث الإبادة الجماعية المتواصلة شمال القطاع.
ولم يكتف الاحتلال باستهداف الصحفيين أنفسهم، بل انتقل ليستهدف عائلاتهم، ففي 11 ديسمبر 2024، قصف الجيش الصهيوني منزل الصحفي أنس الشريف واستشهد والده، وسبقه في أكتوبر 2023، استشهاد زوجة وابن وابنة وحفيدة الصحفي وائل الدحدوح بغارة استهدفت منزلا نزحوا إليه وسط القطاع، فيما أصيب هو بعدها بعدة أسابيع، ليفجع في 7 يناير 2024 باستشهاد نجله الأكبر حمزة.
التغطية مستمرة
ويبدو أن هذا التحريض الذي يتوقع أن يعقبه إجرام صهيوني جديد يستهدف الصحفيين الستة، إلا أنهم استقبلوا التحريض بإصرار على المضي قدماً في تغطية الحرب الإجرامية على غزة، فاستمروا في الظهور عبر قناة الجزيرة، وواصلوا عملهم بكل مهنية ودون انقطاع.
والناظر لتاريخ الصحافة الفلسطينية، يجد أن محاولات الاحتلال قتل الكلمة وطمس الصورة وتغطية الحقيقة فشلت على مدار سنوات الصراع الممتدة، ونجحت الرواية والسردية الفلسطينية في غالب الأحيان من الحضور بقوة ووضوح تشبهان إلى حد بعيد وضوح وشرعية الحق الفلسطيني الذي لا يمكن طمسه.
“}]]