[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
استطاعت الضربات الإسرائيلية المتلاحقة للمقاومة في لبنان ثم في اليمن، أن تكشف عن كثير من ملامح السيناريوهات القادمة فيما يتعلق بالصراع في منطقة الشرق الأوسط بأهدافها ووسائلها؛ حيث لم تعد لدى إسرائيل القدرة على تحمل وصف الإخفاق الذي يلاحقها في حربها على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، فلجأت إلى ساحاتٍ (تعتقد) أنه يمكن من خلال الدخول فيها أن تغسل شيئًا من سمعتها المسحوقة، وتستعيد بعضًا من هيبتها المفقودة.
التصريحات الإسرائيلية لقيادات الاحتلال في أعقاب سلسلة العمليات الإسرائيلية ضد حزب الله، والتي كان أبرزها تفجيرات البيجر واغتيالات القيادات العليا وصولا إلى اغتيال الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، تؤكد أن كيان الاحتلال بدأ في البحث عن حلول بديلة يريد من خلالها استنقاذ نفسه من وحل غزة، الذي غرق فيه حتى لم يعد يستطيع الزعم بانه حقق شيئًا من أهدافه المعلنة بعد مرور عام كامل من الحرب والحصار واختراق كافة الأعراف الدولية وارتكاب كل جرائم الحرب سعيًا إلى ذلك.
حماس: “عمل إرهابي”
وكانت حركة “حماس”، قالت إن القصف الإسرائيلي الإرهابي على اليمن، واستهدافه منشآت مدنية في ميناء الحُديدة، وكذلك العدوان صبيحة اليوم على سوريا، يُعَدُّ “تصعيدًا خطيرًا وامتداداً لعدوان الاحتلال وإجرامه في فلسطين ولبنان والمنطقة العربية، بدعم أمريكي فاضح ومفتوح”.
وأدانت حماس في تصريح صحفي، يوم الأحد، العدوان الإسرائيلي الغاشم؛ معربة عن تضامنها الكامل مع الشعب اليمني وحركة أنصار الله في وجه العدوان الصهيوأمريكي، وثمنت موقفهم الأصيل في الاستمرار بإسناد فلسطين، والانتصار لمظلومية الشعب الفلسطيني.
وأكدت حماس أن “العدو المجرم لن ينال من معنويات شعبنا أو شعوب منطقتنا، ولن يكسر عزيمة المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق والمنطقة، المستمرة في دك معاقل العدو الإسرائيلي، وتدفيعه ثمن جرائمه حتى وقف عدوانه على طريق التحرير والعودة بإذن الله”.
فصل الساحات
الكاتب والمحلل السياسي وليد عبد الحي يرى أن المعطيات السياسية والاقتصادية والعسكرية في المنطقة تشير إلى أن إسرائيل قد استقرت عند خطة استراتيجية عمادها الرئيسي هو ” فصل الساحات” في محور المقاومة، ولعل المرحلة الانتقالية في السلطة السياسية الأمريكية خلال الشهرين القادمين توفر ظرفًا مناسبًا للاستراتيجية الإسرائيلية.
وأوضح عبد الحي أن هذه الاستراتيجية الإسرائيلية تتمثل في عدة أمور، منها التركيز التام على الجبهة اللبنانية مستفيدة من هول الصدمة التي أصابت هيئة القرار في المقاومة اللبنانية، ووضع هذه الجبهة أمام ضغوط متلاحقة من خلال الضغط العسكري على الجبهة الداخلية اللبنانية وبخاصة المناطق ذات الصلة بالمقاومة على غرار ما يجري في غزة والتركيز على المدنيين، واستمرار الضغط في لبنان للتهجير من الجنوب إلى الشمال وتشكيل حالة ضغط سكاني غير مسبوق على الحكومة اللبنانية.
وأضاف أن الاستراتيجية تشمل أيضًا ضرب المرافق المدنية لجعل الحياة في المناطق المستهدفة غير ممكنة، وكذلك تحريك القوى اللبنانية المعادية للمقاومة بهدف إرباك المقاومة وخلخلة جبهتها الداخلية.
سيناريوهات محاور المقاومة
وتوقع عبد الحي أنه “ما إن تنضج المرحلة الأولى حتى يتم اقتراح وقف اطلاق النار سواء بالتفاوض مع الولايات المتحدة أو عبر مجلس الأمن، وهنا يتم الاتفاق على وقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية بمعزل عن الوضع القائم في قطاع غزة، وهو ما يعني فصل الساحة الأولى والأكثر أهمية”، وقال: “ستعمل إسرائيل على استغلال هذا الوضع لصب كل جهودها على قطاع غزة لتضعه أمام أمرين أحلاهما مر، إما الاستسلام وإما استمرار القتال ولكن دون سند لبناني”.
وتابع أن الولايات المتحدة سوف تكثف تواجدها في البحر الأحمر بهدف الحد من فاعلية ضربات “أنصار الله”، وأن تجري مساومات مع الحكومة العراقية بوقف هجمات الحشد الشعبي على إسرائيل مقابل التسريع في تطبيق اتفاقيات ترتيب العلاقة بين العراق والقوات الأمريكية المتواجدة على أراضيها بتقليصها او حتى سحبها.
ما أعلنه الشهيد الراحل حسن نصر الله قبيل اغتياله من أن الساحتين (لبنان – غزة)، لن يستطيع الاحتلال فصلهما من خلال ضرباته مهما حدث، وأن المقاومة في لبنان متمسكة بقرارها توجيه الضربات نحو إسرائيل حتى تتوقف الحرب في غزة، كان تعبيرًا كافيًا عن موقفٍ للحزب لا يمكن قبوله إسرائيليًّا، وهو ما قابله الاحتلال عمليًّا من خلال تكثيف الضغط على حزب الله.
محاولة استعادة “الردع”
وسرعان ما اتسعت رقعة الاستهدافات الإسرائيلية لتشمل اليمن والعراق والعاصمة السورية دمشق، في ذات الليلة التي أعلن فيها بدء الاجتياح البري نحو لبنان، في سعي إسرائيلي لإيصال رسالة واضحة مفادها أن البطش الإسرائيلي لن يستثني أحدًا، وأن معادلة الردع الإسرائيلية قد عادت بقوة بعد أن كانت موضع سخرية طيلة عام مضى، وهو ما صرح به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -عقب اغتيال نصر الله- بأنه “لا يوجد مكان في الشرق الأوسط لا يمكن لإسرائيل الوصول إليه”، وأن “أعداء وأصدقاء إسرائيل أصبحوا يرونها مرة أخرى، دولة قوية وحازمة”، وفق ما أوردت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”.
ويرى المركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية أن الهجوم على مقر القيادة المركزية لحزب الله، واغتيال أمينه العام حسن نصر الله، ضربةً كبيرةً للحزب، وسوف يسعى رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، إلى الاستثمار فيها للتعويض عن الفشل الذي واجهه على مدى عام في غزة؛ حيث أخفق في تحقيق أي من الأهداف التي وضعها للحرب هناك.
ويرجّح المركز أن يستمر نتنياهو في البناء على الزخم الحالي وتحويله إلى مكاسب سياسية في مواجهة خصومه وحلفائه في الائتلاف الحكومي عبر زيادة رصيده في الشارع الإسرائيلي، وسيحاول خلال المرحلة القادمة الاستمرار في الضغط على حزب الله لدفعه إلى الاختيار بين الاستسلام من خلال الموافقة على فك الارتباط مع غزة والانسحاب إلى شمال الليطاني، أو الاستمرار في القتال، ومن ثمّ توجيه مزيدٍ من الضربات إليه لإضعافه، بما في ذلك احتمال القيام بعملية برية محدودة تسمح له بإنشاء منطقة عازلة على الحدود مع لبنان.
واستدرك المركز أن نتنياهو باتخاذه هذه الخطوة قد يكون متجهًا نحو ما جرّه إليه حزب الله، وإلى حيث تكون قوة الحزب في أفضل حالتها؛ إذ يخوض الحرب على أرضه، مضيفًا أنه في كل الأحوال، تنذر المعركة الدائرة في غزة ولبنان بين إسرائيل وفصائل المقاومة بإعادة تشكيل المشهد الإقليمي، وسيترتب عليها نتائج كبيرة في اتجاه نجاح المشروع الإسرائيلي أو إفشاله.
المواجهة
ويرى الكاتب وليد عبد الحي أن مواجهة السيناريو السابق لا تتحقق إلا بإسراع حزب الله في تشكيل قيادته وإعادة ترتيب صفوفه، مضيفًا أن خطوات حزب الله المنتظرة تحتاج للوضوح التام في الموقف الإيراني للمرحلة القادمة؛ حيث إن إيران -بحسب عبد لحي- أمام موقف لم يعد بحاجة للتهديد والوعيد، لأن السيناريو السابق يعني باختصار تفكك المحور الذي ساهمت إيران دون شك في بنائه وتدعيمه، ويبدو أن إسرائيل تضع إيران امام خيارين أسوأ من بعضهما، إما أن تقبل تفكيك الساحات عن بعضها، أو أن تقبل إيران التحدي للحفاظ على وحدة محورها وتتحمل أوزار المواجهة مع الولايات المتحدة، وسيكون ذلك تحقيقًا لما يسعى له نتنياهو.
معركة فتوحة
من جانبه يقول الباحث الفلسطيني الدكتور أسامة الأشقر إن الفرصة الكبيرة قد انفتحت مجددًا أمام أحرار العالم لينخرطوا في هذه المعركة المفتوحة، وينتظموا في سلكها، ويعيدوا المحاولة.
وأضاف الأشقر في منشور على حسابه في “فيسبوك” أنه لا يجوز أن تمضي هذه الفرصة دون أن تحمل توقيعات القادرين، وتترجم أقوال المنتظرين، وتفتح أبواب المترددين، كما لا يجوز للعدوّ أن يخرج منها إلا بجناح مكسور، وأفئدة واجفة، وجروح عميقة لا يرقأ نزيفها.ك هو التحدي الكبير.
“}]]