قد يكون تخفيض أسعار الفائدة حلما بعيد المنال، بعدما باتت سوق السندات تُسعّر الآن في مسار أكثر حدة للتشديد النقدي من قبل البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم، مما يزيد من خطر حالات الركود في الوقت الذي يكافح صناع السياسة للسيطرة على التضخم.وأظهرت سوق المقايضات أنه قبل أسابيع فقط، كان المتداولون يتوقعون أن يقوم كل بنك مركزي في الأسواق المتقدمة تقريباً بخفض أسعار الفائدة القياسية في غضون عام.ولكن حالياً، لا يُنظر إلى المعدلات في الغالب على أنها ستصل إلى ذروتها حتى وقت ما من العام المقبل، باستثناء سلطتين نقديتين رئيسيتين فقط – الاحتياطي الفيدرالي و”ريكس بنك” السويدي – من المتوقع خفضهما لأسعار الفائدة في وقت ما بين سبتمبر 2023 ومارس 2024.الحث على التحوليأتي ذلك، بعدما أظهرت مجموعة من التطورات أن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي “جيروم باول” وعددا من نظرائه قد يحتاجون إلى تكثيف الجهود لاحتواء أسوأ ارتفاع في تكلفة المعيشة منذ عقود، حيث تظهر البنوك المركزية مرة أخرى في موقف ضعيف أمام بيانات سوق العمل الأميركية المرنة، وإعادة فتح الصين بعد الوباء، وشتاء أوروبي معتدل والتي تتكالب جميعها للحفاظ على
قد يكون تخفيض أسعار الفائدة حلما بعيد المنال، بعدما باتت سوق السندات تُسعّر الآن في مسار أكثر حدة للتشديد النقدي من قبل البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم، مما يزيد من خطر حالات الركود في الوقت الذي يكافح صناع السياسة للسيطرة على التضخم.
وأظهرت سوق المقايضات أنه قبل أسابيع فقط، كان المتداولون يتوقعون أن يقوم كل بنك مركزي في الأسواق المتقدمة تقريباً بخفض أسعار الفائدة القياسية في غضون عام.
ولكن حالياً، لا يُنظر إلى المعدلات في الغالب على أنها ستصل إلى ذروتها حتى وقت ما من العام المقبل، باستثناء سلطتين نقديتين رئيسيتين فقط – الاحتياطي الفيدرالي و”ريكس بنك” السويدي – من المتوقع خفضهما لأسعار الفائدة في وقت ما بين سبتمبر 2023 ومارس 2024.
الحث على التحول
يأتي ذلك، بعدما أظهرت مجموعة من التطورات أن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي “جيروم باول” وعددا من نظرائه قد يحتاجون إلى تكثيف الجهود لاحتواء أسوأ ارتفاع في تكلفة المعيشة منذ عقود، حيث تظهر البنوك المركزية مرة أخرى في موقف ضعيف أمام بيانات سوق العمل الأميركية المرنة، وإعادة فتح الصين بعد الوباء، وشتاء أوروبي معتدل والتي تتكالب جميعها للحفاظ على ضغوط شديدة للأسعار.
من جانبها، قالت مديرة الاستثمار في فيديليتي إنترناشونال، كاثرين يونغ: “البيانات تكشف أن العديد من البنوك المركزية لا تزال متأخرة وهناك الكثير من العمل أمامها للحاق بالركب”.
وحذر باول، في شهادته التي استمرت يومين أمام الكونغرس الأميركي هذا الأسبوع، من أن البيانات الأميركية القوية تجعل من المرجح أن يكون معدل الذروة لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي أعلى مما حدده المسؤولون في ديسمبر. وقال أيضاً إنه وفريقه قد يحتاجون إلى إعادة تسريع وتيرة رفع أسعار الفائدة في اجتماع 21-22 مارس، إلى 50 نقطة أساس.
كان رد فعل الاقتصاديين سريعاً، حيث أضافت “غولدمان ساكس” ربع نقطة مئوية إلى توقعاتها بشأن ذروة معدل الفائدة على الأموال الفيدرالية، لتتراوح بين 5.5% و5.75% – وهي نقطة مئوية أعلى من الهدف الحالي للمسؤولين. فيما عكست “سيتي غروب” توقعاتها لشهر مارس، إلى تحرك بمقدار نصف نقطة، ورفعت توقعات سعر الفائدة النهائية إلى نفس توقعات “غولدمان ساكس”.
فيما عزز المستثمرون أيضاً رهاناتهم على المدى الذي سيتعين على البنك المركزي الأوروبي فيه رفع تكاليف الاقتراض.
ويرى عدد متزايد من الاقتصاديين الآن أن سعر الفائدة على ودائع البنك المركزي الأوروبي ستصل إلى 4% من 2.5% الحالية. بل إن عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، روبرت هولزمان، ربما يكون العضو الأكثر تشدداً في اللجنة، قد اقترح 4 زيادات أخرى بمقدار نصف نقطة قيد الإعداد، والتي من شأنها رفع معدل الذروة إلى 4.5%.
وفي هذه الأثناء، بلغت عائدات السندات الألمانية لعامين يوم الأربعاء أعلى مستوى لها منذ عام 2008. وفي سوق سندات الخزانة، انعكس منحنى العائد إلى حد لم يسبق له مثيل منذ الركود المدمر في الولايات المتحدة في أوائل الثمانينيات – لتتجاوز عوائد السندات أجل عامين نظيرتها لأجل 10 سنوات بما يزيد عن نقطة مئوية، وفقاً لما ذكرته “بلومبرغ”، واطلعت عليه “العربية.نت”.
ويعكس السوق الخوف من أنه “كلما زادت صعوبة القضاء على التضخم، زاد الضرر الذي يلحق بالاقتصاد الذي ينتشر فيه”، وفقاً لما ذكره كبير محللي العملات في “سوسيتيه جنرال”، كيت جوكس، في مذكرة يوم الأربعاء.
وتتعمق الانقسامات في بنك إنجلترا، حيث أصر الحاكم أندرو بيلي على أن الاقتصاد البريطاني “يتطور كثيراً كما توقعناه” على الرغم من وجود دليل على المرونة في البيانات الأخيرة.
في حين أشار زملاؤه سيلفانا تينريرو وسواتي دينجرا إلى ضغوط الأجور وأبرزوا الحاجة إلى مراعاة الآثار المتأخرة من التشديد السابق.
فيما رفع المتداولون رهاناتهم على الارتفاعات المستقبلية في المملكة المتحدة ويميلون إلى زيادة أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس أخرى، إلى ذروة 5% هذا العام.
وعلى صعيد الأسواق الناشئة، فيرى البعض أنها في وضع لائق للتعامل مع الاضطراب في المزيد من تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي في المستقبل، إلا أن هناك آراء قاتمة حول مستقبل النمو في جميع أنحاء العالم: إذ تباطؤ اقتصاد الهند في الربع الرابع، وكذلك البرازيل، فيما خفضت المكسيك توقعاتها للنمو.
وحاولت البنوك المركزية في الأسواق الناشئة تحقيق توازن صعب، وتبحث إلى حد كبير عن فرصة للتوقف مؤقتاً عن التشديد. لكن بالنسبة للبنوك المركزية الكبرى في الولايات المتحدة وأوروبا، فإن الطريق الوحيد هو الصعود.
وقال كبير الاقتصاديين في بنك “بي إن بي باريبا”، لويجي سبيرانزا، في تقرير يوم الثلاثاء “نعتقد أن البنوك المركزية لديها المزيد من العمل الذي يتعين القيام به”. “ما زلنا نعتقد أن تخفيضات أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية الرئيسية تظل بعيدة عن المداولات لبقية العام”.