الدوحة / PNN- تنشر وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، اليوم السبت، بالتعاون مع اتحاد وكالات الأنباء العربية (فانا)، تقريرا ضمن الملف الثقافي، أعدته وكالة الأنباء القطرية، هذا نصه:
انطلاقا من اهتمامها بتعزيز ثقافة الاستدامة، وحرصها على جعل البلاد دوحة خضراء وارفة الظلال ضمن رؤيتها الوطنية 2030، حرصت دولة قطر على ترسيخ الثقافة الخضراء في وجدان أبناء شعبها لتكون أسلوب حياة للجميع، وذلك من خلال العديد من المبادرات الحكومية وغير الحكومية الهادفة إلى جعل الاستدامة والبيئة الخضراء جزءا لا يتجزأ من حياة المواطنين والمقيمين على أرض قطر.
ولعل من أهم الآليات التي تتخذها الدولة لتعزيز الثقافة الخضراء والاهتمام بالبيئة، إقرار مجلس الوزراء الموقر مشاركة الجهات الحكومية والوزرات كافة في الاحتفال بيوم البيئة القطري الذي يصادف السادس والعشرين من فبراير كل عام، للفت الانتباه إلى أهمية تطوير التقنيات المناسبة لمواجهة تغير المناخ، وتبني الطاقة النظيفة، وزيادة المساحات الخضراء، في منطقة ذات مناخ صحراوي تعاني، كبقية مناطق العالم، من تأثير المتغيرات الجغرافية والتحولات المناخية.
وحرصت دولة قطر، ممثلة بوزارة البلدية، على إطلاق العديد من المبادرات الوطنية لزيادة المساحات الخضراء في البلاد، من أهمها: (مبادرة مليون شجرة – ومبادرة عشرة ملايين شجرة) والتي تهدف للارتقاء بجودة الحياة في المدن وتحقيق التنمية المستدامة، مما ساهم في حصول جميع المدن القطرية الثماني على لقب مدينة صحية من منظمة الصحة العالمية، وكذلك انضمام سبع مدن قطرية لشبكة اليونسكو العالمية لمدن التعلم.
ولم يتوقف الأمر عند المبادرات، بل تحرص مؤسسات الدولة بدءا من وزارة البيئة والتغير المناخي، ووزارة البلدية، وجميع المؤسسات المعنية بالتعليم والثقافة والفنون على تنظيم الفعاليات التي تعزز الجانب التثقيفي الذي يستهدف الاهتمام بالبيئة وتعزيز الثقافة الخضراء؛ وكان أبرزها احتضان دولة قطر على مدى ستة أشهر لمعرض “إكسبو 2023 الدوحة” للبستنة، الذي سلط الضوء على أحدث وأهم المبادرات والابتكارات والجهود القطرية والعالمية في مجال الزراعة الحديثة وتخضير المدن والغطاء النباتي.
وأقيم المعرض في الفترة من 2 أكتوبر 2023 إلى 28 مارس 2024، وهي المرة الأولى التي يقام فيها المعرض في منطقة ذات مناخ صحراوي، وذلك تحت شعار “صحراء خضراء، بيئة أفضل”.
وركّز المعرض على أربعة موضوعات فرعية هي: الزراعة الحديثة، والتكنولوجيا والابتكار، والتوعية البيئية، والاستدامة، إلى جانب تعزيز التعاون الدولي في القضايا البيئية والثقافية والمالية، والتصدي للتحدي العالمي المشترك المتمثل في التصحر ودعوة قطاع البستنة العالمي لتبادل المعرفة والخبرات، وإرشاد المنطقة إلى كيفية تطبيق مفهوم المدينة الخضراء.
وفي هذا الصدد، أكدت السيدة هيفاء العتيبي مدير إدارة الفعاليات والاتصال المؤسسي في /إكسبو 2023 الدوحة للبستنة/، في تصريح خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن /إكسبو 2023 الدوحة/ نجح في غرس الثقافة الخضراء في المجتمع، من خلال مجموعة من الدلالات والمؤشرات التي أظهرت هذا النجاح على كافة الأصعدة، أهمها.. استقطاب أربعة ملايين زائر، وتنظيم أكثر من 7000 فعالية تركز على الاستدامة، وجودة وتنوع الفعاليات التي تضمنت 54 احتفالا وطنيا و124 مؤتمرا وندوة، و198 فعالية للوزارات والجهات الحكومية القطرية و601 عرض مسرحي، بالإضافة إلى 1727 ورشة عمل تتعلق بمحاور الإكسبو من استدامة وتوعية بيئية، وزراعة حديثة، وتكنولوجيا وابتكار في مجال الزراعة وغيرها، مما يدل على التزام الجمهور بقضايا البيئة.
كما أشارت إلى أن النجاح ظهر كذلك من خلال التعاون مع شركاء رئيسيين لدمج ممارسات الاستدامة في كافة عمليات الإكسبو، بالإضافة إلى الترويج لحلول بيئية مبتكرة مثل استخدام المواد القابلة للتحلل والتكنولوجيا المستدامة في المباني والأنشطة.
وقالت: “عملنا مع نخبة من مؤسسات رائدة في مجال عملها، مثل مجموعة الخطوط الجوية القطرية، ومطار حمد الدولي، وأريد، وبنك قطر الوطني، ومشيرب قلب الدوحة، وشركة مايكروسوفت، ومزرعتي، وغيرها. وقد تعاون الشركاء في مختلف المجالات بشكل كامل مع /إكسبو 2023 الدوحة/ للإسهام في تثبيت مكانته كحدث عالمي جذاب يبرز التطور التكنولوجي وأساليب الزراعة والبستنة المعاصرة”.
وأوضحت السيدة هيفاء العتيبي مدير إدارة الفعاليات والاتصال المؤسسي في /إكسبو 2023 الدوحة/ أن الإنجازات والنجاحات التي تحققت في المعرض سيتم تحويلها إلى مبادرات طويلة الأجل تعزز الثقافة الخضراء المستدامة، وذلك من خلال الشراكات الاستراتيجية مع مؤسسات رائدة في مجالاتها، “حيث نهدف إلى دمج ممارسات الاستدامة في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، مستفيدين من الابتكارات والتكنولوجيا الخضراء التي تم عرضها خلال الحدث”.
وشددت على ضرورة مواصلة تشجيع المشاريع المحلية والمبادرات التي تدعم الاستدامة والابتكار الأخضر، بما في ذلك استخدام المواد المستدامة وتقنيات الطاقة المتجددة، منوهة بأن التعليم والتوعية يمثلان ركيزتين أساسيتين؛ لذا سيتواصل تنظيم ورش العمل والندوات، والبرامج التعليمية لتعزيز الوعي حول أهمية الاستدامة وتمكين الأجيال القادمة من القادة والمبتكرين في هذا المجال، لتتكامل الجهود بهدف بناء مستقبل أكثر خضرة واستدامة لدولة قطر والعالم.
وقالت إن الرؤية القادمة التي تأتي ضمن الاستراتيجية الدائمة لاستمرار ثقافة قطر الخضراء، تتمثل في المضي قدما نحو تعزيز واستمرار ثقافة قطر الخضراء، من خلال ترسيخ الإنجازات التي تحققت في إكسبو 2023 الدوحة، مع أهمية البناء على هذا النجاح، بإطلاق مبادرات جديدة ومستدامة، وتوسيع نطاق برامج التوعية البيئية لتشمل المزيد من فئات المجتمع. والعمل على تعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين لتبادل المعرفة والخبرات في مجالات الاستدامة والتكنولوجيا الخضراء، لضمان أن تظل قطر في طليعة الابتكار البيئي والاستدامة على المستوى العالمي.
كما أكدت أن الدور المأمول من مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني لاستثمار هذا الإرث، يكون بالتكامل والتعاون المستمر بين هذه المؤسسات لدعم وتنفيذ مشاريع مستدامة تعزز من ثقافة الاستدامة والابتكار الأخضر في قطر، عبر تطوير برامج تعليمية وتوعوية تستهدف جميع فئات المجتمع لزيادة الوعي بأهمية الاستدامة وكيفية المساهمة فيها بشكل فعال، والاستثمار في الأبحاث والتقنيات الجديدة التي تدعم الاستدامة والحفاظ على البيئة، وتطوير المدن الذكية والخضراء.
وأشارت إلى أهمية تشجيع الابتكارات والمشاريع التي تقود إلى تحسين جودة الحياة مع الحفاظ على الموارد الطبيعية. وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتمويل وتنفيذ مبادرات مستدامة تسهم في تطوير البنية التحتية، والزراعة المستدامة، والتكنولوجيا الخضراء، لترسيخ مكانة دولة قطر كنموذج يحتذى به في الاستدامة.
البيئة القطرية مصدر إلهام المبدعين…
لقد مثلت البيئة في قطر، مصدر إلهام دائم للمبدعين في مجالات البحث العلمي والأكاديمي حول الطبيعة وفي مضمار الآداب والفنون، حيث احتفوا بها واستلهموها في أعمالهم ودعوا إلى صونها والحفاظ على عناصرها وكنوزها الطبيعية والجمالية، وأسهموا بمؤلفاتهم في نشر الوعي حول البيئة.
وتناولت العديد من المؤلفات تعزيز الثقافة البيئية، ومن أبرزها كتاب “البيئة وتحديات المناخ… الواقع والطموحات” للدكتور محمد بن سيف الكواري، الخبير البيئي والمستشار الهندسي بمكتب سعادة وزير البيئة والتغير المناخي، الذي استعرض خلال فصوله الخمسة، تعريفا لموضوع البيئة في العلم والمعرفة، وقدم شرحا علميا عن أسباب ظاهرة الاحتباس الحراري وآثارها السلبية على كوكب الأرض.
وأكد الدكتور الكواري في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ أن الثقافة والآداب والبحث العلمي تؤدي جميعها دورا مهما في ترسيخ الوعي حول البيئة وصونها، مثمنا جهود المبدعين من الأدباء والكتاب والفنانين في هذا المجال، حيث كانت البيئة أهم مصادر الإلهام بالنسبة لهم.
وقال إن أفضل السبل لتعزيز ونشر ثقافة البيئة تكمن في الاهتمام بالتعليم والإعلام، لبناء جيل واع بأهمية البيئة والمحافظة عليها، وذلك من خلال المناهج التعليمية والورش والندوات التثقيفية وتوضيح الآثار السلبية للتلوث والممارسات السلبية في التعامل مع الطبيعة، على حاضر ومستقبل الفرد والمجتمع، داعيا القطاع الخاص لدعم جهود الدولة والمساهمة بفعالية في تعزيز ونشر الثقافة والوعي حول البيئة وتبني المبادرات الطموحة لصونها.
كما يعتبر الشاعر والروائي القطري محمد إبراهيم السادة، أحد المبدعين الذين استلهموا الطبيعة في تجاربهم الشعرية، فهو يوظف عناصر البيئة الطبيعية والاجتماعية في قصائده، وقد انعكس هذا الشغف بالطبيعة والبيئة في عناوين ومضامين دواوينه الشعرية مثل: على رمل الخليج، وكثبان وأمواج، ومنهل الصادي، ورسائل عبر القمر.
كما وظف الشاعر الطبيعة في قصائده التربوية الموجهة للأطفال في ديوانيه أناشيد البلابل، وأنغام البراعم.
ويمتد شغف الشاعر السادة بالطبيعة واحتفائه بها في أعماله الإبداعية إلى تجربته السردية، ومنها روايته “قاربي سيعود” الصادرة عن وزارة الثقافة عام 2023، وينقلنا المؤلف في هذه الرواية بأسلوبه السردي إلى عالم الثلاثينيات من القرن الماضي، والحياة الاجتماعية والعلاقات الإنسانية في البيئة القطرية.
وقال محمد إبراهيم السادة في تصريح مماثل لـ/قنا/: إن المبدع ابن بيئته، وأنا ممن تأثر ببيئته القطرية بكثبانها الرملية وأمواج بحرها وشطآنها وبروضاتها وكذلك بأناسها وعاداتهم وعلاقاتهم الاجتماعية وكذلك بالتراث الذي أنتمي إليه وما يحمله من تاريخ الأولين، لذلك يحمل ديواني الأول عنوان “على رمل الخليج”.
حديقة القرآن النباتية.. جهود متواصلة في تعزيز ونشر الثقافة الخضراء
حديقة القرآن النباتية هي الأولى من نوعها في العالم التي تزرع النباتات التي ورد ذكرها في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
وتهدف الحديقة إلى تعزيز ونشر المعرفة حول هذه النباتات، والمصطلحات المرتبطة بها، وأسس رعايتها والحفاظ عليها، وتقوم الحديقة بجهد متواصل في تعزيز وترسيخ الثقافة الخضراء في المجتمع القطري.
ومنذ إطلاقها في عام 2008، دأبت حديقة القرآن النباتية على ترسيخ الثقافة الخضراء في المجتمع القطري، حيث استضافت الحديقة حملة الأمم المتحدة لزراعة مليار شجرة عبر غرس الأشجار في المدينة التعليمية في عام 2010، ومنذ ذلك الحين أطلقت الحديقة حملتها “غرس 2022 شجرة” في مبادرة تهدف إلى تعزيز الوعي البيئي وتشجيع زراعة الأشجار.
واعتمدت الحديقة اسم الحملة “غرس” استلهاما من الحديث النبوي الشريف الذي يحث على غرس الأشجار، مع الإشارة إلى الأجر المترتب على هذا العمل حتى يوم القيامة.
وقالت السيدة فاطمة بنت صالح الخليفي، مدير حديقة القرآن النباتية في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن الأهداف الرئيسية للحملة تمثلت في رفع مستوى الوعي بأهمية الأشجار، والتأكيد على ضرورة زراعتها لفوائدها البيئية، وتعريف المجتمع بكيفية زراعتها ورعايتها.
ونوهت أن حديقة القرآن النباتية تمتد على واحة خضراء في قلب المدينة التعليمية في الدوحة حيث تحتوي على أكثر من 77 نوعا نباتيا بمساحة 25 ألف متر مربع، وتضم 1700 شجرة و15 ألف شجيرة ونبات عشبي، حيث تعد تلك الحديقة بمثابة الاختيار المثالي للعائلات ومحبي الحدائق والمتنزهات لما تجمعه من منظر مريح للعين يكتنفه التصميم الفريد للحدائق التي تضم تلك المجموعة الخضراء والمزهرة من النباتات والأشجار.
وأوضحت الخليفي، أن الحديقة تحتوي على مركز صون الموارد النباتية الذي يضم مشتلا فريدا يزخر برصيد وافر من النباتات الأصيلة لدولة قطر، وكذلك النباتات التجميلية والنباتات المذكورة في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، منوهة أن الحديقة تعمل عن كثب في روضة /الفرس/، حيث أعيد تأهيل الروضة بزراعة أكثر من 350 شجرة برية فيها تمثل مرحلة أولية في إطار برنامج إعادة إحياء الروض الذي أطلقته الحديقة بالتعاون مع وزارة البيئة والتغير المناخي، حيث تقوم بتقييم الأثر البيئي لإعادة الزراعة من حيث تأثيره على النظام الحيوي للروضة، مؤكدة حرص الحديقة على مشاركة المجتمع معها في زراعة تلك الأشجار باعتبارها جزءا من الحل في إعادة إحياء النظم البيئة القطرية.
وأشارت السيدة فاطمة بنت صالح الخليفي إلى أن حديقة القرآن النباتية أطلقت في الآونة الأخيرة، برنامجا طموحا لتوزيع أكثر من 2.5 مليون شجرة على مدى العقد القادم، لتحسين النظام البيئي ومكافحة التصحر كجزء من مساهمتها، حيث وعدت دولة قطر بزراعة 10 ملايين شجرة ضمن مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، ويشكل البرنامج جزءا من رؤية قطر الوطنية 2030 ويدعم الاستدامة البيئية عبر توزيع الأشجار المحلية التي جمعت بذورها بعناية وزراعتها في مشتل الحديقة.
برنامج لكل ربيع زهرة يؤصل القيم البيئية لدى الأجيال الجديدة
برنامج لكل ربيع زهرة الذي أطلق عام 1999 وتم دمجه رسميا ضمن برامج حديقة القرآن النباتية عام 2016، يهدف إلى تأصيل القيم البيئية لدى الأجيال الحاضرة والمقبلة، تقديرا لنعم الله سبحانه وتعالى، وصولا لتحقيق بيئة مستدامة.
وأوضح الدكتور سيف علي الحجري رئيس برنامج “لكل ربيع زهرة” أن رسالة البرنامج هي اكتشاف جماليات الوطن، من بيئة طبيعية ساحرة، وبيئة مشيدة مبهرة، فالبرنامج يعمل على تعزيز السلوك الإيجابي تجاه البيئة الطبيعية لدى النشء، وزيادة وعي المجتمع بأهمية الحفاظ على البيئة من التدهور والتصحر، بالإضافة إلى تنمية القدرات الابتكارية والإبداعية في مجالات التنمية المستدامة، وتشجيع الأنشطة الصناعية والاقتصادية على تبني مفهوم الصناعة الخضراء.
وقال إن هذا البرنامج تمكن خلال مسيرته من تغيير سلوك النشء، وتعريفهم ببيئتهم ومكوناتها الطبيعية، حيث انبثقت عنه جملة من المبادرات البيئية التي جاءت لمواكبة وتقديم الحلول للعديد من المشكلات البيئية، ومنها مبادرة شجرة بلادي التي من أهدافها زيادة المسطح الأخضر لدولة قطر، ودعم التنوع الحيوي، وزيادة وعي المجتمع بأهمية الغطاء النباتي في الحفاظ على البيئة، وإضافة مظاهر البهجة على البيئة القطرية، والجمال على مدنها وشوارعها، والإسهام في علاج الاحتباس الحراري، والتغيرات المناخية، والتعريف بالفوائد الاقتصادية والطبية للنباتات، والحث على حسن استغلالها، وإدخال وتوطين أنواع من الأشجار ذات القابلية للتكيف مع بيئتنا المحلية.
وأضاف أنه عبر مسيرة البرنامج التي تجاوزت 25 عاما، ظل البرنامج وسيبقى دليلا على نبل توجهات دولة قطر وحرصها على تعزيز الثقافة الخضراء في المجتمع، حيث تجسد ذلك بمواكبة برنامج لكل ربيع زهرة والمبادرات والفعاليات والملتقيات ذات الصلة، للمعرض الدولي للبستنة “إكسبو 2023 الدوحة”، والذي اختتم في شهر مارس الماضي.
وحول دور هذا البرنامج في تعزيز الثقافة بالنباتات قال الدكتور الحجري: يواصل برنامج لكل ربيع زهرة حشد كل الجهود لتعزيز منظومة القيم التي تمكن من تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لافتا إلى أهمية دور الأفراد المنتسبين للمؤسسات الحكومية والأهلية والخاصة، والارتقاء بالمفاهيم الشائعة والاستفادة من كل الجهود لتصب مجتمعة لصالح الحياة والمستقبل.
وأوضح أنه كان لا بد من بناء برامج والقيام بأنشطة قوية قادرة على ترجمة تلك الأهداف إلى سلوك، وضمان تجسيد الأماني الطيبة، في صورة نتائج على أرض الواقع، لا سيما تلك المبادئ ذات العلاقة بقضايا البيئة.
جهود المجتمع المدني حاضرة في تعزيز الثقافة الخضراء
إلى جانب جهود القطاع الحكومي، تعتبر جهود المجتمع المدني واضحة وجلية في تعزيز الثقافة الخضراء، حيث يتمتع عدد من المؤسسات الخاصة بشهرة واسعة في نشر الوعي البيئي، ومن ذلك مركز أصدقاء البيئة الذي تأسس عام 1992، وهو يتبع وزارة الرياضة والشباب.
وتقوم فلسفة المركز على تعميق الوعي البيئي بين أفراد المجتمع القطري، وتنمية المعارف والمهارات والسلوك البيئي القويم وغرس الشعور بالمسؤولية الملقاة على عاتق كل فرد في جميع مواقع العمل، وتعميق الإحساس بأهمية البيئة في عجلة التنمية، فضلا على إبراز جهود الدولة في المحافظة على البيئة، والتعريف بنشاطات الأجهزة العامة والخاصة ذات الصلة المباشرة بالبيئة والعمل على تكوين جماعات أصدقاء البيئة في الأندية والمدارس والجامعات والهيئات العامة والخاصة، وتشجيع المؤسسات الخاصة على التبرع لتنفيذ مشروعات بيئية للمحافظة على مكونات البيئة، وإجراء البحوث العلمية المتعلقة بأمور البيئة ونشر المتميز منها، وإنشاء قاعدة معلومات بيئية لطلاب المدارس كل عام بهدف نشر الوعي البيئي.
ومن المبادرات المجتمعية الرائدة أيضا: /طبيعة قطر ـ Qatar e-Nature/.. وهي موقع إلكتروني، وتطبيق تفاعلي للهواتف الذكية، هو الأول من نوعه، يلقي الضوء على التنوع الغني للبيئة في قطر، بهدف دعم أهداف رؤية قطر الوطنية 2030 في تعزيز التنمية المستدامة من خلال المساهمة في رفع الوعي البيئي في المجتمع.
ويحتوي التطبيق والموقع الإلكتروني على معلومات تفصيلية وموثقة عن الطيور وأصواتها، والنباتات، والحشرات، والثدييات، والزواحف، والحياة البحرية، والمحميات الطبيعية الموجودة في قطر.
كما يعد مجلس قطر للمباني الخضراء، عضو مؤسسة قطر، منظمة غير ربحية قائمة على العضوية، ويعمل على تشجيع التعاون وتحقيق الريادة في تطبيق الممارسات المستدامة بيئيا فيما يتعلق بتصميم وتطوير الأبنية الخضراء في دولة قطر.
ويهدف المجلس الذي تأسس عام 2009م، إلى دعم الصحة والاستدامة الشاملة للبيئة والأفراد والأمن الاقتصادي على مدى الأجيال القادمة.
ومن خلال المجلس، انضمت قطر إلى شبكة مكونة من 80 دولة مختلفة يوجد لديها مجالس وطنية نشطة للأبنية الخضراء تحت مظلة المجلس العالمي للأبنية الخضراء.
ومن أجل زيادة الوعي والمعرفة بممارسات الأبنية الخضراء، يقوم المجلس ببناء قدرات المتخصصين في هذا القطاع من خلال التطوير المهني المستمر والبحوث.
وتقوم مشاريع مجلس قطر للمباني الخضراء على ثلاث ركائز رئيسية وهي: تطوير الخبرة الفنية، والبحوث والابتكار، ثم التعليم والتدريب في مجال الاستدامة.
كما أسس مجموعة من النشطاء البيئيين رابطة الشبهانة في مارس 2016، بهدف نشر الوعي لدى المجتمع بضرورة الحفاظ على بيئته.
ويرجع اسم /الشبهانة/ إلى شجرة باتت نادرة في قطر، مما يدق ناقوس الخطر بضرورة الحفاظ على ما تبقى من الذاكرة البيئية في البلاد، وتهدف الرابطة إلى إنقاذ كل النباتات البرية، من خلال استنباتها في محمية الفقع، التي تقع في منطقة “مسرة خطاف” بالشمال، وتأسست في 1997، وتعمل على رعايتها وإنمائها، وتحفيز الأسر والصغار على رعايتها في البراري، وإنباتها في شتلات برية.