[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
في حي تل الهوى، جنوب غرب مدينة غزة، كان جيش الاحتلال على موعد جديد لصفعة مؤلمة أُعدّت له على مهلٍ منذ شهور، حتى أتى وقتها فأطاحت بأشلاء الجنود المحتلين في غزة لتسوء وجه تل أبيب (ساستها وعسكريّيها)، فما تزيدهم الحرب إلا خبالا.. إنها صفعة كمين البراء الذي أعلنت أمس عن تنفيذه كتائب القسّام في السادس والعشرين من يوليو الماضي.
بثلاث عبوات وقذيفتين أوقعت كتائب القسام قوات الاحتلال المتوغلة في حي تل الهوى، في كمين مُحكمٍ استهدف آليات وجنود الاحتلال، ما أسفر عن وقوع القوة بين قتيل وجريح، وتدمير عدد من آلياته.
في تزامن لا تخفى رسائله، يخرج علينا الناطق باسم كتائب القسام “أبو عبيدة” ليعلن البيعة للقائد الجديد يحيى السنوار الذي تولى قيادة المكتب السياسي لحركة حماس خلفًا للشهيد الراحل إسماعيل هنية، وفي الوقت نفسه تبثّ الكتائب مشاهد كمين البراء بعد أسبوعين من تنفيذه، وفي ذلك رسالة تأكيد على أن بيعة الكتائب للسنوار عنوانها الجهاد وإيلام العدو حتى دحره عن أرض غزة وكامل الأراضي المحتلة.
المحلل العسكري والاستراتيجي اللواء فايز الدويري، أكد أن الإعداد لهذا الكمين قبل وقوعه بثمانية أشهر يأتي في سياق طبيعي؛ حيث إن كتائب القسام قبل أن تخوض معركة السابع من أكتوبر كانت تتوقع ردة الفعل الإسرائيلية، وأن بداية الهجمة الإسرائيلية خلال شهري أكتوبر ونوفمبر وبداية ديسمبر، أوضحت ملامح الحرب في ذهن المخطط داخل الكتائب، وبالتالي توجهت إلى التخطيط التدميري المستقبلي من خلال إعداد كمائن قد تُستخدم بعد عدة أشهر، كما حيث في كمين البراء.
وأضاف الدويري خلال فقرته التحليلية على شبكة الجزيرة، أن هناك فارقًا بين ميكانيكيات كمين البراء وميكانيكيات الكمائن السابقة؛ حيث تتوافر في هذا الكمين القدرة على التحكم الكامل في تنفيذ العملية بناء على دخول العدو من الأماكن المتوقعة، وأن ترتيب تفجير العبوات يتوقف على مدى دقة التوقعات من عدمها.
وأوضح أن الكمائن السابقة -ككمين بيت حانون- كانت تعتمد على ردة الفعل، وأنها غير معدة مسبقًا؛ حيث يتعامل مقاتلو الكتائب مع القوة الصهيونية حسب تواجدها، ويتعاملون معها بما يتناسب مع طريقة ومكان دخولها.
من جانبه قال المحلل العسكري والاستراتيجي اللواء محمد الصمادي، إن إعداد هذا الكمين في ديسمبر الماضي يؤكد أن المقاومة كانت لديها قراءة وتوقعات منذ بداية الحرب أن العدو سوف يقوم بتوغلات واسع في كامل قطاع غزة، فأعدت له ما يسمى “بالمواقع الدفاعية”.
وأضاف الصمادي في مداخلة على الجزيرة، أن استخدام القسام لهذا الخليط من العبوات الناسفة والقذائف في هذه العملية، تدل على أنه قد تم دراسة المنطقة والتحضير الاستخباري لميدان المعركة، مشيرًا إلى أن هذا يتطلب وجود مراقبة ورصد من قبل المقاومة لمكان العملية.
وعن إعداد العملية لمدة 8 شهور، توقع المحلل العسكري أنه قد يكون هناك العديد من المواقع مجهزة لمحاور القتال في كامل قطاع غزة، وهو ما يسمى بـ”الصبر الاستراتيجي”، وهو ما يتطلب وجود عقليات هندسية متخصصة داخل الكتائب لاختيار أنواع العبوات في الأماكن الأنسب لتنفيذ التفجير.
أما الخبير العسكري والاستراتيجي العقيد ركن حاتم كريم الفلاحي فيرى أن مشاهد كمين تكشف دقة خططها الدفاعية مهما طال الأمد، لافتًا إلى التصوير الجوي من خلال طائرة مسيرة لمعاينة ساحة العمليات ومكان الكمين، والترتيبات الدفاعية التي وضعت من قبل القسام، وكذلك الرصد طويل الأمد والذي استمر 8 أشهر.
وأكد الفلاحي في تحليله العسكري لشبكة الجزيرة، أن تفاصيل هذه العملية تعطي دلالة واضحة على أن خطط المقاومة التي وضعت للدفاع شملت جميع مناطق القطاع، والتي دخلت قوات الاحتلال بعضها، في حين لم تنجح في دخول مناطق أخرى حتى الآن.
وأشار إلى أن عمليات التفجير جاءت مترادفة الواحدة بعد الأخرى، الأمر الذي يكشف أيضا الحرص على أن تكون الترتيبات الدفاعية متكاملة وشاملة، مع حساب الخطوة التالية لكل مرحلة من مراحل الخطة التي أخذت مراحل متعددة في التفجير.
“إننا لا نزال في انتظاره لنذيقه أصنافًا جديدة من الموت”.. بهذه العبارة كان الناطق باسم كتائب القسام “أبو عبيدة” يتوعّد جيش الاحتلال قبيل دخوله قطاع غزة بعملية برية واسعة، والآن وبعد مرور 9 أشهر على هذا الخطاب، يتبين أن تلك الكلمات كانت مصحوبة بالعمل الجاد والمتقن، والتخطيط المحكم للمقاومة قبل مواجهة العدو، وأن هذا الإعداد كانت له عين تحرسه وترقب خطوات جنود الاحتلال ومخططاته، حتى تُلحق به شر هزيمة في تاريخه، وكمين البراء خير دليل.
“}]]