[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
“لم أعد أدرك ماذا أفعل، أو أين أذهب؟ لقد تعب ولم يعد لدي طاقة لأي شيء”، بهذه الكلمات التي تحمل الكثير من الألم والوجع حد اليأس مما آلت إليه الأحوال في قطاع غزة، عبر محمد زقوت عن مأساة النزوح المتكررة بين مراكز الإيواء ومخيمات النزوح التي باتت في مرمى القصف الإسرائيلي.
آثر زقوت البقاء في غزة على الاستجابة لطلبات النزوح القسري التي يطلقها جيش الاحتلال إلى جنوب القطاع، وبين خيار البقاء وما يحمله من معاناة متعددة الأوجه، وخيار البحث عن مكان آمن بعد أن خسر منزله في القصف المدمر لمخيم جباليا، لجأ عمر إلى مدرسة حسن سلامة في حي النصر غرب مدينة غزة.
اعتقد عمر (45 عاما) أن بلجوئه إلى المدرسة سيكون أطفاله بمأمن من القصف الإسرائيلي، لكن توقعاته خابت كما خابت الكثير من الآمال بانتهاء هذه الحرب، كما يقول.
فقد محمد طفلته عائشة في القصفة، والكثير من أغراضه الشخصية التي تعينه وعائلته على حياة النزوح القاسية بعدما أتت النيران التي اندلعت في الغرف الصفية على كل شيء.
ويسعى كثيرون إلى الأمان النسبي في مدارس الأمم المتحدة، وبعضهم يسترشد بذكريات الحروب الماضية حيث وفرت هذه المساحات ملجأ، حيث تم تهيئة العديد من مدارس الأونروا في قطاع غزة لتكون بمثابة ملاجئ طوارئ مع مرافق إضافية للطاقة والصرف الصحي والمولدات الكهربائية.
محمد فتحي (37 عاما) كان يأمل أن تشكل هذه المدارس حماية له ولزوجته وأطفاله الثلاثة لجأ إلى إحدى هذه المدراس في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة قبل أن يدمرها هجوم إسرائيلي بالمقاتلات الحربية في 14 يوليو/ تموز الماضي.
يقول الشاب الذي يعمل في مجال المحاماة، وقد دمر مكتبه في غزة، إن أكبر كذبة عاشها خلال الحرب هي المناطق الآمنة ومراكز الإيواء المحمية بموجب القانون الدولي.
ويشير إلى أنه تنقل منذ بدء حرب الإبادة بين ثلاثة مراكز للإيواء شهد فيها قضاء الاحتلال على عائلات بأكملها، حيث يواصل الاحتلال يواصل انتهاك مبادئ التمييز والضرورة والتناسب.
ويضيف محمد أن العشرات من العائلات تبحث عن آمن غير متوفر لأنه لا يوجد مكان له حصانة من القصف، “ولا تعلم متى سيأتي الصاروخ؟”، مستدركاً لا أريد أن أدفن أبنائي بيدي، لا أريد أن أخسرهم”.
ويؤكد الشاب أنه لم يعد يملك السيطرة على مجريات حياته في ظل القوة النارية المهولة التي يستخدمها الاحتلال “لإلحاق الأذى بنا وتدمير حياتنا حتى وإن كانت داخل غرفة صفية لا تصلح للحياة فضلاً عن البيئة المزرية التي نعيش فيها دون توفر كميات كفاية من الماء والغذاء”.
ولم تكن مدرستا “عبد الفتاح حمودة” و”الزهراء” في حي “التفاح” شرقي مدينة غزة، واللتان تؤويان آلاف النازحين، الأولى في مرمى القصف الإسرائيلي، حيث وثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قصف الاحتلال المباشر لتسعة مدارس تستخدم مراكز إيواء لآلاف النازحين في مدينة غزة خلال ثمانية أيام، وتدميرها على رؤوس من فيها.
وتسبب القصف، وفقاً للمرصد، بقتل 79 فلسطينيًّا وإصابة 143 آخرين، غالبيتهم من الأطفال والنساء، إلى جانب فقدان آخرين تحت الأنقاض ويتعذر انتشالهم لعدم وجود معدات مناسبة لطواقم الإنقاذ.
ويؤكد المركز في تقرير توثيق صدر اليوم الجمعة، أن قصف المدارس وتدميرها على رؤوس النازحين فيها لم يكن له أي مبرر فعلي، وغابت عنه الضرورة الحربية، رغم أن الجيش الإسرائيلي في كل مرة حاول تبرير القصف باستهداف أحد النشطاء العسكريين أو السياسيين، دون أن تثبت صحة هذا الادعاء.
ويشدد على أن سلطات الاحتلال تتبنى سياسة منهجية باستهداف السكان والأفراد المدنيين في قطاع غزة المحميين بموجب القانون الدولي الإنساني، أينما كانوا، وحرمانهم من أي استقرار ولو مؤقت في مراكز النزوح والإيواء، في إصرار على فرض التهجير القسري وتدمير كل مقومات الحياة الأساسية ضمن جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 10 أشهر.
وتفيد معطيات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، بأن جيش الاحتلال استهدف منذ بدء الحرب 174 مركز للإيواء مأهول بعشرات آلاف النازحين، وأسفر القصف المتعمد والمباشر وبدون إنذار مسبق عن استشهاد 1030 مواطناً.
ويشير الثوابتة في حديث للمركز الفلسطيني للإعلام، إلى أن “جيش الاحتلال لم يكن ينذر الفلسطينيين في مراكز الإيواء بهذا القصف، ما يعني تعمده إيقاع الخسائر البشرية في صفوفهم”.
ويضيف أن جيش يستخدم بيانات “مقولبة وجاهزة، مليئة بالأكاذيب يزعم فيها أن المقاومة تستخدم مراكز الإيواء، وترويج هذه الدعاية ما هي إلا محاولة لتبرير المجازر”.
ويؤكد الثوابتة أن الاحتلال “يريد إيقاع أكبر قدر ممكن من الضحايا كأداة للضغط السياسي على مسار مفاوضات وقف إطلاق النار”.
وتقول وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، إن 120 من مؤسساتها التعليمية تعرضت للقصف منذ أن بدأ الاحتلال الإسرائيلي حربه على غزة.
وتوضح، مسؤولة الاتصالات في الأونروا، لويز واتريدج: “يختار الناس هذه المدارس لأنهم يعتقدون أن الاحتماء تحت علم الأمم المتحدة، كما ينص القانون الدولي، من شأنه أن يوفر الأمان. وبالنسبة للمدنيين، توفر المدارس الأمان في أوقات الحرب. وتحت علم الأمم المتحدة، يجب حماية هذه المدارس”.
وتضيف واتريدج في تصريحات للجزيرة، أن المدنيين في غزة يتعرضون يومياً للنزوح القسري، وتظهر التقديرات أن تسعة من كل عشرة أشخاص في غزة نزحوا لمرة واحدة على الأقل، وقد نزح العديد منهم ما يصل إلى 10 مرات منذ بدء الحرب.
وتؤكد أن المدنيين يدفعون ثمناً باهظاً للنزوح القسري المتكرر بفعل الهجمات الإسرائيلية التي تنتهك بشكل خطير قواعد القانون الإنساني الدولي، وخاصة مبادئ التمييز والتناسب والضرورة العسكرية.
وتشير إلى أن القصف الإسرائيلي لمراكز الإيواء يحول دون تدفق الإمدادات الإنسانية إلى النازحين، يقيد حركة العاملين في مجال المساعدات الإنسانية.
“}]]