[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
تُظهر التقارير الدولية والأدلة الموثقة أن استخدام قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي للمواطنين الفلسطينيين كدروع بشرية لحماية الجنود أو الآليات الإسرائيلية، ليست حالة فردية بل سياسة متكررة وممنهجة وتشكل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية والإنسانية.
ومنذ عام 2005 استخدم جيش الاحتلال المواطنين الفلسطينيين دروعا بشرية، كجزء من سياسته الرسمية، وأمرهم بتنفيذ أعمال عسكرية محفوفة بمخاطر حقيقية على حياتهم.
وتكرر مشهد جنين الذي ظهر فيه جنود من جيش الاحتلال وهم يربطون شاب فلسطيني جريح على غطاء محرك جيب عسكري، كدرع بشري خلال اقتحامها إحدى مناطق المخيم، في محافظة طولكرم شمالي الضفة الغربية.
وتداول نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي، اليوم الأربعاء، صورة لقوات جيش الاحتلال تستخدم شاباً كدرع بشري خلال محاصرة منزل في عزبة الجراد بطولكرم.
وشهدت حرب الإبادة المستمرة على غزة توثيق الاحتلال بالصوت والصورة العشرات من اللقطات التي تفضح هذه السياسة المصنفة وفق اتفاقيات جنيف كجرائم حرب تستوجب محاسبة المسؤولين عنها أمام المحاكم الدولية.
وفي مطلع يوليو/ تموز الجاري، نشرت الجزيرة صوراً تُظهر استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي أسرى فلسطينيين كدرع بشرية خلال المعارك المستمرة في غزة.
ويظهر المقطع المصور إجبار الأسير على دخول نفق وتفقده، بعد ربطه بالحبال، وتثبيت كاميرا على جسده، وإعطائه الكشافات.
وفي مشاهد أخرى تظهر الصور استخدام أسير آخر جريح وجسده ملطخ بالدماء ومقيد وعارٍ من الملابس وحافي القدمين، مع أسير آخر مثبت كاميرا على جسده، دروع بشرية، وإجبارهما على دخول مبنى مدمر، ظهرت داخله جثث شهداء ملقاة على الأرض.
وتكشف مشاهد أخرى أسيرين فلسطينيين مستخدمين كدروع بشرية، بعد أن أجبرهما جنود الاحتلال على ارتداء ملابس عسكرية إسرائيلية، ويجبران على البحث بين ركام المنازل المدمرة على متفجرات وأنفاق.
وفي مساء 27 يونيو/حزيران، وثق الاحتلال جريمة مركبة مكتملة الأركان ضد أسرة مدنية مكونة من أم مسنة وأربعة من أبنائها، باقتحام منزلهم في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة وإطلاق النار والقنابل تجاههم مباشرة، ثم احتجازهم وهم مصابين قرب دبابات إسرائيلية في منطقة قتال خطيرة، ما أدى لمقتل الأم إثر دهسها تحت جنازير دبابة على مرأى من ابنها، وفق تقرير نشره المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
وفي الثاني من مايو/أيار الماضي، عرضت شاشة الجزيرة مشاهد تحبس الأنفاس ملتقطة من مسيرة إسرائيلية كانت قد أسقطت في غزة في ديسمبر/كانون الأول 2023.
وتظهر اللقطات فلسطينيا يجوب شوارع حي الشجاعية الخاوية بمدينة غزة، ويمر قرب جثة لفلسطيني مجهول، ثم يفتح أبواب صفوف مدرسية (بحثا عن أسرى أو متفجرات على الأرجح) تحت رقابة لصيقة من مسيّرة إسرائيلية كبيرة، وأخرى أصغر حجما، تتبعه كظله.
وفي 5 مايو/ أيار الماضي، وثقت لقطات استخدام جيش الاحتلال ثلاثة أطفال فلسطينيين دروعًا بشرية خلال اقتحامه مخيم طولكرم للاجئين.
وأجبر الجيش الأطفال على السير أمامهم في بنايات وأزقة المخيم، وتفتيش منازل والطلب من السكان الخروج، وفي حالتين وضع الجنود بنادقهم على كتفي طفلين وأطلقوا الرصاص.
وفي 20 مارس/آذار الماضي، استخدام جيش الاحتلال الطبيب يحيى خليل ديب الكيالي (59 عامًا) وعددًا من افراد أسرته كدروع بشرية بعد اقتحام منزلهم، وأجبروهم على الوقوف في شرفة المنزل خلال تبادل إطلاق نار مع مسلحين غرب مدينة غزة.
وخلال اقتحام الجيش الإسرائيلي لمجمع الشفاء الطبي في مارس/ آذار الماضي، استخدم مدنيين من المرضى والنازحين كدروع بشرية واستغلهم لتحصين عملياته العسكرية داخل المستشفى، ولتشكيل ساتر خلف قواته وآلياته العسكرية، وإرسالهم تحت التهديد إلى منازل وبنايات سكنية في محيط المجمع الطبي، للطلب من سكانها إخلاءها، وذلك قبيل تنفيذ الجيش الإسرائيلي لعمليات اقتحامها، واعتقال بعض من فيها، ومن ثم تدمير العديد منها.
ويقول نازح فلسطيني تواجد في المجمع، إن قوات الاحتلال أمرته وثلاثة شبان آخرين بالدخول إلى عدة غرف داخل مجمع الشفاء الطبي، بعد أن ثبتت كاميرات على رؤوسهم، وأجبرتهم على التحرك من خلال إصدار أوامر لهم عن بُعد باتجاه أماكن محددة لفحصها.
في حين أفادت زوجة ممرض أن جيش الاحتلال أجبرها على إخلاء المجمع دونه باتجاه مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وإنها شاهدت استخدام زوجها كدرع بشري من أجل فتح أبواب أقسام في مجمع الشفاء على مدار عدة ساعات متواصلة، مشيرة إلى أن مصير زوجها ما يزال مجهولًا، وتخشى من تعرضه للتصفية.
والدروع البشرية، مصطلح عسكري قانوني يعني استخدام مجموعة من الناس مدنيين أو عسكريين بهدف حماية منشآت حساسة في وقت الحرب (مراكز عسكرية، أو منشآت إستراتيجية، أو سدود، أو جسور…)، وذلك بنشرهم حولها لوضع العدو أمام حرج أخلاقي يمنعه من استهداف المنشآت المراد حمايتها.
ولا يقتصر مفهوم الدروع البشرية على استعمال المدنيين دروعا بشكل مباشر، وإنما أيضا “لو شن أحد أطراف النزاع عمليات عسكرية من داخل مواقع مدنية مثل المدارس والمستشفيات والأماكن الدينية والأحياء المدنية، لأن ذلك يعني حتمية تحول المدنيين إلى دروع بشرية”.
وسبق أن نشرت منظمتا العفو الدولية، و”هيومن رايتس ووتش” عدة تقارير مفصلة تفضح استخدام جيش الاحنلال الإسرائيلي للمدنيين الفلسطينيين بمن فيهم أطفال وكبار السن كدروع بشرية خلال العمليات العسكرية، لتمكين الجنود من التمركز في مواقع استراتيجية خلال الاشتباكات.
يمنع البروتوكول الإضافي لاتفاقيات جنيف (المادة 7) منعا كليا استخدام الدروع البشرية خاصة الأسرى، كما أن اتفاقية جنيف لعام 1929 تُلزم الطرف المسيطر على الجبهة بإخلاء أسراه في أسرع وقت ممكن وإبعادهم عن جبهات القتال، ومن ضمن الأسباب الكامنة وراء هذا الإلزام الخوف من استخدام الأسرى دروعا بشرية.
“}]]