[[{“value”:”
معركة طوفان الأقصى كشفت غياب الأمة الإسلامية عن الاستعداد ومراكمة أدوات القوة المتعددة، وكشفت معها في نفس كل واحد فينا عن درجة انتمائه لفلسطين!
من أعظم درجات الوعي، الوعيُ بالذات، وفقه القضية ينطلق من فهم موقعنا كأفراد ومجتمعات ودول وأمة في معارج الساعين للانتماء لمشروع التحرير والسعي لتحقيقه وتحويله لمشروع واقعي يتم العمل عليه! وأنت تقرأ هذا المقال أرجو أن تصبر على إنهائه وتفحص بعين الحق محتواه، وليكن بمثابة مصفوفة قياس مستوى انتمائك وارتباطك وعملك لفلسطين، وكذا نموذج اجتهادي لقياس علاقة المجتمع والأمة بفلسطين، فإن المعركة تحتاج لتشخيص دقيق يشرح تباين مستويات الالتحاق بالمعركة القائمة التي لا تحارب فلسطين فحسب، بل والإنسانية أجمع في فطرتها وإنسانيتها وقيمها الأصيلة، وتحارب معها شعبا أعزلا تقوده مقاومة تكتب التاريخ وحدها!
أولا: دركات التصهين
إنما أردنا أن نبدأ من الدركات الدنيا صعودا، رغم أن أهل المراتب العليا أوفى بالتصدير، لكن حتى نراعي التدرج في عملية التحرير الذاتي لنتفطن ونحرر أنفسنا في حال وجودنا في هذه الدركات والعياذ بالله.
موت الفطرة والتصهين العقدي: وأعراض ذلك حلول الأساطير الصهيونية محل الفطرة البشرية إلى درجة موت الفطرة بتقبل الظلم الصهيوني وتبريره واستساغته واستمراؤه، مع الاعتقاد الكامل بأحقية هذا الاحتلال في الوجود والبقاء والمشاركة الفاعلة في خدمة المشاريع الصهيونية والعمالة لها. وهذا درك سحيق في التصهين.
سلب الفطرة والتصهين الفكري: وأعراضه تسرب الأفكار الصهيونية للعقل واعتقاد صدقيتها واستهلاك الرواية الصهيونية وتسويقها بجهل بها أو باستلاب حضاري فكري لنموذجه الاستعماري، ولا يعذر جهل الإنسان في ذلك أو تسويقه بفهم فينزل أولئك لدرك التصهين العقدي.
قلب القيم والتصهين النفسي: وأعراضه إخراج قضية فلسطين عن سياقها الطبيعي وتطبيع وجود الاحتلال والرضى بذلك كواقع، مع تحويل الضغط نحو الشعب المقاوم وتحميله التبعات، من خلال قلب موقع الاحتلال الظالم والشعب المقاوم، والتصهين النفسي هوى ناتج عن سيطرة الثقافة الغربية الغالبة ومداومة استهلاك منتجاتها الفكرية والإعلامية.
الجهل المركب والقابلية للاستعمار: إن جهلنا بقضيتنا المركزية يجعلنا قنابل موقوتة يستخدمها الاحتلال لضرب المرابطين والتشكيك في جهودهم، ويجعلنا كتل تجاوزت الحياد إلى التخذيل من خلال العاطفة الجياشة وتمكن الأمراض الفكرية ضمن سياق تسويق نفايات الرؤية الغربية والصهيونية للوجود والعلاقات ولفلسطين.
حياد الخذلان: وهو ادعاء الموضوعية والمساواة بين الضحية والمستعمر، والوقوف على الحياد في معركة وجودية، وليعلم أولئك أنهم قد ينزلون لمدارك المطبعين بل يوشكون إذا تراكمت هذه النفسية المصطنعة، ويدخل في ذلك الراضخون بالسقف المهللون للدول المطبعة.
ثانيا: معارج المرابطين
الرباط العاطفي الإنساني: وهو بقاء الفطرة حية سليمة من الفيروس الصهيوني ومحاولات اختراقه، وهو حرقة عاطفية نفسية بشرية ترفض القتل والتدمير، وذلك الشائع في عموم الرافضين لجرائم الاحتلال لحظات العدوان، غير أن ذلك سريعا ما يخمد بعد زوال المثير العاطفي.
الرباط العاطفي الإيماني: وهو الارتباط بفلسطين كأرض مقدسة والتفاعل المستمر معها كأمانة نبوية، والرباط الإيماني العقدي مهم جدا في الحفاظ على سياق الصراع وطبيعته وكذا في الأخذ بأسباب القوة الإيمانية الغيبية لنيل التسديد والتأييد الرباني.
الرباط العلمي التكديسي: وهو مستوى متقدم لا يتوقف عن العاطفة الإنسانية المحدودة والعاطفة الإيمانية الراسخة الثابتة، بل يتحرر من الأفكار الغالبة ومن القابلية للاستعمار عبر التحرير المعرفي الفكري، بفهم قضية فلسطين وجملة العلوم المرتبطة بها، غير أن التكديس المعرفي يبقى مستوى يحتاج إلى التسديد والتجويد ليصل إلى البناء المنهجي المعرفي.
الرباط المعرفي المنهجي : ونعني بذلك اعتماد البناء المعرفي السليم المنهجي المرتبط بمعارف ودراسات فلسطين بما يصنع وعيا متكاملا ضمن شخصية قيادية مثقفة فاهمة للسنن والآخر وأدوات الصراع.
الرباط المعرفي المشتبك: وهو اختيار المعرفة والوعي والثقافة أداة للاشتباك وفضاء للتدافع مع الاحتلال الصهيوني وأفكاره وأساطيره التي يحاول بها اختراق العقول واستعمارها.
الرباط المعرفي الصانع للفعل: وهو التميز العلمي والمعرفي في تخصصات مهمة تساهم مباشرة في دعم المقاومة وإسنادها وإمدادها سياسيا واجتماعيا وتكنولوجيا، وهو مشاركة في بلوة رؤية مشروع التحرير وتجويد أداة الأمة الإسلامية في الإسناد والإمداد والإعداد.
الرباط العملي: وهو الاستثمار والارتقاء فيما سبق واختيار فلسطين تخصصا إصلاحيا للعمل المستمر الدائم وجعل فلسطين مشروع حياة.
الرباط العملي المتدافع: وهو اختيار تخصص في العمل لفلسطين والانتماء لأحد مشاريعه أو الريادة في فتح مشروع في الثغور غير المغطاة والتدافع مع الاحتلال في هذا الثغر.
القيادة والشراكة في مشروع التحرير: قيادة عملية الرباط في قطرك أو المشاركة في قيادة ذلك في المؤسسات الدولية والإسهام المباشر في مشروع التحرير بالشراكة مع القوى الفاعلة الحية في الأمة والدول الناهضة، أو من خلال تحويل مشروع التحرير لإستراتيجية وطنية كرجل دولة في دولتك وأمتك.
ابدأ وعينك على الترقي في معارج المرابطين بالعمل والإخلاص والتجرد والإنجاز المفرح للمؤمنين، واسع إلى التقدم في الدرجات، فإنك تتقهقر إلى دركات التصهين بغفلتك وعدم فاعليتك مع تغير سياق التدافع واقتراب تحقيق التحرير بإذن الله.
“}]]