[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
على إثر الإفاقة من وقع الصدمة التي أفجعت كيان الاحتلال في السابع من أكتوبر الماضي على أيدي المقاومة، اتخذ نتنياهو وحكومته اليمينية قرارًا بانتهاج سياسة العقاب الجماعي لكل سكان قطاع غزة بلا استثناء، كونهم يمثّلون حاضنة شعبية لتلك الكتائب التي كشفت في طليعة نهارٍ زيف ادعائه بأنه “جيش لا يُقهر”، فقهرته وسحقت جنوده من قلب آلياته العسكرية، فأمعن نتنياهو في المدنيين قتلاً وقصفًا وتجويعًا لجعل قطاع غزة مكانًا تستحيل الحياة فيه، الأمر الذي يمكن أن يُحوّل تلك الحاضنة الشعبية إلى سخط على المقاومة، حسب المخطط الإسرائيلي.
خطة نتنياهو كان من المفترض أن تؤتي أكلها مع الضربات الأولى في أعقاب عملية طوفان الأقصى، لكن الحصاد الخبيث الذي ينتظره لم يثمر بعد أيام ولا أسابيع حتى دخلت الحرب شهرها العاشر، ولا يزال أهل غزة ملتفّين حول المقاومة رغم الدمار الهائل والقتل الوحشي والتجويع المميت، وهو ما أكده الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة في رسالته التي بثت الأحد الماضي، بأن سبب استمرار المقاومة حتى اليوم هو صمود أهل غزة ودعمهم لها.
فداء للمقاومة
“كلنا فداء للمقاومة”.. كلمات ممزوجة بالوجع والتحدي، تنطلق بها صرخاتٌ من أبٍ مكلومٍ أو أمٍّ ثكلى أو شيخٍ عاجزٍ، أطفلٍ يتيم، من فوق ركام منازلهم بعد أن فقدوا كل ما يملكون من بيتٍ يأويهم، وأهلٍ يأنسون بهم، لكن بقي لهم إيمانهم بقضيتهم وبالمقاومة سبيلاً أوحد لدحر الاحتلال ومواجهة غطرسته.
واقفة أمام بيتها المدمّر تلتقط صورًا لما تبقى لها من ركامه بعد أن قصفته طائرات الاحتلال، وبعزّة المرأة الفلسطينية وإبائها، ترسل غزاويةٌ رسالة إلى المقاومة: “فداكم، وفدا شواربكم.. أحلى مقاومة”.
رسالة تحدٍّ
“الله مع المقاومة وشبابها.. طُز فيكي يا إسرائيل.. طُز”.. هكذا صاحت سيدة غزاوية تخرج من تحت ركام منزلها وخلفها بعض أبنائها أحياء وآخرون شهداء، لكنها أرادت أن تغيظ الاحتلال بالتأكيد على أن أهدافه من وراء تلك الهمجية التي أبداها تجاه المدنيين العزل، لم تنل من عزيمتهم ولم تُفقدهم ثقتهم بمقاومتهم، بل زادتهم صمودًا ودعمًا لها، قالتها تلك السيدة دون أن تُظهر دمعة على فقيدها الصغير أو بيتها المتهدم.
أما ذلك الشاب الذي يبدو عليه أنه لم يعد يملك من حطام الدنيا غير اعتزازه بموطنه، فقد أسمع الاحتلال أنه لن يحقق له ما يريد، فلن يترك أرضه “وإن تقطع أشلاءً”، بل يُجدد تأكيده على أنه “فداء للمقاومة”.
الثمن الباهظ
ويُلخّص الناشط المهندس تامر مازن، حقيقة المأساة ونتائجها، ببيان حجم الدمار الذي حدث في قطاع غزة وقتل الآلاف من السكان، وعمليات النزوح المستمرة، كعقاب لهم على دعمهم للمقاومة والوقوف في وجه مخططات الاحتلال، وأن الثمن الذي دفعوه مقابل موقفهم هذا كان باهظًا جدا، أكثر مما يتخيله أحد قط.
أما ذلك المواطن الذي يحمل طفلته الشهيدة بين يديه، لم يُرد أن يكتم صرخته في وجه الاحتلال حتى يدفن فلذة كبده، بل أصرّ على أن يكيد العدو حاملاً ألمه بين ذراعيه، ومناديًا على قائد حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، بقوله: “كلنا مع المقاومة.. دوس على روسهم يا سنوار”.
المعاناة التي لقيها المواطن موسى محمد، لم تُثنه كذلك عن موقفه الداعم للمقاومة، رغم الثمن الباهظ الذي دفعه من نفسه وبيته وأهله الذين استشهد أكثرهم، ليؤكد أنه “مع المقاومة قلبا وقالبا”، وأنه يرى فيها العزة والفخار.
حتى الجُدُر المتبقية من منازل بعد هدمها، لم يتركها أبناء غزة دون أن يسطروا عليها ملحمة صمودهم خلف المقاومة حتى نهاية المعركة.
صامدون في رحلة النزوح
خلال رحلة نزوحها إلى أمدٍ لا تعرفه ومكانٍ لا تأمنه، تاركة خلفها البيت والذكريات والأهل والجيران، تؤكد سيدة غزاوية أنهم صامدون رغم قصف البيوت وتدمير الحياة في القطاع وسياسة التجويع الممنهج، معربة عن يقينها في أن المُطعم والساقي هو الله، غير أنها أجابت عن تقييمها لموقف الدول العربية بقولها: “يا رسول الله لا تشفع لهم.. لأنهم خذلونا”.
أما الناشط الغزاوي الصغير عبود بطاح، فيبرز بسالة أهل غزة والمقاومة الفلسطينية ذات العتاد القليل والتي لا تلقى أي مساندة دولية، في مقابل جيش كامل العدة والسلاح والدعم الخارجي المطلق.
تتأكد أهمية تلك الرسائل من قلب قطاع غزة في هذا التوقيت الذي يُصعّد فيه الاحتلال الإسرائيلي من عدوانه، على غرار الأيام الأولى للحرب، لا سيما في شمال القطاع، من خلال الأحزمة النارية التي يضربها والتوغلات البرية التي يعاودها، في سياق حرب تجويعٍ غير مسبوقة قد قضت على الكثير مما تبقى من صور الحياة هنالك، إلا أن هذه النازية الصهيونية تتجرع مرارة فشل مخططها الذي راهن على أن وحشيته ستنال من صمود هؤلاء الناس وانفضاضهم عن دعم المقاومة؛ بينما الحقيقة هي أن غزة يعيش على ترابها أناسٌ هم غراس المقاومة وجذورها التي لا تنفك عن طينها، وأن الكتائب المجاهدة ما هم إلا أغصانها وثمارها الطيبة.
“}]]