[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
بعد سبعة أشهر من اعتقاله التعسفي، جاء إفراج الاحتلال الصهيوني عن الدكتور محمد أبو سلمية، مدير مجمع الشفاء الطبي، دون أن توجه له لائحة اتهام؛ لينسف جبل الأكاذيب التي طالما روجتها ماكنة الدعاية الإسرائيلية حوله وحول المستشفيات في قطاع غزة.
وأفرجت قوات الاحتلال عن الطبيب أبو سلمية ضمن 50 معتقلا من قطاع غزة، الاثنين، عبر موقع “كيسوفيم” شرقي دير البلح وسط قطاع غزة.
وأعاد الإفراج عن أبو سلمية إلى الواجهة الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال في مجمع الشفاء الطبي، بعدما روّجت ادعاءات بأنه مركز أساسي لحركة حماس، فدمّرت معظم مبانيه عبر اقتحامات متكررة، وارتكبت مجازر مروعة داخله قبل الانسحاب منه، دون أن تقدم في كل مرة أي دليل جدي يثبت مزاعمها.
تدهور الرواية الإسرائيلية
وفور انتشار مقاطع الإفراج عن الطبيب أبو سلمية مع مجموعة من رفاقه، برزت العديد من التساؤلات من بعض المراقبين والناشطين، منها: لماذا اعتقلت إسرائيل أبو سلمية ورفاقه؟، ولماذا أحرقت مجمع الشفاء الطبي، وقتلت المرضى فيه؟.
وفي هذا الإطار، قال مادس غيلبرت مسؤول الفريق الطبي النرويجي إلى غزة سابقاً: “نحيي صمود الأطباء المعتقلين لدى الاحتلال ومنهم أبو سلمية وباقي الأطباء والمعتقلين الآخرين الذين لم يجب اعتقالهم في البداية وسط وجود أعداد أكبر من المعتقلين لدى الاحتلال من غزة”.
وأضاف في حديث إلى التلفزيون العربي من أوسلو: “رغم التعذيب الذي تعرض له أبو سلمية فإنّه وعد ببناء مجمع الشفاء الطبي والمنظومة الصحية في غزة”.
وأكد “غيلبرت” أنّه بعد إطلاق أبو سلمية بدون تهمة موجهة إليه، فإن “غالبية النرويجيين شاهدوا كذب الرواية الإسرائيلية وهم يريدون مقاطعة إسرائيل وفرض عقوبات عليها وكل أسبوع هناك تظاهرات واسعة وخاصة من العاملين في القطاع الطبي ضد الانتهاكات التي تتعرض لها الطواقم الطبية في غزة”.
وتابع: “ما نراه اليوم هو مزيد من الانقسام في إسرائيل، حيث تخسر حكومة نتنياهو قوتها وهذا أمر مهم، وكذلك فإنه مع الإفراج عن أبو سلمية هذا يوثق مجدداً أنه لا إثباتات إسرائيلية عن أن المستشفيات بغزة استخدمت كمراكز عسكرية ما يعني أن الرواية الإسرائيلية تتدهور حول المستشفيات وتظهر بأنها كذبة كبيرة”.
كذب الاحتلال
وفي السياق ذاته، قال مدونون إنّ أكبر دليل على كذب الاحتلال وهمجيته في التعامل مع الكوادر الطبية والمرافق الصحية، هو الإفراج عن الطبيب محمد أبو سلمية وأصحابه بعد أكثر من 7 أشهر من اعتقالهم، وذلك لأنهم لم يستطيعوا أن يثبتوا عليهم أي شيء من ادعاءاتهم، بالرغم من جميع الضغوط التي مارسها الاحتلال من تعذيب نفسي وجسدي.
وأضاف آخرون أن هذا يعني أن إسرائيل دمرت المستشفى وارتكبت مجازر مروعة وحولته إلى مقابر جماعية بدون أي مبرر، ولذا تجب محاسبتها على ما اقترفته من جرائم وإضافتها إلى سجل جرائمه بحق القطاع الصحي في غزة.
اعتقال تسعفي
وفي أول تصريحات له بعد تحرره، أكد مدير مجمع الشفاء الطبي محمد أبو سلمية، أنّ الاحتلال لم يقدم له لائحة اتهام ما يعني أن اعتقاله كان سياسيا.
وذكر أبو سلمية أنه تعرض للاعتقال في 22 نوفمبر 2023، أثناء مروره عبر ممر نتساريم الذي زعم الاحتلال أنه الممر الآمن بعد أن مكث الجيش 13 يوما في مجمع الشفاء الطبي، مضيفاً: كنت خلالها على تواصل مع المنسق والضباط، وبعدها خرجنا في قافلة أممية أمام أعينهم لنقل المرضى، لكن الاحتلال غدر بنا واعتقلني على نتساريم دون أن يوجه لي أي تهمة.
وأفاد أنّه قدّم إلى ثلاث أو أربع للمحكمة، وأنّ القاضي قال له: “لا يوجد لائحة اتهام ضدك، وأنت محتجز لدينا حتى إشعار آخر”، مضيفاً أنّ اعتقاله كان لسبب سياسي بحت.
كما أشار أبو سلمية في المؤتمر إلى تعرض المعتقلين الفلسطينيين للتعذيب النفسي والجسدي إضافة إلى حرب التجويع، حيث أوضح أنّه خلال شهرين لم تكن حصة المعتقل من الطعام سوى رغيف خبز واحد يومياً.
وأضاف أنّ الجرحى والمرضى لم يتلقوا أي رعاية طبية، بل إنّ الأطباء الإسرائيليين ساهموا في ضربهم وتعذيبهم، خلافاً لكل الأعراف الإنسانية والمواثيق الطبية.
تحريض إسرائيلي
زأحدث الإفراج عن أبو سلمية، موجة غضب في أوساط الاحتلال، وطالب وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير بإقالة رئيس الشاباك وإعادته إلى منزله، باعتباره المسؤول عن إطلاق سراحه.
وأوعز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بإجراء تحقيق بشأن إطلاق سراح أبو سلمية، مدّعياً أنّه لم يكن على علم بقرار الإفراج الذي عدّه “خطأ جسيماً وفشلاً أخلاقياً”. كما نفى وزير الجيش يوآف غالانت أيّ علم له بالقرار.
ومن ناحيته، اتهم جهاز الشاباك إيتمار بن غفير بالمسؤولية عن الإفراج عن الأسرى الغزيين، مشيراً إلى أنّ هناك نقصاً بأماكن الاعتقال لذا تقرر إطلاق المعتقلين الأقل خطراً.
أمّا بيني غانتس، فعلق على الأمر بقوله: “هذه الحكومة لا تستحق إدارة الحرب وعليها الاستقالة، ومن اتخذ قرار الإفراج عن أبو سلمية يجب أن يقال فوراً”.
كما هاجم قرار الإفراج عن مدير مستشفى الشفاء كلّ من وزير الاتصالات شلومو كرعي، وزعيم حرب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان.
من جانبه، أشار المحامي والحقوقي خالد محاجنة، إلى أن “ما حصل اليوم في غزة مهزلة بخصوص الإفراج عن المعتقلين لكون الإفراج يكون بأمر من المحكمة الإسرائيلية من وحدات التحقيق بمعنى لا يمكن للأسير أن يخرج لوحده إلا بقرار واضح من وحدة التحقيق أي المخابرات الإسرائيلية إلى ضابط المنطقة. وبناء عليه تم الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين”.
وأضاف في حديث للتلفزيون العربي: “الكل يحاول في إسرائيل التملص من عملية الإفراج عن المعتقلين وعلى رأسهم أبو سلمية، رغم أن عملية الإفراج قانونية”.
تحذير حقوقي
أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن قلقه من خطر بالغ إزاء سلامة مدير مستشفى الشفاء بعد الإفراج عنه، مؤكّداً أنّ التحريض الإسرائيلي على الطبيب أبو سلمية يثير مخاوف جدية على حياته.
كما حذر من احتمال إعادة اعتقال الطبيب أبو سلمية أو استهدافه وقتله بشكل مباشر ومتعمد، إثر حملة التحريض التي أطلقها كبار المسؤولين الإسرائيليين ضد الإفراج عنه.
وأوضح المرصد الحقوقي أنّ “إطلاق سلطات الاحتلال سراح الطبيب أبو سلمية اليوم مع عدد من الكوادر الطبية من دون توجيه أي اتهامات ضده يضيف دليلاً آخر على أنّ الذرائع التي ساقها الجيش لاقتحام ومحاصرة مجمع الشفاء وتدميره كانت حججاً واهية، لا أساس لها من الصحة”.
وأضاف: “يؤكد ذلك أن الهدف الحقيقي من وراء اقتحام مجمع الشفاء واعتقال الأطباء والمسؤولين فيه هو تدمير أحد أبرز مكونات القطاع الصحي في غزة لحرمان الفلسطينيين من أية فرصة للعلاج والنجاة وحتى الإيواء”.
وحمل المرصد الأورومتوسطي “إسرائيل المسؤولية الكاملة عن حياة الطبيب أبو سلمية”، مؤكداً أنّ “أي مساس بحريته وسلامته الشخصية أو تعريضه لأي خطر تتحمل مسؤوليته السلطات الإسرائيلية التي تشن حملة سياسية وإعلامية واسعة ضده”.
ومن الجدير ذكره، أنّ الدكتور محمد أبو سلمية ظهر صامداً متماسكاً بعد الإفراج عنه، وحرص على التأكيد أنّه سيعمل على إعادة بناء مجمع الشفاء الطبي أفضل مما كان عليه.
من هو د. أبو سلمية؟
محمد أبو سلمية طبيب أطفال فلسطيني من مواليد عام 1973 في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة. تولى منصب المدير الطبي لمستشفى النصر للأطفال بمدينة غزة عام 2007، ثم تولى إدارة مستشفى الرنتيسي للأطفال بالمدينة نفسها عام 2015، وبعدها أصبح مديراً لمستشفى الشفاء عام 2019.
وكان يرأس مؤتمرات طب الأطفال التي تعقد في قطاع غزة، وكان يشارك في مؤتمرات طبية خارج القطاع، آخرها مؤتمر علمي يجمع وزارة الصحة في غزة والضفة الغربية في القاهرة عام 2023، وكان برعاية المكتب الإقليمي لشرق البحر المتوسط.
وعمل أبو سلمية على تطوير مستشفى الشفاء من خلال ترميم المباني القديمة وإعادة تأهيلها وجلب أجهزة طبية حديثة إليها بتمويل من مؤسسات دولية ومحلية.
“}]]