[[{“value”:”
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام
في ظل الصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية في وجه العدوان الإسرائيلي الهمجي على غزة، تتصاعد الدعوات إلى أنّ حلّ الدولتين هو المثل لتسوية الصراع. وفي هذه الأثناء، تمّ الكشف عن خطة سرية للوزير المتطرف سموتريتش، تهدف لتعزيز السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة، وإجهاض أي أمل في إقامة الدولة الفلسطينية.
وبينما يحاول بعض المسؤولين العرب والفلسطينيين وصف الوزير الإسرائيلي بالكائن المتطرف ليتهرّبوا من مواجهة الحقيقة، يرى معظم المحللين والمتابعين أنّ هذه الخطة تقود إلى مرحلة السيطرة الكاملة على الضفة وتجريدها من أي صفة فلسطينية.
أمّا سموتريتش نفسه فقال ردّاً على تحقيق بشأن خطته السرية للسيطرة على الضفة: “التحقيق لم يكشف أسراراً، والجمهور الإسرائيلي بأغلبيته الساحقة يدرك أنّ إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية من شأنه تعريض وجود إسرائيل للخطر”، وهو ما سيحاربه بكل قوّته، حسب قوله.
تفاصيل الخطة
كشف تسجيل صوتي حصلت عليه صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية عن خطة سرية لوزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، لتعزيز السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية المحتلة وإجهاض أي محاولة لجعلها جزءاً من الدولة الفلسطينية.
وخلال لقاء مع مجموعة من المستوطنين يوم 9 يونيو/ حزيران الجاري قال سموتريتش إن “حكومة بنيامين نتنياهو منخرطة في خطة سرية لتغيير الطريقة التي تحكم بها الضفة الغربية، لتعزيز سيطرة إسرائيل عليها بشكل لا رجعة فيه، بدون اتهامها بضمها رسمياً”.
وأكّد سموتريتش أنّ الهدف الرئيسي لهذه الخطة هو منع الضفة الغربية من أن تصبح جزءا من الدولة الفلسطينية، قائلاً: “أقول لكم إنه أمر درامي للغاية، مثل هذه التغييرات تشبه تغيير الحمض النووي للنظام”.
ويظهر التسجيل الصوتي أن سموتريتش وضع خطة واضحة لانتزاع السيطرة على الضفة الغربية بالتدريج من أيدي الجيش الإسرائيلي وتسليمها إلى موظفين مدنيين يعملون تحت إمرته في وزارة الدفاع.
ويتابع الوزير المتطرف: “لقد أنشأنا نظاماً مدنياً منفصلاً، لكن الحكومة سمحت في الوقت نفسه لوزارة الدفاع بأن تظل منخرطة في العملية حتى يبدو للعالم أن الجيش لا يزال في قلب الحكم في الضفة الغربية، وبهذه الطريقة سيكون من السهل ابتلاع الضفة دون أن يتهمنا أحد بأننا نقوم بضمها”.
نقل الصلاحيات
ويبدو أنّ خطة سموتريتش قد بدأ تطبيقها فعلياً على أرض الواقع، فقد أكّدت صحيفة جارديان في تقرير لها أنّ الجيش الإسرائيلي نقل صلاحيات قانونية كبيرة في الضفة الغربية إلى موظفي الخدمة المدنية المؤيدين للمستوطنين والعاملين لدى الوزير اليميني المتطرف سموتريتش.
وقالت الصحيفة إنّ سموتريتش وحلفاءه طالما تمسكوا بأن السيطرة على الإدارة المدنية أو أجزاء كبيرة منها تشكّل وسيلة لتوسيع السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية، و”هدفهم النهائي هو السيطرة المباشرة من قبل الحكومة المركزية ووزاراتها”.
وأضافت الصحيفة أنّ هذا التطور “يقلل احتمالية فرض ضوابط قانونية على توسيع المستوطنات وتطويرها”.
وجاء في التقرير أن السياسيين الإسرائيليين سعوا منذ فترة طويلة إلى إيجاد طرق للاستيلاء بشكل دائم على الضفة الغربية أو ضمها منذ احتلالها عام 1967.
يشار إلى أن الإدارة المدنية هي المسؤولة بشكل أساسي عن التخطيط والبناء في المنطقة (ج) من الضفة الغربية، أي 60% من الأراضي الفلسطينية المحتلة الخاضعة للسيطرة الإدارية والأمنية الإسرائيلية الكاملة.
خديعة حل الدولتين
يقول الكاتب خليل الآغا إنّ “هذا المخطط الجهنمي الذي عكف عليه سموتريتش، حتى قبل السابع من أكتوبر بفترة طويلة، هو رسالة للسذج والرومانسيين من الفلسطينيين والعرب ودول العالم التي تريد نموذج الضفة الغربية الذي تقوده السلطة الفلسطينية العاجزة وتسوّق له ليل نهار”.
ويحذّر الآغا من أنّ سموتريتش يتم التعامل معه إعلامياً بوصفه متطرفاً وبالتالي لا حاجة لسماع آرائه، بينما هو من أخطر الشخصيات التي تعمل بصمت، مشيراً إلى أنّه صاحب تخطيط استراتيجي دقيق، يعمل ليل نهار ويستنفر الطاقات والامكانيات لتحقيق هذه الاستراتيجيات.
وفي تعليقه على إعلان بعض الدول اعترافها بدولة فلسطين، يرى الآغا أنّ هذه الخطوة، على رمزيتها، جعجعة دبلوماسية لا تجلب طحيناً البتة، مبرّراً ذلك بأنّ مخطط سموتريتش يفرّغ مشروع الدولة الفلسطينية من مضمونه.
ويضيف أنّ حدود 1967 لم يعد له أثر من الناحية العملية، وحلت محلها مدن وشوارع ومزارع استيطانية هائلة. وبالتالي، سيكون من المستحيل الوصول إلى “حل الدولتين” بعد تطبيق خطة سموتريتش التي يبدو أنها وصلت مراحلها النهائية.
المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية تقضم أراضي الفلسطينيين
ويوضح الآغا أنّ حلّ الدولتين تم تسويقه للفلسطينيين بشكل مخادع في المحافل الدولية منذ توقيع اتفاقية أوسلو، التي رأى فيها الراحل ياسر عرفات فرصة لوضع قدم للفلسطينيين على الأرض وانتزاع الحقوق انتزاعاً. وهو ما أدرك استحالته متأخراً، ليتم التخلص منه من قبل أمريكا وإسرائيل.
ويؤكّد أنّ مشروع التخلص من مقاومة غزة كان مخططاً له منذ فترة طويلة، وذلك ما تكشفه تصريحات سموتريتش قبل السابع من أكتوبر بضرورة عودة الاستيطان إلى غزة، وهو أمر مستحيل في ظل وجود فصائل المقاومة، إلا إذا تمّ القضاء عليها وليس إضعافها.
ويختم الآغا تعليقه بأنّ عملية طوفان الأقصى كانت ضربة استراتيجية لهذا المخطط، وأعادت إحياء جذوة المقاومة التي كادت أن تخبو في غزة، فضلاً عن أنّ الضفة كادت أن تتحول إلى “كيبوتس” كبير، خاضع تماماً للاحتلال وقبضته الأمنية على مدار الساعة.
مواجهة الخطة فلسطينياً
من جهته، يرى الكاتب ماجد عزام أنّ الدّور الفلسطيني هو العامل الأهمّ في مواجهة خطة سموتريتش، مشيراً إلى نموذج حوارة، ويعني به الصمود والمقاومة بكلّ أشكالها حتى المسلحة منها.
وفيما يؤكّد عزام أنّ المقاومة الفردية أكثر جدوى ونجاعة وأقل كلفة، فإنّه يشير أيضاً إلى دور المقاومة الشعبية التي أثبتت فعاليتها في كبح جماح المستوطنين، كما في نماذج جبل صبيح وبرقة والقدس والمسجد الأقصى، فهي كما يقول الكاتب تظهر الصراع على حقيقته مع سموتريتش والمؤسسة الإسرائيلية الاستعمارية بشكل عام.
عملية حوارة الفردية التي قتل فيها مستوطنان
وفي السياق ذاته، يرى عزام ضرورة الحفاظ على السلطة الفلسطينية لتقوم بدورها في إدارة الصراع مع الاحتلال سياسياً ودبلوماسياً وشعبياً، مستدركاً أنّ ذلك يجب أن يسبقه إصلاح السلطة من خلال إجراء انتخابات شاملة تفرز قيادة شرعية تمثل الشعب الفلسطيني، وتكون قادرة على مواجهة مخططات الاحتلال.
حماس تستنهض الضفة
من جهتها، قالت حركة حماس إنّ مخطط ضم الضفة الغربية يؤكد التوجهات الفاشية لحكومة نتنياهو المتطرفة، ويظهر حجم المخاطر التي تتهدد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وأرضه وقدسه ومقدساته.
ودعت إلى ضرورة التوحُّد خلف خيار المقاومة لمواجهة هذه الإجراءات، ومقارعة المحتلّ.
وطالبت المجتمع الدولي بالتحرك العاجل والضغط على حكومة المتطرفين الصهاينة لوقفها، ومحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم بحق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، وما يرتكبونه من إبادة جماعية في قطاع غزة.
وشدّدت الحركة على ضرورة أن يواصل أبناء الضفة الانتفاض في وجه الاحتلال الصهيوني وجيشه ومستوطنيه، وتفعيل كافة أدوات المقاومة، حتى كسر هذه المخططات، وإنهاء الاحتلال.
“}]]