هذا ما رجع به الهدهد

[[{“value”:”

عنوان الفيديو الذي بثه حزب الله لإحدى مسيراته ومدته 9 دقائق و31 ثانية، حيث قامت طائرة الهدهد المسيرة بتصوير مشاهد دقيقة ومفصلة لبنك من الأهداف الاستراتيجية والهامة في الشمال وبالذات في منطقة حيفا.

وقبل الحديث عن الرسائل المباشرة و”المرمزة” من هذه المقاطع التي جرى بثها عبر هذا الفيديو، وما صوره من بنك أهداف استراتيجية وحيوية اسرائيلية، لا بد من التعريج إلى ما قالته الصحافة ووسائل الإعلام الإسرائيلية حول عملية “الهدهد”.

فعلى سبيل المثال لا الحصر سخرت القناة الرابعة عشرة “العبرية” من بيانات الناطق العسكري للجيش الإسرائيلي حول ما عرف بصفارات الإنذار الكاذبة لتحليق مسيرات لحزب الله فوق حيفا، ولتكن تلك “الإنذارات الكاذبة” تصوير خليج حيفا ومناطق استراتيجية حساسة في الشمال، وكذلك قال الإعلام الإسرائيلي أن الجيش الإسرائيلي مطالب بالإجابة على كيفية نجاح مسيرة حزب الله في التحليق فوق الوسائل الأبهظ ثمناً للجيش الإسرائيلي وهي ترسو في ميناء حيفا.

وكذلك سخر هذا الإعلام من رد الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، كما جاء في موقع “واللا” العبري من قوله، بأنه جرى رصد ثلاث مسيرات لحزب الله فوق خليج حيفا، واحدة سقطت في البحر، والأخرى اختفت عن شاشات الرادار، والثالثة كانت صغيرة الحجم ومعدة للتصوير، ولم تكن تحمل صواريخ هجومية، وعملية إسقاطها قد تثير الهلع بين السكان، أو أن إسقاطها، وما ينتج عن ذلك من شظايا قد تؤدي إلى خسائر مادية أو بشرية.

وقالت الصحافة الإسرائيلية أيضا أن حزب الله الذي حرص على أن يهدأ وينام الشمال يومين، وهذا ما دعا إليه نائب رئيس بلدية “كريات شمونه” السابق لكي يقول شكراً ل”رئيس حكومة الشمال” حسن نصر الله الذي منحنا إجازة يومين، ولكن اتضح بأن فترة الهدوء والإجازة تلك استغلها حزب الله في تصوير جميع مواقعنا الاستراتيجية في خليج حيفا بأكمله.

هذا الفيديو عندما نشرته المقاومة أرادت لرسائله أن تصل، وما ظهر فيه من صور وكلمات ورموز وطريقة عرض لها معان وأبعاد يراد لها أن تنشر، والنشر هنا لا يعني إفشاء أسرار جلبها “الهدهد”، وما حصل عليه الحزب من كنز معلومات تتصل بخطط اسرائيل واستعداداتها للحرب وغيرها من المعلومات الحساسة والدقيقة التي لم يكشف عنها الحزب.

مجموعة الرسائل المباشرة التي أراد حزب الله إيصالها من خلال هذا الفيديو، تقول لقادة دولة الإحتلال “إننا نعرف عنكم أكثر مما تعرفون عن أنفسكم، وإننا موجودون عندكم في البر والبحر والجو، ونخطط لما هو لاحق، وقادرون أن نوجه لكم ضربات قاصمة وقاسية، فكل شيء عندكم من الأشد سرية وحساسية وخطر، أمام أعيننا وتحت نيران المقاومة وقدراتها في إصابته والوصول إليه، فالطائرة أو الطائرات التي صورت، وحددت الأهداف بدقة وبوضوح، بأمكان مثيلاتها التي تحمل الصواريخ أن تنقض أو تطلق الصواريخ على تلك الأهداف، ويمكن لهذه الصواريخ أن تصل، والمقصود هنا إلى حيفا، حيث المنشآت العسكرية الحساسة والتجمع السكاني الأضخم والعمق الإقتصادي المؤثر.

ومن الرسائل المراد إيصالها هنا، إنكم ومثلما تحلقون في أجوائنا، فنحن قادرون أن نحلق في أجوائكم وأن تهديداتكم بتوسيع دائرة الحرب على لبنان، جوفاء وفارغة، ونحن تقصدنا أن يتزامن نشر هذا الفيديو مع وجود الوسيط الأمريكي هوكشتاين، والذي كان يحمل رسائل تهديد إسرائيلية بتوسيع الحرب على لبنان، إذا لم يقم الحزب بتخفيض مستوى التصعيد، والقول “أن حزب الله لا يخشى التصعيد الإسرائيلي” ، وأن الحزب غير معني بحرب شاملة ولا يسعى إليها، ولكن لا يخشها إذا فرضت عليه، وسيخوضها بكل طاقاته وإمكانياته وقدراته، وبدون قواعد وضوابط وسقوف، وأنه ملتزم بقواعد الاشتباك لمديات 5 – 10 كم من الحدود، ولكنه يضطر للخروج عن تلك القواعد، عندما يقوم جيش الاحتلال بعمليات استهداف للمدنيين وتوسيع نطاق الاستهداف، كما حصل بقصف أهداف في بلعبك والهبارية وأطراف صور، وكذلك القيام بعمليات اغتيال لقادة ونشطاء، كما حصل في عمليات اغتيال الشيخ صالح العاروري ووسام الطويل والحاج عبدالله وسام طالب “أبو طالب”، فهنا الحزب ملزم بتوسيع المديات الجغرافية والأهداف المستهدفة ونوعية الصواريخ والنيران المستخدمة في الرد.

رسالة الحزب تقول “إذا لم يخفض جيش الاحتلال من مستوى نيرانه ولم يتوقف عن استهداف المدنيين، وعن عمليات الاغتيال، فحيفا وما فيها من مرابض للغواصات والسفن الحربية والمجمعات البتروكيماوية ومجمعات اقتصادية وتجارية وتجمعات سكانية كبرى، وميناء ومطار ومخازن لمحركات الصواريخ وقبب حديدية ومصانع حربية “رفائيل”، ومحطات كهرباء وغيرها، ستكون ضمن الأهداف التي سيستهدفها الحزب في رده.

حزب الله لن يوقف النار والتصعيد على جبهة الشمال، ما لم تتوقف الحرب على قطاع غزة، فغزة مربط الفرس والحل.

حزب الله يستخدم أيضا الحرب النفسية في هذا الفيديو للتأثير على معنويات سكان الشمال، وهز ثقتهم بالقيادات الإسرائيلية بمستوياتها المختلفة العسكرية والأمنية والسياسية، والقول لهم أن قياداتهم تمارس الكذب والخداع معهم وغير قادرة على إعادتهم إلى مستوطناتهم.

المسؤول السابق في “الشاباك”، شالوم بن حنان قال، إنّ الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، “يشعر بالثقة أكثر وأكثر كلّما طالت المعركة، لأنّ طابع القتال يسمح لحزب الله بتحقيق إنجازات طوال الوقت، في ظل وجود حرب استنزاف”، وأن نصر الله يوقف الحرب برغبة منه، وبرغبة منه يستأنفها.

في المعاني المرمزة، جرت الاستعارة باسم “الهدهد”، حيث ورد في القرآن الكريم في صورة النور “إن كل شيء في الكون يصلي ويسبح لله بطريقته، وإن الطيور بتصفيق جناحاتها تؤدي صلاتها، وإنها في حالة طيران طويل، وهذا يعني أن طائرة “الهدهد” المسيرة تطير مسافات طويلة، وهي التي صورت عن كثب تفاصيل التفاصيل في حيفا، وكذلك معروف أن الهدهد كما ورد في القرآن جاء للنبي سليمان يحمل أخبار الأعداء، أحاط بما لم تحط به أنت وجنودك، و”جئتك من سبأ بنبأ يقين”، أي علمت بما لم تعلم به. والطائرة الهدهد هنا نقلت للمقاومة تفاصيل لم تنشر في الفيديو، تحيطها بمعلومات جديدة خطيرة، تشبه ما نقله الهدهد للنبي سليمان عن استعدادات الحرب في مملكة سبأ، وملكتها بلقيس، وقادة الاحتلال يعلمون ما هي الأسرار التي باتت بحوزة المقاومة، وتتصل بالحرب المقبلة، والهدهد حسب النص القرآني، مكث في مكان غير بعيد، والمكوث هنا بالمعنى الزماني وليس المكاني، بمعنى أنه لم يهبط ويستقر، وهذا دلالة على نوعية الطائرة المستخدمة في التصوير، بأنها قادرة على الطيران لساعات بدون توقف أو لربما لعدة ايام، لكي تنجز مهمة التصوير وتأتي للحزب وقيادته بالخبر اليقين. وكذلك لا ننسى أن الشريط المبثوث حمل وصف “الحلقة الأولى”، أي أن هناك حلقات أخرى تحمل ما هو جديد من معلومات مهمة لحزب الله.

شريط “الهدهد” في حلقته الأولى يؤكد على قدرات وإمكانيات حزب الله الاستخبارية، وأنه نجح في جسر الهوة مع الاحتلال في فجوتين تكنولوجيتين، الصواريخ والطائرات المسيرة التي يصعب التغلب عليهما، وما حصل يشكل فشلا أمنيا واستخباريا كبيرين لجيش الاحتلال وأجهزته الأمنية، وهذا يضع علامات استفهام كبرى على إمكانية تحقيق الاحتلال لأي نصر عسكري في أية حرب قد يشنها على لبنان وحزب الله، بل ربما هذه الحرب تشكل خطرا وتهديدا وجوديين على اسرائيل.

المسؤول السابق في “الشاباك”، شالوم بن حنان قال، إنّ الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، “يشعر بالثقة أكثر وأكثر كلّما طالت المعركة، لأنّ طابع القتال يسمح لحزب الله بتحقيق إنجازات طوال الوقت، في ظل وجود حرب استنزاف”، وأن نصر الله يوقف الحرب برغبة منه، وبرغبة منه يستأنفها.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة