بيت لحم -PNN- قال الباحث الاقتصادي والخبير في الشؤون الاقتصادية مؤيد عفانة إن ما قامت به سلطات الاحتلال الإسرائيلي يوم أمس، من مصادرة نحو 7 ملايين شيقل نقدًا، وذهب بقيمة تُقدّر بـ6 ملايين شيقل، واعتقال 30 مواطنًا خلال اقتحام محلات الصرافة والذهب في الضفة الغربية، يُعدّ “قرصنة ممنهجة تهدف إلى خنق الاقتصاد الفلسطيني وخلق بيئة طاردة للاستثمار”.
وأوضح عفانة، في حديثه لـPNN، أن هذا التصعيد الإسرائيلي يُعبّر عن نهج مدروس تتبعه حكومة الاحتلال بقيادة بنيامين نتنياهو، وإيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش، ويهدف إلى إضعاف البنية الاقتصادية الفلسطينية من خلال ضرب أدواتها الحيوية.
وأكد عفانة أن ما يجري يأتي في سياق خطة معلنة منذ عام 2017، وضعها سموتريتش، وتسعى إلى “تغيير ديناميكيات الواقع الفلسطيني” بشكل جذري، على حد وصفه، من خلال ضرب الأسواق وحرمان الفلسطينيين من أي شعور بالأمان الاقتصادي.
وأشار إلى أن بروتوكول باريس الاقتصادي، الموقع عام 1994، ينص في مادته رقم (19) على أن سلطة النقد الفلسطينية هي الجهة المسؤولة عن تنظيم ومراقبة عمل محال الصرافة، وهي جهة محوكمة تخضع لمعايير دولية ووطنية صارمة، وتقوم بأداء واجبها في التفتيش والمتابعة بشكل فعّال.
وأضاف: “لم تثبت على أي من المحال التي تمت مداهمتها أو مصادرة أموالها، أية تهم تتعلق بتمويل الإرهاب أو تبييض الأموال. ما يحدث هو تنفيذ لخطة إسرائيلية متدرجة تهدف إلى خلق واقع اقتصادي خانق وطارد، يثني الفلسطينيين عن التفكير بالاستثمار أو حتى الاحتفاظ بأموالهم داخل منازلهم”.
وأوضح عفانة أن تأثير هذه الهجمة يتجاوز مجرد الخسائر المادية، إذ إنها تبعث برسالة تهديد واضحة للمستثمرين المحليين والخارجيين بأن الاستثمار في فلسطين محفوف بالمخاطر. وتابع: “رأس المال بطبعه جبان، وإذا فُقد عنصر الأمان، سيتجه المستثمرون إلى دول أخرى كالأردن أو تركيا أو غيرها”.
وطالب الخبير الاقتصادي السلطة الوطنية الفلسطينية بالتحرك العاجل لرفع دعاوى قانونية ضد إسرائيل أمام مؤسسات التحكيم التجاري والدولي والمؤسسات النقدية العالمية، داعيًا المجتمع الدولي إلى التدخل لوقف هذه الانتهاكات الاقتصادية التي تمس جوهر الاتفاقيات الموقعة.
وحذّر من تداعيات قرار الاحتلال عدم استقبال فائض الشيقل من البنوك الفلسطينية، ما قد يؤدي إلى تفاقم أزمة السيولة، وفتح الباب أمام السوق السوداء، وهو ما من شأنه أن يُرهق المواطنين ماليًا ويُفاقم الأزمة المعيشية.
وبيّن عفانة أن الاقتصاد الفلسطيني كان يسير باتجاه إيجابي نسبيًا قبل الحرب، لكنه تلقى ضربة قاسية عقب اندلاع العدوان، حيث ارتفعت نسبة البطالة إلى نحو 51%، وانكمش الناتج المحلي بنسبة 28%، وفُقدت نحو 507 آلاف وظيفة، منها أكثر من 6 آلاف وظيفة لنساء كنّ يعملن داخل أراضي الـ48 والمستوطنات.
وأضاف: “الدورة الاقتصادية انكمشت، والاستثمار تراجع، والسيولة تقلّصت بشكل كبير. نحن أمام مشهد اقتصادي قاتم يلقي بظلاله على كل مناحي الحياة الفلسطينية”.
وتطرّق عفانة إلى التحديات اليومية التي تواجه الفلسطينيين في الضفة الغربية، مشيرًا إلى وجود أكثر من 800 حاجز وبوابة عسكرية تقطع أوصال المدن والقرى، وتمنع أي تواصل اقتصادي طبيعي. وقال: “حتى داخل المدن، باتت الحواجز جزءًا من الحياة اليومية، كما هو الحال في جنين، حيث يمكن أن تجد ثلاث حواجز في محيط قرية صغيرة لا تُشكّل أي تهديد أمني لإسرائيل”.
وختم عفانة حديثه بالتأكيد على أن “ما يجري في قطاع غزة هو حرب إبادة مباشرة، أما ما يجري في الضفة الغربية فهو حرب اقتصادية صامتة، تهدف في جوهرها إلى تفريغ الأرض من سكانها عبر الضغط المالي والتجويع والتخويف، ضمن خطة إسرائيلية شاملة وممنهجة.