هانوي – أ ف ب: أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإثنين التزامه بنظام عالمي “يرتكز على القانون” من فيتنام، المحطة الأولى لجولته في منطقة جنوب شرقي آسيا التي تشهد تنافساً متزايداً على النفوذ التجاري بين الولايات المتحدة والصين.
وتطرق الرئيس الفرنسي خلال اجتماعه مع نظيره الفيتنامي لونغ كوونغ إلى “عودة خطاب القوة أو الترهيب”، ما يتطلب العمل “معا” من أجل “الحفاظ على نظام يرتكز على القانون”.
وتدعو فرنسا إلى ما تسمى استراتيجية “المسار الثالث” في منطقة تشهد تجدداً للتوترات بين بكين وواشنطن منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وتأمل باريس بأن تجد هذه الاستراتيجية صدى في فيتنام.
وأكد ماكرون خلال لقاء مع الأمين العام للحزب الشيوعي تو لام الذي يتمتع بنفوذ كبير في البلاد، أن “فرنسا صديق معروف وأمين وموثوق (…) وفي المرحلة التي نعيشها، فإن هذا بحد ذاته ذو قيمة كبيرة”.
وفي حين يربط فرنسا وفيتنام تاريخ استعماري لطالما كان مؤلما بالنسبة إلى هانوي، ما زال الوجود التجاري لباريس هامشيا في هذا البلد الذي يشهد نموا سريعا مرده إلى ارتفاع الصادرات لا سيما النسيج والالكترونيات.
ووقّع الإثنين أكثر من 12 اتفاقا في مجالات عدة منها النقل والأقمار الاصطناعية والطاقة النووية، في وقت تسعى الدولة الآسيوية التي تعتمد على الوقود الأحفوري إلى تلبية الحاجات المتزايدة لسكانها البالغ عددهم 100 مليون نسمة.
وأعلنت شركة الطيران المنخفضة الكلفة “فيت جيت إير” أنها طلبت شراء 20 طائرة من طراز إيرباص A330-900، بالإضافة إلى طلبية مماثلة لشراء 20 طائرة تم توقيعها العام الماضي مع الشركة الأوروبية العملاقة لصناعة الطائرات.
وقال ماكرون “إنها صفحة جديدة تُكتب بين بلدينا (…) إنها رغبة في كتابة صفحة أكثر طموحا في العلاقة بين فيتنام وفرنسا، بين رابطة دول جنوب شرق آسيا والاتحاد الأوروبي”.
ووصل ماكرون إلى هانوي مساء الأحد برفقة زوجته بريجيت، في مستهل جولة في جنوب شرقي آسيا ستقوده إلى أيضا إندونيسيا ثم سنغافورة.
وتناول ماكرون الغداء مع تو لام الذي استضافه في باريس في تشرين الأول/أكتوبر، في معبد الأدب، وهو نصب تذكاري مخصص لكونفوشيوس ويرمز إلى الثقافة الفيتنامية، حيث حضرا عرضا تقليديا للموسيقى والرقص.
وتعرض لام لانتقادات من مجموعات حقوقية بسبب قيامه بحملة قمع واسعة النطاق ضد معارضيه.
ووثقت هيومن رايتس ووتش سجن أكثر من 170 معارضا سياسيا في البلاد، بينهم مدونون وناشطون بيئيون.
ويؤكد الرئيس الفرنسي باستمرار أنه يفضل بحث هذه المواضيع الحساسة خلف الأبواب المغلقة، خصوصا أن الإليزيه يأمل في “تعزيز التعاون في القطاعات الاستراتيجية مثل الطاقة والنقل والدفاع” مع فيتنام.
وأشار مسؤول كبير في الخارجية الفرنسية إلى أن “فيتنام تقف حقا على خط المواجهة في التوترات المتزايدة في بحر الصين الجنوبي”.
ويأتي ذلك فيما تجري هانوي مفاوضات لتجنب الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنسبة 46% قبل تعليقها. وتمثل الولايات المتحدة نحو ثلث صادرات فيتنام.
وأصبحت “استراتيجية منطقة المحيطين الهندي والهادئ” التي أعلنها ماكرون العام 2018 والتي روج لها خلال زياراته للهند والمحيط الهادئ والمحيط الهندي، أصبحت أكثر أهمية الآن بحسب باريس، منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض وتهديداته التجارية.
ويتعين على الرئيس الفرنسي توجيه رسالة إلى الجميع بشكل غير مباشر.
أمام الرئيس الأميركي، دافع عن “قواعد التجارة الدولية” بدلا من “قانون الغاب”، بحسب أحد مستشاريه.
كما دعا قبل بدء جولته، نظيره الصيني شي جينبينغ إلى ضمان “ظروف تنافسية عادلة”، مؤكدا أن بلاده شريك “موثوق” يحترم “سيادة” دول المنطقة.
وبالنسبة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أكد ماكرون لدول مثل فيتنام وإندونيسيا، لطالما اتجهت نحو موسكو للتزود بالاسلحة لكنها تسعى الآن إلى تنويع مصادرها لأن روسيا، من خلال الحرب التي تخوضها في أوكرانيا بدعم من الجنود الكوريين الشماليين، باتت “تزعزع استقرار آسيا” وليس أوروبا فحسب.
وفي فيتنام قد تجد استراتيجية “توازن القوى” صدى، فالدولة الآسيوية حريصة على تحقيق التوازن في علاقاتها مع الصين والولايات المتحدة، من أجل رعاية مصالحها التجارية قدر المستطاع، بما يتماشى مع سياستها المسماة “دبلوماسية الخيزران”.