المصور الصحافي أسامة السلوادي: من تصوير جبال سلواد.. إلى لقب “عين فلسطين”.. والجوائز العالمية

 ​   

رام الله/PNN- سحر الكاميرا، والإصابة، والإرادة، كانت العناصر التي غيرت حياته للأبد، ليعمل بشغف ودون أي سقف ويسجل التميز، لتتوالى النجاحات التي يصنعها، إنه المصور الصحافي أسامة السلوادي والملقب بعين فلسطين..

البدايات في التصوير

بدأ الشغف لدى المصور الصحافي أسامة السلوادي في سن مبكرة، حيث برز اهتمامه بالتصوير الفوتوغرافي عندما كان في السابعة عشرة من عمره، يقول: (سحرتني هذه الآلة-الكاميرا، التي تخلد اللحظات، وتعيدها لنا على شكل صور، يمكننا العودة لها في أي زمن). فكانت بداية اهتمامه بالتصوير الفوتوغرافي نابعة من اهتمامه بتصوير الطبيعة في بلدته سلواد شمال مدينة رام الله، وهي بلدة جميلة ذات طبيعة جبلية خلابة، حيث أمضى طفولته فيها وقضى جلّ وقته  متنقلا في جبالها، وكان يراقب الطيور والزهور، والحياة البرية.

ومن هنا كان دافعه الأول للتصوير، المتمثل بشغفه بتوثيق جمال الطبيعة، يوضح السلوادي: بعدها بدأت أهتم بتصوير حياة الناس اليومية، والعادات والتقاليد، ثم جاءت الانعطافة الكبيرة في حياتي حيث تحولت للعمل في التصوير الصحفي، الذي أخذ سنوات طويلة من حياتي المهنية.

رسالته من نقل وتوثيق الصورة

يشير السلوادي إلى أنه عندما تحول من تصوير الطبيعة والزهور إلى العمل في التصوير الصحفي، كانت الانتفاضة الأولى 2000 (انتفاضة الحجارة) في بداياتها، وكان عدد المصورين الصحفيين الفلسطينيين قليل، فقد لمس الحاجة لوجود المزيد من المصورين الفلسطينيين، لحمل صورة فلسطين إلى العالم، وكان هدفه الأساسي هو نقل معاناة شعبنا للعالم بعيون فلسطينية..  

المؤسسات التي عمل معها
مع انطلاق عمله في مهنة التصوير الصحافي، كانت البداية في صحف ومجلات محلية كمصور مستقل، يعمل بالقطعة، مثل جريدة مساء البلد، وجريدة القدس، ثم لاحقًا الحياة الجديدة، وبعدها كبير مصوري جريدة الأيام، وبعد فترة التقى بمدير التصوير في الوكالة الفرنسية الذي طلب منه العمل معهم، وكان ذلك بالعمل مع الوكالة الفرنسية لعدة أعوام، ومن ثم انتقل إلى وكالة رويترز، ثم وكالة غاما الفرنسية، حتى أصيب عام 2006. ليعمل فيما بعد بمهمات صحفية للعديد من المجلات الكبرى مثل مجلة تايم، ومجلة نيوزويك، ومجلة ناشيونال جيوغرافيك، وعدد آخر من الصحف والمجلات والمؤسسات الصحفية العالمية.

العقبات والمخاطر التي تواجه المصورين في فلسطين 

أكد السلوادي أن أبرز العقبات التي يواجهها الإعلام في فلسطين، هو وجود الاحتلال الذي يضيق على الصحفيين، بالاستهداف المباشر المباشر، والاعتقال، ومنع التنقل، إضافة إلى غياب الدور النقابي الفاعل الذي يدافع عن حقوق الصحفيين، ويجبر المؤسسات على توقيع العقود، والتأمينات وغيرها من الحقوق المهنية التي تغيب عن قطاع الصحافة في فلسطين.

ما يواجهه المصورون جراء الاحتلال

يقول السلوادي إن المصور الصحفي هو ابن الميدان، لا يمكنه العمل من المكتب، عليه أن يكون في وسط الأحداث، وهذا سبب احتكاكه بقوات الاحتلال التي تحارب الصورة، لمعرفتها بأهمية الصور في العصر الحديث، لذلك تحارب المصور الصحفي الفلسطيني، في محاولة لمنعه من نقل الأحداث، لآنه الأقدر على نقل الصورة الحقيقية، لأنه ابن البيئة وابن الشعب الفلسطيني وهو ابن الثقافة والتقاليد، لذلك يحاربه الاحتلال، ويحرص على منعه من الوصول للأحداث، وكثيرا ما يستهدفه الاحتلال بالسجن والقتل والإصابة والتضييق.

أما ما يواجهه المصورون من انتهاكات لحقوقهم من قبل المؤسسات
أكثر من يواجه المصور الصحفي وخاصة من يعملون من المؤسسات الصحفية المحلية، هو تردي الحالة الوظيفية، رواتب قليلة، إن لم تكن شبه معدومة، لا وجود لتأمين المخاطر، في منطقة ساخنة، كل العمل الميداني فيها عبارة عن مخاطرة، ناهيك عن عدم توفر معدات الحماية، وغياب الغطاء النقابي والقانوني الذي يمكن للمصور الصحفي الاستناد إليه في حالات الطواريء، وكذلك عدم توفر معدات مناسبة تواكب التقنيات الحديثة، حيث عادة ما يوفر المصور الصحفي معداته بنفسه، دون أن تعمل المؤسسات الصحفية على توفير المعدات المناسبة.

انجازات وجوائز 
السلوادي الذي قام بتغطية الكثير من الأحداث، وكان شاهدًا على أحداث تاريخية كبيرة، من الانتفاضة الأولى ومن ثم الثانية، والحالة النضالية المتواصلة لشعبنا، يقول: (هذا جعل أعمالي الفوتوغرافية تنتشر على نطاق واسع في الصحافة العالمية، وأقمت عدد من المعارض في فلسطين، والدول العربية، مثل مصر والأردن والإمارات وقطر، وفي دول أوربية مثل إسبانيا وفرنسا، والنرويج، وفي الولايات المتحدة). 

وقد حصل السلوادي على جوائز هامة، من فلسطين، مثل الميدالية الذهبية للاستحقاق والتميز، ولقب “عين فلسطين”، كما تم تكريمه من قبل اتحاد الكتاب واللجنة الوطنية للتربية والثقافة العلوم، وكذلك مهرجان الجزيرة للأفلام الوثائقية، ونقابة الصحفيين، ومهرجانات في مصر والإمارات العربية المتحدة، وغيرها الكثير. كما يشارك بلجان تحكيم دولية، لتحكيم مسابقات فوتوغرافية مهمة عالميا، مع اليونسكو وموسوعة ويكيبيديا وغيرها. 
ويذكر أن السلوادي حصل عام 2012على الميدالية الذهبية للاستحقاق والتميز من الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

الكتب المصورة التي أصدرها 
صدر لأسامة السلوادي حتى لحظة إعداد هذه القصة 11 كتابا مصورا، غطت مواضيع كثيرة، وكانت شرارة عودة الاهتمام بالتراث الفلسطيني، ومن هذه الكتب التي لاقت رواجا عالميا، كتاب ملكات الحرير، وكتاب أرض الورد، وكتاب القدس، وكتاب رام الله، وكتاب بوح الحجارة، وكتاب الحصار.

الإصابة برصاص الاحتلال.. وتأثيرها عليه 
يعود السلوادي بذاكرته لعام 2006 وفي مدينة رام الله على وجه التحديد، حيث أصيب برصاصة خلال عمله، أدت لإصابته بشلل نصفي في الأطراف السفلية، وكادت أن تودي بحياته، يوضح (لقد دخلت في غيبوبة، وكانت حالتي خطيرة جدا، ولكن شاء الله أن أعود للحياة، وكما يقال الضربة التي لا تميتك تزيدك قوة، عدت على كرسي متحرك، ولكن الإرادة كانت أقوى من أن يعطلني الشلل، فقد بدأت من جديد، لكنني لم أعد أعمل كمصور صحفي في الميدان، إلا أنني  أطلقت مشروعا كبيرا لتوثيق التراث الفلسطيني، (مشروع التوثيق البصري للتراث الفلسطيني) وأصدرت عدد من الكتب الفوتوغرافية، وعدت للدراسة في الجامعة، وأعمل الآن على رسالة الماجستير، وأحضر نفسي للدكتوراه). 

رسالته كمصور أصيب وأصبح رمزا من رموز التصوير
رسالتي الآن هي دعوة للجامعات والمؤًسسات الفلسطينية والعربية، للاهتمام بدراسات الصورة، لأن الصورة الآن لغة العصر الحديث، ومن لم يتقنها لا يتقن التواصل مع العالم، والصورة سلاح مهم لتقديم روايتنا للعالم، وهي أهم أدوات الاعلام الحديث، هكذا يقول السلوادي، ويأسف لعدم وجود جامعة واحدة في بلادنا تقوم بتدريس التصوير كفلسفة للتواصل، وكلغة عالمية، مضيفا أن تعليم التقنيات يمكن تحقيقه من خلال الوسائل الحديثة.

تم انتاج هذه القصة ضمن برنامج قريب الذي تنفذه الوكالة الفرنسية للتنمية الاعلامية CFI بالشراكة وتمويل الوكالة الفرنسية للتعاون الدولي AFD.

  

المحتوى ذو الصلة