البابا ليو الرابع عشر يبدأ حبريته بانتقاد تجاوزات النظام الرأسمالي

الفاتيكان – أ ف ب: ندّد البابا ليو الرابع عشر، أمس، في الفاتيكان خلال القداس الذي يمثل بداية مهامه، بالنظم الاقتصادية التي تستغل الطبيعة وتهمش الفقراء، خاطّاً نهج حبريته، أمام عشرات آلاف المؤمنين ومجموعة واسعة من قادة الدول.
بعد عشرة أيام على انتخابه، شدد رأس الكنيسة الكاثوليكية التي تضم 1,4 مليار شخص عبر العالم، على السلام والوحدة خلال هذا القداس الذي احتفل به بلغات عدة وسط إجراءات أمنية مشددة في ساحة القديس بطرس بحضور نحو 200 ألف شخص، بحسب السلطات الإيطالية.
وقال البابا الذي أمضى عقدين في منطقة فقيرة بالبيرو، في عظته: “لا نزال نرى الكثير من الانقسامات والجراح الناتجة عن الكراهية والعنف والأحكام المسبقة والخوف من المختلف عنا، ومن أنماط اقتصادية تستنزف موارد الأرض وتهمش الفقراء”.
بذلك، أكد ليو الرابع عشر، وهو أول بابا أميركي، الوجهة الاجتماعية لحبريته بعدما اختار اسمه تيمناً بليو الثالث عشر (1878-1903) مهندس العقيدة الاجتماعية للكنيسة الكاثوليكية، والذي ندد باستغلال العمال في نهاية القرن التاسع عشر.
خلال القداس الزاخر بالطقوس، بدا البابا الجديد متأثراً عند تسلمه الرمزين البابويين: الباليوم، وهو وشاح أبيض مصنوع من صوف خراف يوضع فوق بذلة الكهنوت على كتفَي البابا تذكيراً بمهمته الأساسية وهي رعاية الخراف، أي المؤمنين، وخاتم الصياد الذي يقدم لكل بابا جديد ويتلف بعد وفاته في دلالة على انتهاء حبريته.
وعبر ليو الرابع عشر مجدداً عن امتنانه لاختياره بابا في الثامن من أيار، مشدداً على “وحدة” الكنيسة، وداعياً إلى “المحبة المتفانية وليس السيطرة على الآخرين بالقوة أو بالدعاية الدينية أو بوسائل السلطة بل بالمحبة فقط”.
قبل بدء القداس، جال البابا البالغ 69 عاماً في ساحة القديس بطرس للمرة الأولى في السيارة البابوية، وحيّا الحشود وباركهم، فيما صفق البعض له ولوّح آخرون بأعلام بلادهم أو صوروا بوساطة هواتفهم.
وقالت ماريا غراتزيا لا باربيرا البالغة 56 عاماً، وقد أتت من باليرمو في صقلية لوكالة فرانس برس: “إنه الشخص المناسب في الوقت المناسب، وسينفذ ما وعد به وسيحطم الجدران ويبني الجسور”.
وأعربت عن قناعتها بأن البابا الجديد سيواصل “المعارك التي باشرها البابا فرنسيس”.
وحضر القداس نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، الذي كان آخر مسؤول أجنبي يلتقي البابا فرنسيس في 20 نيسان عشية وفاته، إلى جانب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، وكلاهما كاثوليكيان متدينان.
وصافح فانس بسرعة البابا الجديد لكنه لن يلتقيه على انفراد، أمس. لكن قد يستقبله البابا اليوم قبل عودته إلى الولايات المتحدة.
أثار انتخاب ليو الرابع عشر، وهو من مواليد شيكاغو، حماسة كبيرة في الولايات المتحدة، لأنه معارض لسياسة الرئيس دونالد ترامب المناهضة للهجرة.
وقالت الطالبة الأميركية صوفيا تريب البالغة 20 عاماً والتي أتت من شيكاغو: إنها تتوقع أن “يكون العبء على أكتاف البابا أثقل لأنه أميركي. أظن أن الأنظار ستتركز عليه أكثر وقد يتعرض لانتقادات بسبب أصوله”.
ودعا البابا في عظته أيضاً إلى “بناء عالم جديد يسوده السلام”.
وفي ختام القداس، تطرق البابا إلى “أوكرانيا المعذبة” بانتظار “مفاوضات من أجل سلام عادل ودائم”، وغزة حيث “يُترك الأطفال والعائلات وكبار السن الناجون فريسة للجوع”.
وأعلن الفاتيكان أن البابا استقبل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي حضر القداس.
وحضر القداس أيضاً الرؤساء: الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، والنيجيري بولا أحمد تينوبو، والبيروفية دينا بولوارتي، واللبناني جوزيف عون، بالإضافة إلى المستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين.
وحضر أيضاً ممثلون عن ديانات أخرى، لا سيما اليهودية والإسلام.
وشارك أيضاً الملك فيليب والملكة ماتيلد من بلجيكا، وفيليبي السادس وليتيثيا من إسبانيا، والأمير إدوارد شقيق ملك إنكلترا تشارلز الثالث وغيرهم.
وخلال أسبوعه الأول في منصبه، وجّه ليو الرابع عشر دعواته الأولى، بدءاً بإطلاق سراح الصحافيين المسجونين، وصولاً إلى اقتراح التوسط بين الأطراف المتحاربة في كل أنحاء العالم.
    

مشاركات مماثلة