[[{“value”:”
خانيونس – المركز الفلسطيني للإعلام
خيام على مد البصر تراها في منطقة المواصي، التي حوّلها الاحتلال من سلة غذاء لأهالي القطاع المحاصر إلى بؤرة للنزوح.
تقع المواصي على الشريط الساحلي للبحر المتوسط جنوب قطاع غزة، وتبعد عن مدينة غزة نحو 28 كيلومتراً. ويبلغ طولها 12 كيلومتراً بعرض نحو كيلومتر واحد، وتمتدّ من دير البلح شمالاً حتى رفح جنوباً، مروراً بخان يونس.
سلة غذاء قطاع غزة
وهي منطقة ساحلية اشتهرت بأراضيها الزراعية، ومياهها الجوفية العذبة، وتحولت بفعل سياسات الاحتلال من “سلة غذاء قطاع غزة” إلى أراضٍ قاحلة، وأصبحت قبلة للنازحين الفارين من جحيم الحرب المستعرة في القطاع منذ أكثر من نصف عام.
وتقدر مساحة المواصي الإجمالية بنحو 12 ألف دونم (الدونم يساوي ألف متر مربع)، وتمثل نحو 3% من مساحة قطاع غزة، وتتكون المنطقة من كثبان رملية، يطلق عليها محلياً “السوافي”، وهي عبارة عن رمال صحراوية بيضاء، تتخللها منخفضات زراعية خصبة غنية بالمياه الجوفية.
وتقسم المواصي إلى منطقتين متصلتين جغرافيا، تتبع إحداهما لمحافظة خان يونس، وتقع في أقصى الجنوب الغربي من المحافظة، في حين تتبع الثانية لمحافظة رفح، وتقع في أقصى الشمال الغربي منها.
وتضم المواصي في أغلبها أراضي زراعية أو كثباناً رملية قاحلة، أمّا المناطق السكنية فيها فهي محدودة، إذ لا يوجد فيها أكثر من 100 وحدة السكنية، وهي بالكاد تتسع للقاطنين الأصليين، فضلاً عن افتقار المنطقة للبنى التحتية والشوارع المرصوفة وشبكات الصرف الصحي وخطوط الكهرباء وشبكات الاتصالات والإنترنت.
بداية المأساة
مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عقب معركة “طوفان الأقصى” التي وقعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أدّت الضربات العسكرية الإسرائيلية على كافة مناطق القطاع، إلى سقوط المئات من الشهداء والمصابين من المدنيين الفلسطينيين.
وتتابعت بيانات عسكرية لقوات الاحتلال منذ 18 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تدعو سكان القطاع إلى التوجه جنوباً نحو المناطق المفتوحة غرب خان يونس، وتحديداً إلى منطقة “المواصي” التي مدّعياً أنّه سيُرسل إليها المساعدات الدولية عند الحاجة.
حاول الاحتلال في بداية الحرب على غزة تسويق المواصي على أنّها “منطقة آمنة”، ودفع السكان إليها بعيداً عن بؤر القتال في المدن بقطاع غزة، إلا أنّ الأمم المتحدة رفضت وعلقت بأنّها تعوزها الظروف الأساسية الأخرى، وتفتقد لآلية للإشراف على تنفيذ منطقة آمنة بها، واكتفت ببناء معسكرات من الخيام للنازحين.
وقد أثبتت الوقائع كذب ادعاءات سلطات الاحتلال، فقد نفذت مجازر مروعة في مناطق المواصي، ودهمت بعض المناطق واعتقلت العديد من المواطنين.
الحياة في الخيام
في مناطق المواصي، ينام المواطنون في خيامٍ بدائية، لا تقي حرّ الصيف ولا برد الشتاء، يفترشون الرمل ويحاولون ستر أنفسهم وعائلاتهم بأقمشة بالية، في مقاربة مرعبة للعيش الإنساني.
ورغم ظروف النزوح المروعة والقاسية، ترى المواطنين في المواصي يمتلكون عزماً لا يلين، وحباً للحياة، رغم نار الحرب والإرهاب الصهيوني.
تستخدم الخيام في المواصي كمحلات للبيع والشراء، وكصالونات تجميل، ومراكز للترفيه، فقد أصبحت الخيمة هناك كل شيء.
ويشدد النازحون على أنّ الخيمة مرحلة عابرة في معركة لا بدّ من الانتصار فيها، ويؤكدون أنّ الحياة فيها وهميّة، أمّا العودة فهي حقيقة واضحة كوضوح الشمس.
أمّا معاناة النازحين في المواصي فهي لا توصف، فلا مياه صالحة للشرب، ولا شبكاتٍ للاتصالات والصرف الصحي، ولا طرق ممهدة للسير. فهم كمن يعيش في قلب صحراء قاحلة لا حياة فيها، إلا أنهم صنعوا حياة، صابرين محتسبين، واثقين بالله أنّ عذابهم سيزول، وأنّهم سيعودون قريباً إلى منازلهم منتصرين بإذن الله.
“}]]