القدس/PNN- يأخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المقلّ كثيراً في تصريحاته منذ الهجوم الإيراني على الدولة العبرية ليل السبت-الأحد، وقته لاتّخاذ قرار بين توجيه ضربة سريعة وقوية قد تشعل المنطقة، أو التريّث لحصد مكاسب دبلوماسية.
فمنذ إطلاق إيران مئات المسيّرات والصواريخ على إسرائيل، ليل السبت-الأحد، لم يخاطب نتنياهو الإسرائيليين، وترأس، مذّاك، اجتماعين لحكومة الحرب، وتواصلَ هاتفياً مع الحليف الأمريكي. ووزّعت على وسائل الإعلام صورتان للاجتماعين.
ومساء الإثنين، دعا نتنياهو، في رسالة مقتضبة نشرها مكتبه على منصة إكس، “المجتمع الدولي لأن يبقى موحداً لمقاومة هذا العدوان الإيراني الذي يهدد السلام العالمي”.
لكنّ الغموض المطلق ما زال سائداً حول ما قد يكون عليه ردّ إسرائيل على هجوم مباشر، هو الأول لإيران ضد “أراضي” الدولة العبرية.
والضربة الإيرانية هي بدورها رد على قصف قنصلية الجمهورية الإسلامية في دمشق، في الأول من نيسان/أبريل، في ضربة نُسبت لإسرائيل.
وسارع إلى إطلاق المواقف وزراء يعتبرون من الصقور في الحكومة، بينهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي دعا، في الليلة نفسها، إلى رد “ساحق”.
وعلى منصة إكس ندّد زعيم المعارضة يائير لبيد بموقف بن غفير قائلاً: “الطلب من وزراء هذه الحكومة أن يتّبعوا سلوكاً مسؤولاً يعدّ مهمة مستحيلة، لكن يتوجّب عليهم على الأقل أن يكفوا عن إطلاق تهديدات لإيران عبر وسائل الإعلام”.
وندّد رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك بأولئك “الذين يريدون إشعال الشرق الأوسط برمّته”، متّهما نتنياهو بتغليب مصالحه الشخصية وحماية مستقبله السياسي على كل ما عدا ذلك.
وسبق أن أعلنت الولايات المتحدة، الحليفة التاريخية لإسرائيل، أنها لا تريد “حرباً واسعة النطاق مع إيران”، وحذّرت من أنها لن تشارك في أي عملية انتقامية ضد الجمهورية الإسلامية.
وعلى الرغم من مشاركة فرنسا والمملكة المتحدة في التصدي للهجوم الإيراني، نأى البلدان بنفسهما عن أي رد انتقامي إسرائيلي.
واستبعد وزير الخارجية البريطاني ديفيد كامرون مشاركة بلاده في أي رد، في حين دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى تجنّب “اشتعال” المنطقة.
من جهتها أعلنت إيران أنها طوت الصفحة، وأن “المسألة منتهية”، لكنّها حذّرت إسرائيل من أن “أي تصرّف متهوّر سيلقى ردّاً أقوى وأكثر حزماً”.
لا شيء وشيكاً
التحدّيات التي تواجهها إسرائيل كبيرة لأنها من دون دعم حلفائها الغربيين، ولولا إسقاط الأردن “أجساماً طائرة” خرقت أجواءه، لكانت كثافة المسيّرات والصواريخ الإيرانية قد تخطّت القدرة الاستيعابية لقبّتها الحديدية.
وتشكيل تحالف تكتيكي تقوده الولايات المتحدة، ويضم المملكة المتحدة وفرنسا وبلداناً في المنطقة، على غرار الأردن، هو مشروع تسعى إسرائيل، منذ سنوات عدة، لتحقيقه.
في أيلول/سبتمبر 2022، أعربت إسرائيل عن رغبتها في تشكيل “تحالف للردع” ضد إيران، وطلبت مساعدة دول عدة بينها فرنسا، لكن من دون جدوى.
لذا فإن هذا المكسب ثمين جداً للبلاد، وخصوصاً أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن تطرّق، في نهاية آذار/مارس، إلى خطر مواجهة إسرائيل “عزلة متزايدة” بسبب الحصيلة الفادحة للقتلى المدنيين في حربها ضد حركة “حماس” في قطاع غزة.
لكن المفارقة أن هذا الاتحاد في مواجهة إيران “سيحدّ من حرية تحركها في الرد”، وفق ما أكد تامير هايمان، العسكري السابق ومدير معهد دراسات الأمن القومي، في منشور على منصة إكس، الأحد.
تجنّباً لإثارة استياء حلفائها، قد تعمد إسرائيل إلى إرجاء أي ردود انتقامية.
وقال كاليف بن-دور، المحلل السابق في وزارة الخارجية الإسرائيلية، ونائب رئيس تحرير صحيفة فاثوم المتخصصة: “سيكون من المفيد الحفاظ على هذا التحالف الدفاعي الغربي والسني والإسرائيلي، والذي يكاد يكون غير مسبوق، لذا فإن الأمر يتجه أكثر إلى ضبط النفس”.
لكنّه لفت إلى أنه “في الوقت نفسه، لا يمكن في الشرق الأوسط أن تتعرض لهجوم بأكثر من 300 مسيّرة وصاروخ من دون فعل شيء”.
وتابع “أعتقد أن شيئاً لن يحدث في الأسبوعين المقبلين، ليس هذا أمراً يتعيّن على إسرائيل القيام به على الفور، لكن إسرائيل سترد، على الأرجح بطريقة أكثر سرية وفي الزمان والمكان اللذين تختارهما”.
وقال الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية جان-لو سمعان إن الرد لن يكون صريحاً ومباشراً، معتبراً أن خياراً كهذا لن يحظى بموافقة أمريكية.
وأعرب دبلوماسي في أحد بلدان التحالف، في تصريح لوكالة فرانس برس، عن “رضاه” لكون “مواقف الصقور” لم تسدِ في نهاية الأسبوع.
وأضاف الدبلوماسي: “نقول لهم اعملوا معاً على احتواء التصعيد، لديكم فرصة تتمثل بتعاطف الرأي العام”.
وشدّد الدبلوماسي الإسرائيلي السابق جيريمي إيسخاروف على أهمية “الإقلال في الحديث عن الأمر”، موضحاً: “في هذه المرحلة، يجب أن يشعر الإيرانيون بالقلق، وأن يبقوا في وضع ضبابي لأطول فترة ممكنة”.