[[{“value”:”
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام
ليلة مضطربة وأجواء من الانتظار والترقب على مدى ساعات الليلة الماضية فور ورود أنباء عن انطلاق مسيرات وصواريخ إيرانية نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة ردًّا على الاستهداف الإسرائيلي للقنصلية الإسرائيلية في سوريا مطلع الشهر الحالي، والتي أدت إلى مقتل 13 شخصًا، بينهم اثنان من الضباط الإيرانيين و5 مستشارين عسكريين في الحرس الثوري.
فبعد أيام من التوعّد الإيراني بالرد على إسرائيل وانتظار العالم كله لطبيعة هذا الرد، بدأت إيران الليلة الماضية هجومها المرتقب ضد “إسرائيل” بإطلاق عشرات المُسيّرات والصواريخ الباليستية باتجاه الأراضي المحتلة؛ حيث أعلنت وكالة الأنباء الإيرانية إطلاق الدفعة الأولى من الصواريخ الباليستية وقدّرت عددها بالعشرات.
تداعيات سياسية وشعبية
إثر ذلك، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي جو بايدن اجتمع بكبار المسؤولين لبحث تداعيات الرد الإيراني على إسرائيل، فيما أجرى وزير الدفاع الأمريكي اتصالاً مع وزير حرب الاحتلال يوآف غالانت في الشأن ذاته، قبل أن تصل المسيرات الإيرانية إلى سماء الأراضي المحتلة.
جماهيريًّا.. شهدت المدن الإيرانية والعراقية واللبنانية أجواء احتفالية ببدء الرد الإيراني على إسرائيل؛ حيث خرجت المئات في مسيرات شعبية حاملة الأعلام الإيرانية ومنددة بإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.
وفي بيان صادر عن قيادة حرس الثورة الإسلامية جاء فيه: “رداً على جريمة النظام الصهيوني في مهاجمة القادة في دمشق، نفذت القوة الجو – فضائية عملية ضد أهداف معينة في أراضي النظام الصهيوني بعشرات الطائرات المسيرة والصواريخ”.
فيما قال المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري “إن الجيش وسلاح الجو على استعداد للتهديدات الإيرانية المتوقع وصولها خلال ساعات وإن الجيش سيحاول منع وصول المسيرات الإيرانية إلى إسرائيل، وسيتعامل معها فور وصولها (لكن ننبه إلى أن الدفاع لن يكون 100%)”، على حد قوله.
ونقلت قناة “إيه بي سي” عن مسؤول أميركي رفيع قوله إنه يعتقد أن إيران ستطلق على إسرائيل ما بين 400 و500 طائرة مسيرة وصاروخ، كما ذكرت شبكة “سي إن إن” أن مسؤولًا عسكريًّا إسرائيليًّا أفاد بأنه يتوقع إطلاق إيران موجات إضافية من المسيرات بمرور الوقت.
تحليق ومواجهة
وبعد منتصف الليل، دوّت صفارات الإنذار في ديمونا وبئر السبع وفي الجليل والجولان المحتل وغيرها من المناطق داخل فلسطين المحتلة؛ حيث ذكرت مصادر عبرية إطلاق 700 إنذار في الدقائق القليلة الماضية في جميع أنحاء الكيان الإسرائيلي، فيما حلَّقت مسيرات إيرانية في سماء مدينة العقبة الأردنية متجهة صوب إيلات.
ورصدت كاميرات المواطنين في كافة أنحاء فلسطين من الشمال إلى الجنوب وصول العشرات من هذه الصواريخ التي تم اعتراض كثير منها من خلال المنظومات الدفاعية الإسرائيلية؛ سقط عدد من المُسيّرات خارج حدود الأراضي الفلسطينية، بينما اخترق العدد الآخر المجال الجوي لفلسطيني المحتلة، ونجح في ضرب بعض الأهداف العسكرية كمطار رامون والقواعد العسكرية التي استُخدمت في الهجوم على قنصلية إيران في سوريا، بينما لم تقع إصابات بشرية تُذكر.
وأفاد مصدران أمنيان لرويترز أن طائرات أردنية استهدفت عشرات المسيّرات المتجهة إلى الكيان إسرائيلي في شمال ووسط المملكة، بينما نقلت وسائل إعلام إيرانية عن وزير الدفاع الإيراني قوله: “سنرد بقوة على أي دولة تفتح مجالها الجوي أو أراضيها لمهاجمة إيران”.
المعادلة الإيرانية
من جهته، قال الخبير العسكري اللواء فايز الدويري إن التقييم النهائي للضربة التي وجهتها إيران لإسرائيل غير واضح بسبب تضارب البيانات الرسمية للجانبين، مشيرًا إلى أن هذا الهجوم وضع قواعد جديدة للردع والردع المضاد.
وأوضح الدويري -في مقابلة مع الجزيرة- أن حجم وفاعلية الضربة الإيرانية غير واضح حتى الآن، بيد أن طهران “تسعى لإيجاد قواعد جديدة تقوم على الردع مقابل الردع، وأن استهداف أراضٍ إيرانية سيواجه باستهداف أخرى إسرائيلية”.
وتعليقًا على حديث الجيش الإسرائيلي عن إسقاط غالبية الصواريخ والمسيرات الإيرانية، قال الدويري إنه في حال صحت هذه الرواية فإن هذا يعود إلى امتلاك إسرائيل العديد من منظومات الدفاع الجوي، ومع ذلك، فإن تفعيل كافة هذه المنظومات الدفاعية قد يصل لصد 80% من الأجسام الهجومية وليس 90% كما تزعم إسرائيل.
وختم الدويري بالقول إن إيران لم تستخدم صواريخ فرط صوتية في هذه الضربة، وإنها ربما تحتفظ بها لأي عمل قادم إذا ردت إسرائيل على هذا الهجوم.
بدوره، قال الكاتب والأكاديمي محمد المختار الشنقيطي: إن أي ضربة إيرانية لإسرائيل -مهما كان حجمها صغيرا- فضررها النفسي كبير على الكيان، وفيها تخفيف لأعباء الحرب عن غزة. فبعد اغتيال الضباط الإيرانيين بدأت إسرائيل تسحب قواتها من غزة، استعدادا لأي مواجهة على الجبهة الشمالية مع لبنان وسوريا، بحكم تحكم إيران الاستراتيجي في تلك الجبهة.
أما الناشط الفلسطيني أدهم أبو سلمية فقد أكد ما حدث الليلة هو كسر حاجز مهم يحدث لأول مرة، وهو رسالة للاحتلال أن معادلات جديدة تترسخ في المنطقة بعد السابع من أكتوبر وهذا مهم جدا.
وتابع: كما قلت مساء اليوم أنّ إيران تريد ردًّا نوعيًّا ولكنه منضبط الحسابات والنوعية هنا تمثلت بمكان انطلاق الرد وهو الجغرافيا الإيرانية، والحسابات المنضبطة تعني أن الضربات لن تدفع الأمور لتصعيد واسع.. ولكن كيف سترد إسرائيل؟! وهل ستعمل أمريكا على منع التصعيد أم العكس؟!.
فرحة لغزة
وعلّق آخرون على الهجوم بالقول: “نرحب بليلة يفرح فيها أيتام غزة ومشردوها ونازحوها، فهذه أعظم ليلة لا تنام فيها إسرائيل وتعقد فيها حكومتها اجتماعها من الملاجئ”.
وأضافوا: “سواء اتفقتم أو اختلفتم مع إيران وسياستها، فهذه ليلة سيكون لها ما بعدها، فالجميع يعلم أن الأمور عند حافة الهاوية، فهذه أول مواجهة ذات طابع إقليمي منذ عام 1973”.
وأشار متابعون آخرون إلى أن الهجوم هو رد إيراني على إسرائيل، وإذا ردت تل أبيب عليه فستتحول إلى حرب، وإذا لم ترد فقد انهارت رواية الاحتلال من أن حربهم الوحشية في غزة قد حققت الردع بمنع أي هجوم جديد ضدها، مضيفين أن أمام الاحتلال الإسرائيلي خيارات صعبة.
“}]]