من خلال المتابعة الاعلامية لقضايا العمل والبطالة.. يلفت النظر في التشكيل الحكومي القائم..حجم النشاط الكبير لوزير العمل الحالي..بحيث لا يمضي يوم دون توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم ومشاركات لانشطة مع المؤسسات الرسمية والاهليةالاقتصادية والتعليمية والتدريبة وصولا الى المؤسسة الامنية..عدا عن الجهد الاقليمي والدولي..في سياق تحقيق شراكة متكاملة لمواجهة تحديات سوق العمل في ظل الحصار. والتعسف..والاحتلال اصولا..وهو جهد محمود عموما…لكن حصاده صعب..وتحكم جدواه محددات كثيرة… إذ أن هذه الجهود تحتاج لفرق عمل فاعلة كميا ونوعيا تعمل على الارض لترجمة كل تلك الاتفاقيات ومذكرات التفاهم من اجل تحويلها الى خطط عمل قابلة للتحقيق.. وهو امر معقد مما يستوجب التوقف عنده..بتشكيل فرق عمل وطنية متخصصة اكثر مهنية واحترافية وتنظيما من مجالس استشارية يكون التمثيل فيها شكليا في الغالب ومن افراد يمثلون مؤسسات تفتقد لفهم ديناميات سوق العمل.. باستثناء الغرف التجارية وبعض الكفاءات العمالية من هؤلاء الشركاء..ولعل المعاناة في اعادة تفعيل صندوق التشغيل عام2012 خير شاهد ..رغم الاهمية المركزية لهذه المؤسسة في اسناد مكافحة البطالة عبر برامجها المختلفة.
لا شك بأن مكافحة البطالة في فلسطين المحتلة يكاد يكون ضربا من تحدي المستحيل..في ظل هشاشة بنية القطاعات الاقتصادية الأساسية لثروة الأمم من صناعة وزراعة وخدمات..
فعلى الرغم من كون البطالة تمثل تحديا للاقتصاد المتقدم والنامي على مستوى العالم..الا ان هذا التحدي له ابعاد اكبر واعمق في ظل استعمار استيطاني احلالي مدعوم من مراكز القوة في العالم..بدءا من سياسات عبرنة العمل في بدايات تاسيس كيان الاحتلال ووصولا الى اسرلة علاقات العمل التي ترتكز الى تحويل القوى البشرية والقطاعات الاقتصادية الفلسطينية الى اداة هامشية في عملية التنمية..والتحكم في مستوى عالي من التبعية وبالحد الادنى من الانتاجية في خدمة الذات الفلسطينية..وهو سيناريو تم استشرافه من بدايات تأسيس وزارة العمل وتم التعبير عنه بعمق تفصيلي في الاستراتيجية متوسطة المدى للتشغيل التي اعدت عام 2000..كما تم تحديد أسس الخروج من الازمة المزمنة وان بصورة نسبية .
وربما كانت سياسات الاحتلال في ارباك الواقع الفلسطيني عبر سياسات امنية عميقة تمثل العامل الاساسي في عدم تحقيق الحد الادنى من اهداف الخطط والاستراتيجيات بحكم عدم استقرا الحراك الاقتصادي والتذبذب في اسواق العمل المحلية والخارجية ..مما يؤدي الى عدم الاستقرار في البيانات والمؤشرات التي تتيح التخطيط والتنفيذ..نتيجة التعسف الامني والسيطرة على حركة السلع والبشر بما يحقق اضعاف بل وتحطيم ركائز الاقتصاد الفلسطيني..فالاحصاءات التي يعتمد عليها وضع تصورا وسياسات العمل …
عادة ما تتقلب في دورات زمنية قصيرة مما يتطلب المرونة القصوى في التعاطي معها وتكييف سياسات التشغيل..وغالبا ما تعجز هذه السياسات عن مواجهة واقع متغير باستمرار.
وفي ظل هذا الحال الذي يزيده صعوبة شح الدعم الخارجي ..فان خيارات صانع القرار الفلسطيني تتضاءل الى الحد الادنى في مواجهة العقبات القسرية التي يضعها الاحتلال من جهة وشح اللموارد من جهة اخرى..
فالقطاع الخاص والذي يمثل رافعة التنمية يتعرض لضغط لا يقل عن الضغط الذي تتعرض له السلطة والمجتمع..مما يضعف مساهمته في توليد فرص عمل… الامر الذي دفع باعتماد سياسات التوظيف الحكومي الامر الذي ادي الى واقع مترهل وبؤس الانتاجية والبطالة المقنعة والخفية في الجهاز الحكومي وانعكس على تضخم منظومة الفساد والزبائنية..
وهذا غيض من فيض لمظاهر التحدي ..مما يستدعي التفكير خارج المألوف لتحقيق الحد الادنى من عوامل الحفاظ على صمود شعبنا استنادا الى المقدرات المتوفر ظاهرة او كامنة..
وعليه فان الخيار الذي يبقى يتمثل في تعزيز التوجه لأركان الاقتصاد الاجتماعي..والذي تمثل التعاونيات والتضامنيات والتدريب المهني المرتبط بمجالاتها.. أداته الاصلد على طريق طويل لتحقيق ركائز تنموية.. وتشغيل للقوى البشرية.
ويقع العبء الأكبر هنا على وزارة العمل لدراسةواقع التعاون والاجابة على التساؤلات الاساسية للنهوض بهذا القطاع ..واهمها..كيفية تعميم ثقافة تاسيس التعاونيات باختلاف انواعها والتوسع لتشمل مناحي مجالات النهوض الاقتصادي والاجتماعي…وكيفية نبذ ثقافة انتظار المنح والدعم ..والتحول لتعاونيات رأسمالية تحقق الربح والتشغيل والاستثمار التطويري ناجحة اسوة بتجارب دولية بارزة.
ولا شك بان تفعيل الدور التشغيلي للقطاع التعاوني يتطلب مراجعة منظومة التشريعات والسياسات الاقتصادية والمالية ومأسسة روافد دعم هذا القطاع من بنوك وصناديق ومعاهد تدريبية وتثقيفية ومنظومات تسويق محلي وخارجي في المدى المتوسط..والله من وراء القصد.
#ك_هماش