رام الله /PNN / عقدت وزارة الخارجية والمغتربين بالتعاون والتنسيق مع دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، جلسة خاصة لأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى دولة فلسطين بمناسبة الذكرى 77 للنكبة، وترأسا الجلسة وزيرة الدولة لشؤون وزارة الخارجية والمغتربين د. فارسين اغابيكيان شاهين، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس دائرة شؤون اللاجئين، د. أحمد أبو هولي بحضور سفراء وقناصل وممثلون عن أكثر من 45 دولة ومنظمة دولية،
وأكدت د. شاهين بأن نكبة شعبنا مستمرة منذ 77 عاماً وهي ليست ذكرى من الماضي فحسب، بل مستمرة حتى يومنا هذا، بسبب سياسة الاستعمار والتمييز العنصري والتهجير القسري والتطهير العرقي للشعب الفلسطيني التي تنتهجها إسرائيل منذ عقود.
وتطرقت الوزيرة إلى كتب التاريخ، وقرارات الأمم المتحدة، وآلاف التقارير الصادرة عن المنظمات المحلية والدولية، التي أظهرت وأكدت جميعها على حجم المعاناة الكبيرة الواقعة على شعبنا جراء استمرار انتهاكات وجرائم الاحتلال الإسرائيلي.
وشددت د. شاهين على أن وحشية الاحتلال غير المسبوقة التي نعاني منها اليوم هي نتيجة لإفلات إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، من المساءلة والعقاب، وتنتهك باستمرار القانون الدولي وتتهرب من المساءلة والمحاسبة القانونية عن الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين بشكل عام.
وأضافت، منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا، لم يُتخذ أي إجراء ضد جرائم إسرائيل واسعة النطاق ضد الإنسانية وانتهاكاتها المنهجية المتكررة لحقوق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك قرارات الأمم المتحدة 181 و194، والظروف المعيشية اللاإنسانية الصعبة، واللجوء المتكرر للفلسطينيين. كما استعرضت خلال اللقاء إحصائيات نكبة 1948 من قتل وتدمير واعتقال في محاولة إسرائيلية لطمس تاريخ وثقافة وهوية الشعب الفلسطيني.
وأضافت، حتى الآن لم تعترف إسرائيل بمسؤوليتها عن النكبة ولا بجرائم الإبادة الجماعية والتهجير التي ترتكبها في قطاع غزة اليوم، مؤكدة أن تجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض وحق تقرير المصير مكرسان في القانون الدولي، وسنواصل التمسك به حتى ينصفنا القانون.
وفي السياق ذاته، أكدت وزيرة الدولة على الدور الحيوي لوكالة الأونروا الذي لا يمكن الاستغناء عنه اليوم، حيث تخدم 58 مخيمًا للاجئين الفلسطينيين في أربع دول مضيفة، وتخدم أكثر من 5.9 مليون لاجئ مسجل، وتقدم الخدمات الأساسية في جميع جوانب الحياة اليومية، التي أُنشئت استجابةً لقضية اللاجئين الفلسطينيين عام 1949 وبدأت العمل عام 1951، مهددة اليوم بالتفكيك، وهو هجوم على منظومة الأمم المتحدة.
وطالبت د. شاهين المجتمع الدولي بالاعتراف بالنكبة كجريمة دولية مستمرة، واعتماد تشريعات محلية لهذا الغرض. وكذلك الاعتراف بحق العودة للاجئين الفلسطينيين وإنفاذه كضرورة قانونية وأخلاقية.
ودعت أيضًا إلى دعم الأونروا ورفض جميع المحاولات الإسرائيلية الرامية إلى حظر عملها أو تجريمه أو تقويضه، بما في ذلك الإجراءات والتشريعات الإسرائيلية غير القانونية ضدها.
من جهته رحب د. أبو هولي بالسفراء والقناصل وممثلي البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية، معبرًا عن تقديره العميق لمواقفهم الداعمة لحقوق شعنا المشروعة في العودة وتقرير المصير، ووقوفهم إلى جانب الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الحرجة التي يواجه فيها تحديات غير مسبوقة تمس جوهر وجوده وحقوقه وثوابته الوطنية .
وأكد أن هذا الحضور الدولي يعكس التزامًا مبدئيًا بالقيم الإنسانية والقانون الدولي، ويشكل سندًا معنويًا وسياسيًا يعزز من صمود اللاجئين الفلسطينيين في وجه محاولات التهجير والإقصاء المتواصلة.
وأكّد بأن الاحتلال الإسرائيلي يواصل مخططاته الهادفة إلى تصفية قضية اللاجئين، من خلال استهداف وكالة الأونروا، والضغط على الدول المانحة لوقف تمويلها، وصولًا إلى محاولات حظر عملها في مدينة القدس المحتلة، في انتهاك واضح للقرارات الدولية، وعلى رأسها القرار 302.
وأوضح أبو هولي أن سلطات الاحتلال شرعت في اتخاذ خطوات عملية لحظر عمل الأونروا في القدس ورفع امتيازاتها القانونية، في محاولة لعزل اللاجئين الفلسطينيين عن المؤسسة الدولية الوحيدة التي تقدم خدمات التعليم والصحة والإغاثة، مشيرًا إلى أن هذه السياسات شملت اغلاق مقر الاونروا الرئيسي في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة، وإغلاق مدارس الأونروا في مخيم شعفاط، وحرمان آلاف الطلبة من التعليم، في خرق صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقية حقوق الطفل.

كما حذّر من حرب الإباة الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، الذي يعيش فيه أكثر من 2.4 مليون لاجئ بات خطر المجاعة يلاحقهم مع استمرار دولة الاحتلال الإسرائيلي اغلاق معابرها منذ الأول من اذار الماضي ومنع ادخال المساعدات الإنسانية الدولية وقطع امدادات المياه والكهرباء، مؤكدًا أن ما يجري هناك من دمار شامل واستهداف مباشر للمدنيين ومخيمات اللاجئين والبنية التحتية، يمثل كارثة إنسانية وجريمة متواصلة ضد الإنسانية.
وأشار إلى استشهاد 298 من موظفي الأونروا منذ بدء حرب الإبادة في السابع من أكتوبر 2023، في ظل عجز دولي عن وقف المجازر وتوفير الحماية للسكان المدنيين.
وأكد د. أبو هولي بأن المخيمات في شمال الضفة الغربية، وعلى رأسها مخيمات جنين ونور شمس وطولكرم، تتعرض لحملات عسكرية منظمة وممنهجة تستهدف تدمير البنية التحتية والمرافق الحيوية، بما في ذلك المنشآت الصحية والتعليمية. في مسعى إسرائيلي إلى إضعاف الصمود الفلسطيني وتفريغ المخيمات من سكانها لإنهاء وجود المخيم الذي يشكل العنوان الحي للمأساة الفلسطينية ونكبته المستمرة منذ سبعة عقود وسبعة أعوام لافتا الى ان العمليات العسكرية ضد المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية اسفرت عن نزوح ما يزيد عن 54 ألف نازح، ما يعكس التصعيد المستمر في السياسات الإسرائيلية التي تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة وتهديد حقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم.
وقال: “إن هذه الجرائم المتصاعدة بحق اللاجئين، من قطاع غزة إلى الضفة والقدس، تشكّل جزءًا من مشروع سياسي خطير يسعى إلى تفكيك قضية اللاجئين وإنهاء حق العودة وفرض التهجير والحلول القسرية على شعبنا التي تتناقض مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وفي مقدمتها القرار 194”.
ودعا د. أبو هولي المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، والدول المانحة، إلى تحمل مسؤولياتهم القانونية والإنسانية والأخلاقية، ورفض المساس بولاية الأونروا أو تقليص خدماتها، والعمل على ضمان استمرار دعمها وتمكينها من أداء دورها، بحسب التفويض الممنوح لها بالقرار 302 خاصة في ظل الأوضاع الإنسانية الكارثية في غزة والضفة والقدس.
كما طالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية للنظر في الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة بحق اللاجئين ووكالة الأونروا وموظفيها، وعقد مؤتمر دولي طارئ لدعم جهود الإغاثة، وتأمين إعادة إعمار قطاع غزة، والتصدي لمحاولات تصفية الحقوق الوطنية الفلسطينية.
في ختام الجلسة سلمت دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية ووزارة الخارجية والمغتربين مذكرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أكدت فيها تمسك الشعب الفلسطيني بحقه في العودة إلى دياره وفق القرار 194، ورفضه لكل المحاولات الرامية لتصفية قضية اللاجئين أو استهداف وكالة الأونروا، مشددة على ضرورة التزام الأمم المتحدة بمسؤولياتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين، وضمان استمرار عمل الأونروا وتوفير الدعم اللازم لها بما يحفظ حقوق اللاجئين ويصون قرارات الشرعية الدولية.
ودعت المذكرة الأمين العام و المجتمع الدولي إلى تحمل المسئولية بالحفاظ على ما قررته الشرعية الدولية للشعب الفلسطيني من حقوق وفي تطبيق هذه القرارات بقوة القانون الدولي الذي يجب أن تخضع له دولة الاحتلال وفي توفير الحماية الدولية لشعبنا ضد الممارسات والسياسات العدوانية اليومية التي يتعرض لها، واتخاذ إجراءات فورية من أجل تأمين وقف إطلاق النار في قطاع غزة وفتح المعابر وإدخال المساعدات الاغاثية الدولية، لإنقاذ الأرواح البشرية، وتقديم المساعدة الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها هناك، ووقف التهجير القسري الذي تقوم به دولة الاحتلال الاسرائيلي للمدنيين الفلسطينيين ومحاولات طردهم الجماعي، بما في ذلك محاولات هجرة السكان القسرية من قطاع غزة، من خلال إكرارهم على الهجرة الطوعية .
وعلى هامش الجلسة، عقد مؤتمر صحفي للوزيرة شاهين و د. أبو هولي استعرضوا خلاله أهم ما جاء في الاجتماع والمطلوب من الدول لوقف حرب الإبادة والتهجير والضم.