بيت لحم -PNN- نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية تقريرًا استقصائيًا أعده الصحفيان رونين بيرغمان ويوفال روبوفيتش، كشفت فيه عن أن الاحتلال عطّل صفقة كانت ستفضي إلى الإفراج عن عشرات الأسرى الإسرائيليين في غزة منذ بداية الحرب في قطاع غزة.
وأوضح التقرير أن قائد حركة حماس في غزة، يحيى السنوار، عرض منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إطلاق سراح النساء والأطفال وكبار السن، إلا أن حكومة الاحتلال، وعلى رأسها بنيامين نتنياهو، لم تتجاوب مع العرض، ما أدى إلى تأجيل الصفقة قرابة ستة أشهر.
ووفقًا للتحقيق، لم تتم مناقشة العرض بجدية داخل دوائر صنع القرار، رغم ما تزعم الحكومة من أن “عودة الأسرى” هي هدف الحرب الأساسي.
وأكد التقرير أن “الفرصة لضمان الإفراج عن عدد كبير من الأسرى ضاعت نتيجة حسابات سياسية وأمنية”، مشيرًا إلى أن عودة الأسرى لا تعتمد حاليًا على خطة واضحة، بل على الأمنيات.
وكشف أحد المصادر الاستخباراتية، الذي أُطلق عليه اسم “آدم”، أن المزاج العام لدى الاحتلال تغيّر بشكل حاد بعد استشهاد قائد لواء الشمال في حماس، أحمد الغندور، في غارة جوية إسرائيلية، حيث أدركت الأجهزة الأمنية لاحقًا أن القصف ذاته تسبب بمقتل ثلاثة من الأسرى الإسرائيليين، نتيجة انبعاثات الغاز الناتجة عن الهجوم.
وأشار الضابط الإسرائيلي إلى أن الخطاب العام لنتنياهو لم يُظهر الأسرى كأولوية، بل كانت قراراته في بعض الأحيان سببًا مباشرًا في مقتلهم. كما أوضح التقرير أن مسؤولين أمنيين سعوا لتأجيل نشر تفاصيل مقتل الجنود الأسرى، خشية من الغضب الشعبي، خاصة بعد تأكيدات بأنهم قضوا بفعل قصف إسرائيلي وليس في ظروف احتجازهم.
وكشف التقرير أن أول وقف لإطلاق النار جرى بعد ثلاثة أيام من الحادثة، ضمن اتفاق لتبادل الأسرى، إلا أن كبار المسؤولين في “إسرائيل” لم يبدوا أي نيّة حقيقية لإنهاء الحرب، بل عادوا فورًا إلى التصعيد.
وأكدت الصحيفة أن فريق التفاوض حاول جاهدًا التوصل إلى تفاهمات إضافية لإطلاق سراح أكبر عدد ممكن من الأسرى، لكن الحكومة الإسرائيلية اتخذت خيارًا معاكسًا، حيث تم تجاهل مبادرات الوساطة، بما فيها العروض المصرية.
وأوضح التقرير أن الشروط التي أضافها نتنياهو للاتفاق حالت دون توقيعه، رغم أن الصيغة كانت جاهزة منذ أيار/ مايو، ولم تُفتح الطريق أمامها إلا في عام 2025، وتحت ضغط أميركي مباشر.
ونقل التقرير عن مصدر أمني أن الاحتلال، في بداية الحرب، لم يُظهر أي اهتمام بقضية الأسرى، سواء في المجلس الوزاري أو في حكومة الطوارئ، وأن الأهداف الأربعة التي تم تحديدها حينها اقتصرت على حماية المواطنين، وتدمير البنية العسكرية لحماس، دون أي ذكر للأسرى. كما لم يُعلن رسميًا عن قرار مجلس الوزراء في 16 تشرين الأول/ أكتوبر، الذي ينص على “بذل أقصى الجهود” للإفراج عنهم، وهو ما يضعف من مصداقية هذا التعهد.
وأضاف التقرير أن العملية البرية التي أطلقها جيش الاحتلال تسببت، تدريجيًا، في مقتل مزيد من الأسرى بدل إنقاذهم، وهو ما يناقض الخطاب السياسي الإسرائيلي.
وتساءلت الصحيفة عن الهدف الحقيقي للعملية العسكرية، مشيرة إلى أن رئيس الأركان الحالي زامير قال لسلفه حالوتس إن الهدف الوحيد هو دفع حماس إلى التفاوض. ورغم ذلك، تستمر المؤسسة العسكرية في الدفع نحو تصعيد أكبر داخل القطاع، وهو ما ترى فيه مصادر أمنية خطرًا مباشرًا على حياة الأسرى.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول إن الجيش يأمل، في مرحلة لاحقة، السيطرة على معظم قطاع غزة، ليعود بعدها إلى السؤال المحوري: هل سيتم التوصل إلى اتفاق مع حماس، أم ستتجه إسرائيل إلى مواجهة شاملة تهدد حياة من تبقى من الأسرى وتؤدي إلى اختفاء جثث القتلى منهم، بلا أثر.