غزة -PNN- منذ بداية الحرب على غزة، عمد الاحتلال الإسرائيلي إلى تعقيد حياة المواطنين، فقطع الماء والكهرباء والوقود، ما دفع الناس للجوء إلى وسائل بدائية لمواصلة الحياة والتكيّف مع الظروف القاسية. ومن أبرز مظاهر هذا التأقلم، عودة المواطنين لاستخدام الوسائل التقليدية البديلة، في ظل غلاء الأسعار وشُحّ الوقود والحطب، وعدم توفّر غاز الطهي.
عاد المواطن سامي جودة من مدينة غزة لممارسة مهنة إصلاح البوابير، مساهِمًا في تيسير حياة الناس خلال الحرب. ويعلّق بسخرية ممزوجة بالألم: “الناس وصلت القمر، ونحن في غزة عدنا لاستخدام البابور الذي اندثر في العالم منذ عام 1949”.
كان جودة يعمل سابقًا في إصلاح الأجهزة الكهربائية، لكن بعد اندلاع حرب الإبادة في 7 أكتوبر 2023، وما تبعها من حصار خانق ومنع إدخال الوقود والغاز، وجد الناس أنفسهم يعيدون استخدام البوابير القديمة التي كانوا يحتفظون بها في المخازن أو فوق أسطح منازلهم، كوسيلة بديلة للطهي والحياة.
[embedded content]
سامي، الذي تعلّم صيانة البوابير لأول مرة بعد حرب 2008، عاد لإتقانها من جديد خلال الحروب المتعاقبة، وها هو اليوم يشهد على بشاعة الحرب الحالية. بات يُصلح ويلحم رؤوس البوابير، ويصنع لفّاتها وعيونها، لتلبّي حاجة الناس وتساعدهم على التكيّف مع واقع مرير.
يقول جودة: “البابور الذي لم تكن له قيمة خارج القطاع، أصبح ثمنه بعد اندلاع الحرب نحو 700 شيقل، وأصبح يُعتبر شيئًا نادرًا وثمينًا. ومع غلاء الأسعار، ونفاد غاز الطهي، وارتفاع ثمن الحطب الذي بلغ 50 شيقلًا للكيلو، لجأ الناس إلى استخدام السولار رغم أن سعر اللتر يصل إلى 30 شيقلًا، لأنه أكثر توفيرًا عند استخدامه في البابور”.
وفي نهاية حديثه، ناشد سامي العالم – كما يفعل كل الغزيين – بوقف هذه الحرب القاتلة، قائلاً: “الناس في العالم صعدوا إلى القمر، ونحن في غزة نعود للوسائل البدائية… تعبنا من صعوبة الحياة، وقلة الموارد، وارتفاع الأسعار”.
تم انتاج هذه القصة ضمن برنامج قريب الذي تنفذه الوكالة الفرنسية للتنمية الاعلامية CFI بالشراكة وتمويل الوكالة الفرنسية للتعاون الدولي AFD.
