بيت لحم -PNN- كشف شاهر سعد، أمين عام اتحاد نقابات عمال فلسطين، أن أكثر من 500 ألف عامل فلسطيني يعيشون دون دخل منذ نحو 16 شهرًا، ما أدى إلى خسائر فادحة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، ودفع العديد من العمال لبيع ممتلكاتهم بحثًا عن لقمة العيش، في ظل غياب أي أفق لتحسّن أوضاعهم.
وقال سعد في حديثه لشبكة فلسطين الإخبارية إن العمال الفلسطينيين يمرون بمرحلة غير مسبوقة من الإحباط وانعدام الأمل، في ظل غياب قوانين الحماية الاجتماعية، حيث فشل سابقًا تطبيق قانون الضمان الاجتماعي، رغم كونه الملاذ الآمن للعمال في أغلب دول العالم. وأكد أن فلسطين تفتقر لأي تشريع فعّال يُنصف العمال ويوفر لهم الأمان الاقتصادي.
وأضاف أن “محاولات عديدة بُذلت خلال الشهور الماضية مع الدول المانحة لتوفير مشاريع تشغيلية أو دعم مباشر، لكنها لم تُفلح، ومعظم دول العالم تخلّت عن مسؤوليتها تجاه فلسطين وعمالها، ما فاقم الأزمة، وأدى إلى وجود جيش من العاطلين عن العمل”.
وأوضح سعد أن الاحتلال الإسرائيلي يشنّ “حربًا صامتة” على العمال الفلسطينيين في الضفة الغربية، إلى جانب ما وصفه بـ”الكارثة الإنسانية” في قطاع غزة.
وقال إن استمرار غياب الدخل وفرص العمل سيدفع المزيد من العمال نحو الهجرة، محذرًا من أن القطاع الصناعي الفلسطيني بدأ بتقليص أعداد العاملين، حيث استغنت المنشآت الوطنية عن نحو 100 الف عامل مؤخرًا بسبب الأوضاع الاقتصادية.
وبيّن أن الاتحاد يعمل على تثبيت العمال الموجودين حاليًا من خلال اتفاقيات مع أصحاب العمل لمنع فصل المزيد من الموظفين، وخاصة في ظل تزايد البطالة في شمال وجنوب الضفة، لا سيما في مخيمات طولكرم، جنين، الفارعة، وبلاطة، مشيرًا إلى أن “هذا الواقع يفتح الباب لتهجير الفلسطينيين وإبعادهم قسرًا عن وطنهم”.
وأضاف أن المساعدات التي كانت تقدم للعمال عبر مؤسسات المجتمع المدني قد توقفت بالكامل.
وفي ما يتعلق بالأجور، صرّح سعد بأن الحد الأدنى البالغ 1880 شيكل “غير كافٍ على الإطلاق ولا يلبّي أدنى متطلبات المعيشة”، لكنه أشار إلى أن الواقع المالي لا يسمح برفعه حاليًا، مؤكدًا أن الأجور في فلسطين “كلّها بحاجة إلى تحسين”. وأضاف أن متوسط الأجور لا يزال دون خط الفقر، ما يعمّق الأزمة المعيشية للطبقة العاملة.
وفيما يخص التزام القطاع الخاص بالحد الأدنى للأجور، أوضح سعد أن هناك التزامًا نسبيًا، حيث تلتزم به المنشآت الصناعية الكبرى، بينما تتعرض فئات مثل عمال قطاع النسيج ورياض الأطفال للظلم في هذا الجانب.
وكشف عن خطة يعمل عليها الاتحاد سيتم البدء بتنفيذها خلال الشهرين المقبلين لتحسين مستوى الأجور، وربطها بجدول غلاء المعيشة، وإنصاف الفئات المهمشة، بما يواكب ما هو معمول به في أغلب الدول.
وقدّر سعد خلال حديثه لبرنامج “صباحنا غير”، خسائر العمال الفلسطينيين بأكثر من 16 مليون شيكل، مؤكدًا أن الاتحاد يسعى بالتعاون مع اتحادات دولية للحصول على تعويضات للعاملين المتضررين. وأكد مجددًا أن الحل الجذري يكمن في إقرار قانون للحماية الاجتماعية والضمان الاجتماعي، لتوفير مظلة قانونية واقتصادية تحمي العمال.
واختتم سعد حديثه بالتأكيد على أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل استهداف الاقتصاد الوطني الفلسطيني، ويُخطط لإفقار الفلسطينيين ودفعهم نحو الجوع، من خلال منع العمال من العمل داخل الخط الأخضر دون إنهاء عقودهم، ما أدى إلى توقف دخول نحو 250 ألف عامل، كانوا يضخون ما يزيد عن مليار و350 مليون شيكل سنويًا.
وأوضح أن الاحتلال سعى للسيطرة على ما لا يقل عن 25% من القوى العاملة الفلسطينية، مشددًا على ضرورة إقرار قانون للحماية الاجتماعية والتأمينات، ليكون مظلة قانونية واقتصادية تحمي العمال والعاملات، خاصة في ظل غياب أي ضمانات حالية. حتى التأمين الصحي، وفق سعد، كان جزئيًا وشُرع من رواتب العمال أنفسهم، ما يبرز الحاجة إلى إصلاح شامل لمنظومة الحماية الاجتماعية في فلسطين.