بيومها العالمي.. المرأة في غزة تختبر كل أنواع الألم وتنتظر دورها في الشهادة

[[{“value”:”

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

وجهت الخبيرة التربوية والنائب السابقة في البرلمان الأردني الدكتورة هدى العتوم التحية لنساء غزة الصابرات الصامدات الشهيدات، في اليوم العالمي للمرأة الذي يحتفي به “العالم المنافق” في الثامن من آذار كل عام، معبرة عن استهجانها لحالة الخرس التي تسود العالم ومن يزعمون حقوق الإنسان والمرأة حينما يتعلق الأمر بحقوق نساء فلسطين ونساء غزة على وجه الخصوص.

وفي حديثها للمركز الفلسطيني للإعلام وجهت الدكتورة هدى العتوم رسائل للعالم تطالب فيها بضرورة التحرك العاجل عربيا وإسلاميا ودوليا لنصرة أهل غزة ورفع الظلم الهائل الواقع على أهلها وخاصة النساء، مؤكدة أنّ كل ما يقوله العالم من كذبٍ ونفاقٍ حول أهمية اليوم العالمي للمرأة ومنحها حقوقها، انكشف زيفه وخداعه أمام الصمت الدولي على جرائم الإبادة بحق نساء غزة وكل سكان القطاع.

ولفتت العتوم إلى أنّهم يقولون إنهم يجددون الدعوة في كل عام من أجل المزيد من العناية والرعاية للمرأة، ويقولون إنهم يسعون لتوفير فرص واسعة لها في جميع مجالات العمل والحياة، ويتحدثون عن المساواة في الفرص والنتائج، وما زالوا يتحدثون عن وقوع حريق في أمريكا أودى بحياة ١٤٠ عاملة، قبل عشرات السنوات، وأنّ هذا أثر على قوانين العمل في أمريكا.

“يقولون ويقولون ويقولون، الكثير عن كل شيء وأيّ شيء، ولكنّ أفواهههم مكمّمة وألسنتهم خرساء حينما يتعلق الأمر بنساء فلسطين ونساء غزة ولسنواتٍ طويلة”، على حد تعبيرها.

وأشارت إلى أنّهم: لا يتحدثون عن كل أشكال الاضطهاد التي تتعرض له المرأة هناك، حتى أننا لا نكاد نجد مفردة تعبر عن البأساء والضراء إلا وقد وجدت لها صورًا ومعاني كثيرة وكبيرة في غزة بالذات.

وأضافت العتوم: يتحدثون عن العناية في تعليم المرأة، واي تعليم أفضل مما تعرفه نساء غزة، عن أنواع القنابل والصواريخ والأسئلة المحرمة دوليا والطائرات والزنّانات التي قصفت ابنها أو زوجها أو أخاها أو عائلتها أو جيرانها رحمهم الله جميعا، وهي ستموت بإحدى هذه الصور.

ولفتت إلى أنّه مسلسل من التعليم العملي التطبيقي لا ينتهي، ويتحدثون عن عدم التمييز ولكنهم لا يذكرون أنّ نساء فلسطين وخاصة نساء غزة تعرضن وعلى مدى عقود، لكلّ أنواع التمييز والاضطهاد الممنهج بسبب الاحتلال الصهيوني وممارسة فنون القتل.

وقالت العتوم: إنّ المرأة الغزيّة إمّا أنها تعيش في حالة حصار أو حربٍ وحشية طاحنة على القطاع وأصبحت آلاف النساء ضحايا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي تكشف وجه العالم وتكشف وجه المؤسسات الدولية.

وتابعت بالقول: يتحدثون عن فرصٍ لحياة أفضل وأي حياةٍ أفضل من الجنّة التي زُفّت إليا آلاف النساء في فلسطين وغزة، وآلاف ينتظرن دورهن، استشهدن بأسلحة أمريكية، الدولة التي تحمل شعلة حريتها امرأة كما يدّعون.

وتساءلت: أي فرصة يتحدث عنها هؤلاء سيمنحونها للنساء، وآلاف الأجساد من النساء وأطفالهن ما زالت تحت الأنقاض.

وأكدت أنّ هناك وعدًا كل يوم من خمسين إلى ستين امرأة أن تستشهد، وعشرات الأمهات موعودات منهنّ بالرحيل إلى الجنّة تارك خلفها أطفال رضع، أو تاركة خلفها أسرة بلا معيل، أو تاركة خلفها ابنًا أو ابنة وحيدة.

وعبرت عن ألمها الشديد، أنّ العدوان في غزة فرصة للمرأة أن تختبر كل أنواع الألم وكل أصناف الشقاء، هناك حيث لا ماء يصلح للغسيل، أو الاستحمام، وهل يوجد استحمام أصلاً، وهل يوجد ماء للشرب أصلاً، والمحظوظ من وجده لكنّه سيجده ماءً مالحًا.

وقالت العتوم: اسألوهم عن حق المرأة في الطعام، المرأة التي إن أكلت اللقمة سيموت ابنها جوعًا، حالها حال ما يزيد على اثنين مليون يواجهون المستوى ذاته من انعدام الأمن الغذائي، وفي أعلى مستوى تمّ تسجيله على الإطلاق في تاريخ البشرية الحديث.

وتابعت: حدثوهم عن فرصة أن تأكل العلف هي وأبناؤها ليبقوا على قيد الحياة ليومٍ آخر، إن لم تكن تنعم بهذه الحياة، فهي تعيش مرغدة وعلى قيد الحياة، وهي أسيرة محرومة من أدنى مقومات الأسر والحياة بعيدة عن أهلها وبلا ذنب إلا أنها تريد وطن حرًا عزيزًا.

واستدركت بالقول: لم يتركوا لها مبنى ولا مدرسة ولا جامعة ولا مركزًا صحيًا ولا طريقًا تمشي عليها بأقدامها الحافية.

وقالت إنّ الغيث عند كل الخلق نعمة سماوية وهي في الوقت نفسه، تذكرها بأنّ البرد الشديد القارس في هذا العام ليس فيه مدافئ وليس فيه ثياب، والبلل سمته البارزة، وليس هناك بابٌ يغلق في وجه الرياح الشديدة، ولا الأمطار الغزيرة ولا السيول الجارفة.

وتابعت حديثها بالقول: أينما التفتت سياجٌ أحاط بها من كل جانب، واينما توجهت وهي خارجةٌ من بيتها تركض من مكانٍ إلى مكان، حتى لم تعد تعرف معالم الطريق التي تسير بها، فالموت يحيط بها من كل حدبٍ وصوبٍ، إمّا قصفًا أو جوعًا أو عطشًا أو بردًا.

وأشارت إلى أنه في غزة تعددت الأسباب والموت واحدٌ، وحتى الجائعات هناك محرومات لأنها أحسن حالاً من زميلتها وأختها وصديقتها وزوجها وأبيها وأخيها وجيرانها الذين تقطعت أوصالهم تحت الأمطار الكيماوية فقط وهي تنتظر دورها.

وقالت العتوم: هي بالتأكيد وهي أسيرة، وما معنى الأسر لو تعلمون، هي أحسن حالاً من التي ذهب لحمها ودماؤها وتجمّد الدم في عروقها، وأحسن حالاً من تلك المرأة التي تقوم بالأعمال الشاقة وتحتطب لطهي الطعام، وتجلس أمام النار والدخان المنبعث لساعات طويلة في العراء في بردها ومطرها لتخبز لبطون جوعى لا تجد سوى رغيف الخبز يسد جوعهم يوميًا.

وأكدت أنها أعمالٌ شاقةٌ وبكل أصنافها وأشكالها، أعمالٌ شاقة في مكان فيه المئات لا تجد مكانًا تقضي بها حاجتها الطبيعية.

ولفتت العتوم إلى أنّ المرض المعدي نعمة، أمام ولادة دون تخدير، أو أمام جراحة دون تخدير، فعن أي حقوقٍ يتحدثون، وقد ماتت آلاف الأمهات والأخوات والبنات والجدات والجارات والصديقات، ولم يكن لهنّ أي خيار، كيف يموتون؟

وتابعت حديثها: أهو من الحصار كمدًا أو من الجوع أو من البرد أو من كثرة المشي فرارًا بأطفالها من الصواريخ، أو بمسيرة أو بقنبلة أو برصاصة اغتيال.

ووصفت صعوبة ما تواجهه النساء في غزة: ساعاتٌ لأجل كيلو من الأرز، وموتٌ من أجل كيس طحينٍ واحد، بلا دواء، بلا طعام، بلا مأوى، بلا ماء، بلا غاز، بلا كهرباء، بلا لباس، بلا كل شيء أو أيّ شيء، سوى الكرامة والعزة والصبر والثبات، سوى اليقين أن الطريق ستفتح، وأن القيود ستكسر، وأن السدود ستزال، وأنّ الحدود متهالكة، وأنّ العدوّ إلى زوال.

وقالت: لقد أغرق الله فرعون وأهلك النمرود، وتغيرت ممالك، وهلكت أقوام، وما بعد الليل إلا فجر، وكل ذلك بأمر الله جلّ جلاله، وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين، هذا كله أمر الله، ولو شاء الله ما فعلوه، ولكننا مملوؤون رجاءً أن كل من استشهد في غزة قبله الله جلّ جلاله، وكل من بقي في غزة يحفظه الله جلّ جلاله.

وتابعت العتوم حديثها: إنّ الناس في غزة صنفان، إمّا مؤمن زادته هذه الحرب إيمانًا، وإمّا غير ذلك ردته الحرب إلى الله جلّ جلاله، وهذا أملنا عند الله، ورجاؤنا منه، ونسأل الله العظيم رب العرش العظيم، أن يجعل أهل غزة مفتاح الخير لهذه الأمّة وقد دفعوا ثمنًا غاليًا، لعله يكون سببا لصحوة الأمة وعودتهم إلى دينهم.

وختمت العتوم حديثها بالقول: “كل ساعة وكل يومٍ وكل شهرٍ وكل عامٍ وأهل غزة بخير، وكل الذين يناصرونهم ويشدون على أيديهم ويرجون لهم السلامة بألف خير”.

بدوره قال الجهاز المركزي للإحصاء، إن الاحتلال الإسرائيلي قتل 9 آلاف امرأة فلسطينية، من إجمالي عدد الشهداء البالغ 30717 شهيدًا، وذلك منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

وأوضح “الإحصاء الفلسطيني”، في بيان وصل المركز الفلسطيني للإعلام، بمناسبة “يوم المرأة العالمي”، الذي يصادف اليوم الجمعة، إن 75% من إجمالي عدد الجرحى البالغ 72156 جريحًا هم من الإناث، وشكلت النساء والأطفال ما نسبته 70% من المفقودين البالغ عددهم 7000 شخص.

وفي هذا السياق أكد تقرير أممي: “أنه في كل يوم تستمر فيه الحرب على غزة بمعدلها الحالي، ستقتل قوات الاحتلال في المتوسط 63 امرأة يوميا، كما وتقتل قوات الاحتلال 37 أمًا تقريبا بشكل يومي، تاركين خلفهن أسرًا مدمرة، وأطفالًا دون حماية”.

وبيّن التقرير، أن أكثر من 4 من كل 5 نساء (84%) أسرهن تأكل نصف أو أقل من كمية الطعام الذي اعتادت عليه قبل بدء الحرب.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة