“العفو الدولية: الهجمات على القانون الدولي وحقوق الإنسان تسارعت منذ عودة ترامب

لندن – أ ف ب: حذرت منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي الذي نُشر، امس، من أنّ قواعد القانون الدولي وحقوق الإنسان مهددة جراء “هجمات متعددة” تسارعت منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السلطة.
وأشارت منظمة العفو الدولية، في معرض تقييمها لحالة حقوق الإنسان في 150 بلدا، إلى أنّ ما يُعرف بـ”تأثير ترامب” فاقم الأضرار التي ألحقها قادة آخرون حول العالم في العام 2024.
وقالت أغنيس كالامار الأمينة العامة للمنظمة في مقدّمة التقرير، “لطالما حذرت منظمة العفو الدولية من المعايير المزدوجة التي تقوّض النظام القائم على القواعد”، لافتة إلى أنّ “ثمن الإخفاقات هائل، لا سيما فقدان الضمانات الأساسية التي وُضعت لحماية الإنسانية بعد فظائع الهولوكوست والحرب العالمية الثانية”.
وأضافت، “بعدما زاد تضرّر التعاون متعدّد الأطراف في العام 2024، يبدو أن إدارة ترامب، اليوم، عازمة على إزالة بقاياه من أجل إعادة تشكيل عالمنا وفق مبدأ مبني على الصفقات، غارق في الجشع، والمصلحة الذاتية الأنانية، وهيمنة القلّة”.
وأشار التقرير إلى أنّ حياة ملايين الأشخاص “دُمّرت” في العام 2024، جراء الصراعات والانتهاكات المرتكبة في الشرق الأوسط والسودان وأوكرانيا، وأفغانستان حيث لا تزال حرية المرأة مقيّدة.
واتهم التقرير خصوصا بعض القوى الكبرى في العالم، مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين، بـ”تقويض” مكتسبات القانون الدولي وعرقلة مكافحة الفقر والتمييز.
وأكدت منظمة العفو الدولية أن هذه “الاعتداءات المتهورة والعقابية” جارية منذ عدّة سنوات، إلا أن “حملة إدارة ترامب ضد الحقوق تسرّع التوجّهات الضارّة القائمة أصلا، وتقوّض الحماية الدولية لحقوق الإنسان، وتعرّض مليارات الأشخاص حول العالم للخطر”.
وعمدت الإدارة الأميركية الجديدة إلى تجميد المساعدات الدولية وخفض تمويل عدد من المنظمات التابعة للأمم المتحدة.
وفي السياق، أشارت كالامار إلى أنّ بداية ولاية ترامب الثانية ترافقت مع “هجمات متعددة على المساءلة في مجال حقوق الإنسان وعلى القانون الدولي والأمم المتحدة”، داعية إلى “مقاومة منسقة”.
وقالت منظمة العفو الدولية، “في حين اتخذت آليات العدالة الدولية خطوات مهمة باتجاه المحاسبة في بعض الحالات، إلا أنّ حكومات قوية عطلت مرارا المحاولات الرامية إلى اتخاذ إجراءات ذات مغزى لإنهاء الفظائع”.
وأشارت في هذا المجال إلى الدول التي تحدّت القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية في لاهاي ضد إسرائيل، في أعقاب شكوى قدمتها جنوب إفريقيا بشأن ارتكاب “إبادة” في حق الفلسطينيين في قطاع غزة.
كذلك، انتقدت المنظمة دولا أخرى مثل المجر، على خلفية رفضها تنفيذ أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضد مسؤولين إسرائيليين، بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأشار التقرير إلى أنّ هذه السنة ستُذكر على أنها شهدت “كيف أصبح الاحتلال العسكري الإسرائيلي أكثر وقاحة وفتكا”، و”كيف دعمت الولايات المتحدة وألمانيا وغيرهما من الدول الأوروبية إسرائيل”.
واتهمت منظمة العفو الدولية إسرائيل بـ”ارتكاب إبادة على الهواء مباشرة” ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، عبر تهجير معظم السكان بالقوة وافتعال كارثة إنسانية.
وقالت، إنّ إسرائيل تصرّفت بـ”قصد محدّد وهو تدمير الفلسطينيين في غزة، مرتكبة بذلك إبادة”. ونفت إسرائيل مرارا مثل هذه الاتهامات.
وبدأت الحرب في قطاع غزة في السابع من تشرين الأول 2023، في أعقاب هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية وأسفر عن مقتل 1218 على الجانب الإسرائيلي، وفقا لتعداد أجرته وكالة فرانس برس بالاستناد إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
وخطف خلال الهجوم 251 شخصا، من بينهم 58 لا يزالون في غزة، وتقول إسرائيل إن 34 منهم توفوا أو قتلوا.
ومنذ ذلك الحين، أسفرت العمليات العسكرية الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 52 ألف شخص في غزة، معظمهم مدنيون، وفقا لأرقام وزارة الصحة في القطاع والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.
وفي كانون الأول، دانت منظمة العفو الدولية “الإبادة الجماعية” في غزة، في اتهام ردّدته منظمات غير حكومية أخرى مثل “هيومن رايتس ووتش” و”أطباء بلا حدود”، بينما رفضته إسرائيل بشدّة.
من جهة أخرى، سلّطت منظمة العفو الدولية الضوء في تقريرها الأخير على المعاناة في السودان بسبب المجاعة والنزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وقالت المنظمة، إنّ النزاع أدى إلى “أكبر أزمة نزوح في العالم”، اليوم، حيث نزح نحو 12 مليون شخص، بينما قوبل هذا الصراع بـ”تجاهل عالمي شبه كامل”.
من جهة أخرى، أشارت المنظمة الحقوقية إلى أنّ العنف والتمييز ضد النساء “تصاعد” في العام 2024، في مناطق النزاعات مثل السودان، وأيضا في أفغانستان حيث تخضع النساء لتشريعات صارمة تقيّد حريتهن في ظل حكم حركة طالبان.
وفي النهاية، سلّط التقرير الضوء على “الحاجة الملحّة” لقيام الحكومات بالمزيد من الجهود لتنظيم تقنيات الذكاء الاصطناعي لحماية حقوق الإنسان.
وحذر من العدد المتزايد للحكومات التي تسيء استخدام برامج التجسّس وغيرها من أدوات المراقبة ضد المعارضين.

    

مشاركات مماثلة