“وقف العدوان على غزة بشهر رمضان”.. موقفٌ أمريكيٌ جادٌ أم “مناورة” لشراء الوقت؟  

[[{“value”:”

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن حول وقف الأنشطة العسكرية الإسرائيلية خلال شهر رمضان، وما عبر عنه من تفاؤله بالتوصل إلى هدنة مطلع الأسبوع القادم، جدلاً واسعًا حول مدى جدية هذه التصريحات في ظل تصريحات المقاومة التي تنفي حصول أي تقدم في هذا السياق، الأمر الذي وافقه في الوقت ذاته تصريحاتٌ إسرائيلية تستغرب من “تفاؤل بايدن وتصريحاته”، الأمر الذي يضع علامات استفاهمٍ كبيرةٍ حول إمكانية أن تكون هذه التصريحات مجرد مناورة ومحاولة لتضليل الرأي العام العالمي وتبريد الأجواء الضاغطة على أمريكا وإسرائيل في الوقت ذاته.

تصريحات بايدن جاءت بالتزامن مع تسريبات لوكالة رويترز حول أنّ “حماس تسلمت مسودة اقتراح باريس الذي يسمح بوقف مبدئي لجميع العمليات العسكرية لمدة 40 يوماً”.، الأمر الذي اعتبرته قيادات في حركة حماس مجرد مناورة الهدف منها “الحرب النفسية والضغط على المقاومة”.

الكاتب والمحلل السياسي حازم عياد، أكد في تصريحاته للمركز الفلسطيني للإعلام، أنّ المنطلق في قراءة المشهد التركيز والاستناد دومًا على موقف المقاومة الفلسطينية التي قالت إنّه لا يوجد أي تقدم وأنّ إسرائيل لم تقدم تنازلات حقيقية، تفضي إلى تفعيل الهدنة في المرحلة المقبلة.

ولفت عياد إلى أنّ “كل الأخبار التي تتحدث عن أنّ هناك تنازلات إسرائيلية أو تقدم، تنفيه المقاومة إلى حدٍ كبير”.

وفي الوقت الذي يرى فيه أنّ تصريحات بايدن قد تعبر عن حرص أمريكي على أن لا يدخل شهر رمضان وهناك حالة قتال، وإمكانية أنه يفكر بهدنة من جانبٍ واحدٍ، أو أنّه يفكر بممارسة مزيد من الضغوط على دولة الاحتلال، للوصول إلى هدنة، لكنّه يؤكد أنّ “القرار في النهاية بيد المقاومة أن تقبل أو ترفض هذه الهدنة، وليس بيد بايدن”.

لكنّ عياد يذهب لأبعد من السيناريو السابق بالقول إنّ تبدو محاولة أمريكية إسرائيلية للتضليل الإعلامي، لا سيما بعد تصريحاتٍ قطريةٍ تؤكد ما تحدثت به المقاومة من عدم وجود أي تقدم، الأمر الذي يذهب لترجيح كفة سيناريو ما تمارسه أمريكا من تضليل الرأي العام العالمي بأنّ هناك جهودًا تبذل من قبلهم للتوصل إلى هدنة، ويأخذ الطابع الإنساني، على أمل التخلص من الضغوط الداخلية في أمريكا وإسرائيل وحتى على المستوى الدولي، لا سيما وأنّ هناك كتلة دولية بدأت تتحرك وتطالب بوقف العدوان على غزة.

ويتابع المحلل السياسي بالقول: هي أيضًا جزء من مناورة ومحاولات للتضليل، والضغط على المقاومة الفلسطينية من جانب آخر، ولكن لا أعتقد أن تنجح هذه المناورة الأمريكية الإسرائيلية في تحقيق مبتغاها.

وتوقع عياد أنّ المقاومة ستبقى متمسكة بمطالبها وتضغط بهذا الاتجاه إلى حين أن تقدم إسرائيل التنازلات المناسبة والتي تحقق وقفًا لإطلاق النار وإدخال المساعدات وعودة النازحين، هذه الشروط الأساسية والتي تطالب بها المقاومة، بانتظار جولة القاهرة وما ستفضي إليها.

وأشار إلى أن جولة المفاوضات القادمة ستكشف إن كانت الولايات المتحدة ما زالت تمارس التضليل أم أنها ستذهب إلى هذا الخيار خصوصًا أنّ الوقت بات ينفد لدى الأمريكيين والإسرائيليين قبيل حلول شهر رمضان، وهي فترة ستزيد من حزم الضغوط عليهما.

من جانبه آخر، يقول عياد: أما بالنسبة للوسطاء المصريين، أيضًا لا يوجد أي مؤشرات على أنّ هناك تقدمًا محرزًا سيفضي لوقف إطلاق النار، ووقف يكون ممتدًا، لكن من حقهم أن يعبروا عن التفاؤل وأنّ هناك جولة جديدة من التفاوض ستبدأ في القاهرة قريبا، لعل المصريين يعولون عليها لممارسة ضغوط على الإسرائيليين، أو قد يعتقدوا بأنّ هناك إمكانية لإحداث اختراق قبيل بداية شهر رمضان.

وشدد على أنّ “كل ما يجري ما زال عبارة عن تكهنات وتصريحات إعلامية، لكنّها لم تترجم على أرض الواقع، بانتظار جولات المفاوضات القادمة في القاهرة، ويمكن أن يتم مراجعة بعض الطروحات، وتقيحها وتحسينها.

هذا هو الشيء الممكن الوحيد، والذي عكسته تصريحات المقاومة بأنّه ليس هناك أي تنازلات من الاحتلال كافية، فهل ستقدمها إسرائيل في مفاوضات القاهرة، وهل سيمارس بايدن ضغوطه أم هل ستذهب أمريكا وإسرائيل للدعوة إلى هدنة من جانبٍ واحدٍ، وما هي طبيعة هذه الهدنة إن كانت قائمة في ذهن جو بايدن.

لكن من جانبٍ آخر، يرى عياد انّ الولايات المتحدة تشعر بضيق شديد، نتيجة الضغوط الدولية والحراك داخل الولايات المتحدة الأمريكية، والذي بدأ يتصاعد على خلفية انتحار الضابط الأمريكي نصرة لغزة.

وتابع بالقول: كذلك من المتوقع أن يتصاعد الحراك في الشارع الإسلامي والجبهة اللبنانية فيها تصعيد كبير يقلق الإدارة الأمريكية، ويتوقع أن يحدث مزيد من التصعيد في البحر الأحمر.

وينوه إلى أنّه من مصلحة الولايات المتحدة تبريد الأجواء، لأنّ إسرائيل لم تقدم استجابة كافية ترضي المقاومة الفلسطينية.

ويشير إلى مسألة أخرى بدأت تظهر جلية في أنّ إمكانية كسر الحصار عن غزة، باتت أعلى ممّا كانت عليه في السابق، نتيجة الضغوط الدولية والحراك الدولي بهذا الاتجاه.

وختم عيّاد بالقول إنّ “المقاومة تملك الأوراق، وتملك عنصر الوقت رغم الشهداء، في حين إسرائيل تملك عنصر القتل والدمار والتجويع، وهما عاملان متنافران، ولكن عنصر الوقت دومًا من يملكه بيده الورقة الرابحة والمؤثرة”.

وفي هذا السياق نفى متحدث وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، الثلاثاء، وجود اتفاق يمكن إعلانه بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة بخصوص وقف إطلاق النار بالقطاع وصفقة تبادل الأسرى.

وقال الأنصاري في مؤتمر صحفي: “حتى الآن لم تتمخض المفاوضات عن أي نتيجة ملموسة، ونحن متفائلون، على الأقل نطمح أن يتمخض شيء اليوم أو غدا، ونتوصل إلى اتفاق”.

وأضاف: “نحن نسعى للتوصل إلى وقف إطلاق نار خلال شهر رمضان، كما أن هذه الفترة تشهد بعض الأعياد اليهودية الدينية، لذلك ندعو جميع الأطراف للتهدئة”.

واستدرك: “إلا أن الوضع على الأرض يختلف تماما عن ذلك وهناك الكثير من المعوقات”، رافضا توضيحها لعدم الإضرار بالمفاوضات الجارية.

وفي هذا السياق قال ممثل حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في لبنان، أحمد عبد الهادي، في تصريح لقناة “الميادين” حول بنود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى، أنّ “تسريبات وكالة “رويترز” تأتي في إطار الحرب النفسية على المقاومة وهذه تسريبات وأفكار أميركية”.

وأضاف عبد الهادي أنّ “المقاومة غير معنيّة بالتنازل عن أي من مطالبها، وما يطرح لا يلبي ما كانت قد طلبته”، مؤكدًا “أننا لن نتنازل عن وقف العدوان وتحقيق صفقة مشرفة وجدية”.

وشدّد على أنّ الحركة معنيّة “بتحقيق صفقة تحقق مطالب شعبنا الذي قدم الكثير، ولن يأخذوا بالوساطات ما لم يأخذوه في الميدان”.

وأكّد الانفتاح على “أيّ أفكار يطرحها الوسطاء، ولكننا حريصون على الحفاظ على ثوابتنا”، موضحًا أنّ “الاحتلال يسعى إلى تحميل حماس مسؤولية أيّ فشل لاحق للمفاوضات، وهو ما قد يمهد لعملية ضد رفح”.

وفي وقت سابق، ادّعت وكالة “رويترز”، نقلًا عن مصادر، بأنّ “حماس تسلمت مسودة اقتراح باريس الذي يسمح بوقف مبدئي لجميع العمليات العسكرية لمدة 40 يوماً”.

ولفتت إلى أنّ “اقتراح باريس يسمح بالعودة التدريجية للمدنيين النازحين إلى شمال غزة باستثناء الرجال في سن الخدمة العسكرية”، موضحة أنّ “اقتراح باريس يتضمن الالتزام بالسماح بدخول 500 شاحنة مساعدات يومياً وتوفير آلاف الخيام والكرفانات، ويسمح أيضاً بإصلاح المخابز والمستشفيات في قطاع غزة، كما يتضمن تبادل الأسرى الفلسطينيين مقابل إطلاق سراح رهائن إسرائيليين بنسبة 10 مقابل 1”.

ويواصل جيش الاحتلال منذ السابع من تشرين أول/اكتوبر الماضين عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أميركية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.

وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة، إلى ارتقاء 29 ألفا و 878 شهيدا، وإصابة 70 ألفا و 215 فلسطينيا، إلى جانب نزوح أكثر من 85 بالمئة (نحو 1.9 مليون شخص) من سكان القطاع، بحسب سلطات القطاع وهيئات ومنظمات أممية.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة