[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
لم يكن يعلم المجرم الإرهابي باروخ غولدشتاين أنّ “زرعه الشيطاني” وفكره النازي الحاقد حين أقدم قبل ثلاثين عامًا على قتل 30 مصليًا أعزلاً في الحرم الإبراهيمي، سيتحوّل بعد ثلاثين عامًا إلى “منظومة إجرامية” متكاملة وآلة حربٍ غاشمة تحمل الفكر ذاته والدموية الحاقدة المسمومة بحذافيرها لتنفذ “الأجندة المسعورة” للكيان الصهيوني الغاصب ضد أهل غزة وبكل هذه الوحشية ليرتقي في هذا العدوان ما يقارب الثلاثين آلف شهيد وعشرات آلاف الجرحى في مشهدٍ دمويٍ لم يعرفه التاريخ من قبل مع صمتٍ عربيٍ وإسلاميٍ وعالميٍ مطبق.
لكنّ “الغولدشتاينيّين” الجدد أشدّ إجرامًا منه ولم يعد يكفيهم من الدم الفلسطيني يوميًا ثلاثون ولا أربعون ولا مائة، ولم يعد يكفيهم مجزرة مثل معلمهم ولا عشرات المجازر، ويواصلون دمويتهم بضوءٍ أخضر من العالم، وفاتورة الدمّ بلا عددٍ ولا حساب في الذكرى الثلاثين لمجزرة أستاذهم في الإجرام، فما أشبه اليوم بالبارحة لكنّه أشد حلكةً وقهرًا وإجرامًا وإبادةً جماعيةً للفلسطينيين.
وتوافق اليوم الذكرى السنوية الثلاثون للمجزرة البشعة التي ارتكبها المستوطن الإرهابي باروخ غولدشتاين داخل المسجد الإبراهيمي بالخليل وإطلاقه النار صوب المصلين ما أسفر عن ارتقاء 30 منهم وإصابة 150 آخرين.
ونفذ المجرم غولدشتاين مجزرته يوم الجمعة الخامس والعشرين من شباط/ فبراير لعام 1994 داخل المسجد الإبراهيمي وأغلق جنود الاحتلال أبواب المسجد لمنع المصلين من الخروج كما منعوا القادمين من الخارج للوصول لإنقاذ الجرحى.
وأثناء تشييع جنازات الشهداء أطلق جنود الاحتلال النار صوب المشاركين ما رفع إجمالي الشهداء إلى 50 شهيداً 29 منهم استشهدوا داخل المسجد.
وتصاعدت الاحتجاجات مع قوات الاحتلال في الخليل وقراها وكافة المدن الفلسطينية وبلغ عدد الشهداء الذين ارتقوا نتيجة هذه المواجهات إلى 63 شهيداً ومئات الجرحى.
إغلاق متواصل
بعد المجزرة أغلقت قوات الاحتلال المسجد الإبراهيمي والبلدة القديمة لمدة ستة أشهر كاملة بزعم التحقيق في الجريمة وشكلت ومن طرف واحد لجنة “شمغار” للتحقيق في المجزرة وأسبابها.
وخرجت سلطات الاحتلال في حينه بعدة توصيات منها: تقسيم المسجد الإبراهيمي إلى قسمين وفرضت واقعا احتلاليا صعبا على حياة المواطنين في البلدة القديمة ووضعت الحراسات المشددة على المسجد وأعطت للاحتلال الحق في السيادة على الجزء الأكبر منه.
وضم الجزء الذي استولى عليه الاحتلال من المسجد الإبراهيمي مقامات وقبور أنبياء وشخصيات تاريخية إلى جانب صحن المسجد وهي المنطقة المكشوفة فيه.
وضعت سلطات الاحتلال كاميرات وبوابات إلكترونية على جميع مداخل المسجد الإبراهيمي وأغلقت معظم الطرق المؤدية إليه في وجه المسلمين باستثناء بوابة واحدة عليها إجراءت عسكرية مشددة.
مسلسل الاعتداء لا يتوقف
وقال مدير أوقاف الخليل غسان الرجبي في تصريحاتٍ صحفية حول أبرز الأعمال الإجرامية التي أقدم عليها الاحتلال بحق الحرم الإبراهيمي ولم تتوقف حتى اليوم: ارتقاء 30 شهيدا في المجزرة وإصابة 150، وبعد يومين ارتفع عدد الشهداء إلى 63 شهيدا خلال المواجهات الغاضبة وأغلق المسجد 6 أشهر و20 يوما.
وأكد الرحبي أنّ الاحتلال قام بتثبيت التقسيم الزماني والمكاني، وسرق 63% من المسجد -بما في ذلك مكتب دائرة الأوقاف وغرفة الأذان- وحوّل الجزء المقتطع إلى كنيس.
وأشار إلى أنّه أغلق القسم المقتطع بشكل كامل أمام المسلمين، ولا يفتح إلا 10 أيام في العام هي مناسبات دينية إسلامية، بينها عيدا الفطر والأضحى، وفي 10 أيام أخرى يتم الاستيلاء عليه كاملا من قبل المستوطنين وبحراسة الجيش، وهي أعياد يهودية.
ولفت الرجبي إلى أنّ قوات الاحتلال تمنع رفع أذان المغرب بشكل يومي، وتمنع الأذان بشكل دائم أيام السبت باستثناء أذان العشاء، كما تمنع رفع أذاني المغرب والعشاء أيام الجمع، وخلال عام 2023 بلغ عدد مرات منع رفع الأذان 704 مرات.
أغلق الاحتلال الباب الغربي للمسجد، وعزل المنطقتين الجنوبية والشرقية وسرق الساحات المقدرة مساحتها بنحو 5 دونمات تقريبا (5 آلاف متر مربع)، وتم إعطاؤها للمستوطنين لأداء طقوسهم التلمودية فيها.
ولم تتوقف سلطات الاحتلال عن تنفيذ مخططاتها الخبيثة فيه منذ احتلال الخليل عام 67 فعلى سبيل المثال لا الحصر منعت دائرة الأوقاف الإسلامية من فرشه بالسجاد في تشرين الثاني 1967 وبعد أقل من شهر أدخلت إليه خزانة حديدية فيها أدوات عبادة يهودية ثم أدخلت كراسي خاصة بهم إلى القاعة الإبراهيمية في حزيران 1968 وبتاريخ 25/9/1968 سمحت سلطات الاحتلال لفئة يهودية بالصلاة فيه في تحدٍّ سافر لمشاعر المسلمين وبعد أقل من شهر نسفت سلطات الاحتلال درع الحرم الإبراهيمي والبوابة الرئيسية المؤدية إليه وهما أثران تاريخيان.
وبتاريخ 11/10/1971 أدخل المستوطنون طاولة خشبية إلى القاعة الإبراهيمية وفي 9/9/1972 مُنع المصلون المسلمون من أداء صلاة العصر في الحرم لأن المستوطنين كانوا ينشدون الأناشيد الدينية بأصوات مرتفعة وينفخون في البوق وفي 17/12/1972 أصدر الحاكم العسكري الإسرائيلي أوامره بإغلاق الباب الشرقي للحرم الشريف.
وبتاريخ 1/10/1973 سمح الحاكم العسكري في الخليل بإدخال 50 كرسيًّا خشبيًّا إلى القاعة اليعقوبية من الحرم الشريف وقامت سلطات الاحتلال بتغطية صحن الحرم 10/11/1973 في محاولة لتغيير معالمه الإسلامية.
وفي حزيران 1974 قامت سلطات الاحتلال بسلسلة من الحفريات في محيط الحرم الإبراهيمي وأسفل الباب الثلاثي إلى الداخل وإلى الغرب منه وأسفل المدرسة الحنفية.
وفي مطلع عام 1976 اقتحم ثلاثة مسلحين يهود الحرم برفقة سبعة مستوطنين وعبثوا بمحتوياته وبتاريخ 16/3/1976 منع المستوطنون المسلمين من أداء الصلاة في القاعتين اليعقوبية والإبراهيمية.
وفي 21/10/1976 حول جنود الاحتلال قسما من الحرم إلى ثكنة عسكرية ووضعوا فيه أسرَّة وأمتعة للنوم وفي 2/11/1976 اعتدى مستوطنون على الحرم وداسوا نسخا من القرآن بأقدامهم واعتدوا على المصلين بالضرب وفي 18/11/1976 أعلن الحاخام المتطرف مائير كهانا أنه سيحوِّل الحرم الإبراهيمي إلى قلعة للمتطرفين اليهود بهدف ترحيل المواطنين الفلسطينيين من مدينة الخليل.
وفي 8/3/1977 أعلنت الهيئة الإسلامية عن اختفاء مفقودات ذات قيمة بعد فترة من منع المسلمين دخول الحرم الشريف وبتاريخ 16/5/1977 اقتحم عدد من المستوطنين الحرم برفقة الحاخام ليفنجر وقاموا بالرقص داخل القاعة الإبراهيمية وأشهر أحد المستوطنين مسدسه تجاه عدد من المصلين أثناء صلاة الظهر بتاريخ 4/7/1977.
وفي 27/2/1978 اقتحم أحد المستوطنين الحرم وعبث بمحتوياته وفي 24/4/1978 أدخل مستوطنان إليه نسخة جديدة من التوراة وأقاما احتفالاً كبيراً بحماية جنود الاحتلال.
وفي 31 /5/1979 اقتحم جنود الاحتلال القاعة الإبراهيمية ووضعوا فيها الكراسي ومنعوا المسلمين من الوصول إلى الحرم وفي 27/2/1979 اقتحم 20 مستوطنًا الحرم وهم يرفعون الأعلام الإسرائيلية وفي 24/6/1984 أجرى المستوطنون ختان طفل في القاعة الإبراهيمية وفي 11/9/1984 قام الجنود بتركيب عدسات تلفزيونية داخل الحرم لمراقبة المصلين.
وزرعت قوات الاحتلال في المسجد ومحيطه عددا من البؤر الاستيطانية وأغلقت شوارع البلدة القديمة من الخليل وارتكبت فيها أفظع الانتهاكات لحقوق الإنسان من قتل وتدمير وحظر للتجول وحصار اقتصادي متواصل أدى إلى شلّ الحركة التجارية في أسواقها القديمة.
كما تستمر الاعتداءات على ممتلكات أهلها بهدم المباني الأثرية والتاريخية في أبشع مذبحة تستهدف طمس معالمها الحضارية وتغيير هويتها العربية الإسلامية وبشق طريق استيطاني يربط بين مستوطنة “كريات أربع” والحرم الإبراهيمي الشريف وجميع البؤر الاستيطانية بهدف تهويد المدينة.
المجرم غولدشتاين
يذكر أن الإرهابي باروخ غولدشتاين الذي كان يبلغ من العمر (42 عاما) عند ارتكابه المجزرة يعد من مؤسسي حركة “كاخ” الدينية، وقد قدِم من الولايات المتحدة الأميركية عام 1980، وسكن في مستوطنة “كريات أربع” المقامة على أراضي مدينة الخليل.
“ولد بنيامين غولدشتاين في نيويورك، لعائلة يهودية متشددة، تلقى تعليمه في مدارس “يشيفا” اليهودية في بروكلين، ونال درجة الشرف من كلية ألبرت اينشتاين للطب في جامعة يشيفا، وحقق نجاحات باهرة في مجال الطب، ثم غير اسمه إلى “باروخ” في خطواته الأولى للعنصرية والإرهاب.”
وقد سبق للارهابي غولدشتاين، الاعتداء على الحرم الابراهيمي، وتم تبليغ رئيس وزراء الاحتلال آنذاك “رابين”، بإجرامه وحقده العلني والواضح، وخطورة تصرفات غولدشتاين ومستعمرين آخرين متطرفين.
وجاء في رسالة بعثتها “الهيئة الاسلامية العليا””، أن عددا من المستعمرين اعتدوا على ستة من حراس المسجد الابراهيمي وأحد المصلين، مساء الجمعة 8 تشرين الأول 1993، وقام المتطرف غولدشتاين بقطع آذان العشاء بعد اعتدائه على المؤذن.
قبلها بعام، في مساء الخميس 14 تشرين الأول 1992، قام غولدشتاين بإلقاء مواد كيميائية حارقة على سجاد المسجد، ولولا يقظة الحراس والمصلين، لوقعت مذبحة.
7 مجازر بيوم ذكرى المجزرة
وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن الاحتلال “الإسرائيلي” ارتكب 7 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة راح ضحيتها 86 شهيدا و131 إصابة خلال ال 24 ساعة الماضية.
وقالت في تصريح، وصل المركز الفلسطيني للإعلام: إنّه ما زال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات يمنع الاحتلال وصول طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وأكدت ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 29692 شهيدا و69879 إصابة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وتشن قوات الاحتلال منذ 7 أكتوبر الماضي، حربًا دامية ألقت خلالها عشرات الآلاف من أطنان المتفجرات ودمرت أكثر من 50 % من مباني القطاع، وهجرت 90 % من سكانه داخليا، مسببة أزمة إنسانية ومجاعة غير مسبوقة، خاصة في محافظتي غزة وشمالها.
“}]]