نهب ممتلكات الفلسطينيين.. صورة أخرى للانتقام الإسرائيلي بتغطية رسمية ومباركة دينية

[[{“value”:”

القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام

تتنوع مظاهر التنكيل الصهيوني بالشعب الفلسطيني خلال حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة وتوسيع الاستهدافات والاعتقالات داخل مدن الضفة والقدس المحتلتين، وذلك بين قتل بالقصف أو الاستهداف المباشر، وبين اعتقالات وتعذيب، بالإضافة إلى ظاهرة نهب الممتلكات التي يتباهى بها جنود الاحتلال.

لم يعد الأمر -كما في السابق- مجرد حملة دهم أو اعتقال يتم فيها الاستيلاء على أموال أو ممتلكات أو مصوغات ذهبية في نطاق محدود، ولكن النهب أصحب نهجًا واسع النطاق، مسموحًا به من قبل قادة العدو، بل ومصبوغًا بإباحة دينية من قبل بعض الحاخامات اليهود، الذين يزعمون أن كل ما هو فلسطيني فهو مباح للإسرائيليين!.

وفي وقت سابق أورد تقرير لنادي الأسير الفلسطيني أن جيش الاحتلال صعد من اعتداءاته منذ معركة طوفان الأقصى، مثل عمليات السرقة والاستيلاء على الممتلكات من منازل تعود لعائلات المعتقلين الفلسطينيين، وشملت أموالًا وذهبا، وهواتف، وأجهزة حاسوب وسيارات، إلى جانب عمليات التخريب والتدمير الواسعة التي أحدثتها داخل المنازل التي تقتحمها.

صحيفة “هآرتس” ومجلة “+972” أصدرا تقريرًا لهذه الظاهرة التي تركزت في في قطاع غزة خلال العدوان البري الذي يخوضه الاحتلال في كافة المحاور، ولم ينجُ منها سكان مدن الضفة الذين يتعرضون لحملات دهم واعتقال يتم خلالها نهب أموالهم وممتلكاتهم.

أبرز التقرير أن الأمر تجاوز مجرد رغبة الجنود في الاستيلاء على مقتنيات الفلسطينيين، إلى مرحلة تباهي الجنود واعتزازهم بما يرتكبونه من هذه الجرائم، لا سيما في ظل غياب كامل للمساءلة من قبل قادتهم، حسب ما أورد التقرير.

شهادات متعددة

ونقلت هآرتس شهادة أحد أطباء الاحتياط الذي صرح لصحيفة يديعوت أحرونوت، قائلاً: “قامت قوات أصغر وأقل انضباطا بنهب الهواتف والسيارات والدراجات النارية والدراجات الهوائية، هل هذا عادل؟ لقد شعرت بالحرج”.

وأظهر جندي مقاتل في لواء جفعاتي للصحافة وبفخر مرآة كبيرة مأخوذة من منزل في خان يونس، كما نشر جنود على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو يظهر أحدها جنديًّا يعرض بفخر قمصان كرة القدم مأخوذة من منزل في غزة، وفي آخر يتباهى جنود الاحتياط بوجبات الطعام اللذيذة المحضرة من الطعام الذي أخذوه من مطابخ سكان غزة.

أما مجلة “+972” فأوردت أن المغني الفلسطيني حمادة نصر الله أصيب بالصدمة عندما صادف على تطبيق “تيك توك” جنديًّا يعزف على القيثارة التي اشتراها له والده قبل 15 عامًا، كما ذكرت أن مقاطع فيديو أظهرت جنودا إسرائيليين يتفاخرون بالعثور على ساعات يد، وأخرى تظهر سرقة السجاد والبقالات والمجوهرات.

وفي مجموعة على فيسبوك للنساء الإسرائيليات تضم ما يقرب من 100 ألف مستخدم، تساءلت إحداهن عما يجب فعله “بالهدايا من غزة” التي أحضرها لها شريكها الجندي، ونشرت صورة لمستحضرات التجميل، وكتبت “كل شيء مختوم باستثناء منتج واحد. هل نستخدم هذه؟ وهل أحد يعرف المنتجات أم أنها في غزة فقط؟”.

مباركة دينية

والحقيقة أنه منذ بدء الغزو البري الإسرائيلي في أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي -كما تقول +972- كان الجنود يأخذون كل ما تقع عليه أيديهم من منازل الفلسطينيين الذين أجبروا على الفرار، وقد تم الإبلاغ عن ذلك على نطاق واسع دون انتقاد من وسائل الإعلام الإسرائيلية، في حين كان الحاخامات من الحركة الصهيونية الدينية يجيبون على أسئلة الجنود حول ما يجوز نهبه وفقا للشريعة اليهودية.

وإذا كان الحاخامات يفتون بحرمة السرقة، فإن بعضهم أباح عدم الالتزام بقوانين الحرب تجاه الفلسطينيين الذين لا يحترمون تلك القوانين، حسب رأيه.

القادة يسمحون

وأكد جنود عادوا من القتال في غزة أن هذه الظاهرة منتشرة في كل مكان، وأن قادتهم في الغالب يسمحون بحدوثها، معترفًا بأنه هو نفسه أخذ “تذكارا” من أحد المراكز الطبية، وشهد جندي آخر، خدم في شمال ووسط غزة، أن الجنود “أخذوا السجاد والبطانيات وأدوات المطبخ”.

وأوضح الجندي أنه لم تكن هناك أي إحاطة بهذا الشأن من الجيش سواء قبل الدخول أو أثناء وجوده في الميدان، وقال “لم يكن هناك أي حديث عن ذلك من القادة. يعلم الجميع أن الناس يأخذون الأشياء. ويعتبر الأمر مضحكا، يقول بعضهم: أرسلوني إلى لاهاي. وهذا لا يحدث سرا. لقد رأى القادة ذلك، والجميع يعلم، ولا يبدو أن أحدا يهتم”.

وأشار الجندي إلى أن بعض كبارهم كانوا يفعلون ذلك أيضا، وأضاف أن “رقيب السرية وزع المصاحف التي وجدها وأهداها لمن يريدها. وأخذ جندي آخر مجموعة من فناجين القهوة”.

بدافع الانتقام

وترى هآرتس أن الجنود لا ينهبون بالضرورة لتلبية احتياجاتهم الجسدية، كما أنهم ليسوا بالضرورة مدفوعين بالجشع، بل إن النهب أثناء القتال تعبير عن الرغبة في الانتقام؛ حيث يعتقد الجنود أن الاستيلاء على ممتلكات أعدائهم بعد هزيمتهم مؤشر على النصر الكامل.

وتمحورت حجج كبير ضباط الانضباط حول الضرر الذي يلحقه النهب بثقة الجمهور في الجيش وتماسك الوحدة، والمساهمة التي يقدمها في الدعاية المناهضة لإسرائيل، ولكنه نسي -حسب الصحيفة- “أن يذكر المنع الواضح الصريح للسرقة، خاصة أنه منصوص في سفر يشوع الذي يعد مصدر إلهام للجيش”.

وليس من قبيل الصدفة أن يصاحب النهب تدمير الممتلكات، لأنه يعكس إنكارا لإنسانية العدو، مما يجعل من المقبول تفتيش ممتلكاتهم الشخصية، واختيار ما يجب أخذه منها، وهو تأكيد لمقولة “لا يوجد مدنيون أبرياء” في غزة، وبالتالي لا بأس بإيذاء المدنيين حتى بعد فرارهم، وهو بالتالي استمرار لهذه الحرب الانتقامية بوسائل أخرى.

النهب في الضفة

وفي الضفة الغربية، خلال الاقتحامات الإسرائيلية لمنازل المواطنين وممتلكاتهم، طالت الاقتحامات محلات للصرافة، حيث تم خلالها الاستيلاء على أموال تقدر بملايين الشواكل الإسرائيلية دون أي وجه حق.

وكانت قوات الاحتلال قد دهمت مَحالّ صرافة عدة في محافظة رام الله والبيرة والخليل وجنين وطولكرم، ورافق الاقتحام مصادرة ملايين الشواكل (الدولار يساوي 3.62 شواكل)، واعتقال 21 من مالكي تلك الشركات والعاملين فيها، وفق بيان للجيش الإسرائيلي، في حين تحدثت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادرة 10 ملايين شيكل (2.8 مليون دولار).

سياسة ممنهجة

ووفقا لتقرير نادي الأسير، فإن الاحتلال انتهج سياسة الاستيلاء على الأموال والممتلكات، التي تصاعدت على مدى السنوات القليلة الماضية بشكل كبير، وتحولت إلى إحدى أبرز السياسات الثابتة، وتركزت بشكل أساسي في القدس، من خلال استحداث قوانين وتشريعات، لشرعنة عمليات الاستيلاء.

ولفت التقرير إلى أن أكثر المناطق التي سُجل فيها الاستيلاء والسرقات، محافظة القدس التي تشهد هذه السياسة بشكل أساسي، ومحافظة الخليل وتحديدا بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأوضح النادي، أن عشرات السيارات تعود لعائلات معتقلين تم الاستيلاء عليها من الخليل، إلى جانب الأموال والذهب يوميا، ومن خلال المتابعة، فإن أغلبية عمليات الاقتحام والمداهمات للمنازل، تسجل عمليات سرقة.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة