[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
لم يمض وقتٌ طويلٌ على اتهام الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا لإسرائيل بارتكاب “إبادة” في قطاع غزة، مشبّها ما تقوم به هناك بـ”محرقة اليهود” إبان الحرب العالمية الثانية، في حين وصفت إسرائيل تلك التصريحات بالمخزية واستدعت السفير البرازيلي لديها، حتى تدحرجت السجالات بإعلان البرازيل سحب سفيرها من تل أبيب وطرد السفير الصهيوني لديها.
وأشاد مراقبون بموقف البرازيل ورئيسها باعتباره موقفًا متقدمًا تجاه دعم القضية الفلسطينية وصوتًا مرتفعًا تحتاجه المرحلة وهو الأكثر صراحة في توصيف الأحداث وتوجيه أصابع الاتهام للإجرام الصهيوني بارتكاب المجازر وجرائم الإبادة في فلسطين بشكلٍ صريحٍ وواضح، الأمر الذي كان يُنتظر أن يكون من أطراف عربية وإسلامية أكثر قربًا للقضية والجريمة التي ترتكب صباح مساء على مرأى ومسمع العالم أجمع.
موقف متقدم من دولة بحجم البرازيل
بدوره أشاد الكاتب والمحلل السياسي فرج شلهوب بالموقف المتقدم الصادر عن الرئيس البرازيلي وبلاده، مؤكدًا أنّ الخلفية السياسية والفكرية له تجعلنا نتوقع أن يتخذ مواقف بهذا الاتجاه.
وعبّر شلهوب في تصريحاته لـ المركز الفلسطيني للإعلام عن اعتقاده بأنّ جملة الظروف والمعطيات الإقليمية والدولية، وحجم الجريمة الإسرائيلية المنكرة هي التي وفرت مثل هذا الموقف العظيم الذي صدر عن البرازيل ورئيسها.
وتابع حديثه بالقول: في الحقيقة هذا الموقف المتقدم من دولة بحجم ووزن البرازيل وبهذا القدر من الوضوح، لا شك بأنّها، من جهة مفيدة للقضية الفلسطينية، وداعمة للحق الفلسطيني، ومؤشر قوي على الجريمة الإسرائيلية وضرورة وقف العدوان، وفي الوقت ذاته، هي لها مفعول وتأثير واضح على إحراج بعض المواقف العربية الرسمية للحقيقة ليست فقط تنطلق من موقع العجز، لكن ربما بعضها ينطلق من موقع التواطؤ مع الإرادة الإسرائيلية والأمريكية.
ونوه شلهوب إلى أنّ “هذا التعبير البرازيلي وهذا الموقف سواء كان في القمة الأفريقية في الحبشة أو لاحقًا عبر هذا السجال الذي جرى بين الإسرائيليين والبرازيليين، بلا شك فإنّ له وزن وتأثير واعتبار، وله تأثير على سياقات الموقف الرسمي العربي، الذي ما زال في مربع العجز والتواطؤ والتخلف عن اتخاذ مواقف حقيقية ومواقف داعمة للحق الفلسطيني، والتأثير على الموقف الإسرائيلي لجهة وقف العدوان، وإغاثة الشعب الفلسطيني”.
الموقف الأرجنتيني “شاذٌ” عن السياق
وفيما يتعلق بموقف الرئيس الأرجنتيني وزيارته لدولة الاحتلال ودعمها وصف شلهوب موقفه بأنه “للأسف موقف شاذ، ولا ينسجم مع السياق العام في قارة أمريكا اللاتينية، التي هي أغلب دولها ومواقفها السياسية كانت داعمة للحق الفلسطيني، مناصرة للقضية الفلسطينية، وما عبر عنه الرئيس الأرجنتيني ووزير خارجيته أو ممثلهم في الأمم المتحدة ببعض المواقف، يسعى للنفاق للموقف الإسرائيلي، لكن الموقف العام في أمريكا اللاتينية هو ما عبر عنه بصورة واضحة وقوية الرئيس البرازيلي”.
وقال شلهوب إنّ هذا الموقف يمثل عموم القارة مواقف معقولة، وهناك من سجل منها موقفًا متقدما في الحقيقة إزاء إدانة العدوان والاحتجاج على الموقف الإسرائيلي وسحب السفراء وطرد السفراء الإسرائيليين أيضًا.
واستدرك بالقول: لذلك أعتقد أنّ ما عبرت عنه البرازيل هو الموقف العام والمقبول دول أمريكا اللاتينية على العموم بالإضافة إلى أنّ القضية تأخذ زخما عاليًا من حيث عدالة القضية، ومن حيث حجم الجريمة الإسرائيلية غير المسبوقة، والتي عبّر عنها بلسان واضح وصريح الرئيس البرازيلي، مما يرتكبه الإسرائيليون من جرائم يندى لها جبين الإنسانية، ولا تجد لها في أي مكان من يبررها أو أن يدافع عنها حتى الموقف الأوروبي الممالئ أو المنافق أو المؤيد على العموم للموقف الإسرائيلي لا يستطيع الآن أن يظهر تأييدا لهذه العدوانية الإسرائيلية وهذه التجاوزات الإسرائيلية على المدنيين وهذا الحصار القاتل والظالم.
ولفت المحلل السياسي إلى أنّ القضية عادلة لدرجة أنها تجعل أي أحد لديه ذرة من الإنسانية أو شرف يقف معها، ناهيك عن أولئك الذين لديهم موقف تاريخي مناسب تجاه دعم القضية الفلسطينية.
سقوف مرتفعة تحتاجها المرحلة
وقال شلهوب: نحن اليوم نحتاج إلى التعبير عن مواقف بسقف مرتفع، لأنّ الإدارة الأمريكية مع الأسف الشديد لديها قوة وتأثير على مختلف العواصم العالمية وهي لا تزال مصطفة وراء إسرائيل وتدعمها بكل قوة.
وخلص إلى أنّ “عدالة القضية من جهة، ومواقف تاريخية لدول أمريكا اللاتينية، هذا هو الذي يصدر مثل هذه المواقف، لكن الميزة الآن نحن نحتاج إلى صوتٍ عالٍ ومرتفع يؤشر على الجريمة ويطالب بوقفها ويدين هذا الاستكبار الإسرائيلي الموغل في العدوانية والوحشية”.
ومن جانب آخر، أكد شلهوب أن القمّة الأفريقية بصورة عامّة عبرت عن موقف ينسجم مع هذا الاتجاه، وبالتالي بظنّي هي صوت لا يقل أهمية عن صوت البرازيل الذي صوت تكمن أهميته في أنه كان أكثر وضوحًا في التأشير على الجريمة وتحمّل الحقيقة أن يؤشر على المجرمين بصورة واضحة.
الموقف البرازيلي يؤسس لحالة أكثر وضوحًا
ولفت إلى أنّ هناك أصواتًا تظهر في أمريكا اللاتينية مثل بوليفيا وغيرها تحاول أن تؤيد بصراحة الموقف البرازيلي، في مواجهة العدوانية الإسرائيلية وعدوانها على البرازيل، ونحن نستمع اليوم لأصوات إسرائيلية تندد بالبرازيل وتوجه لها الشتيمة والانتقاد، وهناك مواقف مقابلها في أمريكا اللاتينية تحاول تأييد الموقف البرازيلي.
وقال شلهوب: أظنّ أن هذا السياق الذي بدأ في أديس أبابا في القمّة الأفريقية، وموقفها المتقدم، ثم هذا الموقف الواضح والصريح للبرازيل بوزنها، وحجمها وتأييد عواصم في أمريكا اللاتينية لها، سيشكل ضغطًا كبيرًا على الحالة العربية الرسمية التي تتخلف كثيرًا عن اتخاذ مواقف تنسجم مع الموقف الرسمي والشعبي العربي.
وختم تصريحاته بالقول: إن تلك المواقف بمجملها، تؤسس لحالة، ربما تدفع باتجاه اتخاذ مواقف أكثر وضوحًا وأكثر صراحة تجاه هذه الجريمة غير المسبوقة، وهذا العدوان الهمجي الوحشي الذي ليس له أي حد من التبرير أو المنطق.
“}]]