تحتضن صحراء السودان أضخم تجمُّع للأهرامات بمنطقة جغرافية واحدة في العالم، إذ تضم ما لا يقل عن 220 هرماً تقف شامخةً على عُمق حضارة كوش التي تعرف أيضاً باسم الحضارة النوبية، الضاربة في جذور التاريخ بين حضارات العالم القديم.الأهرامات المذكورة التي يفوق عددها الموجود في مصر، كانت عبارة عن مدافن ملكية للملوك الكوشيين، وأشهرهم الملك بعانخي أعظم حكام مملكة كوش وابنه الملك تهارقا خامس ملوك الأسرة الخامسة والعشرين، الملقب بـ(سيد الأرضين)، المذكور بعدة مواضع في العهد القديم بالكتاب المقدس.كما تضم تلك الأهرامات المذكورة، مدافن ملكية لأعظم الملكات بالسودان، وعلى رأسهن الملكتان أماني شخيتي وأماني تيري.ونهضت حضارة كوش بالقرن الثامن قبل الميلاد حتى القرن الرابع الميلادي، في الممالك القديمة بوادي النيل في السودان، كما امتدت لأجزاء جنوب مصر.لكن مملكة كوش انقسمت إلى فترتين، الفترة الأولى فترة نبتة، العاصمة الأولى للمملكة، والفترة الثانية حين أصبحت مدينة مروي التاريخية العاصمة الجديدة.فيما اشتهرت تلك الحضارة (حضارة كوش) بتشييد المعابد المقدسة والتماثيل الضخمة وبناء الأهرامات المنتشرة كمدافن ملكية بمناطق
تحتضن صحراء السودان أضخم تجمُّع للأهرامات بمنطقة جغرافية واحدة في العالم، إذ تضم ما لا يقل عن 220 هرماً تقف شامخةً على عُمق حضارة كوش التي تعرف أيضاً باسم الحضارة النوبية، الضاربة في جذور التاريخ بين حضارات العالم القديم.
الأهرامات المذكورة التي يفوق عددها الموجود في مصر، كانت عبارة عن مدافن ملكية للملوك الكوشيين، وأشهرهم الملك بعانخي أعظم حكام مملكة كوش وابنه الملك تهارقا خامس ملوك الأسرة الخامسة والعشرين، الملقب بـ(سيد الأرضين)، المذكور بعدة مواضع في العهد القديم بالكتاب المقدس.
كما تضم تلك الأهرامات المذكورة، مدافن ملكية لأعظم الملكات بالسودان، وعلى رأسهن الملكتان أماني شخيتي وأماني تيري.
ونهضت حضارة كوش بالقرن الثامن قبل الميلاد حتى القرن الرابع الميلادي، في الممالك القديمة بوادي النيل في السودان، كما امتدت لأجزاء جنوب مصر.
لكن مملكة كوش انقسمت إلى فترتين، الفترة الأولى فترة نبتة، العاصمة الأولى للمملكة، والفترة الثانية حين أصبحت مدينة مروي التاريخية العاصمة الجديدة.
فيما اشتهرت تلك الحضارة (حضارة كوش) بتشييد المعابد المقدسة والتماثيل الضخمة وبناء الأهرامات المنتشرة كمدافن ملكية بمناطق نبتة الأثرية في الكرو، نوري، البركل.
وأهرامات البجراوية، أهم معالم مملكة مروي التاريخية، التي تحوّلت إلى المقر الدائم للملوك الكوشيين بعد زيادة ضغوط المصريين والفرس والروم على مملكة نبتة. وتقع مدينة مروي التاريخية، التي تختلف كثيرا عن مدينة مروي الحالية، قرب الضفة الشرقية لنهر النيل على بعد 210 كلم تقريبًا، شمالي العاصمة الخرطوم. وتمتد مملكة مروي القديمة في مناطق شبه صحراوية بين نهر النيل ونهر عطبرة شمالا، وأعلنتها اليونسكو موقعا للتراث الإنساني عام 2011.
إلى جانب أهرامات البجراوية والبركل ونوري الأثرية، شيدت أهرامات أخرى بمنطقة صادنقا في أقصى شمال السودان، ومنطقة الكوة الأثرية قرب مدينة دنقلا (530) شمالي العاصمة الخرطوم.
الحجر النوبي الرملي
لكن الفرق بينها أن أهرامات صادنقا والكوة مبنية بالطين، بينما بنيت الأهرامات في المناطق المتبقية بمملكتي مروي ونبتة بالحجر النوبي الرملي nubian sandstone.
وكشفت الدراسات والبحوث الأثرية، أن تلك الأحجار كانت تُستجلب من محاجر قريبة للمنطقة، حيث تم الكشف على تلك المحاجر بواسطة البعثات الأثرية بمناطق الأهرامات، وعلى رأسها الأهرامات في منطقة البجراوية.
ويتراوح ارتفاع الأهرامات السودانية من 6 إلى 30 متراً، وتتميّز بقواعد صغيرة نسبياً، يعطيها شكلاً شديد الانحدار، ويجعلها وعرة المرتقى.
فرادة مروي
وفي السياق، أوضحت د. حباب إدريس، كبير مفتشي الآثار بالهيئة القومية للآثار والمتاحف بالسودان لـ”العربية.نت”، أن حضارة كوش تميزت بخصائص محلية ظهرت خلال آثار مملكة مروي ونبتة التي عثر عليها أثناء عمليات التنقيب عن الآثار.
كما أضافت أن من أبرز تلك الخصائص والسمات المحلية، تمثال الإله ابادماك، إله الحرب عند المرويين القدامى، وعثر على تماثيله مجسماً بهيئة أسد في معبد ابادماك بمنطقة النقعة الأثرية.
إلى ذلك، لفتت إلى أن مملكة مروي اشتهرت بصهر الحديد، حيث عثر في أطراف المدينة التاريخية على أكوام حديد وأفران ضخمة، أعطت مؤشرات قوية على فرادة مروي بحضارات العالم القديم، بتلك الصناعة التحويلية، حتى إنها لُقِّبت فيما بعد بـ(برمنغهام إفريقيا).
جريمة الصائد الإيطالي
لكن منذ 200 عام تقريباً، قدم صائد الكنوز الإيطالي جوسيبي فرليني للسودان مع طلائع الغزو التركي المصري في العام 1821، بصفته طبيباً عسكرياً ومستكشف آثار، وارتكب جريمة مُروِّعة.
فأثناء بحثه المحموم عن الذهب، حطم عشرات الأهرامات بمنطقة البجراوية الأثرية الشهيرة، لجهله بمداخلهم.
وأوضحت حباب أن ” فرليني حط رحاله بمنطقة البجراوية الصحراوية القاحلة العام 1834، بحثاً عن الذهب، ولبلوغ أهدافه، لم يتورّع الرجل عن تدمير أي شيء يقف في طريقه حتى لو كان أثراً تاريخياً.
فبعد عمليات بحث مضنية وهدم العديد من الأهرامات الأثرية، عثر أخيراً على مبتغاه بأحد الأهرامات الشمالية بالمدينة الملكية في البجراوية بالتحديد الهرم رقم (6)، الذي يضم مدفن الملكة السودانية أماني شخيتي.
تناثرت الكنوز
وعندما أزيحت الكتل الحجرية، كشفت عن حجرة مستطيلة الشكل، سجي داخلها نعش الملكة المغطاة بثوب من القطن أو الحرير، فوق منصة خشيبة، وعلى أرضية الحجرة تناثرت القطع الأثرية والكنوز والنفائس والزجاج الصقيل، والأحجار الكريمة التي نظمت على شكل سلاسل وتعاويذ وتمايم وحلى ذهبية، عليها نقوش وزخارف مُبهرة، وقف فرليني مندهشاً غير مصدق نفسه أمام المشهد الأسطوري، غير أن ما عثر عليه بمقبرة الملكة أماني شخيتي، جر الخراب على الآثار هناك، إذ اعتقد الرجل أن بقية المدافن ستضم أيضاً كنوزاً ونفائس وأحجاراً كريمة، فقام بتدمير عدد كبير من قمم الأهرامات التي تمثل مدافن الملوك وأقاربهم والأمراء، مُستخدماً أصابع الديناميت.
أهرامات بلا رؤوس
لتصبح الغالبية العظمى من الأهرامات هناك بلا رؤوس، في جريمة مُروِّعة لا تزال شاخصة إلى يومنا هذا، حيث امتدت عملياته التخريبية لأكثر من 40 هرماً.
وقد فر بعدها بالكنوز الأسطورية التي بلغت 57 قطعة أثرية إلى أوروبا لتسويقها هناك، وأفلح في بيعها إلى ملك بروسي في ألمانيا.
ولأكثر من 150 عاماً عرضت كنوز الملكة أماني شخيتي متفرقة، بعد أن جابت معظم الأقطار الأوروبية، لتستقر أخيراً بمتحف ميونيخ في ألمانيا، حيث تعرض هناك تحت اسم كنوز الملكة أماني شخيتي، التي يُنظر لها كرمز للسلطة والثروة والجمال في الثقافة الكوشية.
كما فضل كتاب للمؤرخ وعالم الآثار الألماني كارل هاينز بريشه، الذي عمل لسنوات طويلة بالتنقيب عن الآثار بشمال السودان، وترجمه عالم الآثار السوداني الراحل الدكتور صلاح عمر الصادق، تحت عنوان “ذهب مروي”، تفاصيل القصة المثيرة لسرقة الكنز الذي يُصنّف أكبر سرقة للآثار السودانية في العصر الحديث!