تقرير : توقعات بتمرد في المؤسسة الأمنية الاسرائيلية بعد رسائل ضباط الموساد والجيش

رام الله / PNN/ متابعة الزميل منجد جادو لصحيفة الاهرام المصرية – تظهر عرائض الضباط والطيارين والمدفعية والاطباء ومؤخرا قادة وضباط الموساد الاسرائيلي انتقال مرحلة الخلافات بين قادة الامن الاسرائيلي والمستوى السياسي اليميني الذي يقوده بنيامين نتنياهو رئيس وزراء حكومة الاحتلال ومن معه من وزراء الى مرحلة جديد من الخلاف التي تسبر باتجاه التصادم حيث تشير ردود افعال وزراء اليمين ومعهم قيادة الجيش التي عينتها الحكومة مؤخرا جاهزيتها لأقصاء المعارضين لسياساتهم بكل الوسائل وقمع اي محاولة للتعبير عن رفض الحرب في المجتمع الاسرائيلي.

ويبدو ان الحراك ضد نتنياهو يدخل مراحل جديدة حيث يتزايد في المشهد الاسرائيلي حالة التصعيد للخلافات بين المستوى العسكري المهني والقيادة اليمينية الاسرائيلية عقب نشر نحو 1000 عسكري متقاعد وعامل بسلاح الجو الإسرائيلي، رسالة تدعو لإنهاء الحرب المستمرة على قطاع منذ أكثر من عام ونصف مقابل استعادة المحتجزين بغزة.

هذه الرسالة لاقت دعما في الاوساط المختلفة امنية وعسكرية كان أبرزها نشر رسائل من قبل ٢٠٠ طبيب في الخدمات العسكرية الاسرائيلي و١٥٠ جندي وضابط في سلاح البحرية الاسرائيلي و٢٥٠ ضابط في جهاز الامن الاسرائيلي الموساد من بينهم ثلاثة من قادة الموساد هذا الى جانب اصدار أكاديميين وأعضاء هيئات عسكرية مختلفة رسائل تتضمن نفس المحتوى وبلغة تصعيدية ضد نتنياهو ووزراء اليمين وسياساتهم
وفي الرسالة التي وقعها أيضا رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق دان حالوتس، دعا جنود الاحتياط إلى عودة فورية للأسرى الإسرائيليين، مشيرين أن استمرار الحرب كان “لأسباب سياسية”.

وكتب الجنود في الرسالة: “نحن، مقاتلو الطاقم الجوي في الاحتياط والمتقاعدين، نطالب بعودة المختطفين إلى ديارهم دون تأخير، حتى على حساب الوقف الفوري للأعمال العدائية (الحرب)”. وأضافوا: “في هذا الوقت، تخدم الحرب بشكل أساسي المصالح السياسية والشخصية، وليس المصالح الأمنية”.

وأردفوا أن “استمرار الحرب لا يسهم في تحقيق أي من أهدافها المعلنة وسيؤدي إلى مقتل المختطفين وجنود الجيش الإسرائيلي والمدنيين الأبرياء، وكذلك استنزاف قوات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي”.

المعارضة لنتنياهو وحكومته ستتسع 

وفي تعليقه للأهرام الأسبوعية حول هذه الرسائل وأثرها على المجتمع الإسرائيلي يقول المتابع للشأن الإسرائيلي فراس حسان ان مسائلة عريضة الطيارين حتى وصلت للأطباء في الجيش وانضم إليهم قادة الموساد والشاباك ومن بينهم ثلاثة من قادة الموساد الذين اعتبروا ان استمرار الحرب يخدم المصالح الشخصية والسياسية نتنياهو ومن معه من يمين مؤكدين ان الحرب لم تعد مجدية.

وأشار حسان انه و وفق المجريات فان هذه الموجة من المعارضة ستمتد وتشكل ضغط على صانع القرار في إسرائيل وستتدحرج لتصل لقطاعات أخرى وهذا ما نسمعه من اراء كتاب ومحليين إسرائيليين وان هذه العرائض والرسائل ستكثر نتيجة لإطلاق نتنياهو مصطلح العبثيين والجبناء والممولين من الخارج سيفاقم الازمة ويزيد من عناد المعارضين لنتنياهو لانهم يرون ان الجيش حقق عدد من الأهداف وحال استمرارها لمصالح شخصية سيؤدي لتدمير سمعة الجيش الإسرائيلي وسمعة إسرائيل ويتهمون نتنياهو بانه يقامر بمستقبل إسرائيل من اجل مصالحه.

عاصفة من الانتقادات الحكومية ضد الموقعين على الرسائل 

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن الرسالة “أثارت عاصفة في المستويات العليا للقوات الجوية الإسرائيلية الى جانب المستوى السياسي وفي هذا الإطار هدد قائد سلاح الجو اللواء تومر بار المعين من قبل نتنياهو: بأن أي شخص يوقع على الرسالة لن يتمكن من الاستمرار في الخدمة في الاحتياط، على الرغم من أن الرسالة لم تتضمن تهديدا برفض أو إنهاء العمل التطوعي”.

بدوره هاجم هاجم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الموقعين على العريضة. وقال إن “هذه العرائض نفسها مرة أخرى: مرة باسم طيارين، مرة باسم مسرحي سلاح البحرية، ومرة باسم آخرين. لكن الجمهور لا يصدق أكاذيب دعايتهم في وسائل الإعلام. هذه العرائض لم تُكتب باسم جنودنا الأبطال. لقد كتبتها مجموعة صغيرة من الأعشاب الضارة، التي تستخدم من جانب جمعيات بتمويل أجنبي وهدفها واحد، إسقاط حكومة اليمين”.

وأضاف نتنياهو، أن “هذه مجموعة صغيرة من المتقاعدين، يثيرون ضجة، فوضويون ومعزولون عن الواقع، وغالبيتها العظمى لا تخدم في الجيش منذ سنين. هذه الأعشاب الضارة تحاول إضعاف دولة إسرائيل والجيش الإسرائيلي، وتشجع أعداءنا على استهدافنا. وقد بثوا لأعدائنا رسالة ضعف مرة واحدة، ولن نسمح لهم بأن يفعلوا ذلك مرة أخرى”.

وطالب نتانياهو الإسرائيليين باستخلاص العبرة، مشيراً إلى أن رفض الخدمة هو رفض للخدمة، وليس مهماً أي اسم تجميلي يمنحونه. وأي أحد يشجع على رفض الخدمة سيم إقصاؤه فوراً. والجيش الإسرائيلي

اما وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش حول عريضة الطيارين فعبر عن رضاه لقرارات رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي بفضل الضباط.
وقال رئيس حزب الصهيونية الدينية الشريك الأساسي في ائتلاف نتنياهو: أهنئ رئيس الأركان وقائد القوات الجوية على طرد الرافضين في الاحتياط وسلاح الجو إن هذا التحرك السريع ضروري لتوضيح أننا لن نقبل مرة أخرى الرفض والدعوات للتمرد ضد الجيش الإسرائيلي، لا في الأوقات العادية وبالتأكيد ليس أثناء حرب من أجل وجودنا.

اليمين يريد ان يهيمن على إسرائيل 

وعودة للمحلل الفلسطيني فراس حسان فانه يرى ان موجدة الانتقادات والقرارات التي اتخذها نتنياهو ووزرائه وقادة الجيش الذين عينهم لخدمة مصالحه فان ما قاموا به وصرحوا به يشكل محاولة منهم للسيطرة على كل مفاصل الدولة حيث لا يريدون ان يكون لهم أي معارضة حتى انتهاء فترة الحكم وبالتالي سيكون معهم متسع من الوقت للسيطرة وبالتالي كسب الأصوات في الانتخابات المقبلة اما سقوطهم فيعني نهايتهم.

واكد ان رد اليمين العنيف والاتهامات للمعارضين جاء لانهم يريدون ان يستمروا في سياستهم للقيام بكل ما يستطيع من محاولات تهويد القدس وزيادة الاستيطان وبالتالي هم يعملون على اسكات الأصوات المعارضة لهم كما انهم يرون في موقعي العرائض محاولة لاسقاط حكمهم وبالتالي نتنياهو ومن معه قرروا ان يواجهوا أي معارضة بيد من حديد حتى لو وصلت الأمور الى النزاع العنيف حيث يؤمن قادة اليمين بأهمية فرض رؤيتهم وهذا قد يقود لحرب داخلية او صراع عنيف في إسرائيل اذا استمر نتنياهو ومن معه بوصف معارضيهم بانهم نباتات ضارة او انهم يتلقون التمويل من الخارج في إشارة لتخوينهم.

نتنياهو يريد إخفاء الحقيقية 

يقول سامي ابو شحادة عضو سابق في الكنيست الاسرائيلي في تعليقه على ما يجري في اسرائيل ان رد فعل نتنياهو ومن معه العنيف وما نتج عن هذه التصريحات من قرارات فصل وتهديدات بالعقاب ناجم عن خوف حكومة اليمين من انكشاف زيف روايتهم التي تعطيهم الامد بالاستمرار في حكومتهم 

واشار ابو شحادة الى ان هؤلاء الضباء والجنود الذين ينفذون الجرائم في غزة يقولون لنتنياهو وسموتريتش ان روايتكم كاذبة بشأن استمرار الحرب وان استمرار هذه الحرب هو نتيجة دوافع ومصالح سياسية وشخصية اسرائيلية لنتنياهو ومن معه في حكومة فاشية وليست مصالح امنية لدولة اسرائيل.

واكد ان نتنياهو يحاول اظهارها كحرب وجودية بينما يشدد على الجنود من خلال رسائلهم انها حرب لمصلحة نتنياهو الشخصية الضيقة وائتلافه اليميني الفاشي لذلك نرى محاولة من رئيس الحكومة والوزراء وقادة الجيش محاولة لطمس هذا الحراك الذي يكشف الحقيقة حول الحرب ويغير الراي العام في اسرائيل وهو ما بدانا نشاهده اليوم حيث تشير استطلاعات الراي الى انخفاض في التأييد الشعبي لنتنياهو واليمين.

ما يجري قد يقود لتزايد اعداد رافضي الخدمة

من ناحيته قال إيشاي منوشين، أحد قادة حركة “يش غفول” (هناك حد) الرافضة للخدمة العسكرية خلال حرب لبنان عام 1982 والتي تأسست خلال تلك الحرب: “يأتي الرفض على شكل موجات، وهذه أكبر موجة منذ حرب لبنان الأولى منذ ذلك الحين”.

في بداية الحرب، صرّح الجيش بأنه جند حوالي 295,000 جندي احتياطي، بالإضافة إلى حوالي 100,000 جندي في الخدمة النظامية. وإذا كانت التقارير التي تشير إلى نسبة حضور تتراوح بين 50 و60% في قوات الاحتياط دقيقة، فهذا يعني أن أكثر من 100,000 شخص قد توقفوا عن أداء الخدمة الاحتياطية.

وأشار منوشين إلى أن “هذا عدد هائل. هذا يعني أن الحكومة ستواجه مشكلة في مواصلة الحرب”.

ويقول توم مهيجر، وهو ناشط رفض الخدمة العسكرية خلال الانتفاضة الثانية ويدير الآن صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي تنشر مقاطع فيديو لرافضي الخدمة السابقين يشرحون قرارهم: “في البداية، خلق السابع من أكتوبر شعورًا بـ “معًا سننتصر”، لكن هذا الشعور قد تلاشى الآن”. ويضيف: “ثلاث طائرات تكفي لمهاجمة غزة، لكن الرفض لا يزال يرسم خطوطًا حمراء. إنه يُجبر النظام على إدراك حدود قوته”.

وفقًا لمينوشين، تواصلت منظمة “يش غفول” مع أكثر من 150 رافضًا أيديولوجيًا منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بينما تعاملت منظمة “نيو بروفايل”، وهي منظمة أخرى تدعم الرافضين، مع مئات الحالات المماثلة. 

وبينما يُعاقب الشباب الرافضون للتجنيد الإجباري لأسباب أيديولوجية بالسجن لعدة أشهر، فإن مينوشين على علم بجندي احتياطي واحد فقط عوقب على رفضه الأخير، حيث حُكم عليه بالسجن لمدة أسبوعين مع وقف التنفيذ.

وأوضح قائلًا: “إنهم يخشون سجن الرافضين، لأن ذلك قد يُدمر نموذج “جيش الشعب”. الحكومة تُدرك هذا، ولذلك لا تُبالغ في الضغط؛ بل تكتفي بتسريح الجيش لبعض جنود الاحتياط، كما لو أن ذلك سيحل المشكلة”.

الباحث في الشأن فراس ياغي قال ان هذه العرائض تشير الى انه لا يوجد اجماع حول استمرار الحرب لا في داخل الجيش ولا المجتمع الاسرائيلي موضحا ان الاولوية بالنسبة للراي العام في اسرائيل هي الافراج عن الأسرى الاسرائيليين الموجودين في غزة لإعادتهم لإسرائيل حتى لو ادى ذلك لنهاية الحرب وانه لم يعد هناك اهداف عسكرية اسرائيلية في غزة وانها لم تعد تشكل تهديدا امنيا كما يدعي نتنياهو لذلك العسكر في اسرائيل يعلمون ان هذه الحرب هي ضمان بقاء نتنياهو في الحكم وبقاء الائتلاف الحاكم لذلك نرى نتنياهو ومن معه يتحدثون عن اهمية النصر المطلق والقضاء على حماس وان الحرب هي حرب الاستقلال الثانية لدولة اسرائيل والتغييرات الجيوسياسية في المنطقة.

واكد ياغي ان اسرائيل كادت ان تنهار في السابع من اكتوبر لولا الدعم الامريكي ومن هنا يسعى نتنياهو لاستمرار الحرب لتجنيد مزيد من الدعم العسكري الامريكي لضمان قدرة اسرائيل على الاستمرار في تنفيذ مخططاته التوسعية لذلك فهو يحاول اخفاء دوره في الفشل والتنصل من مسؤولياته على الفشل عبر السعي لسيادة روايته التي يريد بعا خداع الراي العام الاسرائيلي التي يحاول قادة الجيش تكذيبها ومحاسبته وحكومته.

واكد ان الرسائل من مختلف الوحدات سواء سلاح الطيران والمدفعية والاستخبارات والموساد سيزيد الضغط على نتنياهو ويؤسس لراي عام ضد الحكومة وسياساتها لان هناك الكثير من قادة الراي من النخبة في الجيش والمجتمع الاسرائيلي الذين يؤمنون ان نتنياهو يأخذ الدولة الى الهاوية.

واوضح ان انطلاق هذه الرسائل والعرائض من وحدات وقادة الجيش والامن في اسرائيل والتي تعتبر البقرة المقدسة هو اداة للضغط على حكومة نتنياهو لذلك من المتوقع ان تشهد اسرائيل مزيد من الاحتجاجات التي ستؤدي في نهاية المطاف لإسقاطه لكنه الان يحاول التلاعب بإحراز صفقة تبادل قد تنقذه لفترة مؤقتة.

توافق على ان ما يجري يشكل تحولا اتجاه التأكيد على وضف الحرب 

وبحسب كل من تحدث معهم مراسل الاهرام فان الانطباع السائد هو ان هناك اتفاق بين غالبية الخبراء والمحللين على أن عريضة ضباط الاحتياط الإسرائيليين في مختلف المؤسسات العسكرية الاسرائيلية تمثل تحولا في الموقف الداخلي الإسرائيلي تجاه استمرار الحرب على قطاع غزة، وتعكس انكسارا في الإجماع الذي كان سائدا في بداية الحرب.
 

مشاركات مماثلة