سبعة وثلاثون عاما على رحيل امير الشهداء ” خليل الوزير ” ابو جهاد” بقلم : فراس الطيراوي

سيظل هذا التاريخ ذكرى أليمة تذكر برحيل القائد الوطني الكبير خليل الوزير»ابوجهاد» أحد موسسي حركة التحرير الوطني الفلسطيني ونائب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينة ومهندس الانتفاضة الفلسطينية الأولى المجيدة وعقلها المدبر، و أحد قمم وطنيتنا التي شمخت بحملِ أمانة شعبه بتفان حتى النفس الأخير، مسيرةٌ حفلت  بالبذل والعطاء، إنه رمزٌ سبق الضوء أثراً، وإختصر المكان والزمان حضوراً، ونحت التحدي والكبرياء الفلسطيني على جدار تاريخنا المشرق.

تأتي ذكرى العظماء لتجدد فينا العزم على مواصلة النهج والمسيرة، ولتبعث فينا الأمل من جديد نحو النصر والتحرير، ولتذكرنا بالعناوين التي رسمت بالدم الطاهر  طريق العزة والإباء.

نستذكر اليوم  القائد الفذّ الهمام، صاحب العبقرية الوطنية “أبو جهاد” الاسم الذي يتردد صداه بين قمم فلسطين جبلاً من جبالها.  صاغرةٌ هي الكلمات، بل تنزوي أمام  هذا الاسم المنفرد، لعجزها عن وصفه ينبوعاً نضالياً لا ينضب في الذاكرة الفلسطينية، والذي امتد عقوداً من البذل والعطاء، كان فيها منارةً للتعاون والبذل والعطاء، وقد تتبختر الكلمات  لِتُسهم في سرد البسيط من مسيرته النضالية الغنية بالكفاح.

إن الحديث عن القائد الشهيد “أبو جهاد”  هو  الحديث المقترن  بتاريخ أمة ومسار ثورة، حديث عن تحديات وشموخ وإرادة شعب الجبارين. 

نعم لقد عُرف الرجل المقدام،  تقدم الرجال في أشد المواقف، و راية تخفق  بين الرايات، عرف عنه أنه كان  أخاً نصوحاً لإخوانه المناضلين قاعدةً وقيادة، وضع وطنه في حدقات عيونه، وفداه بروحه وجسده، كان صادقاً مع نفسه ومع الأخرين، كان قائداً و مناضلاً وفياً صامداً صبوراً محافظاً على طبيعته لا يتغير، ثابتاً على المبدأ  لم يتبدل ولم تؤثر فيه تقلبات الأوضاع. هادئاً متزناً متحفزاً للعطاء، رجل المسؤولية يقدر المواقف حق قدرها، رجل الوحدة الوطنية ، كان يجسد وحدة ضرورية بين السياسة والأخلاق وبين الأخلاق والعمل التنظيمي، وقيل أنه كان يعيش تفاصيل الحال الفلسطيني ويناضل فيه بلا انقسام ولا انفصام، ولم ينظر إلى خصمه السياسي بمنظار الكراهية أوالانتقام أو تقليل الشأن، بل بمنظار الحوار مع الآخر لقناعته بأن الجميع يحمل هم فلسطين.

رجل اتفاق ووفاق وطني بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، وحدوياً يسعى جاهداً لإصلاح ما أفسده الدهر والآخرون بين المناضلين والثوار، و رمزاً للتسامح والمصالحة ومدرسة للوطنية الخالصة. أحب شعبه وبلاده أكثر من نفسه وجعل ذاته مدرسة في النضال والأخوة والمحبة والتسامح والإيثار والود والألفة، فأحبه أبناء شعبه بمكوناتهم السياسية والاجتماعية والتفوا حوله، إنه نموذج فريد من نوعه وظاهرة وطنية منفردة.

كان الشهيد قائدا وطنيا تاريخياً، آمن بالديمقراطية والتجديد والعدل والمساواة والتعددية الحزبية الثورية، ومارس فعلياً ذلك على أرض الواقع فبقيت مبادئه وقناعاته حية في وجدان إخوانه ورفاقه المناضلين. سبعة و ثلاثون عاماً مضت على رحيلك عنّا يا أعزّ الرجال، رحلت بجسدك ولكنك بقيت في قلوبنا حياً. بكاك الرجل والكهل، والمرأة والطفل، والشيخ والقسيس والشعب الأبي، عشت حراً كريماً شامخاً، ومت شهماً شجاعاً قوياً. لا نهوى البكاء ولكن الدمع يتمرد على مقلنا فيغادرها ليعلن ولادة فقدنا المتجدد، فينا أنت  “أبو جهاد”  دائم الحضور، تحتل كل المسافات في العقل والقلب والوعي والوجدان في مخزون الذاكرة ونظرات المستقبل. التحية كل التحية لشهداء الثورة الفلسطينية؛ أبو عمار ، وأبو جهاد، وأبو اياد، وجورج حبش، والشقاقي، والياسين والقائمة تطول من القادة والرجال الذين قدموا أرواحهم ودمائهم من أجل حرية الوطن، فاستحقوا أن تنحني لهم الهامات، لأنهم كانوا بلسماً يشفي جراح الفلسطينيين، وها هي الأجيال تسير على دربهم حتى تحقيق الحلم المنشود في كنس الاحتلال الصهيوني الغاشم وتحرير الأرض والإنسان ورفع علمنا الفلسطيني خفاقاً فوق مساجد القدس وكنائسها ( إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا) .وقبل رحليه الى علياء المجد خطت يداه دستور الإنتفاضة المجيدة. 

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى كل شعبنا العظيم في فلسطيننا المحتلة إلى كل أهلنا وجماهيرنا الثائرة في الوطن المحتل ، إلى كل إخوتنا في القيادة الوطنية الموحدة وفي التنظيم وفي حركة الشبيبة وفي القوات الضاربة، واللجان الشعبية وفي اللجان الوطنية وفي كل ما أبدعتموه من أطر ولجان وهيئات وهياكل تقودون بها الانتفاضة المتجددة والمتوهجة في الوطن المحتل – المحرر بسواعدنا العملاقة وإرادتنا الفلسطينية، بوعينا السياسي الثاقب وبقدرتنا الهائلة على تلمس النبض الثوري لجماهيرنا، وبإصرارنا على تصدر المسيرة الهادرة لشعبنا بمزيد من الجرأة والبسالة وبجسارة البذل والعطاء, وبسخاء التضحية والفداء وبالاندفاع الجسور في المواجهة، وبحماية الشعب حتى الاستشهاد، وتوسم شرف الشهادة.
يا كل شعبنا، يا أهلنا، يا إخوتنا يا أشبالنا وزهراتنا وكل أبنائنا، ها نحن نطلقها معاً صرخة مدوية واحدة وموحدة: لا للتهدئة، لا تتهادن أو التهاون، لا للمذلة ولا للتعايش مع الاحتلال. المجد كل المجد للانتفاضة، ولنستمر في الهجوم .
لنستمر في الهجوم فالله معنا والشعب معنا والعالم كله معنا.
لنستمر في الهجوم فقد وضعت الانتفاضة عدونا في المواجهة الأخيرة مع أزمته فإما التنازل وإما التشدد، وفي الخيارين معاً فناؤه ومقتله . فإذا تراجع نشد عليه وإذا تشدد نقاتله ونقاومه ونستمر في الهجوم حتى نحرق الأرض من تحت أقدامه حتى يتنازل ويخضع… ويرحل
*لنستمر في الهجوم حتى نعري عدونا، ونسقط الورقة الأخيرة التي تستر عورته فيغد عاراً على أصدقائها، وعبئا ثقيلا على حلفائه.
*لنستمر في الهجوم فالعالم كله يعرف الآن أن قطعان المستوطنين اليهود الصهاينة تجفل من الهجرة من حظائرها البعيدة إلى أرضنا المشتعلة بالانتفاضة الملتهبة بالثورة.
لنستمر في الهجوم حتى لا نسمح لأحد بالالتفاف على انتفاضتنا أو تطويقها ولا يمكن لنا نكرر اخفاقات الماضي ولن نسمح لاحد أن يكرر تاريخ النداء المشؤوم الذي وجهه حكام العرب لشعبنا في ثورة 1936 لإنهاء الانتفاضة والإضراب العام
*لنستمر في الهجوم حتى لا تسقط ثمار الانتفاضة المظفرة في الأيادي المرتعشة للسماسرة وتجار المساومات ودعاة المهادنة والتعايش المذل مع الاحتلال وقبول السلام المذل المهين.
* لنستمر في الهجوم لأن تصعيد الانتفاضة سيزهق روح الباطل الذي ما يزال يحلم بإعادة الوصاية على شعبنا بالتقاسم الوظيفي المشؤوم وبعملاء التنمية وبوثيقة الخزي والعار في لندن.
*لنستمر في الهجوم حتى نساهم في إنضاج شروط عملية استنهاض الوضع الجماهيري العربي فقضيتنا دخلت مع الانتفاضة إلى كل بيت في أمتنا العربية، والجماهير عربية هي في النهاية رصيدنا، وعمقنا، وحليفنا الإستراتيجي، وعندما تخرج الجماهير إلى الشارع العربي يتعزز موقفنا وتقوى جبهتنا وتقترب ساعة انتصارنا الأكيدة.
* لنستمر في الهجوم حتى نحول كل تعاطف كسبناه حتى الآن في أوساط الرأي العام العالمي إلى مواقف عملية ضاغطة على الحكومات والبرلمانات والأحزاب الحاكمة.
*لنستمر في الهجوم حتى نجبر الإدارة الأمريكية على الكف عن المراوغة والتسويف والمماطلة، والرضوخ لمطالبنا علنيا والاعتراف بحقوقنا عمليا، ولننقل المعركة إلى قلب عدونا.
*ولنستمر في الهجوم حتى نشل فعالية ودور اللوبي اليهودي الصهيوني في أمريكا وأوروبا.
* لنستمر في الهجوم حتى نصلب مواقف أصدقائنا وحلفائنا ونغلب المبدئي في هذه المواقف على الأمني والمصلحي منها، ولنستمر في الهجوم حتى نمنع الصفقات التي يمكن أن تتم على حسابنا وضد إرادتنا.
* لنستمر في الهجوم فها هي ثمرة 90 يوماً من الانتفاضة البطولية المتواصلة والمتصاعدة تكاد تهدم كل ما توهم العدو أنه بناه وشيده في 40 عاما من الاغتصاب والاحتلال.
إن ما أنجزته انتفاضتنا الوطنية الكبرى هو حتى الآن كبير بكل المقاييس، وعظيم بكل الحسابات وبطولي ومشرف بكل القيم والمعايير، لكن المعركة ما تزال في عنفوانها والنصر، كما يقول مجاهدو العرب، أن هو إلا ساعة صبر. لنصبر ولا تراجع ولا تهاون ولا تعايش مع الاحتلال، وليس أمامنا إلا تصعيد الانتفاضة والاستمرار في الهجوم، فلنستمر في الهجوم فالله معنا والشعب معنا والعالم كله معنا.
* استمرارنا في الهجوم يعني تكريس الإنجازات التي تحققت منذ اندلاع الانتفاضة وحتى اليوم، تعني أولا المحافظة على كل الأطر واللجان التي تشكلت في كل مخيم وفي كفل حي وقرية ومدينة، استمرارنا في الهجوم يعني أننا نواجه عدونا بشعب موحد ومتفوق من الناحية المعنوية، فالجماهير هي قواتنا وجيشنا ويجب أن نحافظ على روحها الهجومية الوثابة، أن نستمر في الهجوم يعني أن نحافظ على روحية اليقظة والتأهب والاستنفار. أن نستمر في الهجوم يعني أن نضرب نحن المثل قبل الآخرين في الإقدام والعطاء والتضحية، فروح الهجوم تذكيها دائما نار التضحية، وشعلة العطاء المتوهجة.
أن نستمر في الهجوم يعني أن نحافظ على وحدة الهدف السياسي للانتفاضة وللثورة. مطالبنا في أيدينا لا تخدعنا مبادرة من هنا أو مشروع من هناك، لا ننقسم حول تصريح، ولا نختلف على الكلمات بل نبقى موحدين أبداً خلف مطالبنا وأهدافنا لنضع برنامج الانتفاضة في يد كل مواطن وعلى لسان الجميع حتى نحافظ على وحدة الرؤية والهدف ، أن نستمر في الهجوم يعني تأمين التنسيق والتكافل والتكامل بين كل المواقع والمدن والقرى والمخيمات.
أن نستمر في الهجوم يعني أن ننمي قدراتنا وقوانا الذاتية بضم أفضل العناصر التي برزت في المواجه إلى صفوفنا، فزمن المواجهة هو زمن التنظيم أيضا.
أن نستمر في الهجوم يعني توسيع نطاق المظاهرات والمواجهات باستمرار، وأن لا نسمح بعد اليوم بالإهانة أو بالمذلة، وأن ندخل في مواجهات تكتيكية صغيرة محسوبة مع سلطات الاحتلال دفاعا عن أي كرامة تهان أو عرض يمس، وأن ننمي الإحساس بالعزة والكرامة الوطنية بالقول والممارسة معاً.
أن نستمر في الهجوم يعني أن نكثف عمليات التخريب المادي والمعنوي في مؤسسات العدو، لنجعل النار تأكل معاملة وتحرق أعصابه فليس غير لهيب النار المشتعلة ما يبعد الذئاب عن بيوتنا وديارنا، فإلى  تشكيل فرقة الحريق ووحدات النار المقدسة والمقلاع الذي يرمي الحجر يمكن أن يرمي كرات اللهب أيضاً، وهناك عشرات الطرق والوسائل والأساليب التي يبدعها الشعب دائما وهو يواجه ويهاجم ويشغل الأرض تحت أقدام الاحتلال.
* أن نستمر في الهجوم يعني أن نمنع الحركة على الطرقات أو تعيقها وتربكها بأي وسيلة وبكل وسيلة، لنجعل الحركة على الطرقات والشوارع جحيماً لا يطاق حتى نقطع أوصال عدونا، ونعطل دورة الحياة في جسده، فنرهفه، وندمي أعصابه وندفعه إلى المزيد من الارتباك والحيرة والتخبط.
* أن نستمر في لهجوم يعني أن نقسم المجموعات الضاربة إلى فرق عمل ليلية وأخرى نهارية، لنستفيد من الليل فهو صديق شعبنا ورفيق كل الفدائيين
*أن نستمر في الهجوم يعني أن نسخر حتى هواء بلادنا ضد العدو، وأن نستفيد من طاقة الشعب التي فجرتها الانتفاضة بحيث يشترك الشعب كله في المعركة مع الاحتلال
*أن نستمر في الهجوم يعني أن نجد مهمة وموقعها لكل مواطن، رجلا كان أم امرأة، شاباً أو شيخاً، طفلا أو صبياً، الكل في المعركة، والكل في الهجوم المستمر والمتصاعد بحيث نستنزف موارد العدو، ومعنوياته، وندفعه للخروج من الصراع تحت وطأة شعوره بفداحة الثمن المادي والمعنوي الذي يتحمله بالقياس لحجم المكسب السياسي الذي يحصل عليه من استمرار الاحتلال.
* لنستمر في الهجوم موعدنا النصر القادم بإذن الله وبإرادة الشعب والجماهير وأنها لثورة حتى النصر.

مشاركات مماثلة