[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
هكذا يعشق أطفال غزة الحياة ما استطاعوا إليها سبيلاً، ويقفون في وجه العدوان الغاشم المتواصل والذي أغلبية ضحاياه وشهدائه من تلك الأقمار الصغيرة وأحباب الرحمن الذين لا ذنب لهم سوى أنهم أبناء القطاع الصامد الرافض لاستمرار الظلم والقهر والتواطؤ والصمت والخذلان، ليوجهوا رسالة للعالم أجمع “وإذا الموؤودة سئلت بأيّ ذنبٍ قتلت”.
لكن وحتى وقت الحساب على هذا الظلم، لم ييأس أطفال غزة وظلوا يواجهون القهر والجوع والبرد والعتمة بإبداعاتٍ ورباطة جأش أذهلت العالم أجمع، فإذا قطع العالم عنهم الدواء فإنّ في آيات القرآن شفاءً وبلسمًا لآلامهم وبصوتهم الغض الجميل الذي يؤنس القلوب ويبعث الدفء في أجواء البرد القارس يصنعون “مرهمًا” لا يعرف قساة القلوب الذين رأوا آلامهم وما تحركوا قيد أنملة لندتهم وحمايتهم.
ورصد المركز الفلسطيني للإعلام العديد من المشاهد العظيمة لأطفال غزة وإبداعاتهم في صنع الدواء والفرح وإضاءة العتمة، وصناعة الدفء الخاص بهم، فترى الطفل في غزة يتحامل على الوجع والألم الذي ربما لا يطيقه الكبار، وإن ضاقت به الأرض، فإنّ نداءه يصل السماء لربٍ رحيم يجبر الكسر ويربط على قلوبهم المجروحة ويخفف أوجاعهم بذكره والالتجاء إليه، في مشهدٍ مذهب
وإن عزّ توفير الطعام لهم فإنهم يجدون في “لقيمات” قليلة وأرغفة خبز لا تكاد تسمن ولا تغني من جوع، شيئا رائعًا يستحق الفرح والسعادة والابتسامة فيتجاوزون قرصة الجوع بالنشيد للوطن ويتجاوزن برد أجسادهم بالتصفيق لآلامهم وأحزانهم، فما زال ثمّة شيء يستحق الحياة لا يطاله اليأس ولن يخطفه العدوان الغاشم مهما طال، وابتسامتهم وفرحهم دليل نصر وعزة وقوة وعزيمة لن تكسرها آلة الحرب الصهيونية.
وإن قصد العدوّ هدم المدارس، وتجهيل النشأ الجديد فإنّ أطفال غزة ينبشون الركام، ويبحثون عن كتبهم تحت الردم ويستخرجونها رغم أنف العدوان، فثمة مهمة ما زالوا حريصين عليها، ونورًا لعقولهم، لن تغيبه صواريخ الاحتلال، مهما بلغت قوة تدميرها، فسوف نخرج نحن وكتبنا من تحت الركام، ونري عدونا قوة وعزيمة لا تنكسر مهما فعل بنا وفي بيوتنا ومدارسنا.
قطتي حبيبتي زي أختي
وأطفال غزة الذين هزموا عدوهم المجرم الغاشم بإنسانيتهم، لم يتخلوا حتى عن قططهم وحيواناتهم لأنها أرواحٌ يجب حمايتها، فيما عدوهم سعى بكل حرص لإزهاق كل روح في غزة.
طفلة جميلة تعانق قطتها وتصنع منها سعادتها وقطعة من روحها التي تحافظ عليها، وتقول: هذي بستي (قطتي) حبيبتي بحبها أكثر من روحي، لما طلعت ما أخذتش معي ولا أشي غير البسة (القطة)، بحبها أكثر من كل أشي.
وتتابع بالقول: ضليتني متعلقة فيها بطعميها وبشربها وبعطيها كل أشي، وضليت أعيط (أبكي) لأهلي عشان آخذ معي البسة، عشان ما بقدرش أسيبها حرام تموت، ولو ماتت – بعيد الشر – شو بدي أسوي بزعل وبعيط وبدي غيرها.
وتضيف: هاي البسة عقلبي، فيها روح زي البني آدم، بقدرش أسيبها، بحطلها أكل الصبح، وبحطلها تشرب، وبحطلها لحمة وكل إشي مع إنه الأكل قليل بحسب حسابها زي أهل الدار، بقدرش أسيبها زي أختي زي أخوي زي أي إشي، روحي هذي بقدرش أسيبها لو شو ما يصير معي باخذها معاي.
نيوتن غزة يضيء العتمة
“نزحنا من منطقة بيت لاهيا إلى النصر، ومن ثم إلى خان يونس مشيا على الأقدام، حتى انتهى بنا المطاف في المحجر برفح”، هي تفاصيل نكبة فلسطينية وتغريبة جديدة لم تتوقف فصولها منذ العام 1948، يرويها “عبقري فلسطيني”، أو من عرف بأوساط مخيمات النزوح بـ”نيوتن غزة” (نسبة إلى المخترع والمكتشف إسحاق نيوتن).
يشار إلى أن العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة، أدى إلى ارتقاء أكثر من 26 ألفا و900 شهيد، وإصابة 65 ألفا و949 شخصا، إلى جانب نزوح أكثر من 85 بالمئة (نحو 1.9 مليون شخص)، بحسب سلطات القطاع وهيئات ومنظمات أممية.
الطالب الفلسطيني، من مدرسة “جبل المكبر” شمالي غزة، حسام العطار، فجأة ودون سابق إنذار أصبح وعائلته دون مأوى، يقول لـ”قدس برس”: “نظرت إلى أبناء أخي التوأمين ووجدت الخوف في عينيهما، حيث وحشة ظلام وعتمة الخيمة، ففكرت أن أدخل السرور إليهما، وأنير لهما المكان”.
“قدحت فكرة الاستفادة من برودة الجو والهواء، الذي يتسلل في أجساد الأطفال لينهكه تعبا ومرضا، إلى تحويله مصدر دفء وحرارة”، وفق “نيوتن فلسطين”، الذي “استطاع رغم شح الإمكانيات، إنشاء مراوح تولد الكهرباء، ولو بالنزر اليسير، عبر توليد الطاقة عن طريق الهواء”.
تقف والدة الطفل صاحب العينين الخضراوين، فخورة بما حققه نجلها، وتقول لـ”قدس برس” إن “موهبته ظهرت منذ الصغر، إذ كان يحب اللعب بكل ما يقع تحت يديه، ويصنع من لا شيء شيئا يستفاد به، كما أن الأهالي يلجأون إليه لإصلاح أدواتهم الكهربائية”.
تتمنى والدة حسام أن تراه مخترعا عظيما، يفيد مجتمعه وقضيته، وتقول: “هذا جيل فلسطيني لن يهزم، فهو يبحث عن الحياة من وسط الظلام والموت”.
يختم الطفل “العطار” ذو (15 عاما) حديثه: ” أنا أحب الحياة، وأعشق تفاصيلها، أتمنى أن أكون مخترعا ومكتشفا، ولكن من المستحيل أن تموت فلسطين في داخلي”.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بمساندة أمريكية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
“}]]