آراء شبان في مقتبل العمر: أي مستقبل ينتظرنا.. في ظل طموحات تبددها رياح المرحلة وممارسات الاحتلال

 ​   

بيت لحم/PNN – نجيب فراج – عبرت الشابة الفلسطينية ملاك ابو حماد “22 سنة” من سكان بلدة الدوحة الى الجنوب من مدينة بيت لحم وبشكل تلقائي عما يكتنز بداخلها من مشاعر حقيقية لما تعيشة وتشاهده من احداث مؤلمة للغاية نتيجة الحرب الفاشية على الشعب الفلسطيني. 

الحرب عصفت بكل شيء 

وقالت الشابة ابو حماد والتي تخرجت من جامعة بيت لحم في السنة الاخيرة من قسم علم الاجتماع وعلم النفس ” انني اليوم ابلغ من العمر 22 عاما وقد كنت مقبلة على الحياة، اعيش لحظات انتعاش بعد ان تمكنت من اجتياز المرحلة الجامعية وبدأت اخطط كي استكمل تعليمي الجامعي لاحصل على الماجستير فجائت الحرب لتعصف بكل ما خططت له بعد ان شاهدت كل هذه المجازر التي تجعلني ان اكتئب في كل يوم ليعم الحزن في داخلي عميقا، لقد وضعت الحرب حدا لكل تلك المخططات وانتزعت الطاقة الايجابية لما كنت اخطط له، ولهذا فانا اقول اي مستقبل ينتظر شاب او شابة وهو في عمر الورود ويرى كل هذه المجازر والماسي والمضايقات”، وتستطرد ملاك بالقول ” انا اقول هذا الكلام في الوقت الذي كان لي حظا ان اعمل في شبكة فلسطين الاخبارية بعيد تخرجي فاخرج كل يوم من البيت واعود اليه بعد انتهاء عملي فما بالك بالاف الخريجين والخريجات الذين بقوا في منازلهم من دون ان يستيطعوا الحصول على وظائف ولهذا تزداد معاناتهم وحتى اكتئابهم فانا اتحدث مع الكثير من صديقاتي اللواتي بقين في المنزل ولديهن شعور لا يوصف من الاحباط وكلهن يحسدنني عن تمكنني من الحصول على عمل باقصى سرعة ممكنة بعد التخرج”. 

عقم الحياة 

يقول الشاب امجد سرحان وهو خريج جامعي قبل عامين “مشاكل الشبان والشابات في مقتبل العمر لا تتوقف عند حد وكلها تؤكد على عقم الحياة وانسداد افقها في ظل الاحتلال الاسرائيلي الذي ابرم اتفاق اوسلو مع منظمة التحرير قبل نحو ثلاثين سنة وقد تحدث لي والدي ان الشعب الفلسطيني تفائل كثيرا ان تتغير حياتنا وتنفتح الافاق على مصراعيها امام الاجيال المتلاحقة حيث تأملنا ان ينتهي الاحتلال وان يستقل الشعب الفلسطيني وان تزول الحواجز لامكانيات التنقل وان يزول المنع الامني كي يستطيع السفر والعودة كما يشاؤون، وكي يتمكنوا من الوصول الى القدس والعمل فيها واقصد هنا في مؤسساتها العربية لانها جزء من الدولة الفلسطينية، وان تنتهي حرب الاعتقالات واستهداف الشبان والزج بهم في غياهب السجون التي يفترض ان تغلق في حالة اتفاق سلام جدي ولكن بعد ثلاثين عاما انفرط هذا الحلم وتبين ان اوسلو مصيدة لشعبنا ولقضيتنا وتفاقمت امورنا كثيرا وتحول الاحتلال من مباشر الى غير مباشر لتكون الكلفة كبيرة جدا ولتتمكن اسرائيل من التهام مساحات واسعة من الاراضي واقامة مستوطنات عديدة في اطار سياسة التهويد لارضنا ولتتدخل اسرائيل في كل تفاصيل حياة الفلسطينيين وتقيم مزيدا من الحواجز لتقويض حركة المواطنين واستمرار الاعتقالات وكل ذلك حد بطريقة واضحة حلم الاجيال المتعاقبة في تحقيق حلمها فتوسعت البطالة وانسدت الافاق، وجائت الحرب الاخيرة على غزة كي تفاقم الامور لترتكب اسرائيل حرب ابادة جماعية فجففت الحياة على نحو مليونان وثلاثمائة الف نسمة وهذا ترك اثره على الشعب الفلسطيني بمن فيهم اجيال المستقبل خاصة وان مصير الضفة الغربية لا زال غامضا والجميع يتحدث عن مخطط جهنمي يستهدف الضفة الغربية ايضا لتطيح اسرائيل بكل امكانيات التعايش المشترك”. 
قصص لا تنتهي 
تعقدت حياة الشابة ربا “25 سنة” من سكان مدينة بيت لحم والتي عقدت خطوبتها على الشاب عبد القادر الخواجا في العام الماضي وقد قررا ان يتزوجا في الرابع عشر من اكتوبر الماضي فاندلعت حرب طوفان الاقصى وقبل يوم من موعد الزفاف جرى اعتقاله وكانت هذه الشابة التي تعمل في مستشفى جمعية بيت لحم العربية في بيت جالا في قسم العلاج الطبيعي قد اجرت كل استعدادتها للزواج فنقلت مكان عملها الى رام الله ونقلت كل حاجياتها واغراضها لتنقل حياتها الى رام الله فجاء اعتقال خطيبها ليعقد حياتها ويعيق طموحاتها ولم يكن امامها الا ان تستأجر في رام الله لتلتزم بعقد العمل الجديد وتبتعد عن اهلها في انتظار الفرج بان يطلق سراح خطيبها الذي زج باتون الاعتقال الاداري لمدة ستة اشهر ولا يوجد اي افق لفتح الامل من جديد اذ يقبع خطيبها في ظروف ضعبة للغاية ولم تتلقى اية اخبار عنه منذ اعتقاله. 
ولخطيبها قصة اخرى في مسيرة الاحلام البائدة فهو استأجر منزل الزوجيه لعام كامل ودفع ثمن الاجرة، كذلك اسس شركة للمساحة الهندسية كلفته اكثر من 150 الف شيقل حصل على قروض بنكية لتسديد ثمنها والان الشركة تواجه صعوبات جمة واضبح مكلفا ان يسدد القروض حتى وان كان داخل السجن. 

حكاية المحامية ديالا عايش 

وفي مثال صارخ اخر اقدم جنود الاحتلال الاسرائيلي المتمركزين على حاجز الكونتينر المطل على طريق وادي النار على اعتقال الشابة المحامية ديالا عايش من سكان مدينة البيرة اثناء مرورها عبر الحاجز قادمة من مدينة الخليل وذلك في السابع عشر من الشهر الجاري وقد جرى تحويلها الى الاعتقال الاداري لمدة اربعة اشهر. 

وكانت المحامية عايش قد حصلت على شهادة مزاولة المهنة قبل عدة اشهر وافتتحت مكتبها الخاص في مدينة البيرة وسط امال نجاحها لتشق حياتها بامل كبير ولكن جاء الاعتقال ليضع حدا لهذه الطموح كغيرها من الاف الاسرى الذين يزج بهم في السجون من بينهم العشرات من طلبة التوجيهي الذين يحرمون سنويا من التقدم لهذا الامتحان المصيري. 

خريجو الجامعات ومصيرهم المجهول 

عند نهاية الدراسة الجامعية في كل عام وتمتليء ساحات الجامعات بالاحتفال بتخرج الاف الطلبة من الاقسام والكليات المختلفة ويحتفون مع اهاليهم بهذه المناسبة التاريخية ويرفع الطلبة قبعاتهم وهم يتراقصون يتسائل العديد من الناس عن “اليوم التالي” من التخرج فهل هؤلاء الخريجون سوف ينخرطون في سوق العمل ام سيكون مصيرهم سيف البطالة والحقيقة ان من يلتحق بوظيفته هم اقلية وان النسبة العامة يكون مصيرهم هذه البطالة الخطيرة على المجتمع وتطوره.

احصائيات صادمة 
وكان مركز مركز الاحصاء الرسمي، قد اظهر في تقرير له نسبة بطالة عالية في اوساط الشباب الخريجين في فلسطين، إذ بلغ معدل البطالة على المستوى الوطني 48% في العام 2022، بواقع 28% في الضفة الغربية و74% في قطاع غزة. في حين كان هذا المعدل حوالي 53% في العام 2021، بواقع 35% في الضفة الغربية و74% في قطاع غزة.

وأوضح الإحصاء ان أعلى معدل بطالة بين الذكور (20-29 سنة) الحاصلين على شهادة دبلوم متوسط أو بكالوريوس في تخصص اللغات سُجل بنسبة 52%، في حين سُجل أعلى معدل بطالة بين الإناث (20-29 سنة) الحاصلات على شهادة دبلوم متوسط أو بكالوريوس في تخصص العلوم الفيزيائية وتخصص العلوم الاجتماعية والسلوكية بنسبة 78% لكل منهما.

وأشار إلى انخفاض معدل البطالة بين الأفراد (20-29 سنة) في الضفة الحاصلين والحاصلات على شهادة دبلوم متوسط أو بكالوريوس مع ثبات في معدل البطالة في قطاع غزة للفئة نفسها؛ إذ بلغ هذا المعدل على المستوى الوطني 48% في عام 2022، بواقع 28% في الضفة و74% في قطاع غزة. في حين كان هذا المعدل حوالي 53% في عام 2021، بواقع 35% في الضفة الغربية و74% في قطاع غزة.

ولفت إلى أن تخصص الأعمال والإدارة سجّل النسبة الأعلى بين الأفراد (20-29 سنة) الحاصلين على شهادة دبلوم متوسط أو بكالوريوس، مع العلم أن نسبة الحاصلين على تخصص الأعمال والإدارة كانت الأعلى من بين التخصصات الأخرى للأفراد في الفئة العمرية نفسها خلال العقد الماضي.

فيما سجّل تخصص العلوم الاجتماعية والسلوكية أعلى معدل بطالة بين الأفراد في الفئة العمرية نفسها الحاصلين على شهادة دبلوم متوسط أو بكالوريوس في فلسطين في عام 2022.

فجوة بين الضفة وغزة في معدلات البطالة لجميع مجالات الدراسة

من بين مجالات دراسية مختارة في عام 2022، سُجل أعلى معدل للبطالة بين الأفراد (20-29 سنة) الحاصلين على شهادة دبلوم متوسط أو بكالوريوس في قطاع غزة في تخصص العلوم الاجتماعية والسلوكية بنسبة 97%، تلاه تخصص الرفاه بنسبة 88%.

في حين سُجل أعلى معدل للبطالة بين الأفراد (20-29 سنة) الحاصلين على شهادة دبلوم متوسط أو بكالوريوس في عام 2022 في الضفة الغربية في تخصص العلوم الفيزيائية بنسبة 47%، تلاه تخصص العلوم الاجتماعية والسلوكية بنسبة 45%.

يحتاج الخريجون من 13 إلى 20 شهراً للحصول على أول فرصة عمل

من بين مجالات دراسية مختارة في عام 2022، بلغ أعلى معدل فترة تعطل بالأشهر بين الأفراد (20-29 سنة) في فلسطين والحاصلين على شهادة دبلوم متوسط أو بكالوريوس في تخصص القانون بمعدل 20 شهراً، في حين بلغ أدنى معدل فترة تعطل في تخصص الهندسة المعمارية والبناء وتخصص الهندسة والحرف الهندسية بمعدل 13 شهراً لكل منهما.

بلغ عدد المتقدمين لامتحان شهادة الثانوية العامة 87,817 في العام الدراسي 2022/2023، فيما بلغ عدد خريجي مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية 46,225 خريجا وخريجة في العام الدراسي 2021/2020. ويستوعب السوق المحلي سنوياً بمعدل 3 آلاف فرصة عمل للأفراد

  

المحتوى ذو الصلة