[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
قال الخبير في القانون الدولي الدكتور محمد الموسى: على الرغم من توقعنا لقرار محكمة العدل الدولية حول اتخاذ تدابير لوقف جرائم الإبادة الجماعية في غزة مسبقًا كقانونيين، لكنّ الأمر المستفز في القرار هو عدم النص صراحة على ضرورة وقف الأعمال العدائية وبشبه إجماعٍ من قضاة المحكمة الأمر الذي من شأنه أن يوقف الإبادة الجماعية فعليًا.
وأوضح الموسى في تصريحاته لـ المركز الفلسطيني للإعلام: إنّ ما استفزنا كقانونيين، أنّ المحكمة لم تتعامل بهذه القضية بالتساوي كما تعاملت مع قضية أوكرانيا، ففي القضية التي رفعتها أوكرانيا ضد روسيا، وهي تتعلق أيضًا بتطبيق اتفاقية تحريم الإبادة الجماعية، وتقدمت أوكرانيا بطلب تدابير تحفظية، والمحكمة فعلاً بتلك الفترة طلبت بتدابيرها التحفظية من روسيا وقف العمليات العسكرية، بل والانسحاب من أوكرانيا.
ولفت إلى أنّ هذا ما لفت انتباهنا، كقانونيين، مع أنه وبصراحة الجرائم التي ترتكب الآن في غزة لم ترتكب من قبل القوات الروسيا بالنسبة للمدنيين في أوكرانيا.
المسألة الأخرى المستفزة بحسب الموسى، “أنّ المحكمة، وكنا نتوقع هذا التوجه منها، ولكن لم نتوقع أن يكون شبه إجماع 15 قاضيًا يجمعوا على هذه المسألة على عدم التطرق لضرورة وقف إطلاق النار، فكنّا نتوقع أن يكون ثلاثة إلى أربعة قضاة يطالبون بوقف إطلاق النار صراحة، وانّه بدون وقف إطلاق النار، لا يمكن منع الإبادة الجماعية، وكان بإمكانهم أن يبدعوا في البحث عن أدلة وأسانيد لوقف إطلاق النار في سياق منع الإبادة الجماعية، ولكننا لم نرى أراء في سياق ذلك، ولا حتى من القضاة العرب محمد دنونة أو نواف سلام من لبنان أو القاضي عبد القوي من لبنان.
حتى القضاة العرب لم يتطرقوا لها
وتابع بالقول: هذا ما لفت انتباهنا عدم وجود آراء مخالفة تربط ما بين الإبادة الجماعية في قطاع غزة ووقف إطلاق النار، ولو أرادوا ممكن أن يأتوا بحجج بغض النظر عن قوتها من عدمه، خاصة وأن رئيسة المحكمة قالت إنّ التقارير وما قاله الأمين العام للأمم المتحدة تشير إلى أنّ الاستمرار بالعمليات العسكرية سيجعل من الصعب الإصلاح.
وقال الموسى: هنا يبرز سؤال، بما أنكم لم توقفوا العمليات العسكرية، على الرغم مما ذكرته التقارير أنّ ما يجري في القطاع من تدمير بشكل لا يمكن أن يتم إصلاحه، فكيف سيتم وقف الإبادة الجماعية إذا ما واصل الكيان الصهيوني عدوانه على غزة؟
قراءة في تفاصيل القرار
وفي قراءته لتفاصيل القرار، قال الموسى: إنّ أمر الإشارة بتدابير احترازية الذي أعلنته محكمة العدل الدولية اليوم لا بد فيه من التأكيد على ثلاثة ثوابت أساسية، المسألة الأولى: أنّ المحكمة لم تدخل بعد في الدعوى، ولم تدين الكيان الصهيوني، ولم تنظر بعد إلى ارتكاب إبادة جماعية من عدمه، وانّ ما اتخذته من تدابير تحفظية لا يعني أنّه ثبت لديها وجود إبادة من عدمه، هذه مسألة يجب أن تكون واضحة للجميع.
كما لفت الخبير القانوني إلى أنّ المحكمة اختصاصها محدود في جرائم الإبادة الجماعية حصرًا، لماذا؟، لأنّ الكيان الصهيوني لا يعترف باختصاص المحكمة بشكلٍ عام، بل يعترف باختصاصها بناء على المادة 9 من اتفاقية منع الإبادة الجماعية، واختصاصها محدود في الإبادة ومنع الإبادة، وليس بجوانب أخرى متعلقة بقانون استعمال القوة، أو غيره.
وأمّا المسألة الثالثة، بحسب الموسى: أنّها كمحكمة دولية في إطار التدابير التحفظية، توازن بين حقوق طرفي الدعوى، وليس طرفًا واحدًا، وهذه مسألة يجب أن ننتبه لها، خاصة وأنها لم تصدر في أساس الدعوى، وتخشى أن تكون تدابيرها التحفظية تضيع طرف آخر إذا ما ثبتت لاحقًا في أساس الدعوى، وأنّ ما حصل اليوم، أنّ المحكمة فقط حاولت أن تتأكد من أنّ شروط التدابير التحفظية متحققة كي تصدر هذه التدابير.
وأوضح الموسى بالقول: بمعنى أنه إذا أخذنا رئيسة المحكمة في منطوق القرار الذي قرأته قالت: أنّه ثبت لنا أن المحكمة تختص لأول وهلة، وبأن هناك إمكانية بالقول بوجود اختصاص لنا، ولكن هذا لا يعني أنّها حين تدخل في الدعوى ستقول أنّ هذا ملزم لها كاختصاص.
ولفت إلى أنّ المسألة الأخرى التي قالتها المحكمة أنها تثبتت من شرط أنّ الحقوق المحمية تتعرض للخطر في غزة، بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وبأنّ هذه الحقوق قد تتعرض للخطر، واستشهدت القاضية بأدلة بأنّ هناك تدمير كامل للبنية المعاشية في قطاع غزة وأنّه (إذا استمر النزاع) وهنا علينا الانتباه لهذه الكلمة، وأنه قد تتعرض هذه الحقوق لضرر نهائي لا يمكن إصلاحه مطلقًا.
“ثم قالت إنّ جنوب إفريقيا لها صلاحية أن تقاضي وليس بالضرورة أن تكون هي الدولة المتضررة، لأنّ هذه الاتفاقية تنشئ حجة على الكافة أثبتت أنها تشير على حقوق تحتاج إلى الحماية في هذا الإطار، وأنّها ترتبط “إلى حد معقول” وليس بشكلٍ قاطع، مع اتفاقية الإبادة الجماعية”، على حد تعبيره.
وأضاف، فيما يتعلق بالتدابير التحفظية، طلبت جنوب إفريقيا من المحكمة أن تأخذ مجوعة من التدابير التحفظية في الواقع، وجدنا أنّ المحكمة في إطار التدبير الأهم المطلوب، وهو وقف العمليات العدائية وقفًا فوريًا، رأينا أنّ المحكمة لم تذكر هذا الموضوع، ولم تستجيب له، وقالت المحكمة أنّها ليست ملزمة بأخذ التدابير التحفظية ذاته التي طلبتها جنوب أفريقيا.
وتابع الموسى: بالفعل النظام الأساسي للمحكمة وقواعد الإجراء الخاصة في المحكمة تجيز لها أن تأخذ جزئيًا مما طلبته أو كليًا، والمحكمة أخذت بجزء منها، واستحدثت بعض التدابير الأخرى.
أهم تدبير اتخذته المحكمة
وأوضح أنّ أهم تدبير اتخذته المحكمة أنّها كما قلت لم تستجب لطلب وقف العمليات العدائية فورًا، واستبدلته بأنه على الكيان الصهيوني أن يمتنع جنوده عن أي أعمال تندرج ضمن المادة 2 من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.
وأشار إلى أنّ المادة 2 تحدد الأفعال التي تشكل جريمة الإبادة الجماعية، وهي قتل أفراد الجماعة المحمية، أو إلحاق أضرار جسدية أو عقلية جسيمة بهم، أو إخضاعهم لظروف معيشية الهدف منها تدميرهم كليا أو جزئيا، ومنع الإنجاب في الجماعة، أو أخذ الأطفال عنوة من الجماعة ونقلهم إلى جماعة أخرى، وبالتالي الكيان الصهيوني عليه أن يمتنع عن هذه الأفعال.
لماذا لم تصدر المحكمة قراراً بوقف فوري لإطلاق النار؟
وفي إجابته على هذا التساؤل، قال الموسى: الناس تفاجأوا أنّ المحكمة لم تقرر وقف إطلاق النار، وهذه الأمر الذي صدر عن المحكمة والقاضية قرأت منطوق الحكم، والأمر يأتي أكبر من ذلك، وعندما ينشر الأمر الذي صدر عن المحكمة سوف نرى الأسباب التي دفعت المحكمة.
وأضاف، من الآن أتوقع أنّ ما يكون في الأمر مكتوبًا أنّ المحكمة مقيدة باتفاقية تحريم الإبادة الجماعية، وتنظر في مسائل بارتكاب جرائم بمناسبة نزاع مسلح، وليس لها اختصاص، والسؤال الذي وُجه لها في هذا النطاق، والمحكمة ليس لها اختصاص في النظر بقضايا تتعلق بقانون استخدام القوة.
وشرح الموسى: في القانون نميز بين قانونين: (قانون حق استخدام القوة/ القانون في الحرب والنزاعات المسلحة)، والموضوع المنظور أمام المحكمة يتعلق بقانون الحرب والنزاعات المسلحة وليس قانون استخدام القوة، ولهذا السبب المحكمة أعتقد أنه ليس بمقدورها النظر في موضوع وقف الحرب من عدمه، لأنّ هذا الموضوع ليس بالسهل أن تقره، لأنها ربما تقول إذا نظرنا مستقبلا في أساس الدعوى، هذا قد يكون بنظر المحكمة أنها لا تريد أن تهدر حق الكيان (ونحن نعلم أنّه ليس له حق الدفاع عن نفسه كدولة احتلال أساسًا)، وهي لا يمكن أن تبحث موضوع استخدام القوة اليوم وبهذا الإطار.
وأشار الموسى إلى أنّ المحكمة قالت إنّ على الكيان الصهيوني اتخاذ تدابير لإدخال المساعدات الإنسانية والمواد اللازمة، وأن يمتنع عن تدمير بيئة القطاع وإجراءات فورية لعدم تدمير الأدلة التي تتعلق بارتكابه جرائم إبادة جماعية، وأيضًا العمل على ملاحقة ومقاضاة من يشتبه أنهم ارتكبوا جرائم تدخل في إطار الاتفاقية، وطلبت منه خلال شهر أن يبلغ المحكمة بما اتخذه من تدابير، والمحكمة لها أن تقيم حسب اللوائح الداخلية، وتعدل التدابير أو تستعيض عنها.. الخ.
“}]]