جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، اليوم الجمعة، إن قوات الجيش الإسرائيلي قتلت أكثر من ألف فلسطيني في غزة منذ أن رفعت محكمة العدل الدولية قبل أسبوع جلساتها للنظر بدعوى رفعتها جمهورية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بشأن انتهاكات لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
وأكد الأورومتوسطي أنه بخلاف السرد الذي قدمه فريق المحامين الإسرائيليين أمام محكمة العدل الدولية لنفي تهمة الإبادة الجماعية، فإن الوقائع على الأرض تثبت أن إسرائيل لم تتوقف مطلقًا عن ارتكاب هذه الجريمة حتى أثناء جلسة دفاعها أمام المحكمة.
وادعت إسرائيل أمام محكمة العدل أنها لا تستهدف المدنيين أو الأعيان المدنية في قطاع غزة بينما خففت من وتيرة العملية العسكرية في القطاع، وأنها تبقى حريصة على زيادة المساعدات الإنسانية ضمن جميع الإمكانات المتاحة. وأضافت أنها لا تعرقل عمل الخدمات الصحية، بل تدعمها، وأن لا نية لها لتهجير سكان القطاع.
القتل الجماعي والفردي متواصل
غير أن التوثيق الأولي للمرصد الأورومتوسطي يدحض انسجام ادعاءات إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية مع ما جرى على الأرض في قطاع غزة خلال الفترة الواقعة ما بين 12 حتى 18 كانون ثانٍ/يناير الجاري. فعلى صعيد استهداف المدنيين في قطاع غزة، قال الأورومتوسطي إن الجيش الإسرائيلي استمر في تنفيذ عمليات قتل جماعي وفردي، حيث قتل خلال سبعة أيام فقط 1.018 شخصًا، بينهم ما لا يقل عن 390 طفلا و208 امرأة، بمعدل 145 شخصًا يوميًا.
وذكر أن الإحصائية المذكورة شملت فقط من وصل المستشفيات في قطاع غزة، في حين تبقى هناك شهادات ومعطيات بمقتل آخرين بواقع ما لا يقل عن 15 شخصًا يوميًّا خلال هذه المدة لم تصل جثامينهم للمستشفيات بفعل تعذر انتشال جثثهم أو دفنهم في مقابر مؤقتة، كما حدث شرقي خانيونس جنوبي قطاع غزة يوما 17 و18 من الشهر الجاري حين دفن 5 مدنيين، منهم سيدتان في مدرسة إيواء نازحين. كما أسفرت الهجمات الإسرائيلية عن إصابة 1.934 آخرين بجروح، منهم 70% على الأقل من الأطفال والنساء.
وأبرز الأورومتوسطي أن جزءًا من هذه الهجمات وقعت في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، والتي يصنفها الجيش الإسرائيلي كمنطقة آمنة لجأ إليها ما يقارب من 1.3 مليون نازح، وجرى فيها استهداف منازل وخيام وشاليهات تؤوي نازحين. كما استهدفت إحدى الغارات مدرسة في حي “الدرج” في مدينة غزة التي أعلن الجيش الإسرائيلي انتهاء عملياته الأساسية فيها، وفق ما جاء على لسان فريق الدفاع الإسرائيلي.
استهداف المنازل والمستشفيات
وأشار الأورومتوسطي إلى أن ما لا يقل عن 70 فلسطينيًّا قتلوا وأصيب العشرات في عدة حوادث جراء تعرضهم لإطلاق نار مباشر من الدبابات وطائرات (كوادكابتر) الإسرائيلية، وذلك حين تجمعوا في شمال غرب غزة بانتظار شاحنات تحمل مساعدات.
وكان أصعب ما حدث بالتزامن مع انعقاد المحكمة حين قتل نحو 50 شخصًا دفعة واحدة برصاص الجيش الإسرائيلي أثناء محاولتهم الحصول على بعض المواد الغذائية من هذه الشاحنات.
وأكد الأورومتوسطي أن الجيش الإسرائيلي ما يزال مستمرًا في شن الهجمات العسكرية والمتعمدة ضد المنازل السكنية للفلسطينيين وتدميرها، حتى في المناطق والأحياء التي لا تشهد أي أعمال قتالية. أي أن عمليات التدمير جرت بعد إحكام سيطرته على تلك المناطق والأحياء، وعلى نحو واسع ومنهجي.
وشدد على أن ذلك يدلل على أن الهدف من تلك العمليات هو تدمير حياة السكان في القطاع، ومنع عودة النازحين قسرًا إلى بيوتهم وأماكن سكناهم.
ونبه الأورومتوسطي إلى استمرار الجيش الإسرائيلي في الاعتداء على القطاع الصحي خلال هذا الأسبوع، بما يشمل منشآته وطواقمه وموارده. وذكر أنه في 17 من الشهر الجاري، لحقت أضرار بمقر “المستشفى الميداني الأردني” في خانيونس، جراء قصف إسرائيلي تزامن مع توغل في منطقة المقابر المحاذية لموقع المستشفى، ما تسبب بإصابة أحد الطواقم العاملة، وشخصٍ آخر كان يتلقى العلاج في قسم العناية الفائقة وأصيب بشظايا إضافية.
تواصل حرب التجويع
على صعيد آخر، أكد الأورومتوسطي أن إسرائيل مستمرة في استخدام التجويع كأداة من أدوات الحرب، مشيرًا إلى أن حجم المساعدات الذي يدخل قطاع غزة عمومًا وما وصل إلى شمالي قطاع غزة تحديدًا لا يلبي الاحتياجات المتعاظمة بعد أكثر من مائة يوم على بدء الهجمات الإسرائيلي العسكرية ضد قطاع غزة.
وأشار الأورومتوسطي إلى أنه لم يرصد دخول أي من لجان التحقيق وتقصي الحقائق الدولية إلى قطاع غزة، وكذلك المقررين الخاصين التابعين للأمم المتحدة، بفعل منع إسرائيل دخول هؤلاء إلى القطاع من خلالها، وعرقلة دخولهم كذلك إلى القطاع من معبر رفح البري.
وحذر المرصد الأورومتوسطي من المألات الخطيرة الناتجة عن عدم السماح للجان الدولية بالدخول إلى قطاع غزة، وبخاصة فيما يتعلق بالأدلة الجنائية التي تدين إسرائيل على جرائمها المرتكبة هناك، وصعوبة الحفاظ عليها من التدمير أو الضياع، وازدياد خطر موت الشهود بالقتل بنيران الجيش الإسرائيلي، أو الجوع أو الجفاف أو المرض بسبب الحصار الإسرائيلي على القطاع.
مطالبة بخطوات عاجلة من العدل الدولية
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن هذه المعطيات تستوجب من محكمة العدل الدولية تسريع قرارها لجهة اتخاذ تدابير عاجلة لوقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد سكان قطاع غزة، وحمايتهم من أي ضرر جسيم إضافي وغير قابل للإصلاح.
يشار إلى أن محكمة العدل الدولية عقدت جلستي استماع علنيتين يومي 11 و12 كانون ثانٍ/يناير الجاري في مقر المحكمة في لاهاي، بخصوص دعوى جنوب إفريقيا فيما يتصل بادعاءات انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فيما يتعلق بالفلسطينيين في قطاع غزة.
وطلبت جنوب أفريقيا من محكمة العدل الإشارة إلى تدابير مؤقتة من أجل “الحماية من أي ضرر إضافي جسيم وغير قابل للإصلاح لحقوق الشعب الفلسطيني بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية” و”ضمان امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب الاتفاقية بعدم الانخراط في الإبادة الجماعية، ومنعها والمعاقبة عليها”.