الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام
أكد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ علي محيي الدين القره داغي أن الاتحاد قام بدور كبير ومهم في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، والتنديد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي التي تُقترف يوميا بحق أهل غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأضاف الشيخ القره داغي -في حوار مع الجزيرة نت- أن الاتحاد كان له دور مهم في تحريك الشارع الإسلامي وتنفيذ إضراب عام شاركت فيه شعوب عدد من الدول العربية والإسلامية، لافتا إلى مشاريع أخرى ستُطرح -خلال الأيام القادمة لدعم غزة- على دول إسلامية كبرى مثل تركيا وماليزيا وإندونيسيا.
وكشف رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن وفداً مشكلا من الاتحاد برئاسته يرتب مع مصر من أجل الدخول إلى قطاع غزة من خلال معبر رفح.
وأضاف أنه تم الاتفاق على تسيير 100 سفينة دعما للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، داعيا الدول المطلة على البحر المتوسط لحمايتها حتى تصل إلى غزة.
وأشاد الدكتور القرة داغي بموقف دولة جنوب أفريقيا بشأن الدعوى التي رفعتها ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، مستنكرا عدم دعم عدد كبير من الدول العربية والإسلامية لهذه الخطوة.
وفيما يلي نص الحوار:
أصبح دور الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يقتصر على بيانات التأييد والمعارضة، رغم عضويته الواسعة من علماء وخطباء ودعاة في العالمين العربي والإسلامي، فماذا كان دور الاتحاد في تحريك الشارع تجاه حرب غزة؟
كان للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين دور مهم جدا في قضية تحريك الشارع الإسلامي والعربي والإنساني نحو التفاعل مع عملية طوفان الأقصى والتنديد بما حدث في قطاع غزة من تدمير وبالهجمة النازية للاحتلال الإسرائيلي التي وصلت إلى مرحلة الإبادة الحقيقية.
فعلى سبيل المثال صدرت مجموعة من البيانات وكذلك فتاوى مؤثرة وبخاصة الفتوى الجامعة التي أصدرناها بوجوب الدفاع والحماية والوقاية وبذل كل الجهود ووجوب المقاومة، ووجوب، كل في مكانه، الحكام من حيث قدراتهم السياسية والعسكرية والاقتصادية، والشعوب كذلك، فكان لهذا البيان الذي أصدرناه تأثير كبير.
ما مدى تأثير هذا البيان؟
اعتقد أن هذا البيان الذي أصدرناه كان أكثر البيانات انتشاراً في العالم، كذلك أصدرنا بياناً آخر في قضية الإضراب العام وكان له صدى وتطبيق في الدول والحكومات العربية والإسلامية مثل لبنان والعراق واليمن والأردن، ودول أخرى، حيث نفذت هذه الدول إضرابا شاملا عرف بـ “إضراب يوم الاثنين” الموافق 11 ديسمبر/كانون الأول 2023، وعبرت شعوب هذه الدول عن قدرتها وإمكانياتها في التأثير.
حقيقةً كان للاتحاد دور بارز في تحريك الشارع، بالإضافة إلى أننا من بداية “طوفان الأقصى” ومرحلة الغزو الهمجي أصدرنا فتاوى وبيانات بضرورة قيام الخطباء بتذكير الناس بهذه القضية ووجوب نصرة أهلنا في فلسطين وأن خذلانهم محرما شرعا.
ما الإجراءات التي اتخذها وسيتخذها الاتحاد خلال الفترة القادمة بشأن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة؟
خلال الفترة السابقة استعملنا كل وسائلنا لإدانة العدوان الإسرائيلي، بالإضافة إلى ما ذكرته سالفا، وحقيقة قمت أنا شخصياً كممثل للاتحاد بزيارة عدة دول لدعم هذه القضية، منها زيارة تركيا 3 مرات لمقابلة كبار المسؤولين فيها، وزيارة لماليزيا أيضاً وقابلنا مسؤولين مهمين فيها، وأفغانستان وأوزبكستان وغيرهما، وكانت اللقاءات على مستوى عالٍ جدا.
وخلال الأيام القادمة، سنطرح على دول إسلامية كبرى مثل تركيا وماليزيا وإندونيسيا عدة مشاريع لدعم الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، بالإضافة إلى أننا طرحنا على الدول العربية والإسلامية المطلة على البحر المتوسط فكرة أننا نحن في الاتحاد مستعدون لترتيب وتجهيز 50 سفينة كبيرة محملة بالمواد الغذائية والطبية وخدمات الإيواء للشعب الفلسطيني، وذلك من خلال علاقاتنا مع المؤسسات الإسلامية الخيرية والعالمية، ونحن جاهزون لتنفيذ هذا المشروع.
ولكن من سيحمي هذ السفن وكيف ستصل للشعب الفلسطيني في ظل العدوان المتواصل؟
نعم طالبنا الدول العربية والإسلامية المطلة على البحر المتوسط بحماية هذه السفن، وأرسلنا لبعض رؤساء الدول ووزراء الشؤون الإسلامية رسائل مباشرة وطالبناهم بحماية سفن المساعدات. وعندما ذهبت إلى ماليزيا، كان يبدو أنهم سمعوا بهذه المبادرة، وأخبرونا أنهم مستعدون لإرسال وحماية 50 سفينة أخرى ليكون مجمل السفن 100 سفينة محملة بالمساعدات.
إلى أين وصلتم في فكرة إنشاء تحالف دولي إسلامي إنساني لخدمة قضايا الأمة؟
نادينا بإنشاء تحالف دولي إسلامي إنساني عربي لخدمة قضايا الأمة الإسلامية، وقمت باسم الاتحاد بتوجيه رسائل لبعض قادة الدول الإسلامية الكبرى، وطلبنا من هذه الدول التي تعارض حرب الإبادة في غزة أن تدعو لهذا التحالف، حيث خاطبنا فعلياً حوالي 80 دولة بهذا الخصوص، بحيث تعقد قمة لهذه الدول يتمخض عنها إعلان عالمي إنساني لحماية غزة وحماية المظلومين في كل مكان.
أيضاً من الوسائل المهمة التي تبناها “إعلان الدوحة” الذي تم بترتيب من الاتحاد، أن خصصنا يوماً كاملاً من أيام الجمعية العمومية لقضية غزة ودور الأمة في دعمها ونصرتها، وتمخض المؤتمر عن “إعلان الدوحة” للتحالف الإنساني لحماية والدفاع عن المظلومين وعلى رأسهم غزة.
ما أهمية مؤتمر غزة الذي عقد في الدوحة وما النتائج التي صدرت عنه؟
مؤتمر غزة الذي عقدناه في أول عمل لرئيس الاتحاد الجديد، والذي اعتقد أنه كان في غاية الأهمية، تمخض عنه “إعلان الدوحة”. ولم نكتفِ بأن يكون الإعلان بين العلماء، فنحن موجودون في 52 دولة ونضم أكثر من 100 ألف عالم، وحوالي 64 جمعية في الاتحاد، وقمنا بدعوة مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الحقوقية والإنسانية.
وانضم إلينا في هذا المؤتمر عدد كبير من البرلمانيين العرب والمسلمين والمنتديات الإنسانية، وحسب دراساتنا الآن نحن متجهون للوصول إلى 365 مؤسسة وجمعية إسلامية وإنسانية لدينا تواصل معها، ومن المتوقع أن تنضم إلى الاتحاد. واعتقد أنها خطوة كبيرة للضغط على حكومة الاحتلال ومن يدعمها، لوقف قتل أهلنا في فلسطين والسماح بإدخال المساعدات.
ما رؤية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين للتصدي لخطط تهجير الفلسطينيين من أراضيهم؟
تمخض مؤتمر غزة، ودور الأمة في نصرتها، عن مجموعة من الإجراءات، أهمها اقتراح ذهاب علماء من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وأنا أوّلهم إلى رفح ومن ثم الدخول لقطاع غزة، حتى لو كلفنا ذلك الشهادة فهي شرف لنا، وهذا أول إجراء سيتم تطبيقه بعد ترتيب الأمور مع مصر.
وقضية تهجير الفلسطينيين تثير قلق الاتحاد، لكن كلنا أمل بصمود الشعب الغزاوي البطل الذي مع كل هذه المصائب في شمال غزة وجنوبها وشرقها وغربها، ما يزال صامداً، ونحن مع هذا الصمود بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.
كيف تنظرون للمقاطعة الشعبية لكثير من المنتجات والشركات الداعمة لإسرائيل؟
نحن السباقون للمقاطعة منذ أيام العدوان على غزة بداية القرن 21، حيث أصدر الاتحاد فتاوى بحضور فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي (رحمه الله تعالى) لمقاطعة البضائع الإسرائيلية وجوباً وفرضاً، وحرمة التعامل معها، وكذلك حرمة التعامل مع الشركات التي تدعم إسرائيل مباشرة، وهذه فتوى مؤصلة، لأن الامتناع يدخل في باب “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تتعاونوا على الإثم والعدوان”.
لو تشرح لنا رؤيتكم لتطوير عمل الاتحاد وتعزيز فعاليته في المجتمعات العربية والإسلامية بعد تسلمكم رئاسته؟
خلال العام 2010 قدمت خطة إستراتيجية لعمل الاتحاد، استعنت فيها بعدد من العلماء الإستراتيجيين، ووضعنا هذه الخطة وتم تقديمها إلى الجمعية العمومية واعتُمدت، وخلال 2014 تفرعت إلى خطط متعددة، واستطعنا تنفيذ الكثير منها، وبالتأكيد لم نستطع أن نحقق كل ما نريده بسبب قلة المال الذي يترتب عليه قلة الموارد البشرية.
وتم إعادة مناقشة هذه الخطة ومعالجة الملاحظات والتحديات التي تواجهها، وتم وضع 17 ملاحظة عليها عام 2018، وتم تعديل الخطة الإستراتيجية، وشكلنا لجنة للتقييم من كبار العلماء المتخصصين. وبموجبه تم تعديل الخطة والبرامج والمشاريع المنبثقة عنها، ونوقشت هذه الخطة واعتمدت خلال الدورة السادسة الأخيرة لاجتماع الجمعية العمومية للاتحاد العالمي.
كيف تنظرون إلى الدور والتأثير الذي يقوم به الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في معالجة الأزمات بسوريا وليبيا؟
بالنسبة لسوريا، فهي شغل الاتحاد الشاغل، حيث أولينا الاهتمام الأكبر بهذه القضية في بيانتنا، وسعينا في السابق والحاضر للوصول إلى نوع من التوافق الداخلي، وإلى الوحدة الداخلية للمعارضة السورية، وكذلك تشجيع بعض الدول التي لنا علاقات جيدة وقوية معها لوضع مشروع للانتهاء من هذه الأزمة بصورة تساعد إخواننا في سوريا، ومحققة لحرياتهم وطموحاتهم، وهذا مشروع نتبناه في هذه المرحلة.
وبالنسبة لليبيا، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور علي محمد الصلابي، هو من الكبار والمؤثرين في الساحة الليبية وله دور كبير في هذه القضية، والآن سيكون دوره مضاعفاً بالدخول في موضوع المصالحة والوحدة والوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة حتى يختار الشعب الليبي من يحكمه بإرادته.
هل لديكم أي خطة أو مبادرة تقومون بها لخفض التصعيد في السودان وإيجاد حلول سلمية لإنهاء الصراع؟
نعم، لدينا مشروع سنقدمه قريبا ولكن لا يمكن الكشف عن تفاصيله الآن، يهدف لخفض التصعيد في السودان، وسيقوم أحد نواب رئيس الاتحاد وهو الدكتور عصام البشير بهذا الدور الهام والحساس، وتم تكليفه بمهمة حمل هذا المشروع نيابةً عن الاتحاد لطرحه، آملين أن يحمل بعض الحلول التي يمكن للاتحاد أن يسهم من خلالها في وقف القتال في السودان.
ما رسالتكم لجنوب أفريقيا التي رفعت دعوى ضد الاحتلال الإسرائيلي؟ وماذا تقولون للدول العربية والإسلامية حول دعم هذه الدعوى؟
أصدرنا بياناً شكرنا فيه جنوب أفريقيا شكرا عظيما للدعوى التي رفعتها ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بتهمة “الإبادة الجماعية” في غزة، وحتى أنني خصصت جزءاً كبيراً في خطبي لموضوع جنوب أفريقيا، وعاتبت واستنكرت فيها موقف الدول العربية والإسلامية لعدم تقديمها خطوة مماثلة في هذا المجال.
فما تزال الكثير من الدول العربية والإسلامية صامتة دون أي دعم لموقف جنوب أفريقيا الذي لاقى تأييدا من عدد قليل من الدول، وسيقدم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين رسالة رسمية إلى رئيس جنوب أفريقيا بواسطة سفيرها في الدوحة.
كيف يواجه الاتحاد الدعوات المعادية للإسلام والممارسات التي يرتكبها البعض من حرق للقرآن والتطاول على الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم؟
دور الاتحاد بهذا الخصوص ثنائي، فمن جانب يطالب المسلمين والدعاة بتحسين صورة المسلمين في العالم حتى يؤدي ذلك إلى تحسين صورة الإسلام نفسه، وعدم إثارة النزاعات التي تؤدي إلى إثارة المشاكل والتحديات الكبيرة.
أما الدور الثاني فهو الدعوة إلى الله والتبليغ ونشر الكتب بكل الوسائل واللغات، وقد أنشأنا لجنة للترجمة بمجموع 11 لغة، واخترنا عدداً من الكتب وترجمناها وستطبع وتُنشر في جميع وسائل الإعلام.
المصدر: الجزيرة