غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
“أنا عمري ٦٢ سنة ضربوني هواية (ضربة شديدة) في صدري وأنا عندي مشاكل بالجهاز التنفسي”، بهذه الكلمات يروي مسنٌ فلسطينيٌ أفرجت عنه مؤخرًا قوات الاحتلال الإسرائيلي ضمن آلاف اختطفهم خلال العدوان على غزة ولا يعلم أحدٌ مصيرهم بعد، فيما العشرات الذين أفرج عنهم يروون فصولاً مرعبة من الإجرام الصهيوني والتعذيب المخل بالكرامة الإنسانية.
يتابع شابٌ من المفرج عنهم رواية فصول المأساة التي يصبها جيش مجرم وعدوٌ بلا أخلاق على الشعب الفلسطيني، وعلى مرأى ومسمع العالم أجمع الذي يتشدق بحقوق الإنسان، فيقول: “كهربونا وشرّبونا حبوب هلوسة ومي وسخة”.
فيما يروي آخر جزءًا من مشهد التعذيب والإذلال الممنهج لهذا العدوّ الغاشم فيقول: “حرقني بالسيجارة في ظهري وغلط علي”، ورواية لرابع من المفرج عنهم يقول: “أخوي مصارينه مقطعة عامل عملية كهربوه وقالهم مريض صاروا يزيدوا”.
عدوان بربري لكسر الإرادة
ويستمر العدوان البربري بتنفيذ إجرامه وسعيه لكسر إرادة الصمود الغزيّ، فيجبر المعتقلين كما يروي واحدٌ منهم: “كانوا يخلونا ننبح متل الكلاب، يمنعوا عنا الشرب والحمام.. بولنا على حالنا”.
ليس هذا فحسب، فبعد 3 أسابيع عايشوا خلالها صنوفا شتى من الإهانة والتجويع والتعذيب، أفرج جيش الاحتلال الإسرائيلي عن زهاء 20 مدنيا فلسطينيا، بينهم مرضى ومسنون، كان قد اعتقلهم من منازلهم السكنية ومراكز الإيواء داخل المدارس، في مدينة غزة وشمال قطاع غزة.
شهادات مؤلمة وصادمة للمفرج عنهم، لا سيما بعد أن يكشفوا عن أجزاء من أجسادهم وعليها آثار تعذيب شديدة.
ويؤكد المفرج عنهم إن جيش الاحتلال مارس التعذيب النفسي والجسدي بحقهم خلال أيام التحقيق القاسية التي تركزت حول قادة وعناصر ومقدرات حركة المقاومة الإسلامية حماس، وفصائل المقاومة.
تعذيب وتجويع
واستدعت حالة عدد من المعتقلين الصحية دخولهم المستشفى لتلقي العلاج اللازم، وبحسب رئيس لجنة الطوارئ الصحية في مدينة رفح مروان الهمص، فإن المعتقلين المحررين يعانون من إعياء شديد جراء أساليب التعذيب والتجويع التي مارسها جيش الاحتلال بحقهم.
المرصد الأورومتوسطي بدوره يؤكد أن الجيش الإسرائيلي يواصل نشر صور لاعتقال الفلسطينيين والفلسطينيات وهم في أوضاع مذلة في إمعان لإهانة الفلسطينيين، وامتهان الكرامة الإنسانية تبقى لأجيال.
ووفق المرصد؛ فإنه يجري اعتقال الغالبية من الذكور ونقلهم إلى مراكز تحقيق أولية داخل المناطق التي تتوغل فيها القوات الإسرائيلية، حيث يخضعون للاستجواب وهم عراة ومقيدي الأيدي ومعصوبي الأعين، ويطلب منهم تحت التهديد والتعذيب الإدلاء بمعلومات عن آخرين من الفصائل الفلسطينية.
ويؤكد المرصد أنّه يجري لاحقًا إطلاق بعضهم وقتل آخرين، ونقل البقية ويكونون بالمئات إلى معسكرات اعتقال للجيش داخل إسرائيل، حيث يخضعون لظروف اعتقال غير إنسانية ويتعرضون لعمليات تعذيب ممنهجة وتجويع، ويخضعون لتحقيق قاسٍ جدًا وغير قانوني لانتزاع معلومات ليس عن نشاط محتمل لهم، إنما عن نشاط آخرين من عوائلهم أو جيرانهم أو آخرين لا يعرفونهم.
لا إحصاء دقيق لعدد المعتقلين
ويشير الأورومتوسطي إلى أنه لا يوجد إحصاء دقيق لعدد المعتقلين من غزة حتى الآن، نظرًا لسياسة الإخفاء القسري التي تنتهجها إسرائيل، وصعوبة تلقي البلاغات في قطاع غزة بسبب تشتت الأهالي وانقطاع الاتصالات والإنترنت شبه الدائم، غير أن تقديرات أولية تشير إلى تسجيل أكثر من 3 آلاف حالة اعتقال، بينهم لا يقل عن 200 امرأة وطفلة.
وبحسب شهادات جمعها الأورومتوسطي لمعتقلين تم الإفراج عنهم بعد احتجاز دام أيام عدة، فإنهم تعرضوا إلى أنماط متعددة من التعذيب بما في ذلك الضرب على أنحاء الجسم، والشبح بأنماط مختلفة، والابتزاز، والحرمان من الطعام والماء، والمعاملة الحاطة بالكرامة، وطلبوا منهم أن يمجدوا إسرائيل وجيشها، وأن يشتموا أنفسهم، ويشتموا فصائل فلسطينية، ومنعوا حتى من الحديث مع بعضهم، ولم يحظوا بفرصة لقاء محامين أو بزيارات من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وجميعهم يتعرضون لعمليات إخفاء قسري طوال احتجازهم.
وأكد هؤلاء وجود مسنين معتقلين تعرضوا للضرب المبرح والمعاملة المهينة، بالإضافة إلى تكبيل أيدي وأرجل المعتقلين خلال نقلهم واحتجازهم دون ماء أو طعام وهم مكبّلون ومعصوبو الأعين، فيما يُقابل بالعنف والشتائم كل من يحاول طلب شيء.
واضطر المعتقلون المفرج عنهم إلى مكابدة عناء السير على أقدامهم نحو 3 كيلومترات، وصولا إلى الجانب الفلسطيني من معبر كرم أبو سالم التجاري، جنوب شرقي مدينة رفح الحدودية مع مصر، فيما لا يزال مئات آخرون قيد الاعتقال لدى جيش الاحتلال وبينهم صحفيون وأطباء، ومسعفون، ونساء، وأطفال.
مطالبات للمجتمع الدولي بالتحرك والكشف عن مصير المعتقلين
وفي هذا السياق طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للكشف عن مصير عشرات النساء اللواتي اعتقلتهن من منازلهن ومن مراكز اللجوء، وإنهاء حالة الإخفاء القسري التي تطال قرابة 3 آلاف من المعتقلين/ات الفلسطينيين من قطاع غزة، وضمنهم أطفال قاصرون.
وقال المرصد في بيان له: إنه تلقى معلومات عن اعتقال الجيش الإسرائيلي مئات الفلسطينيين خلال الأيام الماضي، من حي الشيخ رضوان في مدينة في غزة، من ضمنهم عشرات النساء اللواتي تم اقتيادهم إلى ملعب اليرموك وجرى نزع الحجاب عن رؤوسهن، وتفتيشهن من الجنود، وتعرضت العديد منهم للتحرش الصريح والضرب والتنكيل.
كما جرى إجبار الذكور بما فيهم أطفال قصر لا تتجاوز أعمارهم 10 سنوات على التعري الكامل باستثناء اللباس الداخلي السفلي (البوكسر) وضمنهم أيضًا مسنون تتجاوز أعمارهم 70 عامًا، وأجبروا على الاصطفاف بشكل مهين أمام النساء اللواتي احتجزن بمنطقة قريبة داخل ساحة الملعب.