غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
ثمانون يومًا من العدوان الصهيوني المتواصل على غزة، وأكثر من 20 ألف شهيد، ومئات آلاف الجرحى، وأوضاعٍ إنسانيةٍ توصف بالكارثية، وما زال العالم أجمع يقف متفرجًا عاجزًا عن وقف العدوان الصهيوني ووقف شلال الدم الفلسطيني، بل وأكثر من ذلك يعجز المجتمع الدولي وعلى رأسه الدول العربية والإسلامية عن تنفيذ القانون الدولي بحماية المدنيين في فلسطين أو إدخال المساعدات الإغاثية والطبية والطعام والشراب.
وتداولت وسائل إعلام عربية أنّ مصر تقدمت بمبادرة ومقترحات للتوصل إلى اتفاق بشأن تبادل «المحتجزين الإسرائيليين» في قطاع غزة والأسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية، والذي يستند إطاره على ثلاث مراحل، قوبلت بالرفض من فصائل المقاومة باعتبارها لا ترقى لحجم الكارثة التي يتعرض لها قطاع غزة، أو ما يتطلع له الشعب الفلسطيني من وقف شامل للعدوان.
موقف مستغرب!
ويصف المحلل السياسي عاطف الجولاني، في تصريحاته لـلمركز الفلسطيني للإعلام، المشهد بـ “المستغرب”، متسائلا: كيف يمكن أن يتقدم الجانب المصري بالمبادرة التي تمّ نشر بعض تفاصيلها والتي تتعارض مع الموقف الواضح الذي أكدته المقاومة بمختلف فصائلها خلال الفترة الماضية.
ويتابع بالقول: “المبادرة المصرية تتحدث عن ثلاثة مراحل، المرحلة الأولى وهي التي تهمّ الاحتلال الإسرائيلي، والذي يضغط من أجل إطلاق أسرى جدد ليسجل كإنجاز للمحتل الإسرائيلي، وبعد ذلك لا يعني للإسرائيلي أي مفاوضات”.
ويوضح الجولاني بالقول: بمعنى ما سيحصل في واقع الحال الاقتصار على المرحلة الأولى، فالاحتلال الإسرائيلي يعتبر أنّ إطلاق سراح أي أسير إسرائيلي لدى المقاومة إنجاز، ليقول للمجتمع الإسرائيلي أنّ هذا الإنجاز يتم تحت ضغط الحرب التي يشنّها على قطاع غزة، وهذا يعطي تبريرًا لمواصلة الحرب.
ويشدد على أنّ موافقة المقاومة على أي صفقة جزئية سواءً التي تضمنتها المبادرة المصرية أو ايّ طرف آخر سيسهم في إطالة أمد الحرب وليس تقصيرها.
ويتابع الخبير السياسي: أنا أستغرب أن يتقدم الجانب المصري بمثل هذه المبادرة وهو يدرك حقيقة الدوافع الإسرائيلية من وراء أي صفقات جزئية.
رفض المبادرة موقفٌ سياسيٌ حكيم
ويعبر الجولاني عن اعتقاده بأنّ “موقف المقاومة بالاعتذار عن قبول المبادرة المصرية، موقفٌ حكيمٌ من الناحية السياسية، وهو ينسجم مع موقفها الذي أعلنته خلال الأسبوعين الماضيين”.
ويلفت إلى أنّه يجب أن يتم وضع الاحتلال الإسرائيلي أمام خيار واحد، إمّا وقف نهائي لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من داخل القطاع وصفقة تشمل جميع الأسرى من الطرفين، وإلا فلا، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أنّ “الصفقات الجزئية تخدم الجانب الإسرائيلي ولا تخدم المقاومة ولا الشعب الفلسطيني”.
وحول استمرار العدوان في غزة إلى أمدٍ طويل يستبعد الجولاني ذلك بالقول: “المعادلة ليست صفرية، والحديث خلال الأيام الفائتة من المسؤولين الأمريكيين وكذلك وسائل الإعلام العبرية، كلها تتحدث عن مرحلة ثالثة من المواجهة، يتم فيها خفض القتال، والاقتصار على القصف الجوي وبعض التوغلات”.
ويضيف: “بدون الحاجة إلى صفقة جديدة.. بعد 80 يومًا من العدوان الصهيوني على غزة، وصلت الإدارة الأمريكية إلى نتيجة مفادها أنّ جيش الاحتلال غير قادر على تحقيق أهدافه”.
ويتابع بالقول: ولذلك سمعنا انتقادات من قيادات عسكرية بجيش الاحتلال، من نائب رئيس هيئة الأركان السابق، وكذلك من رئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك، تحدثوا عن الأهداف التي طرحها نتنياهو بداية العدوان وأنها كانت أهدافًا غير واقعية.
ويشدد الجولاني على أنّ “نتنياهو وكابينت الحرب مضطرون في النهاية للنزول عن الشجرة”.
ويؤكد على أنّه إذا كان العالم معنيا بنهاية سريعة لهذا العدوان المجنون على قطاع غزة فعليه القبول بوجهة نظر المقاومة الفلسطينية، ووقف إطلاق نهائي للنار.
وحول الإجابة على تساؤل: هل الأفق مغلق؟، يقول الجولاني: هذه الحرب فقدت مبرراتها وبدون صفقات جزئية سيضطر الاحتلال الإسرائيلي لإعادة النظر في طبيعة عملياته العسكرية.
ويلفت المحلل السياسي إلى أنّ “المجازر التي يرتكبها الاحتلال وآخرها كان يوم أمس تعبير عن عمق المأزق وحجم الخسائر التي يتكبدها، فحين يعترف الاحتلال بمقتل 15 جنديًا خلال 24 ساعة، وبالتأكيد الواقع والحقيقة أكبر من ذلك فهذا يعبر عن طبيعة المواجهات على الأرض.
ويختم الجولاني بالقول: رغم شدة الألم والمعاناة التي يواجهها الشعب الفلسطيني اليوم، وفاتورة الدم الكبيرة، لكنّ هذه المعركة هي صراع إرادات ومعركة عض أصابع، وقد وصلت للمرحلة الأخيرة من المواجهة.
جدير بالذكر أنّ رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية وصل قبل أيام إلى القاهرة على رأس وفد من قيادات الحركة، لبحث وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتبادل الأسرى مع الاحتلال.
وشددت مصادر في حركة حماس والجهاد الإسلامي على أن المقبول من جانبهما هو “صفقة تبادل واحدة على قاعدة الكل بالكل، إضافة إلى المباشرة فوراً بإعادة الإعمار”.