هكذا تنامى التأييد للقضية الفلسطينية بين الشباب الغربي بعد طوفان الأقصى

لندن – المركز الفلسطيني للإعلام

سلط الإعلام الغربي في الآونة الأخيرة الضوء على تنامي التأييد للقضية الفلسطينية بعد أحداث الحرب في غزة، بين فئة الشباب في أمريكا والغرب، الأمر الذي بات يشكل قلقا بالنسبة للساسة الغربيين إزاء المعارضة المعلنة لجيل الشباب لما يجري من ازدواجية في المعايير تجاه الدم المطلق لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
وسعت العديد من المقالات والدراسات لقراءة تلك التغيرات التي تدفع بجيل الشباب إلى تبنّي رؤية داعمة لقضية فلسطين العادلة وحق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه، بوجه الدعم اللامحدود لدولة الاحتلال بالمال والسلاح، في الوقت الذي ينكشف لهؤلاء الأجيال كذب ساستهم ونفاقهم في انتقائية الديمقراطية والحريات حين يتعلق الأمر بمنطقة الشرق الأوسط وتحديدا فلسطين.

وأظهر مقال نشرته صحيفة “غارديان” البريطانية حول موقف الشباب في بريطانيا تجاه الحرب الإسرائيلية في غزة، إلى أنه وبالنسبة لكثير من الشباب في البلاد الذين تقل أعمارهم عن 25 عاما، ومن جميع الأعراق، فإن السحق اليومي لغزة هو القضية الدولية الرمزية في عصرهم، تماما كما كانت حرب العراق قبل 20 عاما أو الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.

وأضاف كاتب المقال أديتيا تشاكرابورتي أن الحرب في غزة تعيد تشكيل السياسة والمجتمع في البلاد، وأن الأسابيع الأخيرة الماضية شهدت نموا لثورة الشباب من حيث الحجم والنطاق بحيث أصبحت الآن واحدة من أكثر القصص إثارة للاهتمام حول كيفية قيام حرب على بعد حوالي 4 آلاف كيلومتر بالتأثير على المشهد السياسي والاجتماعي في بريطانيا.

وأورد الكاتب تجربة واقعية عن كيفية تفاعل طلاب إحدى الجامعات بمنطقة لوتون شمال غرب لندن مع ما يجري في غزة، قائلا إنه وفي صباح يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني كانت هناك صورة لفلسطينيين يُقتلون في غزة تنتقل من هاتف إلى آخر دفعت بالطلاب إلى ترك مقاعد الدراسة والاحتشاد في فناء الجامعة ليهتفوا مطالبين بوقف المجازر التي تنفذها إسرائيل ضد الفلسطينيين.

ولفت إلى أنه تم تداول تغريدة تقول “تم ذبح أكثر من 10 آلاف فلسطيني بوحشية. لقد حان الوقت لنقف على الجانب الصحيح من التاريخ ونقاتل من أجل أولئك الذين ما زالوا على قيد الحياة”.

وسلط الكاتب في مقالته الضوء على دراسة مستفيضة صدرت هذا الأسبوع -من منظمي استطلاعات الرأي الأكثر شيوعا- تفيد بأن الشباب أكثر من غيرهم من فئات المجتمع البريطاني يشعرون بأنهم مجبرون على اختيار أحد أطراف الحرب في غزة، وأنهم يدعمون فلسطين بأغلبية ساحقة.

وأضاف أنه -رغم أن رئيس الوزراء ريشي سوناك، وكير ستارمر (زعيم حزب العمال) أكبر أحزاب المعارضة، يدعمان إسرائيل بحماسة، إلا أن ضاحية بوري بارك بمنطقة لوتون العمالية الفقيرة تبرز صورة أخرى. ففي كل مكان بها رُفعت الأعلام الفلسطينية، في محلات البرغر ومتاجر المجوهرات وملابس الزفاف والأثاث.

ولكن نظرا لأن المؤسسة السياسية والإعلامية في بريطانيا وفي معظم أنحاء الغرب (ولكن ليس في أي مكان آخر) تدعم طرفا واحدا في أكثر الصراعات أحادية الجانب في العصر الحديث، فقد وُصف الشباب بأنهم وحوش، ومذنبون بالتعاطف مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حتى تثبت براءتهم.

وقال الكاتب إن الشباب في بريطانيا الآن يتعلمون أن النظام يفتقر للمصداقية، فقد جلس هؤلاء الطلاب أنفسهم قبل أسبوع أو نحو ذلك للاستماع لمحاضرة تمجد القيم البريطانية، وتؤكد أن حرية التعبير هي الأمر الرئيسي الذي يجد التقدير الكبير في بلادهم.

ومع ذلك، يقول الكاتب، إنهم يرون نفاق المدارس التي تقدم لهم تحديثات فورية حول أوكرانيا ولا تقول شيئا عن غزة.

وكان تقرير في مجلة نيوزويك الأميركية، نُشر خلال أكتوبر الماضي، أشار إلى أنه مع استمرار تحول المشاعر الأميركية تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؛ يميل الشباب في الولايات المتحدة إلى أن يكونوا أكثر تأييدا لفلسطين من الفئات العمرية الأخرى.

ويؤكد التقرير أنّ الذين تقل أعمارهم على 30 عاما أكثر ميلا من الأميركيين الأكبر سنا إلى النظر إلى الشعب الإسرائيلي بشكل سلبي وإلى الفلسطينيين بشكل إيجابي.

وقالت سوزان بليك، محررة التقرير، إن الاختلاف في وجهات النظر يعكس اختلافا صارخا في نظرة كل طرف في أميركا للصراع في منطقة الشرق الأوسط. فقد وصل الدعم لفلسطين إلى مستويات تاريخية في السنوات الأخيرة، حيث يصف بعض الأميركيين احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية هناك بأنه “تطهير عرقي”.

لكن تبقى المعضلة بأنّ تغير الموقف بين الأجيال وتنامي التأييد للقضية الفلسطينية ما زال حتى اللحظة عاجزا عن إقناع الساسة الغربيين بالتراجع خطوة للوراء ووقف الدعم المطلق لدولة الاحتلال ووقف شلال الدماء النازف في غزة.

 

المحتوى ذو الصلة