جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام
حولت قوات الاحتلال الإسرائيلي طريق صلاح الدين الشريان الرئيسي الذي يربط جنوب القطاع بشماله، إلى مصيدة لقتل الفلسطينيين وإذلالهم واعتقالهم رغم تخصيص الشارع كممر آمن للنزوح من غزة إلى جنوب واديها.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إنه تلقى شهادات لنازحين فلسطينيين تفيد بتحويل إسرائيل ممر النزوح المعلن عنه منذ أيام إلى مصيدة قتل واعتقال فضلا عن عمليات تنكيل ممنهجة وواسعة النطاق والأشكال.
وقال الأورومتوسطي في بيان له، السبت: إن الحديث من جيش الاحتلال عن ممر آمن لخروج النازحين هو جزء من تكتيكاته العسكرية التي يستخدمها للنيل من المدنيين الفلسطينيين.
وذكر أن جيش الاحتلال الذي يضغط على سكان مدينة وشمالها إلى مغادرة مناطق سكنهم باتجاه وسط وجنوب القطاع – خصص “ممرًا” على طول شريان المرور الرئيسي، طريق صلاح الدين، بين الساعة 10:00 والساعة 16:00.
شهادات مؤلمة
وجمع فريق الأورومتوسطي شهادات لنازحين عبروا على مدار الأيام الثلاثة الماضية الممر المعلن عنه وتحدثوا عن إفادات صادمة عن حوادث قتل واعتقال وإذلال متعمد لهم.
وقال “إياد زكريا” الذي يبلغ (43 عاما) من سكان مدينة غزة، إنه وعائلته المكونة من 7 أفراد ووالدته المسنة أجبروا على السير مشيا على الأقدام لنحو سبعة كيلو مترات للنزوح إلى جنوب القطاع.
وذكر أن الاحتلال يحظر وصول أي مركبات على بعد حوالي 4 إلى 5 كيلومترات من نقطة عسكرية يقيمها على مشارف مدينة غزة في منطقة (نتساريم) ويجبر النازحين على رفع ذراعهما طوال سيرهما وحمل رايات بيضاء.
وأفاد “زكريا” بأنه عاين عشرات الجثث متقطعة أشلاء وبعضها متفحمة غالبيتها لنساء وأطفال ملقون على الأرض وآخرون داخل سيارات مدنية تم استهدافها بالقذائف، طوال المسافة المؤدية إلى النقطة العسكرية وبعدها، فيما تم اعتقال شابين كانا على مقربة منه بعد التدقيق في هواياتهما الشخصية.
والجمعة، قصفت قوات الاحتلال مجموعة من النازحين ومن يساعدهم على طريق صلاح الدين، مقابل مسجد الدعوة جنوب غزة، ما أدى إلى عدد كبير من الشهداء والجرحى، بعضهم لا يزال ملقى على الطريق.
بدورها، قالت “سعادة عوض” وهي في الثلاثينات من عمرها، إنها نزحت مع عائلتها المكونة من11 فردا بعد إجبارهم من الاحتلال على ترك بعض مقتنياتهم الشخصية والسير لمسافات طويلة وهم يلوحون بأذرعهم.
وذكرت أن إطلاق قذائف مستمر كان يدوي فوق رؤوسهم، وشاهدت إصابة عائلة من 5 أفراد كانت خلفها بنحو 500 مترا بقذيفة مدفعية دون أن تتأكد من مصيرهم وسط أجواء الرعب التي عانوها.
طريق مدمر
وتظهر معاينة مقاطع فيديو لعمليات النزوح الطريق وهو مدمر ومليء وتجاوزه يعد أمرا بالغ الصعوبة لاسيما لكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة والمرضى والنساء.
وقال مسن عرف عن نفسه باسم “أبو خليل” وقد نزح من مخيم الشاطئ للاجئين وقد أصابه الإعياء الشديد، إن شارع صلاح الدين هو ساحة موت وليس ممر آمن، لافتا إلى إصابة أحد أحفاده بجروح في ذراعه بإطلاق نار استهدفه.
وذكر الرجل أن أبناءه أجبروا على حمل حفيده المصاب وهو فتي 16 عاما والسير به لأكثر من 3 كيلو مترات بينما الدماء تنزف منه، معتقدا أنه تم استهدافه بشكل مباشر بسبب رفعه راية بيضاء.
فيما قال شاب يدعى “سليم” إنه كان شاهدا ظهر الجمعة، على قصف مدفعي استهدف أطفال ونساء خلال نزوحهم، فيما منع الجنود بإطلاق الرصاص الشبان من محاولة انتشالهم لإنقاذ حياتهم.
وأوضح أن الجنود كانوا يصرخون على الذكور من النازحين لرفع أيديهم وهواتفهم عاليا ونطق أسمائهم ومن ثم يتم اعتقال من يريدون منهم.
وقالت الطبيبة “سارة السقا” إنهم أجبروا قسراً على السير تحت أشعة الشمس بجانب الدبابات والجثث، دون أن يحملوا أي شيء سوى بطاقات هوياتهم، وقد أمرهم الجنود بالتوقف لنحو ساعة وتهديدهم بالقتل والاعتقال قبل أن يكملوا رحلتهم دون السماح لهم بمجرد الالتفاف والنظر حولهم.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن إسرائيل أنذرت أكثر من مليون شخص – أي نصف إجمالي السكان – بمغادرة مدينة غزة وشمالها بعد أقل من أسبوع من إطلاقها حربا مدمرة وغير مسبوقة على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
تهجير قسري
وأبرز المرصد أنه حذر منذ صدور أمر الإخلاء الإسرائيلي من مخاوف قانونية وإنسانية خطيرة ومخاوف على سلامة المدنيين الفلسطينيين فضلا عن كونه يشكل تهجيرا قسريا وترانسفير ينتهك القانون الدولي الإنساني وقد يرتقي إلى جريمة حرب.
وقال إن إسرائيل لا تكتفي بالتهجير القسري للمدنيين في غزة بل إنها لا توفر لهم ملجأ آمن أو وسيلة للنزوح بأمان بل وتستهدفهم خلال ذلك لتخرق بشكل صريح قوانين الحرب التي تحظر “أعمال العنف أو التهديد به الرامية أساسا إلى بث الذعر بين السكان المدنيين”.
وطالب المرصد الأورومتوسطي الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي تقدم بلاده مساعدات عسكرية سنوية بقيمة 3.8 مليارات دولار لإسرائيل، بالتدخل الفوري لدى إسرائيل لوقف عمليات القتل والتنكيل التي تمارسها عبر ما تقول إنه ممر آمن للفلسطينيين.