30 شيكل كل ثروته.. زاهر الحداد واصل سقاية أهل غزة بكل حُبٍ وفدائيةٍ بلا راتبٍ ولا إجازةٍ

[[{“value”:”

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

لم يكن حبّ الشهيد زاهر الحداد وفدائيته وإخلاصه في عمله بلجنة الطوارئ في بلدية غزة مستغربًا، وهو الذي لم يتوان يومًا عن خدمة أهل غزة بكلّ طاقته موفرًا لهم رفقه زملائه “شربة الماء” التي عزّت في ظل تدمير جيش الاحتلال لكل المرافق والبنية التحتية، لكن ما كان صادمًا بحق تلك الثلاثون شيكل التي سقطت من جثمانه الطاهر، تاركة رسالة بالغة وعميقة في النفوس لمن بعده عن روعة هؤلاء الجنود المجهولين وإخلاصهم في عملهم غير منتظرين جزاءً ولا شكورًا من أحدٍ، رغم ضيق ذات اليد وكل الظروف الصعبة.

ورثى عاصم النبيه مدير العلاقات العامة والإعلام في بلدية غزة زميله الشهيد زاهر الحداد الذي ارتقى رفقة أربعة آخرين من كوادر البلدية خلال سعيهم لإدامة سقيا الماء لأهل غزة الذين يواجهون حربًا وعدوانا غاشما منذ 260 يومًا، ولم يتوقفوا عن عملهم بكل إخلاصٍ وحبٍ وفدائيةٍ رغم عدم حصولهم على رواتب أو إجازات حتى آخر نفس وآخر قطرة دمٍ قبل أن تغتالهم آلة الغدر الصهيونية.

عن زاهر الحداد والاستغناء بالله عن ما سواه.

هذا ما سقط من رفات الشهيد زاهر الحداد لحظة انتشال جثمانه الطاهرة، 30 شيكل! أي ما يساوي 8 دولارات، ثلاثون شيكلا فقط، وهو على رأس عمله في بلدية غزة ل 259 يوما دون أي يوم إجازة واحد، دون راتب، في مخاطرة عالية، لم يتأفف يوما، لم يعتذر… pic.twitter.com/xSQj3XCGYL

— عاصم النبيه Asem Alnabih (@AsemAlnabeh) June 23, 2024

وقال النبيه في منشور له على منصة إكس يشيد فيه بتفاني زاهر الحداد بالعمل وحرصه على خدمة أهل القطاع رغم كل الظروف الصعبة والاستهدافات الصهيونية المتواصلة، وعدم حصول هذه الكوادر على الرواتب والأموال التي تكفي لإعالة عائلاتهم حالهم كحال أهل غزة الصابرين، وكان كلّ ما وجدوه في جثمانه – رحمه الله – ثلاثون شيكل فقط أي ما يعادل ثمانية دولارات.

أنور الجندي، زاهر الحداد، شريف الجندي، إبراهيم أبو خاطر وأحمد الحلو.. 5 رجال، خمسة فدائيين، اجتمعوا تحت الشمس ظهيرة اليوم الجمعة لأداء المهمة الأسمى: سقاية العطشى، محاولين إعادة تشغيل آبار للمياه في كراج بلدية غزّة، قبل أن تغتالهم طائرة إسرائيلية وتحوّلهم إلى أشلاء. 5 رجال كانوا… pic.twitter.com/dVJQXj98by

— متراس – Metras (@MetrasWebsite) June 21, 2024

وقال النبيه، في تدوينته التي حملت عنوان (عن زاهر الحداد والاستغناء بالله عن ما سواه): هذا ما سقط من رفات الشهيد زاهر الحداد لحظة انتشال جثمانه الطاهرة، 30 شيكل! أي ما يساوي 8 دولارات، ثلاثون شيكلا فقط، وهو على رأس عمله في بلدية غزة ل 259 يوما دون أي يوم إجازة واحد، دون راتب، في مخاطرة عالية، لم يتأفف يوما، لم يعتذر يوما وقد كان يملك ألف عذر، على الأغلب لن تذكره الصحف ولن يتحدث عنه الإعلام ولن تخلده كتب التاريخ، لكن هذا بالضبط ما كان يحياه زاهر، الاستغناء بالله عما سواه.

وأضاف: عشت مع زاهر في هذه الحرب في غرفة واحدة ما يزيد عن 60 يوما، هربنا معا وأكلنا معا ونمنا تحت القصف معا، عاملون في لجنة طوارئ بلدية غزة، نريد شابا لتعبئة المياه للمواطنين؟ زاهر هنا، نريد شابا لمتابعة فريق ما؟ زاهر هنا، نريد شابا يشرف على حراسة الوقود، زاهر هنا، نعود آخر النهار منهكين، من يعد الطعام؟ زاهر ورفاقه، من يرتب المكان؟ زاهر ورفاقه، من يواسي الشباب ويساعد الرفاق في حفر قبور أقربائهم؟ زاهر ورفاقه، من يدفن أخاه الشهيد ويعود إلى عمله مباشرة؟ زاهر بكل تأكيد.

عشتُ مع زاهر في هذه الحرب في غرفةٍ واحدةٍ ما يزيد عن 60 يوماً، هربنا معاً وأكلنا معاً ونمنا تحت القصف معاً… عن زاهر الذي لا نعرفه، وعرفته غزة جيداً. يكتب عاصم نبيه مذكراته من شمال القطاع المحاصر.@AsemAlnabeh https://t.co/jNojxukd2Q

— متراس – Metras (@MetrasWebsite) June 22, 2024

وتابع النبيه بالقول: كنت أسأل نفسي، ما هذا الاستغناء، استغناء المتوكل المطمئن المعتمد على الله، استغناء تام عن كل شيء إلا من اتكاله على الله. لكن الجواب دائما يفسره سلوك الشهداء، يختصهم الله بخصال لا تتوافر إلا بهم ولذا ينميهم ثم يصطفيهم إليه، بسطاء لينون يشتاقهم الله ويشتاقونه.

وختم منشوره بالقبول: زاهر الذي له 4 فتيات جميلات، جنى 12 عاما، حلا 10 أعوام، شام 7 أعوام ونسرين 5 أعوام. أخبرنا أحد الزملاء أن بناته غضبوا منه لأنه حضر إلى العمل في أول أيام عيد الأضحى وأنه وعدهم بالعودة باكرا لكنه عاد بعد صلاة العصر بعدما أتم مهامه في تشغيل آبار المياه. من للفتيات الجميلات؟ من يعود لهن متأخرا فيبتسمن وينسين غضبهن من تأخره؟ من يُصبّرنا إذا مِلنا يا زاهر؟ رحم الله زاهر وألهمنا ثباته واستغناءه ورضاه وقبوله والشهادة مثله.

٢-الشـ،هيد زاهر حمدي الحداد pic.twitter.com/INhceJ9nk7

— ق.ض (@Jales_tinian2) June 22, 2024

يذكر أنّ كلا من أنور الجندي، زاهر الحداد، شريف الجندي، إبراهيم أبو خاطر وأحمد الحلو.. 5 رجال، خمسة فدائيين، اجتمعوا تحت الشمس ظهيرة الجمعة الماضية لأداء المهمة الأسمى: سقاية العطشى، محاولين إعادة تشغيل آبار للمياه في كراج بلدية غزّة، قبل أن تغتالهم طائرة إسرائيلية وتحوّلهم إلى أشلاء. 5 رجال كانوا يحاولون جلب المياه قطرة قطرة لمئات آلاف الشفاه التي تشققت عطشاً لثباتها في شمال وادي غزة.

استشهد الموظفون، وبينهم مدير عام المياه والبيئة في البلدية، وهم على رأس عملهم الذي لم يبرحوه منذ اندلاع الحرب دون راتب أو إجازة، وهدفهم شق طريقٍ للحياة وسط كلّ هذا الركام والدمار. وكانت البلدية قد شكلت لجنة طوارئ لاستئناف سير الخدمات المختلفة كتوفير المياه وتعبئة الوقود وجمع النفايات وتصريف مياه الصرف الصحي بعد أن دمّر الاحتلال البنية التحتية للطرق الرئيسية في غزة بنسبة 92%.

ويأتي هذا الاستهداف المقصود لطواقم البلدية، وشمال غزة يواجه ظروفاً كارثية، فالمجاعة تفتك بأهالي الشمال بعد نقص الأغذية الشديد وتوفر الطحين والمعلبات بشكل محدود، وأعراض سوء التغذية بانت على 214 طفلاً وصلوا مستشفى كمال عدوان في الشمال خلال الأسبوعين الأخيرين. في حين أن تلوث مياه الشرب وتدفق مياه الصرف الصحي أدى إلى ارتفاع عدد حالات الإسهال، والتهاب الكبد الوبائي، في ظل انحسار المعدات الطبية في المستشفيات ونقصان الكوادر الطبية والمعدات.

“}]] 

المحتوى ذو الصلة