[[{“value”:”
وكتب لي حزيناً مُستيئساً: لم يَبْقَ إلا أن يبعث الله جنده لنصرتنا، فقد ضاقت، واستحكمت، وما نستطيع بعد ذلك مبلغاً!
فقلت له واثقاً:
1- هذا زمانُ استصحاب معيّة الله، واستدعاء اليقين وحسن الظنّ النابع من الإيمان العميق المتجرِّد لله وحده، وهو استصحابٌ يُزاوِج بين النجاح بالإعداد والتوفيق بالمعيّة، ويضع الأمر بين يدي الله وحده اعتقاداً يقيناً.
2- وفطِنتُ أن ربَّنا سبحانه يقول: (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ) فقد فرَق اللهُ تعالى البحر “بهم”، ولم يقل “لهم”، وجعل عصا موسى سبباً له وأداةً، وهذا يعني أن أولياء الله هم أسبابه لتحقيق النصر والتغيير، ومن عادى وليّاً له فقد آذَنه بالحرب، إذ يكون لهم سمعاً وبصراً وبطشاً وإحاطةً بتدبيره الحكيم.
3- وإننا نحسب أنّكم أنتم جند الله المكلّفون وعسكرُه المأمورون، وأنتم ظلُّ نصرهِ، ومدَدُ غِياثه، وأَمَارةُ غضبِه، وشديدُ انتقامِه.
4- ونرجو أن تكونوا أنتم وعدُ الله المفعولُ، وعباده الجوّاسون أولوا بأسه الشديد، فأنتم الجُدَراء بهذه الجنديّة بما أعددتم، ودخلتم عليهم الباب!
5- وإن الله يعلم أنّ الأمر قد فاق وسعَكم، وقد أجمعوا كيدهم، واستعلَوا، وأتوكم صفّاً، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ولكن الله يدبّر أقداره العظيمة ببلاء عظيم قد يستفرغ الوسع، وتودّون أن غير ذات الشوكة تكون لكم.
6- وما أدراكم أنّ الإشارة قد أتت بأنّ الله قد هيّأكم بهذا الطوفان الأعظم لأمر عظيم تبدؤونه بأنفسكم وأهليكم وأموالكم، وتضعون عتبتَه بفِدائكم، وجعل لكم العوض العظيم عنده، أو أن الله يريد أن يحق الحق بكلماته، ويبطل الباطل، ويقطع دابر الكافرين بكم!
7- وهذا البلاء العظيم بكل ما فيه من فتنة هو سبيلُ هذا الوعد وباعثُه، فتشبّثوا بعُود الصبر ما استطعتم حتى ينكسر عود عدوّكم بكم، فهذا هو الخلاص الوحيد لكم، والنجاة لمن يكون بعدكم.
8- هذا وإنكم الأعلون الظاهرين القاهرين إن شاء الله، فألقُوا ما في يمينكم عليهم بما توفّر لكم حتى تذهب وَفْرتكم، وتنقضي نُدرتكم، وتُبلّغوا حجّتكم!
9- واعلموا أنّ ما صنعوا مثل كيد ساحر، ولا يفلح الساحر حيث أتى، ولن يضرّكم من خذلكم أو خالفكم، فإنّ معكم الناصر القهّار الذي يجازي عباده بقدر ما قدّموا، واكتسبوا، واستحقّوا!
“}]]