غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
على الرغم من الأوضاع المعيشية الصعبة التي كان يواجهها الغزيون في مخيمي البريج والمغازي قبل العدوان الصهيوني المتواصل منذ 81 يومًا، إلاّ أنّ المأساة تعمّقت بعيد العدوان باستمرار الاستهداف المتعمّد لهذين المخيمين تحديدًا، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الثلاثاء بدء هجوم جديد على مخيم البريج، من خلال إدخال قوات الفرقة رقم 36 التي بدأت هجوما على المخيم وسط قطاع غزة.
ويروي المهجرون والنازحون الهاربون من جرائم الإبادة الجماعية التي أقدم عليها العدوّ الصهيوني في شمال قطاع غزة، قصصهم المأساوية والمعاناة التي واجهوها خلال هربهم من الموت المحقق، فيما يصّر العدو على مطاردتهم وتهجيرهم وقتلهم مرة ومرتين وثلاثة في عدوانٍ وإجرامٍ لم يشهده التاريخ.
نزح محمد أبو حية (38 سنة)، من منطقة الصفطاوي في شمالي القطاع إلى مدينة غزة، ثم نزح مجدداً إلى مخيم البريج، ثم إلى مخيم النصيرات، وهو يبحث حاليا عن مكان يؤوي عائلته في مدينة دير البلح أو مخيمها بوسط القطاع.
يقول أبو حية: “فقدنا في مخيم البريج عددا من النازحين من شمالي القطاع الذين نجوا من مجازر الشمال، ليلاحقهم الموت في مجازر الوسط. أصيبت شقيقتي وأبناؤها نهار الاثنين، وأصبحت مشرداً مع عائلتي المكونة من سبعة أفراد من بينهم طفل عمره 3 شهور رزقت به قبل أيام من بداية العدوان، وأعجز عن تأمين أي شيء له”، وفقًا لـ “العربي الجديد”.
كما نجا أحمد جودة (34 سنة)، من المجزرة في مخيم المغازي في 25 ديسمبر، وأصيب عدد من أفراد عائلته، وقد سار حافياً حتى وصل إلى شارع صلاح الدين، ثم انتظر وصول أفراد عائلته في أحد المحال التجارية الفارغة.
يقول جودة: “المنطقة الشرقية لمخيم المغازي باتت فارغة، كان بيتي في المخيم يضم أكثر من 100 فرد، غالبيتهم من أقاربي النازحين من مدينة غزة، و10 منهم مصابون، وأحدهم إصابته خطيرة. لا يريد الاحتلال أن تستقبل المخيمات النازحين، فخطته هي تهجيرهم من القطاع.
بنية تحتية متردية وأزمات كارثية
وكانت الأوضاع الإنسانية داخل مخيمي البريج والمغازي صعبة نتيجة العدوان الإسرائيلي، فالبنية التحتية متردية، والاكتظاظ كبيرًا، ما يجعل استقبال المزيد من النازحين يحول الأزمات إلى كارثة.
وعانى سكان المخيمين من نقص كبير في المواد الغذائية خلال الأسابيع الأولى من الشهر الحالي، وساهمت وكالة أونروا بإدخال بعض المساعدات التي وصلت لاحقاً إلى المناطق الوسطى في القطاع، لكن كثيرين لم يحصلوا على أي من تلك المساعدات التي وصلت قبل أيام قليلة من قصف الاحتلال الأخير.
يقول أبو العنين النازح من منزله في تل الهوى في مدينة غزة إلى مخيم النصيرات: “الاحتلال يستخدم سياسة قتل المدنيين حتى يخلي مناطق قطاع غزة ويسهل احتلال المناطق. استقبلني سكان مخيم البريج، وأنا من بين النازحين الذين تكرر نزوحهم عدة مرات، والعديد من النازحين الذين كانوا معنا لا نعرف مصيرهم، ونعتقد أن بعضهم استشهدوا ولا تزال جثامينهم تحت الركام في مدرسة الأونروا بمخيم البريج، والتي غادرها عدد كبير من النازحين، فعلم الأمم المتحدة بلا قيمة عند الاحتلال ولا يمكنه أن يحمي قطة”.
أحزمة نارية وقصف مدفعي
وكثف الاحتلال الإسرائيلي القصف الجوي والمدفعي على مخيم البريج ومخيم المغازي في وسط قطاع غزة خلال الأيام الأخيرة، ونفذ أحزمة نارية على مربعات سكنية مكتظة، ما تسبب في مجازر خلفت مئات الشهداء والجرحى، خصوصاً في وسط مخيم البريج وفي شمال وجنوب مخيم المغازي.
كان عدد سكان المخيمين يقارب 90 ألف لاجئ فلسطيني، بحسب إحصائيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وخلال العدوان الإسرائيلي نزح عشرات الآلاف إلى المخيمين، ليقيموا في منازل اللاجئين، وفي مدارس أونروا، قبل أن تتعرض المنطقة الوسطى من القطاع إلى الحصار الإسرائيلي بعد توغل الاحتلال في شارع صلاح الدين، وقيامه بفصلها عن مناطق الشمال والجنوب.
وكشفت وزارة الصحة في قطاع غزة أن الاحتلال ارتكب نحو 50 مجزرة في مختلف محافظات القطاع خلال الـ48 ساعة الأخيرة، وأن المجازر تركزت على مخيميّ البريج والمغازي، وتجاوز عدد الضحايا فيهما قرابة 250 شهيداً ومئات المصابين الذين وصل بعضهم إلى مستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح وإلى مجمع ناصر الطبي في مدينة خانيونس، بينما لا يزال آخرون تحت الأنقاض.