لم تشفع الراية البيضاء التي رفعتها المسنة الفلسطينية هالة خريس لها أمام قناصة الاحتلال الإسرائيلي، فأطلقوا النار تجاهها ليقتلوها أمام حفيدها وعدد من النازحين في شمال قطاع غزة.
الجريمة التي هزت وجدان العالم بعد تداول مقطع فيديو وثقها، وقعت في 12 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عندما كان العشرات يحاولون مغادرة المنطقة وهم يرفعون الرايات البيضاء بناء على تعليمات جيش الاحتلال.
وفي مقطع الفيديو تظهر مسنة ترفع راية بيضاء، وبيدها طفل يرفع هو الآخر راية بيضاء، وكانت متقدمة مجموعة من الفلسطينيين النازحين، وفجأة يطلق أحد جنود الاحتلال النار تجاهها لتسقط على الأرض مضرجة بدمائها.
وفي شهادتها، أكدت العائلة أن جيش الاحتلال الإسرائيلي تعمد إطلاق النار على الشهيدة هالة، التي كانت في طليعة قافلة النازحين الذين تلقوا تعليمات ميدانية مفاجئة من الجيش تناقض طبيعة التنسيق مع الصليب الأحمر بخصوص حركة النزوح ومساراتها.
وصباح 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، تلقت عائلة خريس اتصالا هاتفيا يبلغها بوجود تنسيق من الصليب الأحمر مع جيش الاحتلال لتسهيل نزوحهم إلي جنوب قطاع غزة، وكان هناك حركة لنازحين يحملون الرايات البيضاء بمنطقة شارع النصر، متجهين نحو الممرات المؤدية إلى جنوب القطاع.
هكذا وقعت الجريمة
تقول ملك الخطيب، ابنة أخت الشهيدة هالة، التي كانت ترافقها ضمن قافلة النازحين “خرجنا بالفعل حاملين رايات بيضاء، وعندما رأينا الآليات الإسرائيلية، شاهدنا الدبابة الأولى ولم نتعرض لإطلاق نار، فشعرنا بالاطمئنان لوجود تنسيق”.
وتابعت “واصلنا المشي، وكانت خالتي هالة في المقدمة. في تلك اللحظة، سمعت نداء من الجيش الإسرائيلي للنازحين يطلب منهم السير إلى الجهة اليسار، رغم أن التنسيق كان بالأساس أن نواصل السير إلى الأمام في شارع الوحدة”، وفق شهادة نشرتها الجزيرة.
وذكرت أنها حينها دعت النازحين للتوجه إلى اليسار، مبينة أن خالتها كانت ستغير اتجاهها إلا أنها سرعان ما تعرضت لإطلاق نار من قناصة الاحتلال واستشهدت.
تقول: كان المشهد صعبا للغاية على نفسي وعلى عائلتنا. كنا دائما نشاهد هذه المشاهد على الإنترنت، لكننا لم نكن نتوقع أن نعيشها في الواقع.
وأكدت ملك استمرار إطلاق النار على النازحين بعد إطلاق النار على خالتها، وأنها لا تستوعب حتى الآن أنهم ما زالوا على قيد الحياة.
الطفل تيم
وذكرت أن الطفل الذي كان مع خالتها هو حفيدها تيم (5 سنوات) وكان بدوره يحمل الراية البيضاء والدته فقدت الاتصال مع ابنها حتى علمنا أنه ذهب إلى جنوب قطاع غزة”.
وأوضحت أنهم لا يعرفون مصير تيم بعد نزوحه إلى محافظات وسط وجنوب قطاع غزة، وطالبت العالم بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة.
وذكرت ملك بأن خالتها كانت حزينة للغاية قبل استشهادها بسبب فقدان الأقارب في هذه الحرب، ولم يتوقعوا أنها ستصبح شهيدة اليوم التالي.
وناشدت منظمات حقوق الإنسان والصليب الأحمر بإعادة تيم إلى والديه، وطالبت بإجراء تحقيق دولي في جريمة قتل خالتها التي تعتبر جريمة إعدام صريحة.
شهادة والدة الطفل
أما والدة الطفل تيم، هبة خريس فقالت: إنها كانت تعتزم الانضمام إلى عائلتها عندما خرجوا من المنزل. وفجأة بعد خروجهم، سمعت صوت إطلاق نار وصراخ الأهالي. وعندما خرجت، وجدت أحد الجيران يحمل والدتها بعد أن أصيبت بالرصاص.
وأضافت: أمي استشهدت وابني تيم يمسك يدها، ولم أعرف مصير ابني بعد ذلك”.
وأفادت بأنهم حاولوا تقديم الإسعاف والرعاية لوالدتها بالمنزل، إلا أنها فارقت الحياة بسبب النزف الحاد.
وأشارت إلى أنها بحثت مع زوجها عن ابنها في الشوارع، رغم وجود الآليات الإسرائيلية، إلا أنها لم تتمكن من العثور عليه.
ولاحقا، علمت عائلة تيم أنه موجود مع عائلة تمكنت من النزوح إلى جنوب القطاع، ولكن منذ وقوع الحادثة في 12 نوفمبر/تشرين الثاني لم تتمكن عائلته من لقائه حتى هذه اللحظة.
وطالبت والدة تيم المؤسسات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان بالتدخل لاستعادة طفلها من جنوب القطاع.
المصدر: الجزيرة + وكالة سند