رام الله/PNN- أكد نادي الأسير الفلسطينيّ، أنّ الجرائم الطبيّة الممنهجة التي ينتهجها الاحتلال شكّلت وما تزال أبرز الجرائم الممنهجة التي نفّذها بحقّ الأسرى على مدار عقود طويلة، وعمل بكل ما يملك من أدوات لاستحداث طرق وأدوات في محاولة لقتل الأسرى بشكل بطيء، إلا أنّ هذه الجرائم تصاعدت بعد السابع من أكتوبر، جرّاء جملة الإجراءات الانتقامية التي فرضت كما ذكرنا سابقًا.
وأضافت أن غالبية المعتقلين الذين أفرج عنهم مؤخرًا من سجون الاحتلال الإسرائيليّ، يعانون من مشاكل صحيّة، استدعى نقل البعض منهم إلى المستشفى فور الإفراج عنهم، وذلك جرّاء الظروف الاعتقالية القاسية، وجملة السياسات الممنهجة التي صعّدت إدارة السّجون منها بعد تاريخ السابع من أكتوبر، وكان أبرزها جريمة التّعذيب، وسياسة التّجويع، والجرائم الطبيّة الممنهجة التي تشكّل أبرز السّياسات التي انتهجها الاحتلال على مدار عقود طويلة، وتسببت باستشهاد أسرى، منهم معتقلون ارتقوا بعد السابع من أكتوبر.
وتابع نادي الأسير عددًا من شهادات من أفرج عنهم مؤخرًا، وهم بأوضاع صحيّة صعبة، حيث عانى غالبيتهم من أوجاع في مختلف أنحاء أجسادهم، ومشاكل صحية تحتاج إلى علاج دائم، والبعض منهم كان قد أصيب بكسور في بداية اعتقاله نتيجة للضرب المبرح، وما زال البعض منهم يعاني آثارًا واضحة بعد مرور شهور على اعتقاله، هذا عدا عن حالة الضعف والنقصان الحاد والواضح في أوزانهم، والتغيير الذي طرأ على هيئاتهم.
ولفت نادي الأسير إلى أنّ مرور فترة زمنية أكبر على الأسرى والمعتقلين داخل السّجون، مع استمرار الإجراءات الانتقامية الحالية بوتيرتها الراهنّة سيؤدي إلى تفاقم الظروف الصحيّة للأسرى المرضى، والتسبب بأمراض حتى للمعتقلين والأسرى الأصحاء، خاصّة أن العديد من الأسرى الذين لم يعانوا سابقًا من أمراض ومشاكل صحية، بدأوا يعانون مؤخرًا من مشاكل صحية واضحة، الأمر الذي فرض صعوبة لدى المؤسسات المختصة بحصر أعداد المرضى مع تصاعد الحالات، واستمرار حملات الاعتقال اليومية التي طالت مرضى وجرحى وكبار في السن، عدا عن عرقلة عمل الطواقم القانونية وإمكانية متابعة ملفاتهم الطبيّة.
وشكّلت سياسة التّجويع إلى جانب الجرائم الطبيّة، أبرز السّياسات التي تسببت بمشاكل واضحة للأسرى تحديدًا في الفترة القليلة الماضية.
وأشار النادي الى أن الشهيد محمد أحمد الصبار الذي ارتقى في شهر فبراير، كان من أبرز الحالات الذي كان نوع الطعام المقدم له سببًا واضحًا في استشهاده، إلى جانب الجريمة الطبيّة التي رافقت ذلك، وهذا ما أكده تقرير تشريح جثمانه لاحقًا، علمًا أنّه كان يعاني من مشكلة خلقية في الأمعاء قبل اعتقاله إداريًا، وكان بحاجة إلى متابعة صحية وطعام يتناسب مع مرضه، الأمر الذي لم تلتزم به إدارة السّجون، وتعمدت بتنفيذ جريمة طبيّة واضحة بحقّه أدت إلى استشهاده.
وبيّن نادي الأسير، أنّ المعتقل الإداري محسن حسان كميل (21 عامًا) من جنين والذي أفرج عنه مؤخرًا، قد تعرض لانتكاسة بعد الإفراج عنه بيوم واحد، واستدعى نقله إلى المستشفى عدة مرات، بعد ظهور أعراض صحيّة صعبة عليه، واضطر الأطباء إلى إجراء عملية دقيقة له في المعدة، حيث تبين أنه يعاني من انسداد في أحد الشرايين في المعدة، علمًا أنّ كميل اعتقل في تاريخ 29/3/2022، وبقي رهن الاعتقال الإداريّ حتّى تاريخ الإفراج عنه في العاشر من نيسان الجاري، حيث أصدر الاحتلال بحقّه سبعة أوامر اعتقال إداريّ منذ تاريخ اعتقاله في العام 2022، وقبل اعتقاله لم يكن يعاني من أية مشاكل صحيّة تذكر، وقد ظهرت أعراض مرضه خلال الشهور الأخيرة من الاعتقال وتحديدًا بعد السابع من أكتوبر، حيث تعرض كما كافة المعتقلين والأسرى في سجن (النقب) إلى اعتداءات بالضرب، إلى جانب كافة الإجراءات والجرائم التي يواجهها كافة الأسرى اليوم، وما يزال منذ الإفراج عنه يخضع للعلاج وهو بحاجة إلى متابعة صحية مستمرة.
وكان من بين الأسرى الذين أفرج عنهم مؤخرًا وبوضع صحي صعب استدعى كذلك نقله إلى المستشفى، المعتقل جميل فتحي الترابي (49 عامًا) من بلدة صرة/ نابلس، والذي اعتقل في تاريخ 27/10/2023، حيث كان الترابي يعاني قبل اعتقاله من مشاكل صحية في العظام والأعصاب، وكان بحاجة إلى متابعة صحية، إلا أنّ عملية اعتقال التي استمرت لـ6 شهور إداريًا، أدت إلى تفاقم واضح لحالته الصحيّة، جرّاء الاعتداءات التي واجهها كما كافة الأسرى في سجن (النقب)، وعند الإفراج عنه في تاريخ 25/4/2024، كان يعاني من صعوبة في الحركة، ولم يقو على المشي بمفرده، علمًا أنه وطوال فترة اعتقاله لم يتلق العلاج اللازم له، وتعرض كما المئات من الأسرى المرضى لجريمة طبيّة.
كما وأشار نادي الأسير، إلى حالة المعتقل محمد أحمد أبو فنونة من الخليل، الذي أفرج عنه في تاريخ 25/4/2024، بعد اعتقال إداري استمر لمدة 6 شهور منذ اعتقاله في شهر أكتوبر عام 2023، حيث جرى نقله إلى المستشفى فور الإفراج عنه، فقد كان يعاني من وضع صحي صعب، جرّاء الاعتداءات المتكررة التي واجهها في سجني (عوفر، والنقب) حيث احتجز غالبية مدة اعتقاله في سجن (النقب)، هذا عدا عن معاناته قبل الاعتقال من السكري، ومشاكل في الدم، والبنكرياس، وكان بحاجة إلى متابعة صحيّة حثيثة، ووفقًا لإفادة المعتقل أبو فنونة، فقد أشار إلى أنّ عملية تزويده بالأنسولين في سجن (النقب) كان يرافقها عملية تنكيل ممنهجة، من خلال تقييد يديه إلى الخلف وقدميه، وتعصيب عيونه عند نقله إلى العيادة لتزويده بإبرة الإنسولين، هذا عدا عن الاعتداءات التي كانت ترافقه خلال عملية نقله.
يذكر أنّ أبو فنونة أسير سابق أمضى أكثر من 13 عامًا، وجل اعتقالاته كانت إدارية، وهو والد الشهيد محمود أبو فنونة الذي ارتقى عام 2016، حيث كان معتقلًا إداريًا في حينه.
وفي إطار استعراض عدد من الحالات التي أفرج عنها مؤخرًا، استعرض نادي الأسير أكثر الحالات صعوبة التي أفرج عنها بعد السابع من أكتوبر، وهو المعتقل فاروق الخطيب من رام الله، الذي جرى الإفراج عنه في تاريخ 20/12/2023 بعد أن أمضى أربعة شهور إداريًا، وتبين أنه يعاني من مرض السرطان وأنّ المرض في مرحلة متقدمة، وقد تعرض الخطيب إلى جريمة طبيّة واضحة، أدت إلى وصوله إلى مرحلة صحية خطيرة، واليوم وبعد مرور عدة شهور على الإفراج عنه، فإن وضعه وصل إلى مراحل بالغة الخطورة بعد انتشار السرطان في جسده، وما يزال حتى اليوم يمكث في مستشفى الاستشاري في رام الله.
وجدد نادي الأسير الفلسطيني، دعوته للأمم المتحدة بضرورة فتح تحقيق دولي مستقل في الجرائم الممنهجة التي ترتكب بحقّ المعتقلين والأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيليّ، واستعادة دورها اللازم والمطلوب لإنقاذ ما تبقى من جوهر عملها، وتحمل مسؤولياتها اللازمة تجاه ما يجري في ضوء استمرار الإبادة بحقّ شعبنا في غزة، والعدوان الشامل على مختلف الجغرافيا الفلسطينية.
يشار الى أن عدد المعتقلين في سجون الاحتلال يبلغ أكثر من 9500 معتقل، من بينهم أكثر من 3660 معتقل إداري حتى بداية نيسان الجاري.