[[{“value”:”
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
فظائع حرب الإبادة الجماعية في غزة لا تكاد توصف، فهي حرب إجرامية قلّ نظيرها في التاريخ الحديث، ولا إسرائيل تشنها على غزة منذ 8 أشهر.
فلا حرمات في هذه الحرب ولا خطوط حمراء، فالجميع في دائرة القتل والاستهداف، أطفالاً ونساءً وشيوخاً.. في جريمة شهدت عليها الدنيا بأسرها، ولم يتحرّك أحد حتى الآن لوقفها.
الخطيب الصامت
محمد عبد الباري صوت مشهور من غزة، وهو داعية إسلامي، وخطيب مفوّه، ومندوب إعلاميّ لدى إحدى شركات الحج والعمرة، وهو كذلك.. أحد ضحايا هذه الحرب العدوانية.
الداعية المعروف بـ “أبو شادي”، أصيب بفقدان للنطق والذاكرة، بفعل صدمة أصيب بها بعد أن قصفت طائرات الاحتلال منزل عائلته في حي الأمل بخان يونس، في شهر ديسمبر الماضي، الأمر الذي أدّى إلى ارتقاء 36 شهيداً من أفراد عائلته.
يحدّق نظره، ولا ينطق بكلمة، كأنه في عالم آخر، يحضر جسداً دون إدراك لما حوله.
يقول نجله محمد: عندما كان يذهب والدي ليُلقي خطبة الجمعة، كنت أرافقه إلى المسجد.
ويضيف، وعيونه تترقرق، أنّه عندما تنتهي الخطبة، يذهب مهرولاً إلى والده ليعانقه، ويتبادلان لحظات من الفخر والفرح.
يبكي محمد بحرقة شديدة، ويقول: “الآن لا يتحدث، ولا يتذكر شيئاً”.
يوم لا ينسى
ويصف والد الداعية يوم الحادثة قائلاً: كنا في منزل بنتي في خان يونس، بجوار مسجد حسن البنا، ووقع القصف حين كنّا نائمين، وكان ابني وأحفادي في الطابق الخامس.
ويتابع، أمّا أنا فكنت في الطابق السفلي، وعند الساعة الثامنة مساء يوم الـ12 من ديسمبر الماضي، قُصف منزلنا فوق رؤوس ساكنيه، وجلّهم من الأطفال والنساء.
يقول الوالد بنبرة حزينة: خرجت أتفقّد من نجا من القصف، فوجدت “أبو شادي” يجلس في حالة يرثى لها، ووجدت أحفادي وبناتي متناثرين على الأرض.
لقد أدّى القصف الصهيوني الغادر إلى استشهاد 36 شخصاً من عائلة محمد عبد الباري، من ضمنهم والدته وزوجته وبعض أخواته.
ونجا محمد عبد الباري، وكذلك ابنه شادي وبنته غالية، بعد أن قذف بهما الانفجار من الطابق الخامس نحو الأرض.
تقول شقيقته، بعد القصف كان أبو شادي طبيعياً، وكان متقبلاً للأمر، بل كان يتكلم ويدعو من حوله للصبر على هذا الابتلاء.
لكنّ أثر القصف لم يظهر على الداعية إلا بعد أسبوعين من الجريمة، حيث فَقد النطق والذاكرة فجأة، وهامَ على وجهه، حتى عثر عليه بعض المارّة وأعادوه إلى “خيمته”.
أمّا ابنه شادي، فأفادت العمّة أنّه أصيب بكسر في ساقه، عالجه الأطباء بوضع البلاتين لتثبيت العظم، لكنهم أخبروا العائلة بأنّ ساقه تحتاج إلى علاج في الخارج.
وأمّا طفلته غالية، فأصيبت صدمة نفسية من هول ما رأت، فضلاً عن شظايا أصابت جسدها الرقيق.
فقدت الطفلة أمّها وحنانها، وفقدت حنان والدها بينما هو ماثل أمام عينها، تكلمه ولا يكلمها، والأسوأ أنه لا يتذكرها.
أمل في العلاج
تقول شقيقة الداعية، إنّهم تواصلوا مع أقارب لهم في قطر، فأبدوا استعدادهم لاستقبال الداعية وأسرته وتوفير العلاج المناسب لهم، لكنهم طلبوا منهم أن “يتخطّوا” معبر رفح أولاً.
ومن المعلوم أنّ الخروج من معبر رفح يكاد يكون مستحيلاً، خصوصاً بعد اقتحامه من قِبل قوات الاحتلال وسيطرتهم عليه.
وناشدت شقيقته كل الجهات المسؤولة أن يعملوا على مساعدة هذه العائلة المكلومة، لعلّهم يجدوا علاجاً يخفف من مصابهم.
“}]]