[[{“value”:”
الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام
منذ اليوم الأول لمعركة طوفان الأقصى والاحتلال يسعى بكل ما أوتي من قوة لـ “تحييد” الضفة الغربية ومقاومتها وجعلها في كفة الحياد غير المؤثر في مجريات المعركة عبر استمرار الاقتحامات والاغتيالات والاعتقالات التي لم تتوقف ليلا ولا نهارًا، الأمر الذي ثبت فشله بعد ما يزيد عن تسعة أشهر لا سيما بعد الكمين المركب الذي صفعت به المقاومة قوات الاحتلال في جنين التي أصبحت نموذجًا لحالة توأمة تعيشها المقاومة في غزة والضفة في مواجهة العدوان والإثخان في العدوّ والصمود بكل الإمكانيات المتاحة.
فلا يمر يومٌ في الضفة الغربية ومخيماتها لا يكون فيها بؤرة ساخنةٌ أو عمليةٌ نوعيةٌ أو كمينٌ أو اشتباكٌ مسلحٌ، لتنتقل الضفة في تدرجٍ متصاعدٍ من حالة السكون التي سعى الاحتلال لإدامتها إلى حالة “التكتيكات العسكرية” المتقدمة واتساع الجغرافيا المقاومة لتشمل كل الضفة الغربية، لنحصي في اليوم الواحد عشرات العمليات المقاومة وفي الشهر الواحد المئات، الأمر الذي يقض مضجع العدوّ الصهيوني ويشاغله في ساحة مواجهة لا تهدأ في الضفة الغربية حتى أصبحت كابوسًا حقيقيًا ورقمًا صعبًا عصيًا على كل محاولات العدوّ فصله عمّا يجري في غزة من عدوانٍ متواصل.
“كل محاولات الاحتلال لاجتثاث المقاومة بالضفة، هي محاولات يائسة لن تمحو العار من جبينه ولن تجلب له الأمن، بل ستكون كابوسا يلاحقه، وسيلقى ردا يؤلمه مع كل توغل وإجرام”، بهذه الكلمات يعلق القيادي في حركة حماس عبد الحكيم حنيني، على عملية جنين الأخيرة التي قتل فيها جندي إسرائيلي وأصيب 17 آخرون، مشيرًا إلى أنّها “تأكيد على مضي الشعب الفلسطيني بخيار المقاومة والتصدي للاحتلال”، الذي لا تراجع عنه مهما كانت التضحيات.
حالة التوأمة تتواصل
أما أستاذ العلاقات الدولية الدكتور علي أبو رزق، فيقول: جنين توأم غزة، وشقيقتها الوفية، في اليوم الذي تتعب فيه جنين تنتصر لها غزة، وفي اليوم الذي تئنُّ فيه غزة ترى جنين وحدها التي تداوي لها جراحاتها،
ويتابع أبو رزق بالقول: في اليوم الذي غاب عاجل “حدث أمني صعب” عن صفحات غزة الإخبارية، أتت به جنين وألقته كقميص يوسف على وجوه الغزيين فارتدت لهم أرواحهم، عاشت جنين ولا نامت أعين شانئيها!
بدوره يقول الكاتب والباحث السياسي سعيد زياد لولا الطبقة السياسية الحاكمة التي وظّفتها إسرائيل بعد عملية السور الواقي في الضفة عام 2003، لما كانت عملية تفجير الناقلة في جنين الليلة الماضية حدثاً مستغرباً، ولكانت قاعدة طوفان الأقصى الضفة بدلاً من أن تكون غزة، بحسب الجزيرة نت.
ويؤكد زياد أنّ إسرائيل تسعى بقِدها وقديدها أن تفعل ذات الشيء في غزة، لأنها تعلم أن انجازاتها التكتيكية ستصبح هزيمة استراتيجية إذا لم تنجح في خلق طبقة حاكمة موالية لها تقوم مقامها بعد انتهاء عملياتها العسكرية.
ويلفت إلى أنّ “أمام المجتمع الغزي تحدٍ عظيم في ظل حالة الانهاك التي يحياها، وسيكون أمام معركة أخيرة، سينتصر فيها باذن الله”.
من جانبه يقول الإعلامي ياسر أبو هلالة: إنّه ورغم عملاء التنسيق الأمني المقاومة في الضفة تطورت كما ونوعا، عملية جنين الأخيرة نموذجا .
توقع مزيد من العمليات النوعية
المحلل العسكري اللواء فايز الدويري يرى أنّ عملية جنين تؤكد على أداء نوعي، وأكثر دقة، وكان مدروسًا للفصائل الفلسطينية
ويتابع الدويري بالقول: وإن كانت هذه البداية، فإننا نتوقع المزيد من العمليات النوعية، وتحوّل استراتيجي للصراع.
حلقة في سلسلة طويلة
ويرى المحلل السياسي والخبير في الشؤون الإسرائيلية عزام أبو العدس، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، أنّ ما حدث في جنين شمالي الضفة الغربية، فجر اليوم الخميس، “هو حلقة ضمن سلسلة طويلة بدأت منذ عام 2021، حين بدأت تعود عمليات المقاومة في الضفة الغربية، وتتطور أفقياً من حيث الجغرافيا ورأسياً من حيث القدرات”. ويوضح: “في البداية، كنا نتحدث عن المخيمات وبعض الأحياء في المخيمات، الآن نتحدث عن مخيمات بأكملها وأيضاً قرى فيها مجموعات مسلحة مثل فقوعة قرب جنين، وعزون قرب قلقيلية، وقفين قرب طولكرم، هذه قرى كانت تعتبر هامشية ومعزولة لكن الآن فيها مجموعات مسلحة تابعة تتطور بشكل مستمر”.
وتابع: “الإعلام العبري يتحدث عن أن مخيمات الضفة الغربية، وتحديداً مخيم جنين ومخيمي طولكرم (نور شمس وطولكرم) ومخيم بلاطة قرب نابلس، والفارعة قرب طوباس، باتت خطوط إنتاج للعبوات الناسفة، فضلاً عن المحاولات الحثيثة من قبل فصائل المقاومة في الخارج لتهريب وسائل قتالية وتقنيات إلى الضفة الغربية، إذ إنّ الأردن أعلن أخيراً عن إحباط عملية تهريب أسلحة إلى الضفة الغربية واعتقل المهربين”.
وبحسب أبو العدس، “من الملاحظ أن تكتيكات المقاومة في الضفة أصبحت مختلفة، في البداية كنا نتحدث عن عقلية بيروت، أي عقلية الحصار، أي أن المقامين يكونون في الأزقة والشوارع ويواجهون الاحتلال بشكل مباشر، ما كان يعطي الاحتلال أفضلية في التفوق عليهم، وأيضاً لا يستطيعون تحقيق إصابات مباشرة كونهم مدافعين. الآن انتقلوا إلى الهجمات الجانبية على الاحتلال وهذا سيرهق الاحتلال بشكل كبير جداً، بمعنى أنّ تكتيكات المقاومة الآن أقرب إلى حرب العصابات من المواجهة المباشرة”. ويرى أنّ “هناك قرائن في الضفة الغربية أخيراً تشير إلى عدم إعلان الاحتلال عن خسائره تحديداً في الضفة الغربية، حتى لا تشعر المقاومة بالتفوق ولا يكون هناك جدوى من المقاومة ولتأليب الحاضنة الشعبية ضد المقاومين”.
غزة والضفة حالة وطنية واحدة
من جهته، اعتبر عادل شديد المحلل السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي أن مقاومة الضفة وعملياتها آخذة بالازدياد والنوعية أيضا.
وأوضح أن ذلك يعكس مجموعة من المتغيرات أهمها أن الضفة اجتازت الصدمة التي حدثت عند 7 أكتوبر/تشرين الأول، والتي لم تشكل صدمة لإسرائيل فقط التي سعت لتبني سياسة ترهيب بداية الحرب، وإنما للحالة الفلسطينية برمتها في الضفة والداخل المحتل الذي بدأ يتحرك بفعاليات لا تدعو إلى وقف الحرب فقط، بل تؤيد غزة أيضا، بحسب الجزيرة نت.
كما أن الضفة أدركت أن هناك مشروعا إسرائيليا دوليا ذاهبا باتجاه عزلها عن غزة، وإظهار أن الحرب ليست على القطاع وإنما على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) فقط، وبالتالي إضعاف الحالة الفلسطينية، كما يقول شديد.
ويرى أن هذا خلف استشعارا وإحساسا بالخطر، وبدأت الحالة الوطنية ترميم ذاتها عبر خلايا وأفراد نفذوا عمليات نوعية حملت رسالة سياسية أكثر من أنها عسكرية وأمنية، بأن غزة والضفة حالة وطنية واحدة، وهذا مهم كونه ألغى الشرعية الإسرائيلية للحرب، وتجزئتها عبر أدواتها للحالة الفلسطينية.
وتكمن نوعية عمليات المقاومة -حسب شديد- في أنها أخذت العبر من الدروس الماضية وارتقت وتكيفت في عملها مع الواقع الحالي، وبالرغم من أنها عمليات قليلة فإنها شكلت “حالة انتشار” بكل مدن الضفة، وهو ما سيفرض على جيش الاحتلال إعادة انتشاره بتلك المناطق، وسيؤثر على مجرى الحرب أيضا.
وعزا المحلل السياسي عدم قدرة الاحتلال -رغم كل إجراءاته الأمنية والاستخبارية على ضبط هذه العمليات ومنعها بشكل كامل- إلى تطور الخلايا والفكر المقاوم ذاتيا، ويقول “لدى الاحتلال إخفاقات كبيرة ورغم إعادة انتشاره بالضفة فإنه يدرك أنه لا يمكنه أن يمنع المقاومة بشكل عام”.
المقاومة في الضفة بالأرقام خلال 24 ساعة
وتكشف أعمال المقاومة في الضفة الغربية خلال الـ 24 ساعة الاخيرة وضمن معركة “طوفان الأقصى”، حجم ما يتعرض له العدوّ الصهيوني، حيث بلغ مجموع عمليات المقاومة ٢٤ عملية، أدت إلى قتيل في صفوف جيش الاحتلال واثنان وعشرين إصابة.
وتنوعت عمليات المقاومة خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية بين:
· اشتباكات مسلحة واطلاق نار: 5
· عبوات ناسفة: 6
· اعطاب اليات عسكرية: 2
· تصدي للمستوطنين: 1
· تحطيم مركبات مستوطنين: 1
· اندلاع مواجهات والقاء حجارة: 9
امتداد الجغرافيا المقاومة
القدس
– العيساوية: اندلاع مواجهات والقاء حجارة.
– مخيم قلنديا: اندلاع مواجهات والقاء حجارة.
جنين
– سهل مرج بن عامر: تفجير عبوتين ناسفتين واعطاب الية عسكرية.
– جنين: اشتباكات مسلحة وتفجير 3 عبوات ناسفة واعطاب الية عسكرية واندلاع مواجهات.
– مخيم جنين: اشتباكات مسلحة وتفجير عبوة ناسفة واندلاع مواجهات.
– سهل مقيبلة: اشتباكات مسلحة.
– برقين: اشتباكات مسلحة.
نابلس
– قصرى: اندلاع مواجهات والقاء حجارة.
– يتما: اندلاع مواجهات والقاء حجارة.
طولكرم
– مخيم طولكرم: اطلاق نار.
– عنبتا: اندلاع مواجهات والقاء حجارة.
اريحا
– العوجا: تصدي للمستوطنين والقاء حجارة وتحطيم مركبة.
بيت لحم
– بيت لحم: اندلاع مواجهات والقاء حجارة.
🔻 العمليات النوعية:
· تفجير عبوتين ناسفتين واعطاب آلية عسكرية، أسفر عن مقتل جندي واصابة 22 آخرين في كمين محكم للمقاومة في سهل مرج بن عامر، وكذلك اندلعت اشتباكات مسلحة عنيفة وتفجير عدد من العبوات الناسفة أدت لإعطاب آلية عسكرية مدرعة خلال قوات الاحتلال مدينة ومخيم جنين وبلدة برقين.
· اطلاق النار على طائرات الاستطلاع في مخيم طولكرم.
· تحطيم مركبة مستوطنين بعد استهدافها بالحجارة قرب بلدة العوجا في اريحا.
أعمال المقاومة خلال شهر مايو (نموذجا)
استمرت أعمال المقاومة في الضفة الغربية والقدس المحتلة خلال شهر مايو/أيار المنصرم، حيث بلغ مجموع العمليات التي جرى رصدها حسب مركز معلومات فلسطين -مُعطى- (438) عملاً مقاوماً نوعيا وشعبيا، ما أدى إلى مقتل (3) وإصابة (7) جنود ومستوطن إسرائيلي بجراح مختلفة.
وشملت أعمال المقاومة (32) عملية إطلاق نار و(43) اشتباكا مسلحا، نفذت (37، 16) عملية منها في جنين ونابلس على التوالي.
كما رصد -مركز معطى- (5) عمليات طعن أو محاولة طعن، و(1) عملية دهس أو محاولة دهس، فيما بلغ عدد عمليات زرع أو إلقاء العبوات الناسفة (51) عملية، و(8) عمليات إعطاب آليات عسكرية، و(1) عملية إحراق مواقع عسكرية.
وفي ذات الفترة، تواصلت الفعاليات الشعبية المناهضة للاحتلال، وبلغ عدد المظاهرات والمسيرات (23) مظاهرة، و(242) عمليات إلقاء حجارة ومواجهة مباشرة مع قوات الاحتلال، و(6) عمليات إلقاء زجاجات حارقة، و(26) عملية تصد لاعتداءات المستوطنين في مختلف أنحاء الضفة.
وشهدت محافظات جنين ونابلس وطوباس أعلى عدد من حيث عمليات المقاومة النوعية، حيث بلغت (72، 15، 10) على التوالي.
الرقعة المفخخة تتوسع
وبحسب تقرير نشره موقع متراس فإنّ أكثر ما يؤرق الاحتلال هو العبوات المفخخة، حيث تتوسع الرقعة المفخخة في الضفة يوماً بعد يوم، وذلك في ذروة ما يُفرض عليها من قيود أمنية معقدة من ناحية الاحتلال؛ بمنظومته العسكرية والرقابية والاستيطانية، ومن ناحية السلطة ودورها في حصار المقاومة. وفي ظل ذلك كله، تستمرّ صناعة العبوات من الصفر، وبطرق وأدوات بدائية، يطورون عليها، ثمّ يخرجونها من جغرافيتهم المحدودة إلى جغرافية أرحب.
ويؤكد التقرير أنّه عدا عن الأثر المادي الذي تلحقه العبوات بجنود الاحتلال وآلياته، إلا أن لها أثراً معنويّاً في الاحتلال الذي يخشى من انفلات الأوضاع الأمنية في الضفة، ويخشى على جنوده وآلياته، حتى باتت الجرّافات والطائرات المسيّرة العناوين الأبرز للاقتحامات. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنّ العبوات لها أثراً ومعنى أعمق في نفوس المقاومين وحاضنتهم الشعبية. بالنسبة لهم، فإنّ تفخيخ الأرض يعني استعادتها، استعادة للعلاقة بين المقاوم وأرضه، للعلاقة التي يحاول الاستيطان ضربها، ولكنها هذه المرة؛ ليست استعادة بالشجر، بل بالعبوات المتفجّرة.
“}]]